بويز: حاول بوش في مدريد إقناعي بمفاوضات ثنائية مع شامير فرفضت

وزير الخارجية اللبناني الأسبق فتح لـ«الشرق الأوسط» دفاتر عهدين رئاسيين (4 من 5)

TT

بويز: حاول بوش في مدريد إقناعي بمفاوضات ثنائية مع شامير فرفضت


كلمة لبنان في مؤتمر مدريد (أرشيف فارس بويز)
كلمة لبنان في مؤتمر مدريد (أرشيف فارس بويز)

حين انتخب إلياس الهراوي رئيساً للجمهورية اللبنانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، إثر اغتيال الرئيس رينيه معوّض، وجد أمامه حطام دولة. وتأكد الهراوي، ومعه وزير الخارجية فارس بويز أن العالم تعب من لبنان وفوّض إلى سوريا معالجة شؤونه. ولم تكن مصالح دمشق وبيروت تتطابق دائماً. لكن بويز يشير إلى أن الهاجس الأول لدى الرئيس حافظ الأسد كان الحيلولة دون تمكن الغرب من اجتذاب لبنان إلى سلام مع إسرائيل يُضعف موقف سوريا وأوراقها. هذا ما استنتجه بويز من عشرات اللقاءات الطويلة التي عقدها مع الرئيس السوري. بلغ الأمر حد أن قوى حليفة لسوريا في مجلس الوزراء اللبناني كانت أحياناً تتسرع في التقدير وتطالب لسوريا بما لم تطالب هي به، وأحياناً كان لا بد من الاستعانة بالأسد وحين تأتي الإشارة منه ينقلب مناخ مجلس الوزراء بسحر ساحر.

في الشأن الإقليمي، تمكن بويز من عبور استحقاقات إقليمية دون الوقوع في الأفخاخ والإغراءات. وها هو يؤكد أن الرئيس جورج بوش اقترح عليه في ختام اللقاء الأول لمؤتمر مدريد للسلام أن ينخرط لبنان في محادثات ثنائية مباشرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية إسحق شامير، لكن بويز رفض العرض وأصر على الصيغة الأصلية لمؤتمر مدريد. ساهم ارتياح دمشق إلى أداء لبنان في مؤتمر السلام في تشجيع دمشق على دعم تمديد ولاية الهراوي ثلاث سنوات. في بداية تسعينات القرن الماضي زار وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر عواصم الدول المعنية بمؤتمر مدريد للسلام. حاول استثناء لبنان من جولاته لأن الأجهزة الأميركية رفضت الموافقة على هبوط طائرته في مطار بيروت بسبب وجود «حزب الله». تخوّف بويز من تكريس قاعدة استثناء لبنان ورفض على مدار أسابيع اقتراحات أميركية للقاء بيكر في عمّان أو إسطنبول أو القاهرة أو أثينا. ذات يوم اتصل به وزير الخارجية السوري فاروق الشرع وأبلغه رسالة من الأسد. جاء في الرسالة أن السلطات السورية مستعدة لوضع فندق «شيراتون» في دمشق في تصرف السلطات اللبنانية لعقد لقاء فيه مع بيكر. وقال الشرع إن دمشق مستعدة لإزالة الرموز السورية في الفندق ومستعدة لاستقبال عسكريين لبنانيين لتولي الأمن في محيطه خلال اللقاء.

الهراوي مستقبلا وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في مدينة زحلة (أرشيف فارس بويز)

اعتذر بويز عن قبول العرض وشعر أن واشنطن استعانت بدمشق لإحراج لبنان ودفعه إلى تغيير موقفه. كما اعتذر بويز أيضاً حين تلقى اتصالاً في الموضوع نفسه من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. بعد أخذ ورد وفي موعد صباحي باكراً بعيداً عن عيون الصحافة، أبلغ السفير الأميركي في بيروت ريان كروكر وزير الخارجية اللبناني أن بيكر مستعد للقدوم إلى لبنان برّاً من دمشق. أوضح كروكر أن اللقاء سيُلغى على الفور إذا تسرّب أي كلام عن الموعد المقرر بعد عشرة أيام. اقترح بويز عقد اللقاء في منزل الرئيس الهراوي في زحلة في البقاع اللبناني وقرر الاحتفاظ بالسر. عشية الموعد ذهب إلى الهراوي وأبلغه وشدد على سرية الموضوع. طلب من الرئيس أن يكلّف زوجته منى بالتوجه مع فريق العاملين لديها لإعداد المكان والغداء الذي سيعقب اللقاء. وتم إخفاء السر على السيدة الهراوي، إذ أُبلغت أن وفداً سورياً رفيعاً سيزور لبنان غداً وقد يكون برئاسة حافظ الأسد. زار بويز رئيس الحكومة رشيد الصلح وتمنى عليه أن يكون جاهزاً في الثامنة صباح اليوم التالي للتوجه إلى اجتماع مهم سيعقد في البقاع. وهكذا عُقد اللقاء في مدينة زحلة، وهو ما اعتُبر في حينه نجاحاً للدبلوماسية اللبنانية.

بويز مع وزير الخارجية الفرنسي إيرفيه دو شاريت بحضور شيراك والحريري أثناء توقيع اتفاق شراكة بين لبنان وفرنسا (أرشيف فارس بويز)

سألت بويز كيف كانت جلسات مجلس الوزراء في عهد الرئيس إلياس الهراوي وبعده في عهد الرئيس إميل لحود وسأتركه يروي.

تسمية الأشياء بأسمائها تدفع إلى القول إن جلسات مجلس الوزراء كان يطبعها النفوذ السوري. وكان يطبعها طابع آخر، وهو أنه لم تكن هناك دولة سنة 1990 عندما تسلّم الرئيس الهراوي سدة الرئاسة. لم تكن هناك دولة ولا جيش ولا قوى أمن ولا قضاء ولا محاكم ولا مخافر ولا مستشفيات ولا كهرباء ولا ماء ولا شيء، ولا يوجد حتى هاتف من قرية إلى قرية. وكان من الواضح جداً أن العالم تعب من لبنان وأوكل إلى سوريا أمر معالجة موضوعه طبقاً لبرنامج معيّن هو اتفاق الطائف. إذن كنا أمام واقع هو أن كل العالم يردّك إلى سوريا.

