تحالف «إدارة الدولة» ينجح في تعديل قانون الانتخابات العراقي

وسط شجار بالأيدي وإخراج المعترضين خارج قاعة البرلمان

أرشيفية لمجلس النواب العراقي من سبتمبر 2018 (أ.ب)
أرشيفية لمجلس النواب العراقي من سبتمبر 2018 (أ.ب)
TT

تحالف «إدارة الدولة» ينجح في تعديل قانون الانتخابات العراقي

أرشيفية لمجلس النواب العراقي من سبتمبر 2018 (أ.ب)
أرشيفية لمجلس النواب العراقي من سبتمبر 2018 (أ.ب)

نجح ائتلاف «إدارة الدولة»، فجر يوم الاثنين، في تمرير قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات في صفقة واحدة بعد أسابيع من الشد والجذب بين الائتلاف الذي يهيمن على المقاعد النيابية، وبين نحو 80 نائباً من المستقلين والكتل الصغيرة والمتحالفين من القوى السياسية خارج البرلمان، وفي مقدمتها «التيار الصدري». ويتكون ائتلاف «إدارة الدولة» من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية وتحالفي «عزم» و«السيادة» السنيين، والحزبين الكرديين «الاتحاد» و«الديمقراطي».
وبحسب بيان للدائرة الإعلامية في البرلمان، فإن «التصويت على مشروع التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018، تم بحضور 218 نائباً»، ما يعني أن النواب المعترضين لم يتمكنوا من كسر نصاب الجلسة بعد أن كانوا تحدثوا عن ذلك كثيراً قبل انعقادها. وقال بيان الدائرة الإعلامية: «يهدف تعديل القانون تنفيذاً لقرارات المحكمة الاتحادية بالعدد (155/ اتحادية/ 2019، ولغرض إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة لمجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم، والارتقاء بها ومشاركة شرائح المجتمع كافة وضمان توزيع عادل للمقاعد بين القوائم المتنافسة».
وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت في يونيو (حزيران) 2021 حكماً بدستورية عمل مجالس المحافظات المحلية بعد أن أوقف البرلمان عملها على خلفية الاحتجاجات والمظاهرات التي اجتاحت محافظة وسط البلاد وجنوبها في عام 2019. ورغم اعتراض بعض الاتجاهات المعارضة لتعديل القانون على إعادة عمل المجالس المحلية المتهمة بالفساد والاستحواذ على أموال المشاريع الخدمية، فإن تركيزهم الأساسي ينصب على الاعتراض على تعديل القانون إلى صيغة «سانت ليغو» التي يعتقد أنها تخدم القوى السياسية المهيمنة، خلافاً لقانون «الدوائر المتعددة والقائمة المفتوحة» التي جرت بموجبه انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وسمح بصعود قوى صغيرة وناشئة إلى البرلمان.
وشهدت جلسة إقرار ما تبقى من بنود القانون، اعتراضات شديدة وفوضى وشجارات بالأيدي بين بعض النواب، أصدر بعدها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أمراً لعناصر الأمن المكلفين بحماية المبنى بإخراج النواب المعترضين من قاعة البرلمان، ما عرّضه لانتقادات شديدة، سواء من النواب المطرودين أو من المراقبين العاديين للجلسة النيابية العاصفة. وظهر النائب المستقل عامر عبد الجبار في مقاطع مصورة خارج قاعة البرلمان وهو يقول: «لقد تعرضنا إلى الضرب، وتم الاعتداء علينا من قبل القوات الأمنية بأوامر من رئيس مجلس النواب».
كما ظهر النائب عن حركة «امتداد» البرلمانية علاء الركابي، يتحدث عن تهديد البرلمان بإقالة النواب المعترضين، قائلاً إن «الإقالة من البرلمان شرف لا أعظم منه شرف، إنكم تستطيعون ذلك فافعلوا». واستنكرت حركة «امتداد» (10 مقاعد)، ما جرى في البرلمان، وقالت في بيان: «تستنكر حركة امتداد الاعتداءات السافرة بحق ممثلي الشعب نواب حركة امتداد والقوى المعارضة الأخرى من الحركات الناشئة والنواب المستقلين الرافضين لتمرير قانون مجالس المحافظات بصيغته الحالية كونها تعد تحدياً لإرادة الشعب».
وأضافت الحركة أن «الاعتداء على النواب من قبل القوات الأمنية والتهديد بإنهاء العضوية من قبل رئيس مجلس النواب، يعدان سابقة خطيرة تتناقض مع مبادئ الديمقراطية والقيم الأخلاقية وذلك للصفة المعنوية التي يحملها النائب وللناخبين الذين يمثلهم». وأكدت الحركة أنها «ستتقدم بدعوى طعن إلى المحكمة الاتحادية عن أي مقررات تصدر عن هذه الجلسة لقيام رئيس المجلس بإخراج النواب بالقوة من داخل القاعة، مخالفاً بذلك القانون والنظام الداخلي».
ورغم الاعتراضات الشديدة من قبل المستقلين والأحزاب الناشئة على تعديل القانون، فإن النائب المستقل سجاد سالم، يرى أن في الإمكان استثمار ذلك في حال الاتفاق بين القوى المعترضة على خوض الانتخابات المقبلة بقائمة موحدة. وقال سالم في تغريدة عبر «تويتر»: «هل يضر القانون الانتخابي بصيغة سانت ليغو المعدّلة؟ قطعاً لا، بل قد يوفر شرطاً موضوعياً للوحدة لا يتكرر، لذلك نسعى لتشكيل التحالف المدني الديمقراطي الواسع. وبحثنا مع أغلب الأطراف المدنية والوطنية هذا الموضوع وحققنا تقارباً كبيراً معهم وسنذهب للجميع دون استثناء لتشكيل هذا التحالف».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

