«ساعات وعجائب» يستعير من الماضي لكتابة المستقبل

معرض يستكشف الفضاء وأعلى القمم ويغوص في أعماق البحار

جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
TT

«ساعات وعجائب» يستعير من الماضي لكتابة المستقبل

جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)

«نحن لا ننتج ساعات بل نبتكرها»، مقولة صرَح بها إيف بياجيه منذ عقود، مفتخراً بإنجازات دار «بياجيه» في هذا المجال، لكنها تُعبِر عن حاضر معرض «ساعات وعجائب» اليوم بشكل بليغ، وإن كان لا بد من القول إن بعض الابتكارات التي تم عرضها كانت أقرب إلى الاختراعات منها إلى أي شيء آخر. تنافس صناعها على ضخها بكل ما هو جديد وعجيب. أمر أثلج صدور المشرفين على المعرض، الذين لم يُخفوا سعادتهم بنجاحه في حفل الختام. فقد حقق نتائج لم تكن متوقعة، بدءاً من عدد الحضور الذي تعدى الـ43 ألف زائر إلى نوع الإصدارات التي تبارت شركات الساعات في عرضها وشرحها مروراً بالمشاركين الذي ارتفع عددهم من 38 شركة ساعات في العام الماضي إلى 48.
تشعر طوال الأسبوع أن جنيف كلها تحولت إلى معمل ساعات نظراً للاحتفالات والعروض والمعارض، التي احتضنتها في أماكن متفرقة على مدى سبعة أيام. أما في «باليكسبو»، حيث يقام معرض «ساعات وعجائب» فظل العجيب والثوري هما التيمة الغالبة. من ظهور أحجام جديدة غابت عن الساحة لعقود بسبب متطلبات السوق إلى التطلع إلى اختراق الفضاء وسبر أغوار الأفلاك والرغبة في تسلق أعلى القمم أو الغوص في أعماق البحار، مروراً بالبحث عن تلك النسبة الذهبية لتحديد الجمال وقانون الجاذبية. فالكل هنا يعرف أن الجوهر الكامن في التعقيدات والوظائف المتطورة لا يكتمل دون وجه يثير شغاف القلب. «كارتييه» و«شانيل» و«هيرميس» و«فاشرون كونستانتين» و«روليكس» و«مون بلان» و«بانيراي» و«آي دبليو سي» و«بارميجياني» و«فان كليف أند أربلز» وهلم جرا من الأسماء التي رسخت أسماءها في عالم الساعات والمجوهرات منذ قرون، إلى جانب أخرى دخلت المجال في السنوات الأخيرة من باب الشغف والرغبة في الاختراع، كلهم أطلقوا إصدارات إما جديدة أو متجددة. فالعديد من الشركات العريقة عادت إلى إرثها في بداية القرن العشرين أو من السبعينات والتسعينات لتضيف إليه نتائج اكتشافاتها وبحوثها الأخيرة، وتُزينه بشكل حوَل العُلب والموانئ إلى تحف تعكس قوة حرفييها وخبرائها. بالنظر إلى عدد المشاركين في المعرض هذا العام، كان لا بد أن يجد كل واحد مبتغاه أو على الأقل ما يُحرِك فضوله ويفتح جدالات فكرية وميتافيزقية. ما تستخلصه من هذه النقاشات والجدالات أن الأمل بتعافي قطاع الساعات الفاخرة تحديداً موجود.