مهما قلت ومهما كانت شكواك، يقولون لك: اذهب إلى سوريا. وسوريا عملياً مفوضة بهذا الأمر ضمن إطار اتفاق الطائف. من هنا، كان لسوريا حجم ودور كبيران. وكان لسوريا حلفاء في مجلس الوزراء بعضهم حلفاء يتبنون بشكل مطلق وجهة النظر السورية والتي كانت أحياناً تختلف عن مصلحة الدولة اللبنانية. كنا أمام مشكلة وهي أننا في حاجة إلى سوريا لمساعدتنا على إعادة بناء الدولة وحل الميليشيات وإعادة تكوين جيش وجمع الأسلحة وانتشارالجيش في كل المناطق اللبنانية التي كانت محتلة من قبل الميليشيات، وفي الوقت عينه سوريا ليست مؤسسة خيرية، بل لها حساباتها وسياستها ومصالحها، وكذلك لها تقديرها أو تفسيرها الخاص للأمور.

كلمة لبنان في مؤتمر مدريد (أرشيف فارس بويز)

ومن هنا، لم يكن سهلاً التوفيق بين هاتين الحاجتين: التوفيق بين الحاجة إلى سوريا، علماً أنه لا أحد كان مستعداً لمساعدتنا، لا أميركا ولا الفاتيكان ولا فرنسا، الأم الحنون. كان الجميع يرسلوننا إلى سوريا. وفي الوقت عينه، كنا حذرين من أن حسابات سوريا قد لا تلتقي دائماً مع حسابات أو مصلحة الدولة اللبنانية وأن تفسيرات سوريا لاتفاق الطائف أو لغير هذا الأمر قد تختلف بشكل أو بآخر. وهنا كان بعض اللبنانيين يتطوعون للدفاع عن مصالح سوريا وأحياناً أكثر مما تريد سوريا نفسها. هناك قوى وشخصيات لبنانية كانت تعتبر أن إظهار حرصها على حماية مصالح سوريا سيؤهلها ويعزز موقعها بشكل أو بآخر. فمثلاً في يوم من الأيام قامت الدول الأوروبية بتكوين شيء اسمه «اتفاق الشراكة الأوروبية – المتوسطية»، أي شراكة بين أوروبا وبين دول ليست أوروبية لكنها موجودة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وعلى مقربة من أوروبا، واقتصاداتها ومصالحها تحتم أن يكون هناك اتفاق. هذا الاتفاق يقضي بأن الدولة المعنية، أي المتوسطية، تتقدم بطلب تُظهر فيه للدول الأوروبية أنها تقاسمها ذات أسس أو مبادئ الحريات العامة وحقوق الإنسان والاقتصاد الحر والانفتاح الثقافي... إلخ. وبالفعل كان الأمر يقتضي أن تطلب الدولة التي تريد الانضمام إلى الاتفاق من بروكسل ثم يذهب وزير الخارجية ويقدم مرافعة ويطلب هذه الصفة.

فارس بويز مع الوزير فاروق الشرع بتاريخ 16-7-1993 (أرشيف فارس بويز)

ذهبنا، وكانت الأصول تقضي بأن يحتفظ الأوروبيون بالرد لعدة أشهر قبل أن يجيبوا، ثم إنهم قد لا يردون إيجاباً. ذهبت إلى بروكسل وقمت بالمرافعة اللازمة، وأظهرت فيها أن لبنان ومنذ زمن فينيقيا، أي منذ ستة آلاف سنة، كان يمارس الاقتصاد الحر وأصول القوانين المصرفية من الرهن إلى تموين السفن وغيره، وأن لبنان في عهد روما كانت له أكبر وأعظم مدرسة للحقوق ويدرس فيها جهابذة القانون الروماني، ولبنان فيه حرية إلى حد الفوضى... والحقيقة أنه كان لهذه المداخلة وقع ممتاز. عندما خرجت من القاعة رافقني آلان جوبيه، وهو كان رئيس الدورة ووزير خارجية فرنسا، وقال لي: أرجوك أن تنتظر بضع دقائق لديّ شعور أنه، استثنائياً هذه المرة، قد ننتزع قراراً فورياً بقبول لبنان. فقلت له: ماذا لو لم يحصل ذلك، هناك صحافة في الخارج وسيهزأون بي ويقولون إنه كان مغروراً. قال لي: لا، انتظرني لحظة. وبعد 10 دقائق تبلغت عبر وزراء خارجية دول عدة كلاماً مفاده: جئنا مع آلان جوبيه لنظهر لكم أن ليس فقط فرنسا تهتم بانضمام لبنان بل نحن أيضاً.

عدت إلى بيروت وبشعور انتصار هائل، وكأنني نابليون، وأنني انتزعت فوراً وللمرة الأولى بتاريخ أوروبا هذا القرار. وعند وصولي إلى المطار أبلغني قائد أمن المطار بأن هناك مجلس وزراء استثنائي بانتظارك. لم أدرك السبب ورحّبت بالأمر باعتبار أن مجلس الوزراء جاء في توقيته وسأبشرهم بالنبأ العظيم. وما إن دخلت إلى مجلس الوزراء حتى بدا لي بأن جلسة مجلس الوزراء غارقة في المزايدة وانتقادي تحت عنوان كيف ندخل نحن في اتفاق مع أوروبا وسوريا لم تدخل بعد؟ كيف يقبل الوزير بذلك؟ كانت كلها عملية تبييض وجه من أجل إرضاء سوريا. فاتُخذ قرار من رئيس الجمهورية والرئيس الحريري بتأجيل الجلسة. قلت لهما: كيف تؤجلون الجلسة فغداً سيأتيني وزراء المجموعة الأوروبية مهنئين؟ ماذا سأقول لهم؟ هل أقول إن أوروبا قبلت ولبنان لم يقبل بعد؟

