الصين تدعو الحوثيين للتخلي عن الخيار العسكري والعودة للحوار

شاو تشنغ لـ«الشرق الأوسط»: اليمن لديه ثلاث فرص وثلاثة تحديات

TT

الصين تدعو الحوثيين للتخلي عن الخيار العسكري والعودة للحوار

القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن يتحدث لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: سعد العنزي)
القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن يتحدث لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: سعد العنزي)

ترى جمهورية الصين الشعبية أن الأزمة اليمنية تمر بمرحلة حساسة وهامة يكتنفها العديد من الفرص والتحديات في آنٍ واحد، داعية الأطراف اليمنية إلى انتهاز فرص تحقيق السلام في أقرب وقت ممكن.

ووفقاً لشاو تشنغ، القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، فإن الفرص تتمثل في رغبة وتطلعات الشعب اليمني في السلام بعد ثماني سنوات من الحرب، وتحسن العلاقات بين السعودية وإيران، إلى جانب المفاوضات القائمة بين السعودية والحوثيين.

وبالنسبة للتحديات، أوضح تشنغ في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، أنه يأتي في مقدمتها الثقة المفقودة بين الأطراف اليمنية، كما أن عملية تحسن العلاقات بين دول المنطقة ما زالت في بدايتها، وأخيراً الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتردية والمتفاقمة في اليمن.

المسؤول الصيني أكد أن بلاده لديها رغبة قوية في المساهمة في تحقيق السلام باليمن عبر مختلف القنوات، مشيراً إلى أهمية الأجواء الإيجابية ورياح المصالحة التي شهدتها المنطقة العربية خلال الفترة الماضية.

وشدد القائم بالأعمال الصيني على تقدير بلاده للجهود السعودية والعمانية لتحقيق السلام في اليمن، مبيناً أن جهود المملكة تحديداً وتحسن علاقاتها بإيران من شأنه أن يخلق بيئة مناسبة لحل الملف اليمني، على حد تعبيره.

وفي الوقت الذي دعا فيه شاو الحوثيين للتخلي عن الخيار العسكري والعودة إلى طاولة المفاوضات، أكد دعم بلاده الثابت لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، ودعم سيادة اليمن ووحدته واستقراره وسلامة أراضيه.

كما تحدث تشنغ كذلك عن تاريخ التعاون بين الصين واليمن في مجال الاقتصاد والاستثمار الطويل، وما أسماه «البصمات الصينية» في اليمن، والعديد من الملفات الأخرى...

العلاقات الصينية اليمنية

يصف شاو العلاقات بين الصين واليمن بـ«التاريخية» والتي تعود إلى ما قبل آلاف السنين، وأضاف «منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين واليمن منذ 67 عاماً شهدت العلاقات تطورات في مختلف المجالات وأصبحت التبادلات أكبر بين الدولتين، وتوجد في اليمن الكثير من البصمات الصينية، وأشهرها الطريق والجسر الصيني (...)، لدينا علاقات طيبة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأثناء القمة الصينية - العربية التقى الرئيس الصيني نظيره اليمني، وأنا شخصياً أحتفظ بعلاقات طبية مع الرئيس العليمي والتقيت به مرات عدة، ويمكن القول إن العلاقات الصينية - اليمنية تشهد تطورات في كل المجالات بشكل كبير وصحي، ونشعر بالفخر لأن لدينا صديقاً وشريكاً كاليمن، ونتمنى أن يعود السلام والاستقرار في اليمن قريباً ليتيح البيئة المناسبة لدفع مزيد من التعاون بين البلدين».

الفرص والتحديات في اليمن

وأكد المسؤول الصيني أن بلاده تدعو منذ وقت مبكر إلى تحقيق السلام في اليمن وإيقاف الحرب المستمرة لأكثر من ثماني سنوات، مشدداً على دعم الصين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية بشكل ثابت، ودعم سيادة اليمن ووحدته واستقراره وسلامة أراضيه.

وتابع «أعتقد حالياً أن اليمن يتمتع بالفرص ويواجه تحديات في الوقت نفسه، هناك ثلاث فرص أمامنا، الأولى بعد حرب استمرت ثماني سنوات أصبحت تطلعات الشعب اليمني للسلام أكبر فأكبر، ثانياً أصبحت العلاقات بين دول المنطقة أحسن فأحسن، حيث نجحت الصين في التوسط بين السعودية وإيران لإجراء مباحثات في بكين والتوصل لاتفاق لتطبيع العلاقات، ونأمل من قلوبنا أن يساعد تطبيع العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران على حل مزيد من القضايا والملفات في المنطقة، ومن ضمنها الملف اليمني وتأتي بمزيد من الاستقرار والأمان في المنطقة».

