بعد انتشار التقارير الإعلامية، عن العثور على كمية من مسحوق الكوكايين داخل أروقة البيت الأبيض في واشنطن، أعاد الحدث إلى المشهد عديداً من التواريخ والمواقف لرؤساء أميركا بين فضائح جنسية، وتزوير، وجرائم حرب، وفساد مالي.
وكان جهاز الخدمة السرية المسؤولة عن أمن الرئيس الأميركي جو بايدن، قد اكتشف (الأحد الماضي) مسحوقاً أبيض في الجناح الغربي بالبيت الأبيض الذي يضم المكتب البيضاوي ومكاتب بعض كبار مساعدي الرئيس بايدن، ثبت أنها تحتوي على مخدر الكوكايين. وتم إخلاء البيت الأبيض لفترة وجيزة واستدعاء فرق إدارة الإطفاء في العاصمة؛ لفحص المسحوق وتحديد أنه غير خطر. ولم ترد الخدمة السرية على طلب للحصول من أجل التعليق.
وبالعودة إلى التاريخ، يصنّف الخبراء والمؤرخون كل حقبة رئاسية في الولايات المتحدة، بحدث مثير للجدل، وتتصدر المشهد «الفضائح الجنسية» بشكل متكرر عبر التاريخ البيضاوي للرؤساء.
جفرسون... و«دي إن إيه»
ربما تعود البداية إلى توماس جفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة (من 1801 وحتى 1809)، الذي يعتقد بأنه كان يقيم علاقة مع امرأة من العبيد تدعى سالي هيمينغ، وأنها أنجبت منه طفلاً واحداً على الأقل، حسب ما ذكرت «وكالة الأنباء الألمانية».
وأظهرت تحاليل الحمض النووي (دي إن إيه)، التي أُجريت بعد نحو مائتي عام من ذلك، أن أبوة جفرسون لطفل واحد على الأقل من سالي هيمينغ مرجحة للغاية.
يوليسيس إس. غرانت... و«حلقة الويسكي»
على الرغم من عدم اتهامه شخصياً بارتكاب جرائم، أو اتهامه رسمياً بارتكاب مخالفات، فإن غرانت كان رئيساً نسف قضية فساد رفعتها إدارته إلى المحاكمة، وكان الرجل الذي يحاكم السكرتير الشخصي له في البيت الأبيض.
في عام 1875، أجرى وزير الخزانة بنيامين بريستو تحقيقاً أسفر عن مئات الاعتقالات في مخطط يُعرف باسم «حلقة الويسكي»، حيث قام صانعو هذا المشروب ومتآمرون آخرون بتحويل ملايين الدولارات من ضرائب الخمور لأنفسهم.
وجد الجنرال في الحرب الأهلية (الذي تحول إلى رئيس) نفسه على خلاف مع الحملة القمعية عندما اتُّهم الجنرال أورفيل إي. بابكوك بالتآمر. ولم يكن بابكوك السكرتير الشخصي للرئيس فحسب، بل كان هو وغرانت صديقين أيضاً منذ الحرب.
قال المدعون إنهم اكتشفوا برقيات أرسلها بابكوك إلى زعماء «حلقة الويسكي» للمساعدة في مخططهم، إلا أن غرانت أصرّ على الإدلاء بشهادته للدفاع عن مساعده.
لتجنب ظهور رئيس في محاكمة، استجوب المحامون غرانت تحت القسم في البيت الأبيض في 12 فبراير (شباط) 1876، وتمت قراءة نص شهادته في وقت لاحق في المحكمة في سانت لويس. برّأت هيئة المحلفين بابكوك، وهو قرار يرجع الفضل فيه، إلى حد كبير، إلى دفاع غرانت عنه.
هاردينغ... زير النساء
أما وارن هاردينغ، الذي كان الرئيس الـ29 للولايات المتحدة، والذي توفي عام 1923، فقد عُرف بأنه كان «زير نساء»، حسب ما ذكرت «وكالة الأنباء الألمانية». وكان مهتماً بإقامة عديد من العلاقات العاطفية مع صديقات العائلة.
وبعد وفاته بنوبة قلبية عن عمر يناهز 57 عاماً، تم الكشف عن الفساد في إدارته، وكان مجلس وزرائه يضم شخصيات بارزة في وزارات الخارجية والخزانة والتجارة، وارتبط اسم هاردينغ بالأفعال السيئة التي ارتكبها المدعي العام هاري دوغيرتي، ووزير الداخلية ألبرت فال، وقد تضمنت أسوأ الفضائح، ومنها؛ تحقيق أرباح من بناء مستشفيات قدامى المحاربين، وسحب الأرباح من بيع احتياطيات النفط الأميركية المتبقية بعد الحرب.