تأجلت الجلسة، وعدت حزيناً إلى منزلي وقلقاً مما سأفعل غداً وماذا سأجيب السفراء الأجانب، خصوصاً الأوروبيين؟ هل أقول لهم نحن ندرس هذا الأمر ولم نقبل بعد، فيما دول أخرى تستقتل للحصول على هذا الأمر؟ وإذ أتى على ذهني أن أتصل بالرئيس حافظ الأسد. اتصلت صباح اليوم التالي وطلبت موعداً مستعجلاً فحُدد لي وذهبت وقلت له: يا سيادة الرئيس هذا ما فعلته في بروكسل وهذا أعتبره إنجازاً كبيراً للبنان، خصوصاً أن إسرائيل عضو في هذا الاتفاق ولنا مصلحة أن نكون فيه لنظهر وجهة النظر العربية ولنكذّب وجهة نظر إسرائيل حينما يلزم ذلك. ومصلحة لبنان الاقتصادية تقتضي ذلك لأن أي شيء سيصدّره سيكون حسب المواصفات الأوروبية. وقلت له أيضاً: لكن على ما يبدو أن البعض في لبنان يعتقد أنه يرضيكم بمعارضة هذا الأمر، ولذلك بدل أن يوافق مجلس الوزراء مهللاً لهذا الموضوع، فقد أجّل هذا القرار، وهذا عار علينا لأن كل الدول ستظن أن سوريا تمنعنا من الدخول في هذا الاتفاق، ولذلك جئت أبلغك بهذا الأمر.

صورة تذكارية للوفود المشاركة في مؤتمر مدريد (أرشيف فارس بويز)

في الحقيقة، كان سريع البديهة وأخذ الهاتف فوراً واتصل بغازي كنعان مسؤول المخابرات السورية في لبنان وقال له: يبدو أن البعض في لبنان لم يستوعب جيداً ما فعله وزير الخارجية الأستاذ فارس بويز في بروكسل ولربما لبنان بحاجة أن يجيب أوروبا بشكل سريع حول هذه المسألة. وبعد ذلك قلت للرئيس الأسد: أشكرك على هذا الدعم، ولكن اسمح لي أن أنصحكم أيضاً بالانخراط في هذا الاتفاق وإذا احتاج الوزير فاروق الشرع إلى مساعدة فأنا جاهز.

فور عودتي إلى بيروت، اتصل بي الرئيس الهراوي سائلاً: أين كنت؟ لم أقل له. قلت له: لا شيء. قال لي: هل لديك معلومات لماذا مجلس الوزراء اليوم بعد الظهر؟ قلت له: لا علم لي بالأمر. لم أبلغ حتى بذلك. قال لي: الآن سيبلغونك. بعد 10 دقائق اتصل بي أمين عام مجلس الوزراء هشام الشعار وأبلغني باجتماع مجلس الوزراء، فقلت له: ما هو جدول الأعمال؟ ضحك، وقال لي: أعتقد أن أمورك ستمشي. فهمت أنه قد يكون جاء إيعاز إلى الرئيس الحريري من غازي كنعان بأن يعقد مجلس الوزراء وتتم الموافقة على الاتفاق. وبالفعل، اجتمعنا في مجلس الوزراء، كأنه فيلم. بينما بالأمس كانت معارضة، أصبح في هذه الجلسة تأييد مطلق وإشادة بوزير الخارجية الذي نجح في هذا الأمر والقول إنهم درسوا الأمر خلال الليل، فيما أنا لم أترك أي وثيقة، وأنهم يوافقون ويجب أن نعطي (الأوروبيين) جواباً سريعاً بالموافقة. فقلت لهم ببعض الممازحة: أقترح إضافة على محضر الجلسة، التقدم بشكر خاص للرئيس الأسد الذي يبدو أنه أدرك مصالح لبنان أكثر مما أدركها مجلس الوزراء. طبعاً انزعج الجميع وأدركوا أن عملية المزايدة في دعم سوريا أحياناً تصل إلى حد غير منطقي وغير مقبول.

الرئيس الأميركي جورج بوش لدى لقائه الوفد اللبناني إلى مؤتمر مدريد (أرشيف فارس بويز)

«تفاهم نيسان»

هناك محطة هي «تفاهم نيسان» (أبريل) 1996. قامت إسرائيل بهجوم على جنوب لبنان، واقتحمت مناطق. في الحقيقة، كنت مدركاً من اللحظة الأولى أن إسرائيل غرقت وأنها ستحتاج إلى آلية سياسية لإخراجها من هذا المستنقع. أتاني هيرفيه دو شاريت، وزير خارجية فرنسا، بزيارة عاطفية للتعزية. قال: أنا آسف لما حصل، وماذا أستطيع أن أفعل؟ قلت له: إذا كانت الزيارة عاطفية فقد لبّت أهدافها. ولكن أعتقد أن لفرنسا دوراً أكبر من دور عاطفي لتأتي وتعزينا بمن قتل. قال: كيف؟ قلت له: إسرائيل حتماً ستكون في حاجة إلى مخرج من المستنقع الذي غرقت به، وستكون هناك آلية يشارك فيها الأميركي والسوري واللبناني والإسرائيلي. وأنا أعدك بألا أقبل بأي آلية لا تكون فيها فرنسا، شرط أن تتصل بالرئيس جاك شيراك وتقول له إنك باق في لبنان وفي الشرق الأوسط ربما لشهر، وأن تستدعي فريق العمل ويستقر في بيروت، وأن تستدعي طائرة خاصة للقيام بجولات مكوكية. إذا أخذت الموافقة من جاك شيراك، عليّ أنا أن أتمسك بأن تكون فرنسا جزءاً من أي تركيبة لحل هذه المشكلة، وهذا سيعود لفتح باب لفرنسا في الشرق الأوسط وخاصة في لبنان. ونحن لنا مصلحة بألا نثق فقط بأميركا. أميركا متعاطفة مع إسرائيل تعاطفاً كلياً ولا نثق بها وسنطالب بأميركا وفرنسا كرئيسين معاً. راقته الفكرة. خرج من عندي، ثم عاد واتصل بي صباح اليوم التالي باكراً وقال لي ما اتفقنا عليه حصل.