فما رسَخه أسبوع الساعات لعام 2023 أنه رغم التغيرات السياسية والاجتماعية التي يمر بها العالم وتبُث القلق في النفوس، يبقى الترف في مأمن. الأرقام من جهتها تؤكد هذا الأمر، إذ إن مبيعات هذا القطاع تضاعفت في عام 2022 لتصل إلى 24.8 مليار فرنك سويسري.
أسعار الساعات التي طُرحت هذا العام هي الأخرى تُؤكد هذه النظرة التفاؤلية. فقد وصل سعر بعضها إلى 20 مليون دولار كما هو الحال بالنسبة لساعة «بيليونير تايملس تريجر» من شركة «جاكوب أند كو»، فيما ظلت نسبة عالية من الإصدارات المعروضة تتباين بين الـ100 ألف و500 ألف دولار. بيد أن هذا لا يعني أن كل ما صدر من معامل هذه الشركات وبيوت المجوهرات بعيد المنال يخاطب النخبة فحسب، فقد كان هناك أيضاً وعي بضرورة استقطاب جيل صاعد من الشباب، من خلال الألوان والأفكار المرحة والشقية أو الحركات والمواد الجديدة على أمل إدخاله نادي الكبار فيما بعد. «روليكس» مثلاً طرحت ساعة جديدة، «أويستر بيربيتوال» يبدو فيها الميناء وكأنه «PUZZLE». غريبة ومثيرة، لكن لا يختلف اثنان أنها ستُذيب الجليد وتفتح أبواب الحديث كلما وقعت العين عليها.
- «مون بلان»
شركة «مون بلان» أيضاً كان لها نصيب من هذه النقاشات بفضل مجموعة «صفر أكسجين». مجموعة رياضية تتوجه للمستكشفين ومتسلقي الجبال، والجديد فيها أنها تخلو من الأكسجين تماماً، وهو ما يُعتبر سبقاً وإنجازاً. من أربعة طرازات جديدة، تبرز ساعة «مون بلان 1858 - 8000 صفر أكسجين» التي انضمت إلى مجموعة «Zero Oxygen». يخلو هيكلها من الأكسجين تماماً، الأمر الذي يساعد في إزالة التكاثف الضبابي الذي يمكن أن يحدث مع التغيرات الشديدة في درجات الحرارة على الارتفاعات، كما يمنع عملية الأكسدة. وتضيف الشركة أن مكونات الساعة لا تدوم لفترة أطول من دون أكسجين فحسب، بل تحافظ على دقة ثابتة بمرور الوقت أيضاً. ما يزيد من خصوصية هذه الساعة أنها جُهِزَت بميناءٍ بالتأثير المدخن - Sfumato باللون الرمادي الداكن، وهو تقنية إيطالية قديمة تُتيح للدّرجات اللونية والألوان بدخول الظلال تدريجياً في بعضها بعضاً، مما ينتج عنه خطوط خارجية ناعمة وتشكيلاتٍ ضبابية. لإضفاء النمط الجليدي المرتبط بها، فاستخدم صانعو الميناء تقنية «كشط الخشب» - gratté - boisé كقاعدة، لتحقيقه، وهي عملية تستغرق وقتاً أطول ثلاث مرات مما يقتضيهِ أي ميناء معياري وتتطلب أكثر من 20 خطوة منفصلة.
- {شانيل}
منذ نحو 36 عاماً قطعت دار «شانيل» على نفسها عهداً أن تظل وفية لجذورها، وأن تكتب الوقت بلغتها الأنيقة والسلسة. ففي عام 1987 أطلقت أول مجموعة ساعات لها، كانت لمساتها الراقية واضحة فيها، لكنها لم تنس أبداً أن تضخها بالتقنيات المتطورة، معتمدة على مهارة حرفييها وصناعها حتى تنافس الكبار. وبالنتيجة جاءت إصداراتها مزيجاً بين المجوهرات والساعات المعقدة.
في جنيف احتفلت بمجموعة أطلقت عليها «شانيل إنترستيلر» CHANEL INTERSTELLAR تضمنت مجموعاتها الأيقونية مثل «بروميير» PREMIERE و«بوي فراند» BOY.FRIEND و«كود كوكو» CODE COCO و«جي12» J12. وفيها التقت عوالم الخيال العلمي والفضاء والسفر عبر الزمن. كان بُعدها مستقبلياً أكثر منه عودة إلى الماضي أو حنيناً إليه، علماً بأن النجوم والأفلاك والمذنبات وكل ما يدور في السماء خيط من الخيوط التي تربط كل أقسام الدار بالمؤسِسة غابرييل شانيل. فالقصة تقول إنها منذ أن كانت طفلة تعيش في ملجأ للأيتام بعد وفاة والدتها، كانت تسهر لتراقب حركة النجوم في السماء بعيون مفتوحة وفضول حولته فيما بعد إلى إبداعات. ساعات «سبايشل تامبوريل» من مجموعة «جي 12» مثلاً من التصاميم الاستثنائية التي تلعب على الأسود والأبيض، من خلال الذهب الأبيض والماس. جمال وجهها يُخفي تعقيدات تقنية عالية، بدءاً من هيكل السيراميك شديد الصلابة إلى ميناء من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطاً مرصّعاً بـ41 ماسة قطع باغيت.
- «آي دبليو سي شافهاوزن»
من جهتها، قدمت دار آي دبليو سي شافهاوزن إصدار توب غان «Oceana»، أول ساعة بايلوت كرونوغراف من سيراميك أكسيد الزركونيوم الأسود بقُطر يبلغ 41 مم. استلهمت السيراميك الأسود الداكن الذي استعملته فيها من الأجزاء التقنية للطائرات النفاثة الأسرع من الصوت، فضلاً عن أنها تعتبر من المواد المميزة لساعات توب غان منذ إطلاق المجموعة في عام 2007. أكثر ما يلفت النظر إليها إلى جانب موادها، لونها الذي جاء نتيجة تعاونها مع شركة RPantone وتم استلهامه من زي البحرية الأميركية، وزي الطيارين الذين يستعملونه عند قيامهم بمهام شاقة على متن حاملات الطائرات. اصطبغ كل من الكرونوغراف والميناء بالأزرق كذلك السوار المطاطي المكسو ببطانة قماشية مع تشطيب دينيم، بينما جاءت الأزرار الانضغاطية وخلفية العلبة من التيتانيوم خفيف الوزن لتكمل شخصيتها الرياضية.
- {بارميجياني فلورييه}
في جناح «بارميجياني فلورييه» لم تختلف القصة. هنا أيضاً كان الجديد: من ساعة «توندا بي إف مينيت راترابانت» - «Tonda PF Minute Rattrapante» إلى ساعة «توندا بي إف جي إم تي راترابانت روز جولد» - «TONDA PF GMT RATTRAPANTE ROSE GOLD»، التي تعود في عام 2023 بإصدار متكامل من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً، مزينةً بميناء بلون أزرق ميلانو يظهر عليه تضفير «غيوشيه» دقيق بنمط حبة الشعير.
تبدو الساعة متواضعةً للوهلة الأولى، مع عقربين، للساعات والدقائق يطوفان حول الميناء، ولكنها سرعان ما تكشف عن تعقيد ميكانيكي يقوم بتشغيل عقربَين متراكِبَين، أحدهما من الذهب المطلي بالروديوم والآخر من الذهب الوردي. يؤدي الضغط على الزر الضاغط الواقع عند موضِع الساعة 7 إلى أداء العقرب المصنوع من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً والمخصص للتوقيت المحلي لقفزةٍ مدتها ساعة واحدة كاشفاً عن العقرب الذهبي المطلي بالروديوم، الذي يعرض وقت الموطِن. بمجرد عدم الحاجة إلى معلومات الوقت المزدوج، يؤدي الضغط على الزرّ الضاغط المدمج في التاج إلى عودة العقرب إلى مكانه. تتوجه الساعة للرحّالة وعشاق السفر والمغامرات.


