كيف قاد إيمري أستون فيلا للمنافسة على المقاعد الأوروبية؟

المدير الفني الإسباني أحدث ثورة حقيقية في الفريق وانتشله من شبح الهبوط إلى المنافسة على المراكز الستة الأولى

إيمري يشارك لاعبي أستون فيلا التدريبات لإشعال الحماس وتصحيح الأخطاء (غيتي)   -   المدير الفني لأستون فيلا أوناي إيمري (غيتي)
إيمري يشارك لاعبي أستون فيلا التدريبات لإشعال الحماس وتصحيح الأخطاء (غيتي) - المدير الفني لأستون فيلا أوناي إيمري (غيتي)
TT

كيف قاد إيمري أستون فيلا للمنافسة على المقاعد الأوروبية؟

إيمري يشارك لاعبي أستون فيلا التدريبات لإشعال الحماس وتصحيح الأخطاء (غيتي)   -   المدير الفني لأستون فيلا أوناي إيمري (غيتي)
إيمري يشارك لاعبي أستون فيلا التدريبات لإشعال الحماس وتصحيح الأخطاء (غيتي) - المدير الفني لأستون فيلا أوناي إيمري (غيتي)

هناك صورة على حساب المدير الفني لأستون فيلا، أوناي إيمري، على «إنستغرام»، وهو منغمس في عمله بعد الفوز الذي حققه على تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج» هذا الشهر، تعكس تماماً تفانيه في عمله. يحدق إيمري في جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص به، بينما يده اليمنى مثبتة على فأرة لاسلكية. إنها لقطة تعكس تماماً حقيقة أن هذا الرجل مدمن للعمل الجاد، والدليل على ذلك أنه يعمل بانتظام لمدة 16 ساعة في اليوم. وغالباً ما يقوم إيمري بنفسه بإعداد مقاطع الفيديو للمباريات لمراجعتها مع اللاعبين بشكل فردي، وفي بعض الأحيان يعيد مشاهدة مباريات أستون فيلا السابقة نحو خمس مرات لكي يعطي التعليمات والتوجيهات المناسبة للاعبين ولأفراد الطاقم الفني.
من السهل أن ننسى أن أستون فيلا كان يبتعد عن المراكز المؤدية للهبوط لدوري الدرجة الأولى بفارق الأهداف فقط عن الفريق الذي يليه، عندما أقيل ستيفن جيرارد من منصبه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحل إيمري بديلاً له. ومن تلك اللحظة حقق أستون فيلا الفوز في 12 مباراة من إجمالي 18 مباراة لعبها الفريق في الدوري الإنجليزي تحت قيادة المدرب الإسباني. ولو كان الموسم قد بدأ عندما تولى إيمري المسؤولية (في المباراة التي تفوق فيها على المدير الفني الهولندي إريك تن هاغ بالفوز على مانشستر يونايتد) فإن أستون فيلا كان سيحتل الآن المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.
لقد قدم أستون فيلا مستويات استثنائية أمام مانشستر يونايتد في أول مباراة لإيمري على رأس القيادة الفنية للفريق، لكن لم يكن أحد يتوقع أن يتحسن أداء الفريق بهذا الشكل السريع الذي يجعله ينافس على إنهاء الموسم ضمن المراكز الستة الأولى، بل والحديث عن فرص التأهل لدوري أبطال أوروبا. ومن المرجح الآن أن ينهي أستون فيلا الموسم ضمن المراكز العشرة الأولى لأول مرة منذ موسم 2010 - 2011، الذي كان آخر موسم يشارك فيه النادي في البطولات الأوروبية.
إن النجاح السريع الذي حققه إيمري مع أستون فيلا يعد بمثابة انتصار حقيقي للتدريب بشكل عام. لقد نجح المدير الفني الإسباني في تطوير أداء جميع اللاعبين الموجودين تحت تصرفه، خصوصاً أنه يعمل مع اللاعبين أنفسهم الذين كانوا يلعبون تحت قيادة جيرارد، باستثناء أليكس مورينو الذي ضمه أستون فيلا من ريال بيتيس الإسباني مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في يناير (كانون الثاني) الماضي. وأصبح جون ماكجين وتيرون مينغز، اللذان ساعدا أستون فيلا على الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز قبل أربع سنوات، إحدى الركائز الأساسية للفريق، كما تم تحرير إيمي بوينديا وأصبح يلعب بحرية أكبر ويقدم مستويات رائعة بعد أن كان يعاني بشدة ويجد صعوبة في المشاركة في المباريات تحت قيادة جيرارد.
وعلاوة على ذلك، يعتمد إيمري على مورينو في الاستحواذ على الكرة في الناحية اليسرى ومساعدة أستون فيلا على التحول من الأداء الدفاعي للهجومي بسرعة كبيرة. ويتم تشجيع مورينو، الذي قدم أداءً رائعاً أمام نيوكاسل، على التقدم كثيراً في الأمام، على أن يعمل آشلي يونغ، البالغ من العمر 37 عاماً، الذي يعد أحد أكثر لاعبي أستون فيلا تقديماً للمستويات الثابتة، ظهيراً تقليدياً يركز على واجباته الدفاعية أولاً.
ويؤكد أي شخص تعامل عن قرب مع إيمري على أنه دائماً ما يهتم بأدق التفاصيل، ويعقد اجتماعات مطولة وجلسات تحليل مع اللاعبين، ويهتم كثيراً بالنظام الغذائي للاعبين. وعلاوة على ذلك، قام إيمري بتعديل النظام الذي يتبعه الفريق خلال المباريات التي تقام على ملعبه، حيث يقيم الفريق الآن في فندق خلال الليلة التي تسبق المباراة، ويعقد اجتماعه المطول مع اللاعبين قبل المباراة هناك، وهو الأمر الذي يشعر إيمري بأنه ساعد في تدعيم وتقوية العلاقات بين اللاعبين.