كيندي... ومساعدة الخدمة السرية
ورغم أن حياة جون كيندي كانت قصيرة؛ بسبب اغتياله المفاجئ عام 1963، فإنه اشتهر بتعدد علاقاته النسائية، وفقاً لما ذكرته مجلة «بيبول».
وتناول البعض قصة شهيرة عن علاقته بالممثلة والمغنية الأميركية الشهيرة مارلين مونرو، وهو الأمر الذي لم يثبت فعلياً وفقاً لما ذكرته صحيفة «غليمور»، التي أوضحت ما ذكره دونالد سبوتو كاتب سيرة مونرو قائلاً: «إن كيندي لم يلتقِ مونرو سوى 4 مرات فقط».
وتشير تقارير إعلامية، إلى أن كيندي كانت لديه علاقات مع موظفات في البيت الأبيض وصديقات ومراسلات ونجمات سينما، وأن سرباً من الفتيات كان يتم قبولهن سراً في البيت الأبيض من أجل كيندي، الذي استخدم جهاز «الخدمة السرية»؛ لتغطية آثاره، والتأكد من عدم وجود دليل على نزواته.
ما فعلته «ووترغيت» بنيسكون
ريتشارد نيكسون من الحزب «الجمهوري» هو الرئيس الوحيد الذي تنحى عن الرئاسة بعد فضيحة «ووترغيت» الشهيرة التي تعد أكبر فضيحة سياسية في تاريخ أميركا، حسب ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».
وبدأت الفضيحة عندما تم الكشف عن عملية تجسس على مكاتب الحزب «الديمقراطي» المنافس في مبنى «ووترغيت».
واستقال نيكسون في سنة 1974 بعد اكتشاف دوره بوصفه مخططاً وعارفاً بالقضية. وفي هذه الصورة الشهيرة لنيكسون يظهر رافعاً علامة الانتصار بعد أقل من ساعة من إعلان استقالته.
ريغان... وتمويل «كونترا»
حرص رونالد ريغان على جعل بلاده قوية، عندما اتخذ سياسات صارمة تجاه الاتحاد السوفياتي. لكنه تعثر سياسياً عندما تم الكشف عن أن وكالة المخابرات الأميركية كانت تراقب لسنوات تمويل قوات «كونترا» المعارضة في نيكاراغوا والمدعومة من أميركا، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».
وكان مصدر هذا التمويل هو تهريب الهيروين إلى بلاده. لكن الكشف عن التفاصيل لم يؤدِ إلى فضيحة رئاسية. ولم يعرف دور ريغان في القضية حتى اليوم.
لوينسكي التي أطاحت كلينتون
تدور الأحداث وتجري الأيام، ولا ينسي الأميركيون والمتابعون حول العالم مجرد ذكر اسم «كلينتون» بفضيحته الجنسية مع متدربة البيت الأبيض مونيكا لوينسكي!
إن ما لا شك فيه أن كلينتون كان رئيساً للبلاد عندما أقام العلاقة مع لوينسكي (22 عاماً) المتدربة في البيت الأبيض وأن الأحداث كانت تقع في مكتبة منعزلة بالقرب من المكتب البيضاوي، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
أمضى كلينتون أكثر من نصف رئاسته تحت المراقبة في التحقيقات التي تراوحت بين الصفقات العقارية الفاشلة. وألقى المحققون نظرة مطوَّلة على استثمارات بيل وهيلاري كلينتون في مشروع «وايت ووتر» العقاري المضطرب. وتم تعيين المستشار المستقل كينيث ستار للإشراف على التحقيق في عام 1994، إلا أنه لم يقدم أي دليل على مخالفات كلينتون. وفي المقابل انتهى الأمر باثنين من شركائهما المقربين، جيم وسوزان ماكدوغال، بإدانتهما بتهم تتعلق بـ«وايت ووتر». وكذلك أُدين جيم جاي تاكر خليفة كلينتون في منصب حاكم ولاية أركنسو. وأثبت تقرير «ستار» عام 1998 المليء بتفاصيل فاضحة عن علاقة كلينتون مع المتدربة مونيكا لوينسكي أنه أكثر ضرراً بكثير من الفضيحة العقارية.
فأثناء استجوابه في دعوى تحرش جنسي أقامتها الموظفة السابقة في ولاية أركنسو، بولا جونز، أنكر كلينتون وجود أي «علاقات جنسية» مع لوينسكي. لكن «ستار» خلص إلى أن كلينتون كذب تحت القسم وعرقل العدالة.