200 يوم من حرب غزة… «عناق الدببة» طاغ على مناكفات العلاقة الشائكة بين بايدن ونتنياهو

الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 18 أكتوبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 18 أكتوبر 2023 (رويترز)
TT

200 يوم من حرب غزة… «عناق الدببة» طاغ على مناكفات العلاقة الشائكة بين بايدن ونتنياهو

الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 18 أكتوبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 18 أكتوبر 2023 (رويترز)

رغم خروج خلافاتهما إلى العلن مرات عدة حتى قبل هجوم «حماس» ضد المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية المحيطة بغزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظلّت صورة «عناق الدببة» طاغية على ما عداها من مناكفات في العلاقة الشائكة القديمة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

انعكست حرب غزة المتواصلة منذ 200 يوم بشدة على العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو. غير أنها لم تغيّر شيئاً في التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. واصلت إدارة بايدن بالسرّ والعلن إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، متجاوزة الموافقات المطلوبة من الكونغرس أحياناً والخلافات العميقة بين الديمقراطيين والجمهوريين في كثير من الأحيان، فضلاً عن مشاركة القوات الأميركية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط والبحار المحيطة بفاعلية في التصدي لخطر الصواريخ والمسيرات الآتية مباشرة من إيران أو عبر وكلائها في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان.

مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي (أ.ف.ب)

واحتفلت هذه الإدارة أخيراً بالتصويت لمصلحة مساعدات بعشرات المليارات من الدولارات الأميركية لدعم قدرات الردع الإسرائيلية في مواجهة الأشكال المختلفة من التهديدات. يظهر ذلك في تباهي بايدن الشخصي بأنه «صهيوني» وبأنه «لو لم تكن إسرائيل موجودة لعملت على إيجادها».

