إضاعة الوقت تطارد كرة القدم منذ 140 عاماً

ادعاء الإصابة وتضييع الوقت مشكلة لم يستطع الحكام حلها (رويترز)
ادعاء الإصابة وتضييع الوقت مشكلة لم يستطع الحكام حلها (رويترز)
TT

إضاعة الوقت تطارد كرة القدم منذ 140 عاماً

ادعاء الإصابة وتضييع الوقت مشكلة لم يستطع الحكام حلها (رويترز)
ادعاء الإصابة وتضييع الوقت مشكلة لم يستطع الحكام حلها (رويترز)

لا تعد إضاعة الوقت قضية أو ظاهرة جديدة في عالم كرة القدم. لقد حاول نوتنغهام فورست ذات مرة (ودون جدوى) التقدم بطلب لإلغاء هزيمته في إحدى مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي؛ لأن الفريق المنافس كان يضيع الوقت بشكل وقح، وكان ذلك في عام 1885. ومؤخراً، شهدت بداية موسم 1971- 1972 ما تسمى «ثورة الحكام»، عندما صدرت أوامر للحكام بأن يكونوا أكثر حزماً، بعد أن -وفقاً للكاتب المتخصص في شؤون كرة القدم في صحيفة «الغارديان» سابقاً، ديفيد لاسي- «طورت بعض الفرق تضييع الوقت، وحولته إلى فن جيد».
وفي عام 1982، كلفت رابطة كرة القدم لجنة مكونة من 3 نجوم -بوبي تشارلتون، والسير مات بيسبي، وجيمي هيل- بتقديم أفكار جديدة لتطوير كرة القدم، والتخلص من ظاهرة إهدار الوقت. ومن المفارقات أنه قد تم إهدار وقت هذه اللجنة نفسها، وتم تجاهل الحلول المقترحة بالكامل! وفي عام 1992، دفعت هذه القضية رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) آنذاك، سيب بلاتر، إلى التحلي بلحظة نادرة من البصيرة الحقيقية؛ حيث قال: «يطلب المديرون الفنيون من لاعبيهم ادعاء الإصابة في بعض الأوقات، وهو شكل من أشكال إضاعة الوقت حتى يمكنهم إعادة تنظيم صفوف فرقهم. هذا شكل من أشكال الغش».
وللأسف، كانت يدا بلاتر -وفي الواقع جيوبه– مشغولتين؛ بحيث لم يتمكن من فعل أي شيء حيال ذلك. وعلى مدى العقود الثلاثة التالية، تفاقمت المشكلة بشكل كبير، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تقليل الوقت الحقيقي الذي تُلعب فيه المباريات. وفقاً لشركة «أوبتا» المتخصصة في إحصائيات كرة القدم. فقبل نهاية الأسبوع الماضي كان متوسط زمن المباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم قد وصل إلى 89 دقيقة و14 ثانية، بما في ذلك الوقت المحتسب بدل الضائع. ومن بين هذا الوقت الإجمالي، فإن متوسط الوقت الذي لعبت فيه الكرة قد وصل إلى 54 دقيقة و47 ثانية فقط، لتكون هذه هي المرة الأولى منذ موسم 2010- 2011 التي يقل فيها هذا الرقم إلى أقل من 55 دقيقة ونصف دقيقة. وخلال الصيف الماضي، صدرت تعليمات للحكام بالتعامل بحزم مع إضاعة الوقت، وهذا أمر جيد في حد ذاته.
واستمرت 4 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز أقل من نصف الوقت المفترض، إذ وصل الوقت الفعلي للعب إلى أقل من 44 دقيقة. وكان الفارق بين أقصر مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن هذا الموسم، من حيث الوقت الفعلي للعب، (المباراة التي فاز فيها أستون فيلا على برنتفورد برباعية نظيفة)، وأطول مباراة (المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على ساوثهامبتون بأربعة أهداف دون رد) قد وصل إلى 24 دقيقة و39 ثانية، على الرغم من أن المباراتين لُعبتا في الشهر نفسه، وانتهت كل منهما بالنتيجة نفسها.
لا يعود السبب في ذلك إلى إضاعة الوقت فقط، فالمباريات التي يكون أحد طرفيها فريقاً يعتمد على الاستحواذ المستمر على الكرة، من المرجح ألا تتوقف كثيراً، وبالتالي لم يكن من قبيل المصادفة أن أطول 5 مباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم من حيث اللعب الفعلي كان مانشستر سيتي طرفاً فيها. وينطبق الأمر نفسه أيضاً في دوري الدرجة الأولى؛ حيث كانت مباريات بيرنلي هي الأطول من حيث الوقت الفعلي للعب. لكن هذا وحده لا يمكن أن يفسر السبب في أن الوقت الفعلي للمباريات التي أقيمت على ملعب «الاتحاد» يقل بنحو 22 دقيقة فقط عن الوقت الفعلي للمباريات التي لعبت على ملعب نيويورك في روثرهام، على الرغم من أن هذا الملعب شهد إقامة 5 مباريات إضافية كاملة، أي 8 ساعات و14 دقيقة إضافية، بما في ذلك الوقت المحتسب بدل الضائع!
من المؤكد أن روثرهام حالة متطرفة، فخلال المباراة التي أقيمت على ملعبه أمام كوينز بارك رينجرز الشهر الماضي، كان الوقت الفعلي للعب الكرة هو 40 دقيقة و16 ثانية فقط، وهو الأمر الذي جعلها أقصر مباراة بين جميع مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى هذا الموسم. وكانت ثاني أقصر مباراة هي التي لعبها روثرهام أيضاً أمام برمنغهام. وعندما سافر روثرهام إلى واتفورد حصل الفريق على أول بطاقة صفراء لإضاعة الوقت في الدقيقة 30 من عمر اللقاء! وعلى ملعب «تيرف مور» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سجل بيرنلي هدفين في الـ12 دقيقة المحتسبة وقتاً بدل الضائع، ليفوز بيرنلي بثلاثة أهداف مقابل هدفين. وقال المدير الفني لروثرهام، مات تايلور، بعد المباراة: «هل حصل أي لاعب على بطاقة صفراء بسبب إضاعة الوقت؟ لو كان هناك 4 أو 5 بطاقات بسبب إضاعة الوقت، كنت سأوافق تماماً على احتساب وقت بدل ضائع لمدة 10 أو 12 دقيقة! ولم أكن لأشتكي من ذلك. حقيقة أنه لم يحصل أي لاعب على أي بطاقة بسبب إهدار الوقت تشير إلى أن حكم اللقاء قد احتسب الوقت بدل الضائع بشكل غير صحيح».
وهنا تكمن المشكلة؛ لأنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى طريقة مناسبة لاحتساب الوقت بدل الضائع بشكل صحيح، ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي عدد من الدقائق الإضافية أن يعوض الفريق الذي يسعى لتحقيق الفوز عن توقف المباراة عدة مرات لفترات طويلة، بالشكل الذي يؤثر على سرعة ورتم المباريات. بالإضافة إلى ذلك، فلكي يتم إجبار الفريق الحالي لروثرهام على لعب العدد الفعلي لدقائق المباريات كاملة، فسيتعين على الحكم إضافة أكثر من 97 دقيقة وقتاً محتسباً بدلاً من الضائع، وهو أمر غير ممكن على الإطلاق من الناحية العملية.
على مدار 140 عاماً، لم يتوصل أحد إلى حل حقيقي لهذه المشكلة، وعلى الرغم من التفكير العميق في هذا الأمر فقد فشلت أنا أيضاً في الوصول إلى حل. واقتراحي المفضل للقضاء على هذه الظاهرة هو: بعد أول مخالفة لإضاعة الوقت، يقوم الحكم بإنذار قائد الفريق؛ وبعد ثاني مخالفة يقوم الحكم بإشهار البطاقة الصفراء في وجه قائد الفريق؛ وبعد المخالفة الثالثة يشهر الحكم البطاقة الصفراء في وجه جميع لاعبي الفريق، وهو ما قد يعني طرد قائد الفريق وربما عدد آخر من زملائه، وهو ما قد يعني إلغاء المباراة وعدم استكمالها في نهاية المطاف. من الواضح أن هذا الأمر قد يتسبب في كثير من المشكلات الجديدة، وربما في بعض أعمال الشغب؛ لكنني أعتقد أنه سيشجع الجميع على عدم إهدار الوقت.
من المؤكد أن إهدار الوقت شيء سيئ؛ لكن ما دامت هذه الظاهرة مستمرة كما هي، فإن أي مدير فني يشجع لاعبيه على مواصلة اللعب بالقوة والحماس نفسيهما، على الرغم من أن ذلك قد يعرضه للخسارة في نهاية المطاف، هو مدير فني ساذج!