وهناك سؤال آخر يجب طرحه في هذا الصدد: كيف يمكن لمدير فني أن يطور أداء لاعب عائد إلى فريقه بعدما نجح في الفوز بكأس العالم مع منتخب بلاده ويساعده على تقديم مستويات أفضل؟ فعلى الرغم من أن أولي واتكينز هو أبرز مثال على تطور مستوى اللاعبين تحت قيادة إيمري – لم يساهم أي لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في أهداف أكثر من واتكينز منذ نهاية كأس العالم (11 هدفاً وثلاث تمريرات حاسمة) – إلا أن حارس المرمى الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز يجسد الخطوات الدقيقة التي يتبعها إيمري لتطوير أداء اللاعبين. لقد اجتمع خافي غارسيا، مدرب حراس المرمى الذي تربطه علاقة وثيقة بإيمري منذ العمل سوياً في إشبيلية، مع مارتينيز، الذي سبق وعمل معه في آرسنال، وطلب منه تغيير طريقة لعبه بما يتناسب مع أسلوب إيمري في بناء الهجمات من الخلف. لذلك، عمل مارتينيز على تحسين اللعب بالقدمين، وتطوير تمركزه وتحركاته عندما يتحرك جناح الفريق المنافس، على سبيل المثال، لإرسال كرة عرضية.
من المعروف أن إيمري وأوستن ماكفي، مدرب الكرات الثابتة في أستون فيلا، يقضيان أربع أو خمس ساعات في مشاهدة مقاطع فيديو مع اللاعبين لتحسين تحركاتهم. ويلعب أنطونيو «رودري» سارافيا، المهاجم السابق ومدرب الأداء الفردي بالنادي حالياً، دوراً كبيراً في ملعب التدريب، وحتى خارج الملعب أمضى بعض الوقت مع واتكينز لمشاهدة وتحليل مقاطع فيديو لإدينسون كافاني وبيير إيمريك أوباميانغ وكارلوس باكا، الذين تألقوا بشدة تحت قيادة إيمري في باريس سان جيرمان وآرسنال وإشبيلية على التوالي. وأخبر إيمري، واتكينز، الذي أعلن العام الماضي عن رغبته في التطور حتى يصبح مهاجماً خطيراً، بضرورة التركيز على التحرك بالقرب من منطقة جزاء المنافسين، بدلاً من إهدار مجهوده في الركض بلا هدف على الأطراف.
لقد تحرك أستون فيلا بشكل شجاع وجريء - ولكن بشكل محسوب ومدروس أيضاً - في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة. وعلى الرغم من أن الأندية الأخرى التي كانت مهددة بالهبوط بدأت تتصرف بحالة من الذعر والقلق، ظل أستون فيلا هادئاً. لقد باع داني إنغز إلى وستهام، وسمح لمهاجم المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً كاميرون آرتشر بالانضمام إلى ميدلسبره على سبيل الإعارة، على الرغم من تلك الخطوات جعلت واتكينز هو المهاجم الوحيد في الفريق، إلى جانب اللاعب الشاب جون دوران، الذي تعاقد معه أستون فيلا في يناير (كانون الثاني) الماضي. وعاد برتراند تراوري بعد نهاية فترة إعارته مع نادي باشاك شهير التركي.
وخلال الصيف الماضي، استفاد أستون فيلا من بيع مات تارغيت إلى نيوكاسل، وكارني تشوكويميكا إلى تشيلسي بعدما رفض اللاعب التوقيع على عقد جديد. ووصل صافي إنفاق أستون فيلا خلال الموسمين الماضيين - مدعوماً ببيع جاك غريليش إلى مانشستر سيتي – إلى 41 مليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ زهيد للغاية بالمقارنة بما تنفقه أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولم يخسر أستون فيلا في مبارياته الثمانية الأخيرة، وحقق الفوز في خمس مباريات متتالية قبل أن يلعب أمام برنتفورد يوم السبت. من المعروف أن إيمري يضع معايير صارمة لا يمكن انتهاكها بأي حال من الأحوال، وغالباً ما يقوم هو وباقي أفراد الجهاز الفني بإبلاغ اللاعبين بما يتعين عليهم القيام به حتى في أيام العطلة المحددة. وتدرك جماهير النادي جيداً أن أستون فيلا سيلعب آخر مباراتين في هذا الموسم أمام ليفربول وبرايتون، وهما الفريقان اللذان يعدان منافسين مباشرين على المقاعد المؤهلة للمشاركة في البطولات الأوروبية الموسم المقبل.
ولم يكن من الغريب أن يعلن كريستيان بورسلو، الرئيس التنفيذي لأستون فيلا، عن أن التعاقد مع إيمري هو أهم خطوة اتخذها النادي منذ صعوده للدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2019، لقد كان مجلس إدارة النادي واثقاً من أنه تعاقد مع مدير فني من الطراز العالمي، لكنه لم يكن يتوقع أن ينجح إيمري سريعاً لقيادة النادي للوصول إلى مستويات أندية النخبة. وقال إيمري عن ذلك: «نحن الآن نحلم دائماً، لأنه من المهم التفكير في كيفية التطور والتحسن بشكل مستمر. يتعين عليك أن تواجه أحلامك».


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.