تعاطف ثم غضب

ولئن سادت الصدمة والغضب على غالبية الأميركيين مع توالي الأنباء الأولى عن هجمات «حماس» التي أدت إلى مقتل نحو 1200 شخص وخطف نحو 250 آخرين، وفقاً لما أعلنته السلطات الإسرائيلية، فإن هذا التعاطف من الحليفة الأقرب والأقوى لبلادهم في الشرق الأوسط بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً بين المجتمعات الأميركية المختلفة في ظلّ الحرب التدميرية التي بدأتها حكومة نتنياهو ضد زهاء 2.3 مليون من الفلسطينيين في القطاع المحاصر أصلاً منذ أكثر من 15 عاماً، وأدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 34 ألفاً غالبيتهم من الأطفال والنساء، طبقاً لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية. بل إن وسائل الإعلام الأميركية التي تعاملت مع هذه الحرب أولاً وكأنها على أرض الولايات المتحدة، بدأت منذ أشهر تنتقد علناً «سياسة الأرض المحروقة» الإسرائيلية ضد غزة وسكانها من دون تمييز أو اعتبار لقوانين الحرب الدولية. ولا يزال «الشارع الأميركي» يشهد غضباً متزايداً في التعبير عن الاعتراض على سياسة الرئيس بايدن الداعمة لإسرائيل من دون شروط.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

خلافاً لما يشيعه ناشطو القوى والجهات الداعمة لإسرائيل في أميركا حول الأصوات الأميركية المرتفعة ضد حرب غزة وحول الانتماءات «اليسارية» لهؤلاء، وخصوصاً بين الشابات والشباب في الجامعات والمعاهد عبر الولايات المتحدة، فإن الكثيرين من كتاب المقالات في الصحف الأميركية المكرسة بدأوا يعبرون عن هذا الاستياء. وكما كتب نيكولاس كريستوف في مقالته الطويلة لعطلة نهاية الأسبوع الماضي في «نيويورك تايمز» متسائلاً: «ماذا حصل لجو بايدن الذي أعرفه؟» منذ عقود، كانت هناك انتقادات عدّة من كتاب معروفين آخرين مثل توماس فريدمان في «التايمز» أيضاً وديفيد أغناثيوس في «واشنطن بوست» ومارغريتا ستانكاتي في «وول ستريت جورنال» وفريد زكريا في «سي إن إن»، دعك من صحافيي وسائل الإعلام الحديثة النشأة مثل «بوليتيكو» و«باك» و«ريل كلير بوليتيكس» وحتى «ذا هيل» و«أكسيوس». هناك الكثير مما يمكن أن يقال عن العلاقة بين بايدن ونتنياهو. الأول يخوض معركة سياسية داخلية ضارية للبقاء أربع سنوات إضافية في البيت الأبيض بعد انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ضد غريمه المرجح حتى الآن عن الجمهوريين الرئيس السابق دونالد ترمب. أما نتنياهو فيواجه أيضاً مستقبلاً سياسياً غامضاً بسبب التشنجات الداخلية مع بقية القوى الإسرائيلية وتداعيات الحرب التي لم تنته فصولها بعد.

عناصر من شرطة نيويورك يقيدون طالباً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة نيويورك (أ.ف.ب)

مناكفات سياسية

وعندما تحادث بايدن ونتنياهو عبر الهاتف أخيراً، لم يكن لدى الرئيس الأميركي القليل من المسائل الثقيلة لمناقشتها مع نظيره الإسرائيلي، في ظل سعي واشنطن إلى التوصل لاتفاق موقت لإطلاق النار وإطلاق الرهائن، كبداية لإعادة إطلاق المسار الدبلوماسي نحو حل الدولتين. وفيما لا تزال هذه المسائل متعثرة، بدا التوتر واضحاً بسبب خلافاتهما السياسية. وعكست وسائل الإعلام الأميركية غضب نتنياهو من تسريبات مسؤولين في إدارة بايدن عن العمل من أجل تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل. لكن البيت الأبيض نفى لاحقاً وجود مثل هذا التوجه باعتباره مجرد تصريحات عابرة في زمن الحرب، رغم إلحاح بايدن على «القيادة الإسرائيلية» لاعتبار أن المساعدات الإنسانية للفلسطينيين «لا يمكن أن تكون ثانوية أو ورقة مساومة» في سياسة إدارته.

