ماذا على المحك في الانتخابات التركية؟

TT

ماذا على المحك في الانتخابات التركية؟

بطاقة اقتراع بيضاء في مركز انتخابي بإسطنبول (رويترز)
بطاقة اقتراع بيضاء في مركز انتخابي بإسطنبول (رويترز)

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أصعب تحدٍ سياسي له حتى الآن في انتخابات اليوم (الأحد)، إذ تشعر المعارضة أن أفضل فرصة لها حتى الآن قد حانت لإنهاء حكمه المستمر منذ عقدين وتغيير سياساته.

والانتخابات لن تحدد فقط من سيقود البلاد بل طريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية، وفق تقرير لـ«رويترز».

ودافع إردوغان، الزعيم الأطول بقاءً في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة، مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة، وعدم توثيق علاقات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.

وتعقد الانتخابات بعد 3 أشهر من الزلازل القوية التي ضربت جنوب شرق البلاد، وأودت بحياة أكثر من 50 ألفاً.

والمنافس الرئيسي لإردوغان هو كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني، الذي يحظى بدعم تحالف أحزاب معارضة.

ماذا على المحك بالنسبة لتركيا؟

إردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك، الجمهورية التركية الحديثة، قبل قرن من الزمان. وأبعد أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية)، القائم على جذور إسلامية، البلاد عن نهج أتاتورك العلماني.

كما ركَّز إردوغان السلطة حول رئاسة تنفيذية، مقرها قصر يضم ألف غرفة على مشارف أنقرة، وترسم السياسة فيما يخص الشؤون الاقتصادية والأمنية والمحلية والدولية للبلاد.

ويقول منتقدوه إن حكومته كممت أفواه المعارضة، وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الذين يقولون إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية، من بينها محاولة انقلاب عام 2016.

ويقول خبراء الاقتصاد إن دعوات إردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاماً عند 85 بالمائة العام الماضي، كما أدت لهبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

 

سيدة تركية تدلي بصوتها وفي الخلفية صورة كمال أتاتورك (رويترز)

ماذا على المحك بالنسبة لبقية العالم؟

تحت حكم إردوغان، استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فقد شنت أربع عمليات توغل في سوريا وهجوماً على مسلحين أكراد داخل العراق وأرسلت دعماً عسكرياً إلى ليبيا وأذربيجان.

وشهدت تركيا أيضاً سلسلة من المواجهات الدبلوماسية مع قوى في المنطقة، إضافة إلى مواجهة مع اليونان وقبرص بشأن الحدود البحرية بشرق البحر المتوسط حتى غيرت مسارها قبل عامين وسعت إلى التقارب مع بعض خصومها.

وأدى شراء أردوغان لدفاعات جوية روسية إلى فرض عقوبات أمريكية على أنقرة استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تشكيكاً من منتقدين بخصوص التزام تركيا إزاء حلف الأطلسي. كما أثارت اعتراضات أنقرة على طلبي السويد وفنلندا الانضمام للحلف توتراً.

صورة دعائية لإردوغان (أ.ب)

ومع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح بتصدير القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، مما يشير إلى دور ربما يلعبه إردوغان ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ولم يتضح إلى الآن ما إذا كان هناك خليفة محتمل له قادر على أن يحظى بالصورة نفسها التي رسمها إردوغان لنفسه على الساحة الدولية، وهي نقطة من المرجح أن يركز عليها في الحملة الانتخابية.

ما وعود المعارضة؟

تحالف حزبا المعارضة الرئيسيان؛ حزب الشعب الجمهوري العلماني، والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع أربعة أحزاب أصغر خلف برنامج من شأنه إلغاء الكثير من السياسات التي يتسم بها حكم أردوغان.

فقد تعهدت هذه الأحزاب بإعادة الاستقلال للبنك المركزي وإلغاء سياسات إردوغان الاقتصادية غير التقليدية. كما أن المعارضة تعتزم تفكيك رئاسته التنفيذية والعودة للنظام البرلماني السابق، فضلاً عن إرسال اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

كما تهدف الأحزاب إلى تحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات «إف - 35» المقاتلة، الذي استبعدت منه بعد شراء دفاعات صاروخية روسية. ويعتقد محللون أن السياسات التي وعدت بها المعارضة قد تحفز الاستثمار الأجنبي.

ودعم أردوغان الجهود التي باءت بالفشل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بينما استضاف ما لا يقل عن 3.6 مليون لاجئ سوري يتزايد عدم الترحيب بهم وسط المتاعب الاقتصادية في تركيا.

وتحدثت المعارضة عن خطط مماثلة لخطط إردوغان الرامية لإعادة بعض اللاجئين إلى سوريا، لكن لم يحدد أي منهما كيف يمكن تنفيذ ذلك بأمان.

 

ما مدى احتدام السباق؟

تظهر أحدث استطلاعات الرأي أن كليتشدار أوغلو يتقدم على إردوغان الذي تضررت شعبيته بسبب أزمة غلاء المعيشة الناجمة عن التضخم. ويقول محللون إن الجبهة الموحدة التي قدمتها المعارضة عززت فرصها.

لكن إردوغان ما زال ينافس بقوة في السباق الرئاسي الذي قد يشهد جولة ثانية بينه وبين كليتشدار أوغلو.

وأشارت استطلاعات الرأي الأولية منذ الزلازل إلى تمكن إردوغان من الاحتفاظ بتأييده الشعبي إلى حد بعيد على الرغم من الاتهامات ببطء استجابة الحكومة للكارثة، والتساهل في فرض لوائح البناء التي ربما كانت ستنقذ الأرواح.

وستظل كيفية حشد المعارضة لتأييد الأكراد، الذين يمثلون 15 بالمائة من الناخبين، نقطة أساسية.

و«حزب الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد ليس جزءاً من تحالف المعارضة الرئيسي، لكنه يعارض إردوغان بشدة بعد حملة قمع استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية.


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على قرار تبنته الوكالة الدولية ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وأيّد مشروع القرار، الذي طرحته على التصويت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بدعم من الولايات المتحدة، 19 دولة من أصل 35 في الوكالة، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت، ولم تستطع فنزويلا المشاركة.

وبعد اعتماد القرار، قال ممثل إيران في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذا التدبير له «دوافع سياسية».

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو - 235) لاستخدامات عدة.