منظمتان حقوقيتان: إيران استخدمت عقوبة الإعدام لبث الخوف بعد الاحتجاجات

ارتفاع عدد الحالات بنسبة 75 % العام الماضي... وتحذيرات من رقم قياسي في 2023

أميري مقدم ورافايل شونوي-أزان إن خلال مؤتمر صحافي أمس (منظمة حقوق الإنسان في إيران)
أميري مقدم ورافايل شونوي-أزان إن خلال مؤتمر صحافي أمس (منظمة حقوق الإنسان في إيران)
TT

منظمتان حقوقيتان: إيران استخدمت عقوبة الإعدام لبث الخوف بعد الاحتجاجات

أميري مقدم ورافايل شونوي-أزان إن خلال مؤتمر صحافي أمس (منظمة حقوق الإنسان في إيران)
أميري مقدم ورافايل شونوي-أزان إن خلال مؤتمر صحافي أمس (منظمة حقوق الإنسان في إيران)

قالت منظمتان حقوقيتان إن إيران اتخذت من الإعدام «آلة قتل» تهدف إلى «بث الخوف» ضد الحركة الاحتجاجية التي هزت البلاد؛ ما رفع عدد حالات الإعدام التي نُفّذت خلال العام الماضي بنسبة 75 في المائة.
وقالت منظمة «حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، ومنظمة «معاً ضد عقوبة الإعدام»، في باريس، في بيان مشترك نُشر أمس (الخميس)، إن السلطات الإيرانية نفذت 582 حكماً بالإعدام خلال عام 2022.
وأوضحت المنظمتان أن عقوبة الإعدام استخدمت «مجدداً أداة أساسية للترهيب والقمع من قبل النظام الإيراني، بهدف الحفاظ على استقرار سلطته»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
في هذا الصدد، قال مدير منظمة «حقوق الإنسان في إيران»، محمود أميري مقدم: «من أجل بث الخوف في نفوس السكان والشباب المحتجين، كثفت السلطات من عمليات إعدام السجناء المحكومين لأسباب غير سياسية». وأضاف: «من أجل وقف آلة القتل التي يستخدمها النظام الإيراني، يجب على المجتمع الدولي والمجتمع المدني (...) إظهار معارضتهما بنشاط كلما أعدم شخص في البلد».