صورة مركّبة للرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

وما كان بايدن ليتخذ هذا الموقف لولا تآكل دعمه بين مجموعات انتخابية رئيسية مثل الأميركيين المسلمين والعرب والتقدميين والناخبين الشباب الغاضبين من رفض بايدن الدعوات إلى وقف دائم لإطلاق النار. وكان هذا المأزق السياسي الذي يواجهه بايدن واضحاً عند منعطفات رئيسية.

الأقوال والأفعال

وهذه المجموعات المتباينة بشكل صارخ من المصالح تختبر بشكل متزايد العلاقة المشحونة حالياً بين بايدن ونتنياهو. فالرجلان، اللذان يعرفان بعضهما بعضا منذ عدة عقود، حظيا بنصيبهما من المحادثات الصريحة والصريحة في الآونة الأخيرة، من دون نقص في الكلمات الحادة والتعبير عن المظالم.

ومع ذلك، يصر المقربون من الإدارة على أن العلاقة بين بايدن ونتنياهو «لا تزال على حالها إلى حد ما» رغم أن وجهات نظرهما المتباينة «ليست سراً على الإطلاق». وعندما سُئل عن علاقته بنتنياهو قبل نحو شهر، قال بايدن: «كما كانت الحال دائماً».

منذ 200 يوم، ولا تزال الولايات المتحدة تحول دون اتخاذ أي موقف ذي مغزى من مجلس الأمن لوقف الحرب.

وهذا ربما ما يعكس على أفضل حال أن كلمات بايدن لا تشبه أفعاله على الإطلاق. ولعل «عناق الدببة» هو التعبير الأفضل عن علاقته حالياً بنتنياهو.


نشاط عسكري يعود إلى شرق سوريا بعد ضربات جوية قبل شهر

أرشيفية لميليشيات الحرس الثوري في دير الزور (المرصد السوري)
أرشيفية لميليشيات الحرس الثوري في دير الزور (المرصد السوري)
TT

نشاط عسكري يعود إلى شرق سوريا بعد ضربات جوية قبل شهر

أرشيفية لميليشيات الحرس الثوري في دير الزور (المرصد السوري)
أرشيفية لميليشيات الحرس الثوري في دير الزور (المرصد السوري)

تشهد مناطق شرق سوريا نشاطاً أمنياً عسكرياً أعقب فترة هدوء بعد الضربات الجوية التي استهدفت مواقع ومقرات تابعة للميليشيات الإيرانية ومراكزها في دير الزور والبوكمال ومحيطها في 26 مارس (آذار)؛ إذ تواصل القوات الأميركية تعزيز قواعدها العسكرية في مناطق نفوذها في شمال شرقي سوريا، كما عاد قادة وعناصر من «الحرس الثوري» الإيراني إلى الظهور العلني بعد توارٍ خشية ضربات جديدة.

وهبطت طائرة شحن عسكرية تابعة للقوات الأميركية في منطقة قاعدة قسرك بريف الحسكة، الثلاثاء، محملة بمعدات عسكرية ومواد لوجيستية، بالتزامن مع تحليق مروحي في أجواء المنطقة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ويأتي ذلك ضمن إطار تعزيز القاعدة تحسباً من أي هجمات محتملة.

جندي أميركي في حقل العمر النفطي بدير الزور بسوريا مارس 2019 (رويترز)

ورصدت المصادر استقدام قوات (التحالف الدولي)، تعزيزات عسكرية ولوجيستية عبر الجو، خلال الشهر الجاري، وهبوط نحو 7 طائرات شحن تابعة للتحالف ضمن قواعدها في الحسكة ودير الزور، تحمل على متنها أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية ولوجيستية بالإضافة لجنود. كما سيّر التحالف دورية عسكرية مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية» مؤلفة من 8 آليات، في بلدة ذيبان بالقرب من جسر الميادين بريف دير الزور الشرقي، وسط تحليق للطيران المروحي، لمراقبة المنطقة.

