الرواية الكاملة لخطف وإطلاق مشاري المطيري من مقاهي بيروت إلى الأراضي السورية

العملية كشفت عن شبكة متعددة الطبقات من الخاطفين

TT

الرواية الكاملة لخطف وإطلاق مشاري المطيري من مقاهي بيروت إلى الأراضي السورية

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مجتمعاً مع وزير الداخلية بسام المولوي ومدير مخابرات الجيش العميد الركن طوني قهوجي بعد إطلاق المواطن السعودي مشاري المطيري (موقع الجيش اللبناني)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون مجتمعاً مع وزير الداخلية بسام المولوي ومدير مخابرات الجيش العميد الركن طوني قهوجي بعد إطلاق المواطن السعودي مشاري المطيري (موقع الجيش اللبناني)

تعد عملية إطلاق المواطن السعودي مشاري المطيري واحدة من القضايا الناجحة لاستخبارات الجيش اللبناني في مواجهات عصابات الجريمة المنظمة؛ ذلك أنها شهدت للمرة الأولى توقيف عدد من الخاطفين، بعد أن كانت معظم العمليات تنتهي بإطلاق المخطوفين من دون توقيفات. وكشفت العملية أيضاً عن شبكة منظمة للخطف تبدأ في مقاهي بيروت وتنتهي في الأراضي السورية، مروراً بمناطق لبنانية عدة، ضحاياها عادة «أجانب وحيدون».

بدأ المواطن السعودي سهرته في مقهى في محلة خلدة جنوب بيروت. قضى في «بيت بيوت» نحو ساعتين، من العاشرة حتى منتصف الليل. انتقل بعدها إلى مقهى آخر في وسط بيروت. يعتقد المحققون أن ثمة من كان يراقبه في تلك النقطة، بمساعدة موظفين صغار يعملون في المحلة. يقتصر دور هؤلاء على تحديد «الهدف»، وكان في تلك الليلة مشاري المطيري.

راقبت مجموعة من خمسة أشخاص يلبسون بذلات عسكرية الهدف. تواصلوا مع موسى جعفر المطلوب للأمن اللبناني بجرائم خطف وابتزاز ومخدرات. تم الاتفاق و«شراء» الضحية. في الثالثة صباحاً، كان المطيري يغادر المقهى والخاطفون الخمسة يتابعونه، صدموا سيارته لإيقافه في منطقة مقفرة، وانقضوا عليه وسحبوه من السيارة، وانتقلوا به فوراً إلى منطقة البقاع. توقف الخاطفون في منطقة شتورا، بدلوا السيارات، وتابعوا نحو محلة الشراونة حيث تم تسليم المخطوف إلى الجهة التابعة لجعفر والحصول على «أتعابهم». ومن هناك إلى ما وراء الحدود اللبنانية - السورية.

يوم الأحد، كان المخطوف يتعرض للتهديد والتخويف. صادر الخاطفون بطاقته المصرفية، لكنه أعطاهم الرقم السري الخطأ. عادوا إليه وضغطوا عليه جسدياً ونفسياً فحصلوا على الرقم الصحيح. استطاعوا سحب بضعة آلاف من الدولارات منها، لكن هذا لم يكفهم طبعاً. بعثوا برسالة نصية من هاتفه يطلبون فدية قدرها 400 ألف دولار أميركي.

في هذه الأثناء كانت القوى الأمنية تضغط للحصول على معلومات. الهدف الأول كان تحديد الجهة الخاطفة، فهناك العديد من الذين يمتهنون هذه الطريقة في شرق البلاد. سحب الأموال أعطى القوى الأمنية أول الإشارات، وفتح خط المخطوف لبعض الوقت أعطاهم دليلاً جديداً. تم الضغط على بعض الموجودين في المقهى خلال وجود المطيري، وبينهم من يعرفه شخصياً. استطاع الفريق الفني في استخبارات الجيش الحصول على الخيط الأول. تم توقيف شخص في منطقة سد البوشرية، لتتضح بعدها هوية الجهة التي تحتفظ بالمطيري.

توصلت الاستخبارات العسكرية إلى خيط يربطه بجعفر، الذي يقيم في بلدة جرماش السورية، وتسكنها أكثرية لبنانية من آل جعفر، في منطقة القصر. جعفر، كمثل مطلوبين آخرين يقيمون في المنطقة، ويعتاشون من هذه الجرائم. يقول مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»، إن جعفر مطلوب للأجهزة اللبنانية بالكثير من الجرائم، منها خطف شخص عراقي، وآخر سوري، إضافة إلى أعمال تجارة بالمخدرات.

بدأ الجيش بممارسة ضغوطات على أعمال جعفر في لبنان، وعائلته في محلة الشراونة قرب مدينة بعلبك. داهم الجيش المنطقة، وقبض على بعض أفراد عائلته للتحقيق معهم والضغط عليه. تم التدقيق بهواتفهم واتصالاتهم معه، وحرصوا على أن يعرف المطلوب بما يجري.

نتيجة المداهمات، تم توقيف سبعة من المتورطين بالخطف، واحد في البوشرية (شرق بيروت) واثنان في حي الشراونة وأربعة على طريق البقاع. يوم الاثنين زاد الضغط، ونفذ الجيش عمليات مداهمة في «المنطقة المتداخلة» بين لبنان وسوريا، ووصل إلى الخاطفين الجدد، فاصطدم معهم. تم تبادل لإطلاق النار. ترك الخاطفون المخطوف وفروا إلى عمق الأراضي السورية.

ويبحث الجيش حالياً عن المزيد من المتورطين، بينهم شخص أطلق النار على مركز للجيش وعلى منزل عسكري، بعد مداهمة الجيش مركزاً لتخزين الكبتاغون في الشراونة. وهو أيضاً من المتورطين في الخطف، بالإضافة إلى أشخاص يُعتقد أنهم سهلوا للخاطفين عمليتهم.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».