زيارة إلى الطريق التي انطلقت منها الحرب الأهلية اللبنانية

الآثار واضحة في عشرات المباني التي نخرها الرصاص

آثار الحرب على مبنى مهجور عند خط التماس في «طريق صيدا القديمة» جنوب بيروت (الشرق الاوسط)
آثار الحرب على مبنى مهجور عند خط التماس في «طريق صيدا القديمة» جنوب بيروت (الشرق الاوسط)
TT

زيارة إلى الطريق التي انطلقت منها الحرب الأهلية اللبنانية

آثار الحرب على مبنى مهجور عند خط التماس في «طريق صيدا القديمة» جنوب بيروت (الشرق الاوسط)
آثار الحرب على مبنى مهجور عند خط التماس في «طريق صيدا القديمة» جنوب بيروت (الشرق الاوسط)

على بُعد سنتين من مرور نصف قرن على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 أبريل (نيسان) 1975، ونحو 23 سنة على انتهائها، تحتفظ الطريق التي انطلقت منها شرارة الحرب، وفصلت بين المتقاتلين في منطقتي الشياح (ذات الأكثرية الشيعية) وعين الرمانة (ذات الأكثرية المسيحية) بكثير من آثار هذه الحرب، كما تحتفظ هذه الطريق المعروفة بـ«طريق صيدا القديمة» بشرارة تهدد اللبنانيين عند كل أزمة باستعادة أجواء الحرب، كما حصل في أكتوبر 2021، عندما وقعت فيها اشتباكات طائفية استُعملت فيها الأسلحة بشكل كثيف.
وعلى امتداد الشارع الذي يفصل بين المنطقتين، والذي كان بمثابة خط تماس خلال المعارك، والذي يمتد من مستديرة الطيونة حيث وقعت الاشتباكات، وصولاً إلى تقاطع كنيسة مار مخايل التي شهدت توقيع تفاهم «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في عام 2006، لا تزال آثار الحرب واضحة في العشرات من المباني التي نخرها الرصاص. بعضها مسكون، وبعضها الآخر مهجور من سنوات لأسباب مختلفة. لكن المظهر ليس وحده الدليل إلى الحرب الكامنة في نفوس اللبنانيين؛ فعلى امتداد السنوات الماضية التي تلت اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في عام 2005، لا يكاد يمر شهر أو اثنان من دون وقوع حادث طابعه طائفي بين منطقتي الشياح وعين الرمانة.
ويقول مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الحفاظ على الأمن في هذا الشارع تحديداً يستهلك كثيراً من طاقة الجيش اللبناني الذي لا يزال يحتفظ بنقاط عند مفترقات الطرق الساخنة، كما لا يمكن لعابر الشارع ألا يلاحظ الأسلاك الشائكة الجاهزة عند مفترقات الطرق لإقفالها عند الحاجة، علماً بأن عين الرمانة أقفلت مفترقات طرقها ليلاً لوقت طويل في أعقاب مواجهات الطيونة.
ويعترف رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس بأن «هاجس الحرب يسكننا دائماً». وتتبع منطقة عين الرمانة عقاريا في معظمها لبلدية الشياح، وقسم منها لبلدية فرن الشباك، وهما منطقتان بهما غالبية مسيحية كبيرة. أما المنطقة التي يعرفها اللبنانيون بالشياح، فهي تابعة لبلدية الغبيري وتسكنها أغلبية شيعية ساحقة.
ويقول غاريوس إن موقع منطقة الشياح التي كانت خط تماس، وبنتيجة الأحداث والظروف التي مرت عليها «والتي لا تزال موجودة، مثل الجمر تحت الرماد، تفرض علينا وعياً معيناً، لأن أي شيء أو تطور سلبي يمكن أن يحصل نتيجة النعرات في أي لحظة». وأضاف: «نعمل يومياً لمداراة كل الأمور، ومن كل الأوجه والنواحي، لنتمكن من الحفاظ على الجو المريح لكل اللبنانيين الذين يسكنون في المنطقة. ونعمل بوعي إلى جانب وعي الأهالي، وطبعاً بوجود الجيش اللبناني، نتخطى هذه الأحداث كل مرة وبالطريقة الأفضل».
وأكد غاريوس أن الأسباب ليست طائفية، ولم يكن الموضوع طائفياً في أي مرة، إنما السياسة ما دامت وقفت وراء الطائفية، واعتبر رئيس بلدية الشياح أن «الأغلبية الساحقة من السكان وحتى المتطرفين يتمتعون بوعي كبير ولا يريدون الحرب»، مشيراً إلى أن اللبناني «فهم الحرب، وأدرك جيداً أن الحرب بين اللبنانيين لا توصل إلا إلى طريق مسدود، ولا تفيد أي طرف».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».