وأطلِقت صواريخ، مساء الأحد، من شمال العراق باتجاه قاعدة للتحالف الدولي في سوريا المجاورة، حسبما أعلنت قوات الأمن العراقية التي عثرت على العجلة المستخدمة في تنفيذ عملية الإطلاق. وأعلن التحالف، في بيان مقتضب، أنه تمّ تدمير قاذفة صواريخ في عملية «دفاع عن النفس» بعد «هجوم صاروخي فاشل بالقرب من قاعدة التحالف في الرميلان في سوريا». وأكد «عدم إصابة أي فرد أميركي». وهذا أول هجوم كبير ضد قوات التحالف الذي تقوده واشنطن، بعد أسابيع من الهدوء.

وكانت مصادر أمنية عراقية ومسؤولان أميركيان قد ذكروا لـ«رويترز»، مساء الاثنين، أن قوات أميركية متمركزة في العراق وسوريا تعرضت لهجومين منفصلين باستخدام صواريخ وطائرتين مسيرتين خلال أقل من 24 ساعة. ويأتي الهجومان بعد توقف استمر لنحو ثلاثة أشهر عن استهداف القوات الأميركية.

وقال مسؤول أميركي إنه جرى إسقاط طائرتين مسيرتين قرب قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أميركية في محافظة الأنبار غرب العراق. ويأتي الهجوم على قاعدة عين الأسد بعد استهداف قوات أميركية بقاعدة في رميلان بشمال شرقي سوريا بخمسة صواريخ أُطلقت من شمال العراق، الأحد، بحسب مسؤولين أميركيين وعراقيين. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات أو أضرار جسيمة جراء هجمات الصواريخ.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية رفض الكشف عن هويته إن الهجوم الصاروخي الذي وقع، الأحد، استهدف قوات أميركية، وذلك في أول هجوم على ما يبدو يستهدف القوات الأميركية في العراق وسوريا منذ الرابع من فبراير (شباط). وأدى انفجار ضخم في قاعدة عسكرية بالعراق، السبت، إلى مقتل أحد أفراد قوة أمنية عراقية تضم جماعات متحالفة مع إيران. وقال قائد القوة إنه هجوم، بينما ذكر الجيش أنه يحقق في الواقعة، وأنه لم تكن هناك طائرات حربية في السماء في ذلك الوقت.

في السياق، شهدت قاعدتا مطار خراب الجير بريف الحسكة الشمالي والشدادي، جنوباً، التابعتان للقوات الأميركية، استنفاراً واسعاً وانتشاراً للقوات الأميركية، ورفع حالة التأهب بعد استهداف قاعدة مطار خراب الجير، مساء الاثنين. وتعرضت القاعدة للاستهداف بصواريخ أطلقتها «المقاومة الإسلامية» المدعومة من إيران وسط محاولة للدفاعات الأرضية التصدي للصواريخ، سبقتها محاولة استهداف القاعدة بمسيّرة هاجمت القاعدة، وتمكنت الدفاعات الأرضية من إسقاطها. فيما نفت مصادر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تعرض القاعدة الأميركية بحقل العمر النفطي لهجوم صاروخي من أي جهة كانت.

يشار إلى أن القواعد الأميركية داخل الأراضي السورية تتعرض منذ 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لـ127 هجوماً من قبل الميليشيات المدعومة من إيران، بحسب توثيق «المرصد السوري»، طالت قاعدة حقل العمر النفطي، وقاعدة الشدادي بريف الحسكة، وقاعدة معمل كونيكو للغاز، وقاعدة خراب الجير برميلان، ومواقع أخرى بينها قاعدة التنف قرب المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني.