الفرصة الثالثة بحسب شاو هي «المفاوضات بين السعودية والحوثيين والتي حققت بعض النتائج في بعض المجالات، ونتمنى أن يأتي هذا التفاوض بمزيد من الفوائد والتقدم لكي يرسي أساساً متيناً للسلام في المستقبل».

أمام التحديات، وفقاً للنظرة الصينية، الثقة المفقودة بين الأطراف اليمنية بعد ثماني سنوات من الحرب، ويوضح: «ما زالت الثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة مفقودة وتحتاج إلى مزيد من الوقت لاستعادتها، ثانياً ما زالت عملية تحسن العلاقات بين دول المنطقة في بدايتها وما زالت هشة، وثالثاً ما زالت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن متفاقمة ولا يمكننا حلها بين ليلة وضحاها».

وأضاف «باختصار، اليمن حالياً في نقطة حساسة ومهمة تكتنفها الفرص والتحديات، وأتمنى للأطراف المختلفة انتهاز الفرص والتغلب على التحديات لخلق بيئة مناسبة لتحقيق السلام، ونتمنى أن نرى حل القضية اليمنية قريباً».

الجهود الصينية لحل النزاع اليمني

ولفت شاو تشنغ إلى أن الصين تعمل على تحقيق السلام في العالم عبر مبادرة الأمن العالمية التي طرحتها في السابق، مدللاً على أن نجاحها في التوسط بين السعودية وإيران لتطبيع العلاقات خير دليل على تنفيذ هذه المبادرة.

وبالنسبة لليمن، أوضح أن الصين تبذل جهوداً لحل هذا الملف، مبيناً أنها دعت الشهر الماضي المبعوث الأممي غروندبرغ إلى زيارة بكين وأجرت لقاءات معمقة معه.

وأضاف «كما نحضر اجتماعات مجلس الأمن حول اليمن ونعبّر عن موقفنا، وفي الأسبوع الماضي شاركت مرئياً في منتدى اليمن الدولي في دورته الثانية، وأكدت الموقف الصيني تجاه اليمن حول دعم المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية اليمنية ودعم كل جهود تحقيق السلام في اليمن، كما تحافظ الصين على التواصل المستمر مع السعودية وإيران لتنفيذ الاتفاق وتحرص على تقديم المنصة للدول المختلفة لحل النزاعات والخلافات، باختصار نحن نرغب في تقديم المساهمات لحل الملف اليمني وتحقيق السلام عبر القنوات المختلفة».

الجهود السعودية - العمانية

وأشار القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، إلى أن بلاده تقدر الجهود السعودية - العمانية ودول المنطقة لتحقيق السلام في اليمن، وقال «نتمنى أن تتقدم العملية السلمية اليمنية إلى الأمام خطوة بخطوة، نقدّر بشكل خاص الجهود السعودية في هذا المجال خلال الفترة الماضية، ونأمل من المملكة مواصلة جهودها لتحسين العلاقات مع إيران؛ لأن هذا سيخلق البيئة المناسبة لحل الملف اليمني».

خديعة الحوثيين لشركة صينية

كما جدد شاو تشنغ التأكيد على أن الحكومة الصينية لا علاقة لها إطلاقاً بالشركة الصينية التي وقّعت مذكرة تفاهم مع الحوثيين ثم ألغتها بعد اكتشافها الخديعة، وقال «أريد أن أوضح في البداية أن هذه الشركة من القطاع الخاص وليس لديها أي علاقة بالحكومة الصينية، وتعرّضت هذه الشركة للخدعة من الوكيل غير الشرعي ووقّعت مذكرة تفاهم مع الحوثيين، وبعد ذلك أعلنت أن مذكرة التفاهم غير قانونية، كما أريد التأكيد على أن الصين تدعم مجلس القيادة الرئاسي بقيادة الدكتور رشاد العليمي، ودعم سيادة اليمن واستقراره ووحدة أراضيه».

وفي سؤاله عما إذا كان لدى الحكومة الصينية أي علاقة مع الحوثيين من أي نوع، أجاب شاو بتأكيده أن «الصين تدعم الحكومة الشرعية اليمنية، وتدعو الأطراف اليمنية المختلفة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن لانطلاق مفاوضات السلام».

وبيّن أنه «يحافظ على تواصل مستمر مع مجلس القيادة الرئاسي والرئيس العليمي»، داعياً «الحوثيين إلى التخلي عن الخيار العسكري والعودة إلى الطاولة».

