فيضانات الصومال ترغم 140 ألفاً على النزوح

الأمطار لم تبدد خطر الجفاف و«المجاعة الشاملة»

قالت الأمم المتحدة إن الفيضانات بوسط الصومال أثرت على ما يقرب من مليون شخص وشردت نحو 400 ألف شخص (أ.ب)
قالت الأمم المتحدة إن الفيضانات بوسط الصومال أثرت على ما يقرب من مليون شخص وشردت نحو 400 ألف شخص (أ.ب)
TT

فيضانات الصومال ترغم 140 ألفاً على النزوح

قالت الأمم المتحدة إن الفيضانات بوسط الصومال أثرت على ما يقرب من مليون شخص وشردت نحو 400 ألف شخص (أ.ب)
قالت الأمم المتحدة إن الفيضانات بوسط الصومال أثرت على ما يقرب من مليون شخص وشردت نحو 400 ألف شخص (أ.ب)

أكدت الأمم المتحدة أن أكثر من 140 ألف شخص أجبروا على الفرار من منازلهم في الصومال بسبب الفيضانات الكبيرة التي تجتاح البلاد منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، في ظل تحذيرات من الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش من «مجاعة شاملة» في هذا البلد من شرق أفريقيا.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة لإغاثة الأزمات أن نحو 175 ألف شخص تضرروا من الفيضانات في البلد الذي كان يواجه أزمة جفاف حادة بسبب القحط، مضيفاً أن مقاطعتي جدو وباي بجنوب البلاد هما الأكثر تضرراً بالفيضانات المفاجئة نتيجة موسم الأمطار، الذي يستمر عادة في القرن الأفريقي من مارس (آذار) إلى يونيو (حزيران) من كل عام.
ومن المرجح أن يتسبب الطقس في تفاقم الوضع الإنساني. وتنتشر في الصومال الكوليرا والأمراض الأخرى التي تنتقل عن طريق المياه الملوثة. ورغم الفيضانات، يتوقع مركز خدمة الطقس في شرق أفريقيا «أيباك» أن يكون موسم الأمطار الحالي أقل من المتوسط ويحذر من أن الجفاف الشديد على مستوى البلاد لن ينتهي بالطقس الرطب. وفشلت عدة مواسم مطيرة متتالية في حل أزمة الجفاف. وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من أربعة ملايين رأس من الماشية والماعز نفقت نتيجة الجفاف منذ منتصف عام 2021، ويعاني نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم 17 مليون نسمة من نقص الغذاء.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة صرح الأربعاء من مقديشو بأن الصومال يعاني تداعيات أزمة مناخية لم يتسبب فيها بأي حال، إذ يواجه خطر حدوث مجاعة شاملة عقب جفاف أزهق أرواح 43 ألفاً العام الماضي. وأوضح أن نحو 8.3 مليون صومالي يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مضيفاً أنه تمت تلبية 15 في المائة فقط من متطلبات المساعدات البالغة قيمتها 2.6 مليار دولار لهذا العام. وقال: «حينما تلوح المجاعة في الأفق، يكون هذا غير مقبول إطلاقاً». وقد كان يتحدث مع الصحافيين بعد زيارة لمخيم في بيدوة بجنوب غربي الصومال للنازحين من جراء الجفاف والقتال بين «حركة الشباب» الموالية لتنظيم «القاعدة»، وقوات الحكومة.
وقال: «من غير المعقول أن يعاني الصوماليون الآثار الفظيعة لأزمة مناخ لم يتسببوا فيها بأي حال من الأحوال... يشيع تغير المناخ الفوضى». وذكر أن الجفاف تسبب في تشريد 1.4 مليون صومالي يشكل النساء والأطفال 80 في المائة منهم، وذلك بعد خمسة مواسم متتالية لم تهطل فيها الأمطار.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي ذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي يضع المعايير العالمية لتحديد مدى خطورة أزمة الغذاء، أن الصومال تجنب المجاعة مؤقتاً، لكنه حذر من أن الوضع يزداد سوءاً.
وقال السفير الأميركي لدى الصومال لإذاعة «صوت أميركا» في مارس (آذار) الماضي، إن هجوماً حكومياً كبيراً مدعوماً بفصائل مسلحة تابعة لعشائر متحالفة مع الحكومة أدى إلى استعادة نحو ثلث الأراضي التي تسيطر عليها «حركة الشباب».
وتقول الحكومة إنها قتلت ثلاثة آلاف مقاتل من الحركة منذ إطلاق الهجوم العام الماضي، لكن الجماعة المسلحة دأبت على إظهار قدرتها على الرد من خلال هجمات مميتة على مقديشو.
ومن المتوقع أن يبدأ الجيش وحلفاؤه في الأسابيع المقبلة مرحلة ثانية من العملية المدعومة من البعثة الانتقالية للاتحاد الأفريقي في الصومال.


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص خلال مشاركة «أمازون» في مؤتمر «ليب 24» وإعلانها عن استثمارات ضخمة في السعودية (الشرق الأوسط)

خاص «أمازون»: السعودية والإمارات الأسرع نمواً في التجارة الإلكترونية

كشف مسؤول في شركة «أمازون» أن المنطقة تشهد تطورات مهمة فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والإمارات هما أسرع الأسواق نمواً.

عبير حمدي (الرياض)
خاص كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

خاص الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

لا تُعد الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة.

نسيم رمضان (دبي)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.