أرشيفية لقادة إيرانيين عسكريين في شرق سوريا (المرصد)

في شأن متصل، أفادت مصادر متابعة في شرق سوريا بأن الحرس الثوري الإيراني أوكل لقيادي بارز يدعى الحاج عامر، وهو مسؤول الإمداد المالي في المنطقة، مهمة التواصل مع أي مدني يملك منزلاً أو عقاراً مستولى عليه من قبل الميليشيات الموالية، مثل «حزب الله» اللبناني وكذلك العراقي، أو لواء «فاطميون» الأفغاني أو «زينبيون» الباكستاني وغيرهم، ودمرت جراء الضربات الجوية الأخيرة، في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، ليتم تعويضهم مادياً أو إعادة بنائها، بعد تقديم إثبات ملكية خاصة مرفق بالجهة التي كانت تستولي على العقار.

وتأتي هذه الخطوة، بحسب «المرصد السوري»، في إطار محاولة استقطاب «الحرس الثوري» استقطاب أهالي وسكان دير الزور إلى صفوفها والتغلغل في النسيج السوري، مستغلة الواقع المعيشي المتدهور ومحدودية فرص العمل والرواتب الشهرية قياساً بالأسعار المرتفعة.

وافتتح الحرس الثوري، قبل يومين، مقراً عسكرياً جديداً ضمن أحد المنازل المستولى عليها بمدينة دير الزور، شرق سوريا، وتعود ملكيته لأحد المدنيين في حي الحويقة، بهدف استخدامه مقراً ومضافة للميليشيات التابعة له، وذلك بعد ترميم المنزل ليصبح صالحاً لوظيفته الجديدة.

وتأتي هذه الخطوة، بعد استهداف فيلا تستخدم مركز اتصالات لعناصر (الحرس الثوري) في حي الفيلات بالمدينة، ومواقع في البوكمال ومحيطها، في 26 مارس، قتل فيه 19 شخصاً، ضمن الضربات الجوية التي استهدفت مواقع ومقرات تابعة للميليشيات الإيرانية ومراكز لهم في دير الزور والبوكمال ومحيطها.


لهجة تركية متشائمة من بغداد... وإردوغان «سيحارب بطريقة أو بأخرى»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتصافحان خلال حفل ترحيب في أنقرة مارس الماضي (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتصافحان خلال حفل ترحيب في أنقرة مارس الماضي (أ.ب)
TT

لهجة تركية متشائمة من بغداد... وإردوغان «سيحارب بطريقة أو بأخرى»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتصافحان خلال حفل ترحيب في أنقرة مارس الماضي (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتصافحان خلال حفل ترحيب في أنقرة مارس الماضي (أ.ب)

في غياب أي إعلان اتفاق على عملية عسكرية تركية مشتركة مع العراق تستهدف حزب «العمال الكردستاني» أو إقامة مركز عمليات مشترك خلال زيارته لبغداد وأربيل، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عزم بلاده على «إنهاء الإرهاب بطريقة أو بأخرى مع الالتزام بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول الأخرى».

وقال إردوغان: «لن نفسح المجال أبداً للذين يعملون مع التنظيمات الإرهابية ويستخدمونها أدوات، حزب (العمال الكردستاني) وأذرعه يهددون استقرار العراق ونموه وسلامته، وإزالة هذا التهديد يصب في مصلحة بغداد».

وأضاف الرئيس التركي، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من زيارته للعراق الثلاثاء: «من الضروري بالنسبة لرؤية العراق التنموية وأمن الاستثمارات الدولية أن تردم حفر الإرهاب».

تعاون ضد «الكردستاني»

وتابع: «تجفيف مستنقع الإرهاب في سوريا والعراق لن يكون بعملنا فقط، بل أيضاً بالجهود المشتركة لإدارتي البلدين، تركيا ستواصل محاربة الإرهاب سواء داخل حدودها أو خارجها، ضمن إطار القانون الدولي ومن خلال احترام وحدة وسلامة أراضي الدولة الجارة».