وصرح أميري مقدم بأنه بينما ركّز رد الفعل الدولي على وقف عمليات الإعدام المتعلقة بالاحتجاجات، كانت إيران تمضي قدماً في تنفيذ أحكام الإعدام بتهم أخرى، لردع الناس عن الاحتجاج.
ومنذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2022، هزت الاحتجاجات إيران على مدى أسابيع بعد وفاة الشابة مهسا أميني التي أوقفتها «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب».
وقمعت السلطات الإيرانية الحركة الاحتجاجية بعنف، وارتبطت 4 عمليات إعدام شنقاً بها مباشرة؛ ما أثار إدانات دولية.
وبحسب التقرير، فإنه بعد إعدام الرجال الأربعة بتهم تتعلق بالاحتجاجات، يواجه 100 متظاهر آخر خطر الإعدام بعد الحكم عليهم به، أو بتهم يعاقب عليها بالإعدام.
- قفزة دراماتيكية
و582 حالة إعدام أكبر عدد، بعد تنفيذ 972 حالة في 2015، في رقم قياسي سجلته إيران بالتزامن مع التوصل للاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وكان الرئيس الحالي، إبراهيم رئيسي، یتولى منصب المدعي العام في البلاد.
وحذر أميري مقدم من ارتفاع عدد الإعدامات بشكل كبير في عام 2023 إذا لم يتصرف المجتمع الدولي، منوهاً بأن «كل إعدام في إيران سياسي، بغض النظر عن التهم الموجهة إليه»، واصفاً مَن أُعدموا بتهم تتعلق بالمخدرات أو القتل بأنهم «ضحايا التكلفة المنخفضة» لـ«آلة القتل» الإيرانية.
وتعرف «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، منذ سنوات، بمراقبة حالات الإعدام من كثب، وهي تجمع المعلومات عن أسر السجناء، ومحامين وناشطين في مجال حقوق الإنسان، وموظفين متطوعين داخل السجون الإيرانية.
وقال أميري مقدم إنه مع وجود أكثر من 150 عملية إعدام في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام وحده، فإن الإجمالي لعام 2023 قد يكون الأعلى في نحو عقدين من الزمن، متجاوزاً حتى عدد الإعدامات في 2015.
وأكد التقرير أن مئات المعتقلين محكومون حالياً بالإعدام أو يخضعون للمحاكمة بتهم يُعاقب عليها بالإعدام. وارتفع أيضاً عدد الإدانات في قضايا تهريب المخدرات بشكل حاد، في حين أدى تراجعها المرتبط بتعديل في عام 2017 لقانون الاتجار بالمخدرات إلى انخفاض كبير في حالات الإعدام حتى عام 2021.
أكثر من نصف الذين أُعدِموا بعد بدء الاحتجاجات، و44 في المائة من الإعدامات المسجلة في عام 2022 كانوا مرتبطين بالمخدرات، أي ما يساوي ضعف أرقام عام 2021، و10 أضعاف أرقام عام 2020.
في هذا الصدد، ندد معدو التقرير بعدم تحرك «مكتب الأمم المتحدة» المعني بالمخدرات والجريمة.
- ضغط دولي
قال مدير منظمة «معاً ضد عقوبة الإعدام»، رافايل شونوي - أزان، إن «عدم استجابة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لا يبعث بالرسالة الصحيحة إلى السلطات الإيرانية».
وأضاف أن «إلغاء عقوبة الإعدام للجرائم المتعلقة بالاتجار بالمخدرات يجب أن يكون شرطاً أساسياً للتعاون المستقبلي بين (مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة) وإيران».
وفق التقرير، يمثل أعضاء الأقلية البلوشية، ومعظمهم من السنَّة، 30 في المائة من الذين نُفذت فيهم أحكام بالإعدام، مع أنهم يشكلون نحو 6 في المائة فقط من سكان إيران. ولوحظ هذا التفاوت أيضاً عند الأقليات الكردية والعربية.
وأضاف أن «عقوبة الإعدام جزء من التمييز المنهجي والقمع واسع النطاق الذي تتعرض له الأقليات العرقية في إيران».
وأورد التقرير أن عقوبة الإعدام «وسيلة ضغط، وعلى نطاق أوسع أداة قمع لإدارة الإشكاليات الاجتماعية في البلد»، مشيراً إلى أن 288 من الإعدامات (تشكل 49 في المائة من العدد الإجمالي) تم تبريرها بقضايا جرائم قتل، في أعلى رقم منذ 15 عاماً. ولفت التقرير إلى أن شخصَين، أحدهما المحتج مجيد رضا رهنورد، أُعدِما شنقا في ساحة عامة. وكان 3 أشخاص من الذين أُعدموا قاصرين، و16 من النساء.
يجيز قانون الجزاء الإيراني الإعدام بطرق تشمل الرمي بالرصاص والرجم وحتى الصلب، لكن في السنوات الأخيرة نُفِذت جميع عمليات الإعدام شنقاً.
قال مدير منظمة «معاً ضد عقوبة الإعدام» إن إيران تعدم أشخاصاً سنوياً أكثر من أي دولة أخرى غير الصين (التي لا تتوفر عنها بيانات دقيقة) وتتناسب مع عدد سكانها أكثر من أي دولة في العالم. وتابع: «لطالما استخدمت إيران عقوبة الإعدام منذ عام 1979 (الثورة) بطريقة منهجية ومهمة».يأتي هذا التقرير الجديد بعدما قال المقرر الخاص بحالة حقوق الإنسان في إيران، جافيد رحمن الشهر الماضي بأن الانتهاكات الحقوقية التي تشهدها إيران منذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة هي «الأسوأ» منذ أربعة عقود.
وأضاف رحمن أن نطاق وفداحة الجرائم التي ارتكبتها السلطات في إطار حملة قمع أوسع ضد الاحتجاجات بعد وفاتها «يشيران إلى احتمال ارتكاب جرائم دولية، ولا سيما الجرائم ضد الإنسانية»، وأضاف، أمام مجلس حقوق الإنسان: «لا يمكن إذاً تجاهل مسؤولية كبار المسؤولين».
ورفضت طهران تقرير المقرر الأممي الذي لا تسمح له بزيارة طهران، وقال السفير الإيراني علي بحريني في مجلس حقوق الإنسان إن «المزاعم خيالية، وإن المجلس يستهدف بلاده». وتابع قائلاً: «يحاولون تصوير تخيلاتهم على أنها حقيقة الوضع في إيران».