مقالات ذات صلة

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

رياضة عالمية أموريم عمل على توجيه لاعبي يونايتد أكثر من مرة خلال المباراة ضد إيبسويتش لكن الأخطاء تكررت (رويترز)

أموريم لا يملك عصا سحرية... ومانشستر يونايتد سيعاني لفترة طويلة

أصبح أموريم ثاني مدير فني بتاريخ الدوري الإنجليزي يسجل فريقه هدفاً خلال أول دقيقتين لكنه لم يفلح في الخروج فائزاً

رياضة عالمية ساوثغيت (أ.ب)

ساوثغيت: لن أقصر خياراتي المستقبلية على العودة إلى التدريب

يقول غاريث ساوثغيت إنه «لا يقصر خياراته المستقبلية» على العودة إلى تدريب كرة القدم فقط.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية النتائج المالية شهدت انخفاض إجمالي إيرادات يونايتد إلى 143.1 مليون جنيه إسترليني (رويترز)

مانشستر يونايتد يحقق نحو 11 مليون دولار في «الربع الأول من 2025»

حقق مانشستر يونايتد أرباحاً خلال الربع الأول من «موسم 2024 - 2025»، رغم إنفاق 8.6 مليون جنيه إسترليني (10.8 مليون دولار) تكاليفَ استثنائية.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أندريه أونانا (رويترز)

أونانا حارس يونايتد يفوز بجائزة إنسانية لعمله الخيري في الكاميرون

فاز أندريه أونانا حارس مرمى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بجائزة الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين (فيفبرو) لإسهاماته الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية سجل صلاح 29 % من إجمالي أهداف ليفربول هذا الموسم (أ.ف.ب)

محمد صلاح... الأرقام تؤكد أنه يستحق عقداً جديداً مع ليفربول

لطالما كانت مجموعة فينواي الرياضية تتمحور حول الأرقام.

The Athletic (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.