أعلنت يفوند، المصورة الفوتوغرافية البريطانية، عام 1921 أمام اتحاد المصورين المحترفين في لندن: «أعتقد أن علينا جميعاً الاتفاق على أن التصوير الفوتوغرافي من دون نساء سيكون مجال عمل بائساً». يوضح معرض «يفوند: الحياة واللون»، العرض النابض بالحياة لأعمالها الكاملة المتفردة في صالة عرض «ناشيونال بورتريه غاليري»، التي تم افتتاحها حديثاً، مع تركيزه على التمثيل النسائي، دورها الريادي في التصوير الفوتوغرافي الملون.
ولدت يفوند كامبرز في جنوب لندن عام 1893، وكانت تُعرف في مجال العمل باسم مدام يفوند، ونادراً ما كانت تُدعى باسمها بعد الزواج، مدام إدغار ميدلتون. وكانت تستخدم اسم يفوند فقط كما كانت تفضل، حيث كانت توقّع به أوراقها، ودعوات معارضها، وسيرتها الذاتية «إن كاميرا» «داخل الكاميرا» عام 1940.

بعد التحاق يفوند بمدارس خاصة في مقاطعات كانت تقيم بها، وبمدرسة دير في بلجيكا، تم إرسالها إلى مدرسة خاصة لأبناء الأغنياء في باريس. رغم أن معلميها قد رفضوا مقال حماسي كتبته عن الكاتبة ماري وولستونكرافت مناصرة حقوق المرأة، عادت إلى إنجلترا عام 1909 كنسوية مقتنعة بالحركة، في ذروة حركة حق تصويت المرأة. بعد مسيرة محدودة، والكتابة بالطبشور على الأرصفة، وبيع الصحف لصالح الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة، لمحت يفوند فرصة للاستقلال المهني في نموذجين لمصورتين فوتوغرافيتين، استعانت بها إحداهما لتعمل متدربة لديها.
في عام 1914، بعدما بلغت من العمر 21 عاماً، افتتحت استوديو خاصاً بها بمساعدة والدها فريديك كامبرز، أحد المشاركين في تأسيس مصنع للحبر. وربما كان حب اللون من بين ما ورثته. وسرعان ما وضعت المصورة الفوتوغرافية الشابة صوراً لشخصيات بارزة، من بينها أفراد في العائلة المالكة، على صفحات مجلات مصورة كانت مزدهرة آنذاك، من بينها مجلتا «سكيتش» و«تاتلر».
استمرت مسيرة يفوند المهنية بلا انقطاع حتى وفاتها عام 1975. وتتضمن موضوعات صورها شخصيات بارزة في بريطانيا، إن كنت قادراً على متابعة الألقاب والمسميات التي كانت تتغير وتتبدل باستمرار بفعل الفضائح والطلاق والزواج مرة أخرى. وسرعان ما تنتقل صور لمطالبات بحق اقتراع المرأة، ونجمات مجتمع، وبطلات في مجال الرياضة، وملوك، ومشاهير، مرتبة ترتيباً زمنياً، من تحقيقات تجريبية بالأبيض والأسود إلى دراسات درامية في الدرجات اللونية المشبعة التي أصبحت السمة المميزة ليفوند.