مقالات ذات صلة

إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

شؤون إقليمية إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

إيران تبدأ استخدام الكاميرات الذكية لملاحقة مخالفات قانون الحجاب

بدأت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت)، استخدام الكاميرات الذكية في الأماكن العامة لتحديد هويات مخالِفات قانون ارتداء الحجاب، بحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء. وسوف تتلقى النساء اللاتي يخالفن القانون رسالة تحذيرية نصية بشأن العواقب، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وتقول الشرطة إن الكاميرات التي تتعقب هذه المخالفة لن تخطئ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية منظمتان حقوقيتان: إيران استخدمت عقوبة الإعدام لبث الخوف بعد الاحتجاجات

منظمتان حقوقيتان: إيران استخدمت عقوبة الإعدام لبث الخوف بعد الاحتجاجات

قالت منظمتان حقوقيتان إن إيران اتخذت من الإعدام «آلة قتل» تهدف إلى «بث الخوف» ضد الحركة الاحتجاجية التي هزت البلاد، مما رفع عدد حالات الإعدام التي نُفّذت، خلال العام الماضي، بنسبة 75 في المائة. وأكدت «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، و«منظمة معاً ضدّ عقوبة الإعدام» في باريس، في بيان مشترك نُشر، الخميس، أن السلطات الإيرانية نفذت 582 حكماً بالإعدام خلال عام 2022. وأوضحت المنظمتان أن عقوبة الإعدام استُخدمت «مجدداً أداة أساسية للترهيب والقمع من قِبل النظام الإيراني؛ بهدف الحفاظ على استقرار سلطته»، وفقاً لما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية». في هذا الصدد، قال مدير «منظمة حقوق الإنسان في إ

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية إيران تفرج عن ناشط حقوقي

إيران تفرج عن ناشط حقوقي

أفرجت السلطات الإيرانية اليوم (الثلاثاء) عن الناشط الحقوقي مصطفى نيلي بعد أكثر من 5 أشهر على توقيفه خلال الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طهران ومدن أخرى، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وشهدت إيران احتجاجات واسعة أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر (أيلول) 2022 بعد توقيفها من قِبَل «شرطة الأخلاق» في طهران على خلفية «عدم التزامها القواعد الصارمة للباس المحتشم» في البلاد. وفي تغريدة عبر «تويتر» قالت المحامية زهراء مينوئي: «موكّلي المحكوم بالحبس 4 سنوات أفرج عنه عصر اليوم من سجن (رجائي شهر)». واعتُقل آلاف الأشخاص وقُتل المئات، بينهم عناصر في قوات الأمن، كما أعدم 4 أشخاص على خلفية ا

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

إيران: تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد من لا يلتزمن بالحجاب

أعلنت الشرطة الإيرانية اليوم (السبت) أن السلطات تركب كاميرات في الأماكن العامة والطرقات لرصد النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب ومعاقبتهن، في محاولة جديدة لكبح الأعداد المتزايدة لمن يقاومن قواعد اللباس الإلزامية، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت الشرطة في بيان إن المخالفات سيتلقين بعد رصدهن «رسائل نصية تحذيرية من العواقب». وجاء في البيان الذي نقلته وكالة أنباء «ميزان» التابعة للسلطة القضائية ووسائل إعلام حكومية أخرى أن هذه الخطوة تهدف إلى «وقف مقاومة قانون الحجاب»، مضيفا أن مثل هذه المقاومة تشوه الصورة الروحية للبلاد وتشيع انعدام الأمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ السجن لأميركية إيرانية «خُدعت» فمولت مؤامرة اختطاف مسيح علي نجاد

السجن لأميركية إيرانية «خُدعت» فمولت مؤامرة اختطاف مسيح علي نجاد

في صيف عام 2020، تلقت نيلوفر بهادوريفار، وهي أميركية من أصول إيرانية، رسالة من شخص في وطنها يطلب منها إرسال أموال إلى حساب «باي بال» لشخص في مانهاتن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.