الوزير بويز مع وزير خارجية فرنسا آلن جوبيه (أرشيف فارس بويز)

اتصلت بالرئيس شيراك وكلفني أن أبقى في بيروت وسيأتي فريق العمل ليستقر في السفارة الفرنسية، وسآتي إليك. حضر، فقلت له أولاً: تعلم من ديغول الذي قال إنني آت إلى هذا الشرق المعقد بأفكار بسيطة. ثانياً: لا تقترح أبداً، لأنك في نظر بعض الفرقاء لا تزال كقوة انتدابية، فقط انتظر كل الاقتراحات لتوضع على الطاولة وتبنى أحدها. الكلام المكتوب خطير ويذكر بوعد بلفور وما إلى ذلك بينما الكلام المحكي لا قيمة له، وبالتالي لا تقدم ورقة مكتوبة إطلاقاً، إلا عند الوصول إلى الصيغة النهائية. أعطيته مجمل النصائح في عملية التفاوض. وبالفعل، راح يتجول. يوم في إسرائيل ويوم في دمشق ويوم في قبرص... وتابع هذا الأمر حتى نجحنا في أن نفرض على إسرائيل انسحابات معينة ونظاماً معيناً في الجنوب، وفرضنا عليها أحقية المقاومة. رفيق الحريري حتى تلك اللحظة لم يتحرك، لم يكن مقتنعاً بها. لم يكن يرى أن هناك لجنة ولا إمكانية بأن نفعل شيئاً، لكن عندما اتضح أن هناك لجنة ستتشكل، بدأ يتحرك عبر شيراك ويبيعه الموضوع، وصار يتصل بي يومياً ليعرف التفاصيل. وعندها لم أعد أرى دو شاريت. كلما عرف أنه آت إلى بيروت يتصل به ويقول له أريد أن ألتقيك. وبدأت الحلقة الإعلامية عنده وطلع في النتيجة أن الحريري هو من شكّل هذه اللجنة. الحقيقة، الرئيس رفيق الحريري لم يتدخل في (اتفاق نسيان) إلا بعدما أنجز 90 في المائة من طريقه. شعر أن هناك أمراً يركّب، وأراد أن يبيع دوراً لجاك شيراك. وهنا تحركت ماكينته الإعلامية الرهيبة، من صحف وتلفزيونات وإذاعات، وهو يتفوق على الجميع في ذلك، وطلع أنه هو من أنجز اتفاق نيسان وأنه من مهندسيه، فيما الحقيقة غير ذلك. وأحياناً كان ذلك يتم بالترافق مع تصرف مزعج. عندما شُكلت لجنة نيسان كان لوزارة الخارجية مندوب، سفير. تمثّل لبنان بضابط من الجيش وسفير. عيّنت أنا السفير، وإذ برفيق الحريري الذي لم يكن يرغب في أن أرسل له التقرير، راح يتصل بالسفير ويغريه بأن يتصل به ويعطيه المعلومات من الجنوب قبل أن يعرف بها وزير الخارجية. كان كل همّه أن يعرف، قبل أن أعرف أنا. وإذ في يوم من الأيام، حصل أمر مع مندوب سوريا العميد عدنان بلول، ويبدو أنه كان مكلفاً بالمراقبة من غازي كنعان. كان سفيرنا خارجاً من الاجتماع فاتصل برفيق الحريري ليخبره بما حصل فيه. سمعه عدنان بلول، فاقترب منه وأمسكه من يده وقال له: استحِ يا عميل، يا خاين، يا عميل، مع من تتكلم؟ فقال له: أنا أتحدث مع رئيس حكومتي. فقال له: كيف تعطي معلومات عبر التليفون؟ فقال له: أنا أتحدث مع رئيس حكومتي. فقال له: لا يحق لك أن تكلّم رئيس حكومتك. عليك أن تذهب إلى وزارة الخارجية وتقدم تقريراً إلى وزيرك، وهو يتواصل مع رئيس الحكومة، وليس أنت. جاءني السفير مرعوباً ولا يريد أن يذهب مجدداً إلى اجتماعات اللجنة.

بويز في المؤتمر الأوروبي المتوسطي (أرشيف فارس بويز)

غضبت. من أين يحق لعدنان بلول أن يفعل ذلك؟ لا يمكنني أن أذهب إلى حافظ الأسد من أجل هذا الموضوع، وفي الوقت نفسه لا أتحدث مع غازي كنعان. أرسلت أحد الأصدقاء المشتركين، وهو نائب وشخصية سياسية، وقلت له اذهب إلى غازي كنعان وقل له إنني لا أقبل بهذا التصرف على الإطلاق. حتى لو أخطأ السفير فتأديبه هذا عملي وليس عمله، وإذا لم يعتذروا فسننسحب من لجنة نيسان ونعلن لماذا انسحبنا.

فنبهني الصديق إلى حساسية المسألة. فقلت له ليبلغ غازي كنعان قيادته بالأمر، ولم أطلب أن يعالجها بنفسه. وبالفعل قال لي: ليذهب إلى الاجتماع المقبل وسيأتي عدنان بلول ليعتذر منه. ولكن قل للسفير ألا يتصل بالحريري الذي له حساسية عندهم (السوريين). فقلت له: هذا عملي، وطلبت السفير بالفعل وأنّبته.

الرئيس الياس الهراوي مع الوزير بويز (أرشيف فارس بويز)

التمديد للهراوي

هل لعب أداء الدبلوماسية اللبنانية في ملفات الصراع العربي - الإسرائيلي دوراً في التمديد للهراوي؟ يعود بويز إلى ذاكرته.

حينها لم يكن اسم إميل لحّود قد ظهر مرشحاً لرئاسة الجمهوريّة. العنصر الثاني الذي لعب دوراً في التمديد، وهو عنصر ربما غير مباشر، هو مؤتمر مدريد. عند الرئيس حافظ الأسد، لم تكن التفاصيل الداخليّة أهمّ شيء في الملفّ اللّبناني، لذلك لم يكن يتدخّل فيها أحياناً، فيرميها عند عبد الحليم خدّام وغيره. وفي الشّأن الداخلي السوري، لم يكن حافظ الأسد يستقبل رئيس حكومته أحياناً، إلّا كلّ ستة أشهر ولا يستقبل وزير الاقتصاد عنده. كان الهاجس الأكبر لحافظ الأسد واهتمامه الكلي يذهب بنسبة 100 في المائة باتجاه الصراع العربي - الإسرائيلي. ومن هنا، كانت عملية السلام بالنسبة إليه كلّ شيء، وسبب وجوده في لبنان. إذ إنّ ضرورة وجوده في لبنان هي ليضمن ألا يُستفرد بلبنان باتّفاق سلام منفرد وبألا يُعزل لبنان عن سوريا ثم تُعزل سوريا.