عندما وصلت تقنية «فيفيكس»، وهي أول عملية تلوين متاحة للمصورين الفوتوغرافيين المحترفين في بريطانيا، عام 1931، وصفها متحدث باسمهم بأنها «الصبي الشقي في العائلة الفوتوغرافية». في مساحات التصوير الفوتوغرافي الجمالي (التي كان مهيمناً عليها من جانب الذكور)، كان يتم ازدراء اللون بكونه فعلاً مثيراً مشتتاً للانتباه. وكان الوضع الجديد عالماً مجهولاً من التجريب بالنسبة إلى يفوند التي بدأت في استخدام الطريقة فوراً لإنتاج ألوان طبيعية غنية. وأوضحت في مذكراتها لاحقاً متأملة: «ظهر وازدهر الشعر الأحمر، والزي الرسمي، وألوان البشرة البديعة، والأظافر الملونة». وكتبت أيضاً: «إننا نشهد أوقاتاً مثيرة للحماسة، حيث لا يوجد تاريخ، ولا تقاليد، ولا أسياد قدامى، بل يوجد فقط مستقبل».
وقالت: إن هذا العالم الجديد من الإمكانات البصرية مناسب بوجه خاص لمن يمارسن تلك المهنة من النساء لكون مساحيق الزينة، والموضة والأزياء، والتصميم الداخلي، أموراً مألوفة بالنسبة إليهن. وطالبت قائلة: «لنحدِث شغباً من الألوان»، وكأنه من المحتمل أن تثمر تقاليد البلد حدوداً جديدة جريئة، وأضافت موضحة قائلة: «بعيداً عن آثار التلوين اليدوي الضعيف».
أقامت يفوند خلال العام التالي أول معرض بريطاني لصور شخصية ملونة. وكانت صورها الفوتوغرافية في حقبة الثلاثينات تتألق باللون القرمزي. وتظهر فيفيان لي، النجمة السينمائية، في صورة يظهر فيها ثلثا جسمها على خلفية باللون الأحمر الوامض، الذي يزيد درجة لون شفتيها الورديتين حدة، وجيل سكوت بوبس، سائق السيارات الرياضية والطيّار، وهو يرتدي ملابس حمراء اللون تماماً مثل لون الكرز على خلفية باهتة، إلى جانب عنوان رئيسي في إحدى الصحف الشعبية «استغاثة من كيميائي في لندن» يظهر وراء بائعين للصحف ذوي شفاه حمراء وشعر أسمر.

تظهر ألوان ورؤية تميل إلى درجات داكنة في السلسلة الأشهر ليفوند، والتي تحمل اسم «غوديسيسز أند أذارس» «إلهات وآخرون» من عام 1935. تعدّ تلك الـ26 صورة، والتي تتم مشاهدة بعضها للمرة الأولى في مطبوعات أرشيفية جديدة من إصدار صالة عرض «ناشيونال بورتريه غاليري»، والتي تطلبت ألفي لوح لفصل الألوان، دراسات مذهلة عن نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و40 عاماً يرتدين كشخصيات الأساطير الخرافية. وطوّرت يوفند، التي تُعرف بالفعل باستخدامها للأشياء، وخلفيات القماش الملونة، والإضاءة المثيرة، والمرشحات الملونة، هنا براعتها وإخراجها الفني لتصل به إلى غايات جديدة تشبه الأحلام.
تظهر مارغريت سويني (دوقة أرغيل)، التي يزعمون أنها أكثر امرأة تم تصويرها في زمنها، مثل هيلين الطروادية ببشرتها التي تشبه الخزف، وخصلة شعر مموجة داكنة، وهي مغطاة بحجاب أزرق شفاف. كذلك هناك الليدي دوروثي كامبل، بوجهها الذي تحيط به مساحة محدودة، وتتألق عليه دموع تم إثارتها باستخدام الغليسرين، في إحالة إلى صورة «لارميس» السيريالية لمان راي، التي ظهرت قبلها بسنوات. شيلا ميلبانكي، والتي تنتمي إلى رواية «أشياء يافعة لامعة» (أو «أميرة روسية» لاحقاً) لإيفلين ووه، هي مثل بانثيسيليا، الملكة الأمازونية ذات الحظ المشؤوم، والتي ترتدي ملابس مكشوفة من جلد الفهد، ورأسها يميل إلى الوراء، وبينما يخترق عنقها، الذي تسقط عليه إضاءة قوية، سهم أخيل.

في الوقت الذي سخر فيه نقّاد عصرها وما بعده من مجموعة «الإلهات» بوصفها مبهرجة وغير جادة، حيث كتب أحدهم أنها كانت تمثل: «انحلالاً أنيقاً»، إنها تنتمي، بالنظر إلى التكوينات النابضة بالحياة للصور الشخصية، والتأويل الفاضح الجريء لهوية الأنثى، إلى المجموعات التي صورت فيها يفوند شخصيات معاصرة من الرجال أكثر احتراماً مثل سيسيل بيتون وأنغوس ماكبين.
توقفت طباعة الألوان خلال الحرب العالمية الثانية، وعادت يفوند إلى التصوير التقليدي بالأبيض والأسود. ليست عمليات المونتاج الفوتوغرافي المرحة اللاحقة التي استخدمتها، والصور الشخصية المشمّسة، بما فيها صورة للممثلة جودي دينش في فترة شبابها، هي أقوى وأهم أعمالها. مع ذلك إنها تؤكد أن أستوديو التصوير الفوتوغرافي الخاص بيفوند ظل مكاناً للتجريب الفني الإبداعي، والحرية المالية، ليكون بذلك مساحة تخصّها وحدها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