الكنيست يوسّع صلاحيات الجيش و«الشاباك» لاختراق كاميرات مدنية

كاميرات مراقبة منزلية تعمل على بروتوكول الإنترنت (بيكساباي)
كاميرات مراقبة منزلية تعمل على بروتوكول الإنترنت (بيكساباي)
TT

الكنيست يوسّع صلاحيات الجيش و«الشاباك» لاختراق كاميرات مدنية

كاميرات مراقبة منزلية تعمل على بروتوكول الإنترنت (بيكساباي)
كاميرات مراقبة منزلية تعمل على بروتوكول الإنترنت (بيكساباي)

أقرّ الكنيست الإسرائيلي، الأربعاء، بالقراءة النهائية مشروع قانون حكومياً يتيح للجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) اختراق أنظمة كاميرات المراقبة المدنية سراً، وذلك بأغلبية 10 أصوات دون معارضة، عبر تمديد إجراء مؤقت لمدة عام إضافي، كان قد أُقرّ عقب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»

ويمنح القانون الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة للتدخل في البنية التقنية لكاميرات المراقبة الخاصة، دون الحاجة إلى أمر قضائي، وهو ما فجّر موجة انتقادات حادة من منظمات حقوقية وخبراء قانونيين، اعتبروا أن التشريع يشكّل انتهاكاً غير مسبوق للحق في الخصوصية ويقوّض الضمانات القانونية في دولة تُعرّف نفسها بأنها ديمقراطية.

وكان الإجراء المؤقت، في صيغته الأولى، محصوراً بحالات الطوارئ المرتبطة بالحرب على غزة، ويهدف إلى منع جهات معادية من الوصول إلى محتوى بصري قد يهدد الأمن القومي أو العمليات العسكرية. غير أن التمديد الأخير فصل هذه الصلاحيات عن حالة «العمليات العسكرية الكبرى»، ما يعني استمرار العمل بها حتى في غياب وضع حربي فعلي.

وبرّرت الحكومة هذا التمديد، في المذكرة التفسيرية لمشروع القانون، بتصاعد التهديدات السيبرانية ومحاولات اختراق أنظمة مدنية، معتبرة أن ذلك «يستدعي الإبقاء على أدوات إضافية للتعامل مع وصول عناصر معادية إلى معلومات مرئية تُنتجها كاميرات ثابتة». وجاء هذا التوجه، وفق مراقبين، على خلفية اختراق حساب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على تطبيق «تلغرام» من قبل قراصنة إيرانيين.

لكن توقيت التمديد، ولا سيما في ظل وقف إطلاق النار في غزة، أثار اعتراضات واسعة في الأوساط القانونية والحقوقية. وقال المحامي حاييم رافيا، أحد أبرز خبراء الخصوصية والقانون السيبراني في إسرائيل، إن «التشريع مقلق للغاية؛ لأنه يمنح الجيش، وللمرة الأولى، سلطة العمل داخل الممتلكات والمساحات المدنية».

وأضاف، في تصريحات صحافية، أن «عدم إخضاع هذه الصلاحيات لرقابة قضائية يثير تساؤلات جدية»، مشيراً إلى أن تمديد الإجراء «يفتقر إلى مبررات واضحة، ويفتح الباب أمام انتهاك خطير لخصوصية المواطنين». ولفت إلى أن القانون لا يفرض حتى إبلاغ أصحاب الكاميرات لاحقاً بتعرض أنظمتهم للاختراق.

أما جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، فقد انتقدت القانون بشدة، معتبرة أن الظروف التي برّرت الإجراء في بداية الحرب لم تعد قائمة، وأن تمديده «يفتح الباب أمام تدخل واسع في كاميرات خاصة توثّق مشاهد حساسة، والوصول إلى معلومات شخصية مخزنة على حواسيب المواطنين والمقيمين، استناداً إلى معايير فضفاضة».

وخلصت الجمعية إلى أن «فصل هذه الصلاحيات التوغلية عن حالة الأعمال القتالية يشكّل انتهاكاً غير متناسب لحقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الخصوصية»، محذّرة من تحوّل الإجراء المؤقت إلى أداة دائمة خارج نطاق الرقابة والمساءلة.