من هنا كانت إدارة مفاوضات السلام، وأنا من المشاركين فيها في ذاك الحين، مطمئنة بالنسبة إليه. أعجبه أنه بالنتيجة، كان لبنان صلباً في عملية مدريد، ولم ينجحوا في جرّه إلى أيّ موقع آخر. وما حصل في آخر يوم في مدريد مهم جداً. فقد أبلغني وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر بأنّ الرئيس جورج بوش (الأب) يريد لقائي قبل مغادرته مدريد عائداً إلى واشنطن. فسألته عن مكان اللّقاء وعن الأشخاص الذين سيحضرونه مع الرئيس. فأجابني بأنّ هؤلاء الأشخاص هم بيكر نفسه، ودينيس روس وهو من كبار المستشارين والمفاوضين والمتعاطف كلياً مع إسرائيل، وأعتقد مارتن أنديك إن لم تخني الذاكرة، الذي هو أيضاً يهوديٌّ. فقلت له: «جيّد. أنتم أربعة أشخاص، لذا سأحضر أنا ومعي ظافر الحسن الأمين العام لوزارة الخارجيّة، والسفير جعفر معاوي والسفير جهاد مرتضى». اخترت اثنين من الشيعة تحسّباً للمزايدات في بيروت والتأويل. فأنا أعرف الساحة اللبنانية وأعرف كيف يعمل الإعلام اللبناني و«يتراذل».

اقتراح بوش

قبل بيكر بعد نقاش. فاجتمع الوفدان، وإذ بالرئيس بوش يقول لي خلال الاجتماع: «يا معالي الوزير، عملية السلام في مدريد آليّة ثقيلة وبطيئة، فيما لو أجريتم مباحثات مباشرة مع إسحق شامير رئيس الوفد الإسرائيلي، سيكون الأمر أسرع». وكان شامير حينها رئيس الحكومة الإسرائيلية.

أنا فوجئت بهذا الموضوع. فقلت للرئيس بوش: «يا سيادة الرئيس، عندك وزير خارجية ممتاز. وقد تعب خلال أكثر من سنة لهندسة عملية السلام بشروطه. وضمن هذه الشروط أن تكون كلّ المفاوضات علنيّة. ومن هذه الشروط أن تصبّ هذه المفاوضات في سلام عادل ودائم وشامل. فكيف تريدني أن أتفاوض مع شامير بهذا الأمر؟ هذا سيكون خروجاً عن مؤتمر مدريد ونسفاً لكلّ مبادئه وسقوطاً له. وسيفتح الباب أمام استفراد بقية الوفود العربية كلها».

رفضت اقتراح الرئيس بوش، وقلت له: «لا يمكننا أن نجتمع مع شامير بوفدين منفصلين دون أن نكون قد ضربنا عملية السلام. وأنا الذي ساهمت مع جيمس بيكر في هندسة هذه العملية، لا يمكنني أن أفعل ذلك. نحن كلنا بحاجة لغطاء عربي شامل لكل سلام. إن دخلنا في مفاوضات كهذه ولنفترض أنّنا اتفقنا، فمن يضمن عندما نخرج من المؤتمر، أن يلتزم إسحق شامير بما وعد به؟ فلا شهود، ولا ضمانات ولا شيء، فأنا لا يمكنني أن أجتمع بشامير إلّا ضمن مؤتمر السلام».

فقال لي الرّئيس بوش: «نذهب إلى واشنطن وأنا سأترأس اجتماعكم وسأكون الشاهد والضامن». رفضت هذا الطّرح قائلاً: «لا، فربّما طرحكم سيحلّ جزءاً من المشكلة، ولكنّ الجزء الآخر لم يحلّ، وهو انفراط كلّ الوفود فيما بعد إذا قمنا بمفاوضات منفردة».

هنا أرسل له دينيس روس ورقة فتحها الرئيس بوش وسألني: «لماذا لا نحصر العمليّة دون أن نضرب اتّفاق السلام؟ تتفاوضون حول الانسحاب من (بلدة) جزين». أجبته عندئذ: «على قدر ما أُقدّر وزير خارجيتك اللامع جيمس بيكر لصدقيّته، على قدر ما لا يمكنني أن أُقدّر أفكار السيّد دينيس روس. تريدني أن أجلس إلى طاولة متنازلاً عن عُشر الأراضي اللبنانية المحتلة، لأبحث عن جزين؟ جزين لا تشكّل 1 في المائة من الأراضي المحتلة، فأكون أنا قد تنازلت عن لبنان المحتلّ مقابل جزين. وأنا أُتّهم كوني مسيحياً، وكون جزين مسيحية، بأنّني للاستحصال عليها بعت كلّ الأراضي اللبنانية. فهذا غير وارد على الإطلاق. لا أجلس إلى طاولة إلّا حول تنفيذ القرار 425 الصادر عن الأمم المتحدة بمضامينه كافّة. وأخذت الجلسة ساعتين ونصف تقريباً.

كلّ هذه الأمور كان حافظ الأسد يتابعها بحذافيرها. هل تصدّق أنّه شاهد خطابي في مدريد ستّ مرات على الفيديو! كان في كلّ مرّة يشاهده يختار منه مقاطع، ويسألني عندما ألتقي به: «والله من أين أتيت بهذا المقطع»؟

الرئيس السوري حافظ الأسد مستقبِلاً الوزير بويز (أرشيف فارس بويز)

30 لقاءً مع الأسد

التقيت الرئيس حافظ الأسد أكثر من ثلاثين مرة وربما وصلت إلى الأربعين. هذه الأمور ساهمت في خلق جوّ من الثّقة. كان حافظ الأسد يخشى، في الوقت الذي كانت فيه عملية السلام ما تزال موجودة رغم أنها تنازع، أن يدخل في مغامرة جديدة في عهد جديد «مش فهمان كوعو من بوعو»، فيما كان راضياً عن أداء عهد إلياس الهراوي في مؤتمر السلام.