- {فاشرون كونستانتين}
«لي كابينوتييه ديوال مون غراند كومبليكايشن» حركة جديدة من صنع «فاشرون كونستانتين» تحتضن 11 تعقيداً، مما يجعلها من أكثر التعقيدات تطوراً في صناعة الساعات. كان الهدف المبدئي من ابتكار هذه الساعة هو تكريم القمر الأصلي. فغالباً ما يتم إنزال عرض القمر إلى الخلفية، لكنه هنا يتموضع في المُقدمة ويؤكد حضوره اللافت للنظر بفضل اللون والحجم. ونظراً لأن الفكرة كانت أيضاً تقديم رؤية للقمر الصناعي للأرض كما يظهر في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، فإن مؤشر طور القمر المركزي، يتميز بشاشة عرض مزدوجة تستعرض أطوار القمر المختلفة وسط الميناء وتكمله الساعات والدقائق ومؤشرات التقويم الدائم، فيما تظهر المؤشرات الفلكية على الجانب الخلفي مع توقيت اليوم الفلكي - وهو أقصر بأربع دقائق من اليوم المدني - ومع مخطط سماء يوضح موقع الأبراج في الوقت الفعلي. أما الجزء الخلفي من الساعة فيتميَز بفتحة تكشف عن التوربيون وعربة النقل المالطية على شكل صليب.
- «بانيراي»
ساعة «راديومير آنيوال كالندر»: تعقيد جديد لبانيراي من مجموعتها «راديومير» Radiomir. جديدها هنا يتمثل في تعقيد التقويم السنوي. من مؤشرات للثواني والدقائق إلى الساعات والأيام. كل هذا واضح للغاية ليساعد على قراءتها بسهولة وعلى الفور. يظهر التاريخ واليوم قرب موضع الساعة 3، من خلال فتحتين في القرص. أمّا الشهر الحالي فيظهر على قرص خارجي متحرّك، يُشار إليه بواسطة سهم ثابت عند موضع الساعة 3. مع تغيّر كلّ شهر، تتيح كامة في الآلية تحرّك القرص الخارجي على مرة واحدة، بحيث تتغيّر المعلومة على الفور. كما أنّ التغيير بين الأشهر البالغة مدتها 30 يوماً و31 يوماً يتمّ أوتوماتيكياً على مستوى الآلية. وثمّة حاجة إلى إعادة ضبطها مرّة في السنة، في نهاية شهر فبراير (شباط). ونظراً لحرص «بانيراي» على سهولة القراءة والطابع العملي، فإنّ مصححاً موجوداً على الجانب الأيسر من العلبة يسمح بتغيير اليوم، مع كلّ تحريك له، بعد ضبط الشهر والتاريخ.