وقال إردوغان: «قمنا بتقييم الخطوات التي يمكننا اتخاذها، خاصة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتجارة والنقل والطاقة وتأثيرات تغير المناخ... العراق أعلن أخيراً منظمة حزب (العمال الكردستاني الإرهابية) منظمة محظورة، وأعربنا عن ارتياح بلادنا لذلك، وشددنا مرة أخرى على توقعاتنا بإعلان حزب (العمال الكردستاني) رسمياً منظمة إرهابية وإنهاء وجوده في العراق، ونأمل أن نرى النتائج الملموسة لذلك بشكل أكثر وضوحاً في الفترة المقبلة».

وعبر إردوغان عن أمله في أن تبدي الدول الجارة الموقف اللازم في مواجهة التهديدات التي تستهدف الأراضي التركية.

رئيس الوزراء العراقي مستقبِلاً الرئيس التركي في بغداد (إ.ب.أ)

«طريق التنمية»

وأشار الرئيس التركي إلى أنه بحث مع نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني العلاقات الثنائية التي شهدت زخماً في الفترة الأخيرة، وعبر عن دعمه للخطوات التي قامت بها الحكومة العراقية برئاسة السوداني من أجل تحقيق الاستقرار والرفاه الدائم في البلاد.

ولفت إردوغان إلى أن مشروع «طريق التنمية» كان على رأس جدول أعمال زيارته للعراق، وتكلل بتوقيع مذكرة تفاهم رباعية بين تركيا والعراق والإمارات وقطر، تم من خلالها تجاوز مرحلة مهمة، على حد قوله.

ووعد الرئيس التركي بتقدم أسرع في إنجاز مشروع «طريق التنمية» في الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم وقعتها تركيا والعراق ستساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين أكثر.

وبشأن زيارته إلى أربيل، أكد إردوغان أنهم عقدوا اجتماعات مثمرة مع رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني.

أزمة المياه

وعن أزمة المياه بين تركيا والعراق قال إردوغان: «إنها ليست من نوع المشكلات التي يمكن حلها بمنطق (تم الأمر) دون فحص الظروف الفنية ووضع سيناريوهات مستقبلية، وهنا تبرز الحاجة إلى استخدام الموارد بشكل رشيد، العراق لديه مطالب منا فيما يتعلق بالمياه، وما يجب القيام به في هذه المرحلة هو طرح خطط وبرامج جديدة مناسبة للظروف المناخية المتغيرة في العالم ولضمان الاستخدام المستدام للمياه».

وأضاف: «لا ينبغي أن ننسى أن لدينا مشاكل مائية كثيرة مثلهم، تركيا ليست غنية بالمياه، وهي من فئة البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي؛ لذا فإذا لم نتمكن من تنفيذ خططنا في وقت قصير، فقد نواجه مشاكل في إمدادات المياه؛ ولذلك علينا أن نتخذ خطوات حذرة، وقد يكون من الممكن التوصل إلى نقطة مشتركة من خلال التقييمات التي تتم في هذا الاتجاه».

وأكد إردوغان أن تركيا تتبنى نهجاً عقلانياً وموجهاً نحو إيجاد حلول لهذه القضايا، بدلاً من النهج العاطفي، «وسنواصل القيام بذلك»، مضيفاً: «ما سنفعله هو مواصلة الحوار بحسن نية وبمنهج بناء لتنفيذ مشاريع مشتركة والتوصل إلى حلول مشتركة لمشكلتنا المشتركة؛ لأن المياه ليست أداة للصراع، بل هي مجال تعاون يخدم مصالحنا المشتركة».

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

نقطة تحول

وفي تعليق على نتائج زيارة إردوغان للعراق، قال عبد القادر سيلفي، الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة والذي كان ضمن الصحافيين المرافقين لإردوغان، إنه اعتباراً من 22 أبريل (نيسان)، حدثت نقطة تحول تاريخية في العلاقات التركية - العراقية.