فعندما انتهى التمديد، وطُرحت معركة الرئاسة، هذا الرّضا جعل حافظ الأسد يفاتح إلياس الهراوي، ويسأله فيما إذا فكّر باسم رئيس الجمهوريّة المقبل. فنفى إلياس الهراوي ذلك. فقال له: «أثبت الأستاذ فارس فعلاً جدارة وحكمة. ويجعلنا موضوع إدارة عملية السلام وموضوع صلابته في وجه الضغوطات مطمئنين له، أكثر من أن نجازف بشخص جديد لا نعلم كيف سيتفاعل مع هذا الموضوع. فهذا موضوع خطير وموضوع كبير لا يتحمّل مجازفة».

غداً حلقة خامسة وأخيرة


مقالات ذات صلة

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

وجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر الحالي بمرحلة اختبار النيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جلسة لمجلس الوزراء اللبناني برئاسة نوّاف سلام (رئاسة الحكومة)

لبنان: «حزب الله» يهاجم حكومة سلام ويصر على الوجود فيها

منذ اتخاذ الحكومة اللبنانية قرار حصرية السلاح بيد الدولة في أغسطس (آب) الماضي، يواظب «حزب الله» على مهاجمتها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رجل يتفقد الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان 4 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب) play-circle

رئيس الوزراء اللبناني: إسرائيل تشن حرب استنزاف على لبنان

أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام اليوم (الأحد) أن إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)

سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، أن الجيش «يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

TT

خطة إعادة إعمار غزة إلى مزيد من الضغوط والغموض

فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يقفون يوم السبت أمام الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

عاد الغموض ليكتنف مصير خطة إعادة إعمار غزة، وسط عقبات عديدة بشأن تعثر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مع حديث قطري على أنها «لن تمول ما دمره آخرون».

ذلك الموقف الذي لوّح به رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، في جلسة بمنتدى الدوحة الأحد، ينضم إلى إشارات أخرى، منها عدم تحديد موعد جديد لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار، الذي كان مقرراً أن تستضيفه القاهرة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والإعلان عن خطط أميركية لتنفيذ جزئي للإعمار في رفح.

تلك التطورات يراها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، خطوة لزيادة الضغوط على إسرائيل، لكنها تضفي مزيداً من الغموض بشأن مصير ذلك البند الرئيسي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أقرت اتفاقاً لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين «حماس» وإسرائيل، في ظل تعثر الانتقال للمرحلة الثانية حالياً.

وقال رئيس وزراء قطر، في جلسة بمنتدى الدوحة، الأحد: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، مؤكداً أن بقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع واستمرار الانتهاكات قد يؤديان إلى تصاعد النزاع مجدداً، خاصة أن المنطقة لا يمكن أن تبقى «رهينة لأجندة المتطرفين، التي تسعى للتطهير العرقي للفلسطينيين».

مسلحون ملثمون من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يبحثون عن جثث في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

وفي 25 نوفمبر الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه.

وفي نهاية نوفمبر الماضي، أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». وقال: «تتطلع مصر لعقد المؤتمر، بما يضمن تحقيق أكبر قدرة من الفاعلية والاستفادة»، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

محاولات لفرض الشروط

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، أنه مع تصاعد مساعي تنفيذ المرحلة الثانية، يحاول كل طرف أن يفرض شروطه، خاصة الجانب العربي الذي يطالب بمشاركة جادة بالإعمار، مشروطة بانسحاب إسرائيلي وألا يتكرر التدمير، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تراوغ وتناور في تنفيذ الالتزامات التي يقرّها اتفاق غزة.

كذلك يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن «الموقف القطري محاولة لمزيد من الضغوط لفرض موقفها أمام رفض إسرائيلي يتصاعد بشأن عدم مشاركة الدوحة في قوات الاستقرار بغزة. وبالتالي، فلا معنى لتمويل قطر شيئاً لن تشارك فيه، وقد تدمره إسرائيل مجدداً»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة قد تقرأها واشنطن وتدفعها لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لإنهاء تلك العقبات في ظل تلك المرحلة.

آثار الدمار في مدينة غزة نتيجة الحرب (أ.ب)

ورأى رئيس الوزراء القطري أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة. وأضاف، خلال جلسة نقاش أخرى ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، السبت: «نحن الآن في اللحظة الحاسمة... لا يمكننا أن نعدّ أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة».

كما دعا وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصّت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف - وهو إسرائيل - ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

ويتوقع أنور أن «العدّ التنازلي نحو المرحلة الثانية بدأ، وكل العقبات تتوالى، لكن الوسيطين المصري والقطري في المقابل يضغطان للدفع بتعجيلها»، مشيراً إلى أن واشنطن عليها دور كبير في إنهاء عراقيل إسرائيلية.

وأكّد الرقب أن الانتقال للمرحلة الثانية يواجه عقبات عديدة، وليست الأزمة في الإعمار فقط، مشيراً إلى أن قضايا تشكيل لجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار وغيرها تعيقها إسرائيل للاستمرار في القطاع واستكمال التدمير.


ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
TT

ماراثون دراجات سوري احتفالاً بالتحرير... «قسد» تمنع «التجمعات» وغزال لإضراب عام

شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)
شوارع دمشق القديمة مزينة بمنشورات تُحيي الذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد (د.ب.أ)

تعيش العاصمة دمشق والمدن والبلدات السورية حيويةً استثنائيةً احتفالاً بالذكرى الأولى لإطاحة نظام بشار الأسد. ولأول مرة منذ تسلم «حزب البعث» السلطة في سوريا قبل أكثر من 6 عقود، تجتمع الجهات الرسمية وجهات أهلية وشعبية في احتفالات واحدة، سواء المنظَّم منها والعفوي، فيما دعا رئيس «المجلس العلوي»، الشيخ غزال غزال، العلويين إلى عدم المشاركة في الاحتفال والإضراب لمدة 5 أيام، كما منعت «الإدارة الذاتية» التجمعات في مناطقها؛ «خشية هجمات (داعش)».