مقالات ذات صلة

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق من ألف ليلة (المعرض)

معرض عن ليزا بِين أول عارضة أزياء في العالم

قد لا يبدو اسمها مألوفاً للأجيال الجديدة، لكن ليزا فونساغريفس (1911 ـ 1992) كانت واحدة من أيقونات الموضة في النصف الأول من القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
TT

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)
الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

منذ 6 سنوات، اختارت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من السنة لكي يكون مناسبة متجددة للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي مبادرة باتت عالمية، اسمها «فاشن تراست آرابيا»، هدفها اكتشاف المصممين الصاعدين ودعمهم مادياً ومعنوياً ولوجيستياً. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتفتح لهم منصات ومحال عالمية مثل «هارودز» أبوابها لتستعرض إبداعاتهم أمام زبائنها.

من الفائزين بجوائز هذا العام (خاص)

هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.

أما جائزة الإكسسوارات، فكانت من نصيب ريم حامد من مصر، وجائزة فرانكا سوزاني، وتقدر بـ50 ألف دولار، للموهبة الصاعدة سيلويا نزال وهي فلسطينية - أردنية، بينما حصلت بتول الرشدان من الأردن على جائزة Fashion Tech، وكل من زافي غارسيا وفرانكس دي كريستال على جائزة البلد الضيف: إسبانيا.

شكَّل قصر البديع خلفية رائعة في ليلة من الأحلام والتاريخ (خاص)

لم يفز أي مغربي في هذه الدورة، باستثناء المصمم شرف تاجر مؤسس علامة «كازابلانكا» الذي حصل على جائزة شرفية بوصفه رجل أعمال. لكن فازت مراكش بالجائزة الكبرى بلا منازع. كانت المضيف والضيف القوي في الوقت ذاته. حضورها كان طاغياً وجمالها آسراً تجلى في مبانيها وقدرات حرفييها على تحويل الأحجار إلى لوحات فنية سواء في زخارف الجدران أو جص الأسقف أو فسيفساء الأرضيات، فضلاً عن فخامة الأبواب. ليست مبالغة إن قلنا إنها، أي مراكش، سرقت الأضواء وألهبت وسائل التواصل الاجتماعي. كانت خير تغيير للدوحة، البلد الأم. فالفعالية التي شهدت الدوحة ولادتها منذ 6 سنوات واحتفلت فيها لحد الآن بكل نسخها السابقة، بما فيها اثنتان؛ الأولى افتراضية بسبب جائحة «كورونا» وما ترتب عليها من منع السفر، والأخرى أُلغيت بسبب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) في العام الماضي، وما ترتب عليها من حالة نفسية لم تفتح النفس على الاحتفال. ومع ذلك فإن إلغاء السفر لم يحرم الفائزين من أخذ فرصهم. فقد تسلموا جوائزهم ونالوا نصيبهم من التدريب والتطوير بفضل التكنولوجيا.