مستقبل الاستثمارات الصينية في اليمن

وأوضح أن تاريخ التعاون بين الصين واليمن في مجال الاقتصاد والاستثمار طويل، قائلاً: إن من أهم المشاريع الصينية في اليمن طريق الحديدة - صنعاء الذي ساعدت الصين في بنائه، ولفت إلى «فقد أكثر من 100 مهندس وطبيب صيني حياتهم أثناء شق هذه الطريق ودُفنوا في مقبرة الشهداء الصينيين في صنعاء».

وأضاف «قبل بضعة أشهر زرت المكلا وشاهدت جسر الصداقة الصيني الذي يربط الجانب الشرقي بالغربي للمدينة، أعتقد أنه يرمز لصداقة بين الشعبين الصيني واليمني، كذلك قدمت الصين الكثير من المساعدات الطبية لليمن وساعدت على بناء المستشفيات والعيادات، وأرسلت نحو 3500 طبيب لليمن قدموا دعماً في عمليات الولادة والعمليات الجراحية».

100 مشروع صيني عملاق في اليمن

وبحسب القائم بأعمال السفارة الصينية، بلغ عدد المشاريع الصينية العملاقة في اليمن قبل حرب 2015 نحو 100 مشروع، لافتاً إلى أن هذه الشركات اضطرت إلى الانسحاب بعد الحرب. وكشف عن أن الشركات الصينية لديها رغبة في المشاركة في إعادة إعمار اليمن.

وتابع «حالياً يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 3 مليارات دولار، في حين يبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أكثر من 400 مليار دولار، هناك العسل اليمني بين الأفضل في العالم، وهناك قهوة المخا أيضاً بين الأفضل في العالم، إلى جانب الاستكوزا اليمنية المميزة، وهنا ندعو اليمن للمشاركة في معرض الصين الدولي للاستيراد الذي سيعقد في شنغهاي نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وفي الوقت نفسه تعلن الصين مبادرات مهمة عدة، مثل مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية، نأمل أن يشارك اليمن في هذه المبادرات، حالياً يوجد نحو 30 ألف يمني في الصين معظمهم من التجار يشكلون جسراً يربط الصين باليمن، كما نريد أن نرى مزيداً من البصمات الصينية في الأراضي اليمنية».

شاو تشنغ القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير: سعد العنزي)

وتعهد المسؤول الصيني بتقدم «مزيد من التسهيلات والدعم للسفر إلى الصين وجذب مزيد من التجار العرب واليمنيين للاستثمار في الصين». قائلاً «نسمع أن أكثر من 70 - 80 في المائة من البضائع في اليمن صينية، ونرغب في المساعدة والدعم للتنمية الاقتصادية في اليمن».

رؤية الصين للقضية الجنوبية

وحول رؤية بلاده للقضية الجنوبية، أجاب القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن بقوله «نحن دائماً ندعم سيادة اليمن ووحدته واستقرار وسلامة أراضيه، ودائماً ندعم مجلس القيادة الرئاسية بقيادة الدكتور رشاد العليمي، وندعو الأطراف اليمنية المختلفة إلى الحفاظ على الوحدة لتقديم المساهمة المشتركة لتحقيق السلام في اليمن، ثماني سنوات من الحرب طويلة سواء بالنسبة للأشخاص أو بالنسبة للبلد، ونتمنى من الأطراف المختلفة أن تسمع أصوات الشعب اليمني الحقيقية لتحقيق السلام».

عشق المندي والاستكوزا

على الجانب الشخصي، يحب شاو تشنغ القراءة كثيراً، مبيناً أنه يقرأ حالياً كتاب الرئيس الصيني شي جينبينغ حول الحكم والإدارة والذي يحمل مفاهيم مهمة عدة حول مجتمع البشرية للمستقبل المشترك والترابط والحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة.

كما يحب الأكلات اليمنية، وفي مقدمتها «المندي»، على حد قوله، وأضاف (ضاحكاً) بقوله «أثناء زيارتي للمكلا أعجبت بالمأكولات البحرية خاصة الاستكوزا، كما أهدوني العسل اليمني وأستخدمه في الرياض لإعداد الكيك».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول.

محمد ناصر (تعز)
شمال افريقيا باخرة شحن تعبر قناة السويس (أرشيفية - أ.ب)

ما خطط شركات الشحن البحري للعودة إلى قناة السويس؟

تضع شركات الشحن الكبرى استراتيجيات للعودة المحتملة إلى قناة السويس بعد عامين من التعثر بسبب الأخطار الأمنية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.