من احتفالات «ساحة العباسيين» بدمشق (صفحة العباسيين - نبض العاصمة)

ومنذ أسبوع، تشهد الساحات السورية تجمعات يومية ومواكب سيارة تحتفي بـ«سوريا من دون الأسد»، وسط تأهب أمني استثنائي، استعداداً للحفل المركزي في العاصمة دمشق، الاثنين، الذي سيكون على مدار ساعات اليوم، بدءاً من صلاة الفجر، مع إطلاق تكبيرات النصر، ومواكب سيارات مع مكبرات صوت تعيد ترداد العبارات الأولى التي أطلقها السوريون إثر سقوط النظام. وتتواصل النشاطات حتى المساء بعد إلقاء الرئيس السوري خطاباً بالمناسبة.

سورية تتفقد مدفعاً رشاشاً في «المعرض العسكري للثورة السورية» بدمشق في سوريا يوم 6 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

هذا، وسُمع، الأحد، دوي انفجار في محيط فندق «فورسيزونز» وسط دمشق تبين أنه ناجم عن قنبلة صوتية؛ مما رفع حالة التأهب. وضمن استعدادها لتأمين التجمعات، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات مشددة بمنع إطلاق الرصاص ووضعه تحت طائلة المساءلة، ضمن حملة على مُعَرّفاتها الرسمية في شبكة الإنترنت، محذرة من المآسي التي قد يخلفها الاستخدام الطائش للسلاح.

بدورها، أصدرت محافظة دمشق قائمة توجيهات دعت فيها إلى منع إطلاق هتافات وشعارات طائفية، وعدم تمجيد الأشخاص، وإلى رفع الأعلام الوطنية، وإنشاد أغاني الثورة الجامعة لكل السوريين.

ماراثون يقطع المحافظات السورية على خط سير معركة «ردع العدوان» التي أسقطت نظام الأسد العام الماضي (سانا)

وفي إطار الاحتفالات التي تعمّ البلاد، من المنتظر وصول «مَسِير» أو ماراثون «درب التحرير» للدراجات الهوائية إلى دمشق، الاثنين، لتسليم الرئيس أحمد الشرع خوذة تعود لأول المقاتلين الذين قضوا في «ردع العدوان»، كانوا قد تسلّموها من محافظ إدلب محمد عبد الرحمن.

وانطلق «المَسير» من إدلب، مروراً بمحافظة حلب، يوم الجمعة، متتبعاً مسار عملية «ردع العدوان» التي أطاحت نظام الأسد خلال 11 يوماً؛ بدءاً من 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ووصل المارثون السبت إلى حماة، والأحد إلى حمص، ومنها إلى دمشق الاثنين، ليقطع مسافة أكثر من 300 كيلومتراً.

ورغم سوء الأحوال الجوية التي تزامنت مع انطلاق المَسِير، فإن عشرات السوريين والسوريات شاركوا في إصرار على التعبير عن الفرح بالتحرير، وذلك بينما انهمك المحتفلون بمحافظة درعا في إعداد أكبر منسف «مليحي حوراني»؛ الأكلة الشعبية التي يتميزون بها، لتقديمها للمحتفلين يوم الاثنين في بصرى الشام جنوب درعا.

وتكتظ شوارع دمشق بالمحتفلين الذين يرفعون الأعلام الوطنية، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، ويلوحون بها في مواكب سيارة ينشدون لسوريا، إضافة إلى مواكب سيارة لشركات صناعية توزع الهدايا المغلفة بالعلم، بينما تصدح مكبرات الصوت بأغاني الثورة السورية.

وخلافاً لحالة الاحتفالات العامة، دعا رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى» في سوريا والمهجر، الشيخ غزال غزال، مساء السبت، إلى تنفيذ «إضراب عام وشامل خلال فترة الاحتفالات». وقال غزال، في بيان مصوّر: «تحت شعار الحرية يريدون الاحتفال بالإكراه، باستبدال (نظام ظالم بنظام أشد ظلماً)... اعتقلوا وقتلوا وذبحوا وخطفوا وحرقوا، والآن يهددون بلقمة العيش... ويجبروننا قسراً على المشاركة باحتفالات بُنيت على دمائنا وآلامنا وأوجاعنا... وتكميم أفواهنا». ولم يوضح غزال غزال كيف يُجبَرون على المشاركة في الاحتفالات، غير أنه قال مخاطباً أبناء الطائفة العلوية: «سنواجه اعتداءهم بردّ جماعي سلمي واضح يقيدهم ويذكرهم بقوة إرادتنا التي لا تُقهر».

يذكر أن غزال دعا الشهر الماضي إلى التظاهر ضد السلطة والتعبير عن رفض حالة الانفلات الأمني.

في مكان آخر، وضمن سياق الامتناع عن الاحتفالات، أصدرت «هيئة الداخلية» في «الإدارة الذاتية» بمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، بياناً هنأت فيه «شعب شمال وشرق سوريا بمناسبة مرور عام على سقوط النظام البعثي، وكذلك شعب سوريا».

وقالت إنه «نظراً إلى الظروف الأمنية الراهنة، والمتمثلة في ازدياد نشاط خلايا مرتزقة (داعش) التي تحاول خلق الفتنة وضرب مكونات المجتمع، تُمنع إقامة أي تجمعات أو فعاليات جماهيرية أو اجتماعية في جميع مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، يومي 7 و8 من هذا الشهر». كما وُضع «إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية تحت طائلة المساءلة القانونية».

في حماة بـ«ساحة العاصي» يوم الجمعة احتفالاً بالتحرير (فريق حماة الفوتوغرافي)

في الأثناء، تشهد غالبية المناطق السورية احتفالات وتجمعات شعبية منظمة وعفوية، ودعوات لإطلاق أنشطة تدعو إلى السلام وتوطيد دعائم السلم الأهلي. فبعد تجمع حاشد شهدته مدينة حماة في «ساحة العاصي»، الجمعة، بمشاركة مئات الآلاف، أطلق ناشطون دعوة للمشاركة في ماراثون «من أجل السلام»، الاثنين، تزامناً مع احتفالات السوريين بمرور عام على التحرير، وينطلق المسير من كنيسة السريان في مدينة حماة إلى كنيسة الروم الأرثوذكس، من ثم جولة إلى عدد من الجوامع التاريخية في المدينة التي تقع وسط سوريا.