صورة جماعية تظهر فيها الأميرة لالة حسناء والشيخة مياسة وتانيا فارس مع الفائزين لعام 2024 (خاص)

هذا العام، ولأول مرة، تخرج الفعالية من مسقط رأسها. جاء اختيار مراكش، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024»، وهي مبادرة تقود التبادل الثقافي وتشجع الحوار القائم على الخبرات المشتركة في شتى الفنون. وبما أن «الموضة لغة فنية» كما قال النجم المصري أحمد حلمي، منشط الحفل لهذا العام، كان من الطبيعي أن تُفكر «فاشن تراست آرابيا» في المشاركة في هذه الفعالية بكل قوتها، وهكذا على مدى 3 أيام و3 ليالٍ، شهدت المدينة حركة ربما تعوّدت عليها منذ سنوات طويلة، إلا أنها اكتسبت جمالية أكبر هذه المرة نظراً لنوعية الضيوف. فقد نجحت «فاشن تراست آرابيا» في أن تجمع في نفس المكان والزمان نجوم السينما ووسائل التواصل الاجتماعي والعارضات العالميات بصناع الموضة، لتكتمل الخلطة.

كارلا بروني والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي حضرا الحفل (خاص)

فليس جديداً أن تجذب مراكش النجوم وصناع الموضة. تشدهم للاستقرار فيها أو لقضاء إجازاتهم أو إقامة مناسباتهم المهمة فيها، بدليل أن إيف سان لوران كان من عشاقها كذلك المصمم المخضرم روميو جيلي وغيره ممن استقروا فيها. الجديد أن «فاشن تراست آرابيا» كشفت لمَن سمعوا عنها ولم يُسعفهم الحظ بزيارتها من قبل خباياها وأسرارها الكامنة في معمارها الفريد وديكورات بيوتها العريقة وقصورها التاريخية وألوان صحاريها.

ماي ماسك والدة إيلون ماسك في الحفل (خاص)

يوم توزيع الجوائز، كان قصر البديع واحداً من هذه الأماكن. فيه تم استقبال الضيوف وتسليم الجوائز. كل ركن فيه كان يعبق بالتاريخ والحرفية، من أبوابه الخشبية إلى مياهه وهيبة أسواره التي تحكي كل طوبة بُنيت بها قصة وإنجازات بطولية. كل هذه التفاصيل شكلت خلفية رائعة لم يستطع الحضور المتميز، بدءاً من كارلا بروني إلى إيشا أمباني، ابنة الملياردير موكيش أمباني، رئيس شركة ريليانس أو ماي ماسك، والدة إيلون ماسك وغيرهن، منافستها بريقاً.

الأميرة لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس (خاص)

حضور الأميرة المغربية لالة حسناء الحفل وتقديمها جائزة «فاشن تراست آرابيا» للفائزة في فئة أزياء السهرة، ياسمين منصور، كان له مفعول السحر، لأنه وبكل بساطة وضع المكان في إطاره التاريخي المهيب، باستحضاره جلسات الملوك والأمراء وهم يحتفلون بالنجاحات والإنجازات بعد كل انتصار. كان واضحاً أن علاقتها بالشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني قوية وفخرهما بكل ما هو عربي ومغربي واضح. اختارت الأميرة قفطاناً عصرياً طُرِّز بالأصالة الممزوجة بالمعاصرة. بفخامة هادئة أبدعتها أنامل «معلم» محترف، لم يحتج إلى أي تطريزات براقة ومبالغ فيها. الشيخة المياسة بدورها استعملت لغة دبلوماسية راقية؛ حيث ارتدت فستاناً بتفاصيل مبتكرة من تصميم المغربي محمد بن شلال، الذي فاز بجائزة «فاشن تراست آرابيا» عام 2021 عن فئة أزياء المساء والسهرة. منذ ذلك الحين، وهو ينتقل من نجاح إلى آخر إلى حد أن أميرات أوروبا وملكة هولندا، ماكسيما، يعتمدن تصاميمه في المناسبات الرسمية والخاصة.

إنجازاته بعد حصوله على الجائزة لا تترك أدنى شك بأن الفعالية ليست مجرد حفل كبير يلتقي فيه النجوم بقدر ما هي جادة في أهدافها وتحمسها للمصممين العرب. وهذا ما تؤكده تانيا فارس، مؤسسة «فاشن تراست» التي بعد مسيرة طويلة في العمل مع مجلس الموضة البريطاني وغيره، تدعم مصمميها الشباب، رأت أن الوقت حان لتصوب أنظارها نحو المنطقة العربية. تقول: «انتبهت أننا لا نفتقر إلى المواهب، كل ما نفتقر إليه هو منصات وجهات تدعمها وتُخرج ما لديها من إمكانات ومهارات». وهكذا شكَّلت مع الشيخة المياسة ثنائياً ناجحاً، لا سيما أن وجهات النظر واحدة كذلك الأهداف.