وأدى ذلك إلى تصويت مجلس النواب على عزله في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1998، بينما برَّأه مجلس الشيوخ، مما سمح له بالبقاء في منصبه حتى انتهاء فترة ولايته في يناير (كانون الثاني) 2001.
ترمب... والوثائق السرية
أما الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي ما زالت محاكمته قائمة حتى الآن، فوُجهت إليه تهم جنائية مطلع العام الحالي، متعلقة بتعمّد إساءة التعامل مع أسرار الحكومة الأميركية، والتخطيط لعدم إعادة وثائق سرية، في أول مثول تاريخي لرئيس أميركي أمام محكمة فيدرالية.
ونفي ترمب التهم الموجهة له، وفي جلسة الاستماع الأولى في إحدى محاكم ميامي له قال محاميه، تود بلانش: «نحن بالتأكيد ندفع بالبراءة» من هذه التهم. وهذه هي المرة الثانية التي يمثل فيها ترمب لتلاوة تهم موجهة إليه بعد اتهامه قبل 10 أسابيع بسلسلة من المخالفات الجنائية في مانهاتن على خلفية دفع المال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية.
وكانت ممثلة أفلام إباحية تدعى ستورمي دانيلز، قالت في أول مقابلة تُجرى معها عام 2018 منذ كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن علاقتها بترمب وإبرام محاميه عقداً معها لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية، إن ترمب أقام معها علاقة خاصة لمرة واحدة فقط في يوليو (تموز) 2006 ولم يكن قد مضى على زواجه من ميلانيا ترمب سوى عام ونصف العام، وعلى ولادة ابنه بارون سوى 4 أشهر، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».
وذلك خلافاً لنساء أخريات اتهمن ترمب قبيل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بالاعتداء عليهن أو التحرش بهن جنسياً.
وبالعودة إلى محاكمته بشأن الوثائق السرية، اعترف ترمب في تسجيل يعود لعام 2021، بأنه احتفظ بمعلومات عسكرية لم تُرفع عنها السرية، قائلاً: «بصفتي رئيساً، كان بإمكاني رفع السرية عن هذه المعلومات، لكنني الآن لا أستطيع».
ويقوّض هذا التسجيل الفكرة القائلة إنه رفع السرية عن كل ما لديه، ويضع حدوداً لسلطاته في رفع السرية عن السجلات بوصفه رئيساً سابقاً.
وأكّد ترمب، المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2024، أنّ لائحة الاتهام الأخيرة لن تجبره على الانسحاب من الانتخابات.
هانتر بايدن... والمخدرات
أثار اسم نجل الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الجدل في الآونة الأخيرة، بعد أن أظهرت تقارير تورطه في جريمتي ضرائب، وحيازة سلاح بشكل غير قانوني أثناء تعاطي المخدرات، بعد تحقيق استمر 5 سنوات. ويخضع هانتر لتحقيقات فيدرالية منذ عام 2018.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قدّم المدعي العام الأميركي في ولاية ديلاوير أوراقاً تشير إلى التوصل إلى اتفاق للإقرار بالذنب. ومن المتوقع أن يوافق على العلاج من تعاطي المخدرات، والخضوع للمراقبة. كما من المرجح أن تبقيه شروط الاتفاقية خارج السجن.
ووصف الابن الأصغر للرئيس الأميركي مشكلاته مع الإدمان، في كتاب نُشر في ربيع عام 2021. وكان ابنه الأكبر بو قد توفّي في عام 2015؛ بسبب سرطان في الدماغ، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
في كتابه، يؤكد هانتر بايدن، المحامي السابق ورجل الأعمال الذي تحوّل إلى فنّان، أنّه توقّف عن شرب الكحول وتعاطي المخدرات.
لطالما دعمه الرئيس الأميركي علناً، وقال إنه «فخور» به، خلال مناظرة ساخنة في مواجهة دونالد ترمب قبل الانتخابات الرئاسية عام 2020. ويرفض جو بايدن اتهامات الفساد الصادرة عن المعارضة الجمهورية في البرلمان التي تقول إنّه قام بأعمال مشبوهة في أوكرانيا والصين، بينما كان جو بايدن نائباً للرئيس باراك أوباما (2009 - 2017)، مستفيداً من علاقات والده واسمه. وقال بايدن في مقابلة مع شبكة «إم إس إن بي سي» في مايو (أيار) الماضي: «ابني لم يرتكب أي خطأ»، مضيفاً: «أنا أثق به».