وازدادت خلال الأيام الأخيرة حركة الآتين إلى البلاد. ويقول صلاح وادي، العامل في شركة نقل داخلية، إن «الازدحام عاد إلى مطار دمشق الدولي، وكل يوم هناك عائلات تصل وننقلها إلى المحافظات؛ إدلب وحلب وحماة وحمص»، لافتاً إلى أن «الطلب زاد على السيارات ذات الحجم المتوسط أكثر من الفانات والسيارات الصغيرة»، وأضاف: «هناك كثير من السوريين المغتربين الذين جاءوا للاحتفال بالتحرير».

واستعدت «الهيئة العامة للطيران المدني» في سوريا للاستقبال الآتين إلى سوريا خلال أيام الاحتفالات، بتجهيز وتزيين مطارَي دمشق وحلب الدوليين، كما أصدرت ختماً تذكارياً خاصاً بالمناسبة، يوضع على جوازات سفر الآتين عبر مطارَي دمشق وحلب، وقالت «الهيئة» في بيان لها إن «هذا الختم يأتي احتفاءً بمناسبة التحرير، ويعدّ اختيارياً وتذكارياً، حيث ستتم إضافته على الجواز بعد الموافقة الشخصية من المسافرين، إلى جانب الختم الرسمي الصادر عن إدارة الهجرة والجوازات» التي أوضحت أن «الختم التذكاري لا يُغني عن ختم الهجرة والجوازات. وهو تعبير عن الترحيب بالقادمين للمشاركة في احتفالات عيد التحرير».


جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
TT

جعجع لعون وسلام: لا تضيعوا الوقت فالمشكلة في سلاح «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

وجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام، معتبراً أنه ليس هناك من سبب للتأخير بحلّ الأجنحة العسكريّة لـ«حزب الله»، كما أن «التذرّع بحرب أهليّة مزعومة ليس في مكانه». كما شن جعجع هجوماً على رئيس البرلمان نبيه بري حول رفضه تعديل قانون الانتخابات النيابية.

«حزب الله» صلب المشكلة

وخاطب جعجع، خلال ترؤسه المؤتمر العام الأول للحزب بعنوان «قوات نحو المستقبل»، الرئيسين عون وسلام قائلاً إن «البحث في (جنس الملائكة) والطروحات النظريّة وتحديد المسؤوليّات الاستراتيجيّة، وإعادة النظر بمفاهيم السيادة والاستقلال والوطنيّة؛ كلّها لا تؤدّي لنتيجة فيما أصبح واضحاً أنّ التنظيم العسكري والأمني لـ(حزب الله) هو في صلب المشكلة الكبرى التي نعيشها. والجميع مجمع على أنّ حلّه هو المقدّمة الإجباريّة لانفراج الوضع الماليّ».

وأكد أن «وجود التنظيم مناقض تماماً لاتفاق الطائف وللدستور، وهو مسؤول عن وضعيّة (اللادولة) التي نعيش فيها منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً، خصوصاً حرب 2024 والتدهور الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي سبقها».

وأضاف جعجع: «مع كلّ هذه الأسباب ورغبة أكثريّة من اللّبنانيين بحلّ كلّ ما هو عسكري وأمني خارج الدولة، لا نجد سبباً للتأخير الحاصل في حلّ الأجنحة العسكريّة والأمنيّة لـ(حزب الله)، خصوصاً بعد قراري مجلس الوزراء في 5 و7 أغسطس (آب) المنصرم». ورأى أنّ «التذرّع بحرب أهليّة (مزعومة) ليس في مكانه، إذ إنّنا لا نتحدّث عن خلاف بين حزبين أو بين مجموعتين مدنيّتين، بل نحن نتحدّث عن قرارات اتّخذتها دولة شرعيّة كاملة المواصفات».

مواجهة المجهول

من جهة ثانية، سأل جعجع في رسالته: «هل يجوز ترك لبنان واللّبنانيين بمواجهة المجهول وما هو أعظم، فقط (كرمى لعيون) بعض المسؤولين الحزبيين المرتبطين أصلاً بالقرار الإيرانيّ، وبأي منطق تخضع الأكثريّة في لبنان لتصرّفات الأقليّة، وتخضع الشرعيّة لتصرّفات (اللّاشرعيّة)؟».

وتحدث جعجع عن دور الجيش اللبناني، قائلاً إنّ «رمي كرة النار هذه في حضن الجيش وحده لا يجوز؛ فمع عمل الجيش، هناك عمل سياسيّ واضح وحاسم تجاه كلّ من يرفض تنفيذ قرارات الحكومة»، مشدداً على أنّ «المطلوب إعلان سياسي واضح جدّاً، ومن ثم تتبعه خطوات سياسيّة وإداريّة واضحة لوضع هذه الأصول الفاجرة عند حدّها».

رسالة إلى بري

كما توجّه جعجع إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي في رسالة حول قانون الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل، وقال له: «ما تقوم به في الوقت الحاضر بما يتعلّق بقانون الانتخاب تخطّى كلّ حدود»، لافتاً إلى تجاهله لـ«اقتراح قانون» «معجّل مكرّر» «الموقّع من نوّاب يمثّلون أكثريّة في المجلس النيابي منذ أكثر من سبعة أشهر»، كما لفت إلى «مشروع قانون معجّل أرسلته الحكومة فقمت بإحالته إلى اللّجان النيابيّة المعنيّة، مع توقّعاتنا بأن تحيله إلى مزيد من اللّجان حتّى مرور الوقت وتعطّل الانتخابات النيابيّة».

وأضاف: «دولة الرئيس، تستطيع أن تتذرّع بالنظام الداخلي لمجلس النوّاب ولكنّ هذا لا يخفي نيّتك (المبيّتة) بفعل كلّ ما يلزم، لتعطيل انتخاب المغتربين في أماكن وجودهم في الخارج»، مؤكداً أنّ «المطروح اليوم ليس قوانين برمّتها مع مجموعة كبيرة من التقنيّات، بل المطروح خلاف سياسي حول اقتراع المغتربين في الخارج».

وقال جعجع إنّ «النظام الداخلي وجد لتطبيقه وليس لاستعماله مطيّة للوصول لغايات حزبيّة وتعطيل البرلمان ومحاولة تعطيل الانتخابات النيابيّة».