وأضاف: «هذا التحول في العلاقات يقف على قدمين؛ أولاهما التنمية الاقتصادية، وثانيتهما الحرب ضد حزب (العمال الكردستاني)، وفي الجانب الأول تم توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم اللازمة، أما الحرب ضد حزب (العمال الكردستاني)، فتحدث إردوغان بوضوح عن وجوب إنهاء وجوده في الأراضي العراقية في أقرب وقت ممكن، لكنني لم أستطع الحصول على إيضاحات بشأن إنشاء مركز العمليات المشتركة بين تركيا والعراق».

وقال سيلفي، في مداخلة تلفزيونية، الثلاثاء، إن «إردوغان نقل رسالة واضحة إلى بغداد، وهي أن (العمال الكردستاني) يشكل خطراً على جهود التنمية المبذولة في البلاد، وأنه على العراق أن يتعاون مع تركيا في القضاء على وجود (العمال الكردستاني) في شماله».


«حزب الله» وإسرائيل «يحدّثان» قواعد الاشتباك... اغتيالات واستهدافات أعمق

لبنانيون يتجمعون قرب موقع استهداف مهندس بـ«حزب الله» في بلدة عدلون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
لبنانيون يتجمعون قرب موقع استهداف مهندس بـ«حزب الله» في بلدة عدلون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» وإسرائيل «يحدّثان» قواعد الاشتباك... اغتيالات واستهدافات أعمق

لبنانيون يتجمعون قرب موقع استهداف مهندس بـ«حزب الله» في بلدة عدلون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
لبنانيون يتجمعون قرب موقع استهداف مهندس بـ«حزب الله» في بلدة عدلون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

أعاد كل من «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، تحديث قواعد الاشتباكات القائمة بينهما التي استقرت أخيراً على ملاحقة إسرائيل لمهندسي القوات الجوية بالحزب رداً على إسقاط المسيرات، في مقابل استهداف الحزب عمقاً جديداً في شمال إسرائيل كردّ على اغتيال قيادييه، وذلك خلافاً لقواعد اشتباك سابقة تمثلت باستهداف بعلبك مقابل إسقاط المسيرات الإسرائيلية.

وقال «حزب الله»، الثلاثاء، إنه نفذ هجوماً بمسيرات استهدف قواعد عسكرية إسرائيلية شمال مدينة عكا، وهي أبعد نقطة تصل لها هجمات الحزب داخل إسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، وجاءت بعد ساعات على استهداف مدينة صفد في الجليل الأعلى، للمرة الثانية منذ بدء الحرب، لكنها المرة الأولى التي يتبنى الحزب فيها هذا القصف.

وبدأ التصعيد، ليل الأحد، حيث أعلن «حزب الله» عن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من نوع «هيرمز 450» فوق منطقة العيشية، لترد إسرائيل باغتيال قيادي في «قوة الرضوان»، وهي قوة النخبة في الحزب، في بلدة صريفا الواقعة شمال مدينة صور. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن القيادي الذي جرى استهدافه في صريفا، هو محمد خليل عطيّة، وقالت إنه «مقاتل مركزي في وحدة القوة الجوية لقوة الرضوان في (حزب الله)».

قصف صفد

ولم تمضِ ساعة على اغتياله، حتى نفذ «حزب الله» قصفاً لمدينة صفد بنحو 30 صاروخاً. وقال الحزب في بيان، ليل الاثنين، إن مقاتليه، ورداً على «اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية وآخرها في صريفا والعديسة ورب ثلاثين»، ‏قصفوا «مقر قيادة لواء المشاة الثالث التابع للفرقة 91 في ‏قاعدة عين زيتيم بعشرات صواريخ (الكاتيوشا)».

والقاعدة التي تبعد نحو 11 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية في لبنان، تُقصف للمرة الثانية بعد 3 أشهر من قصفها في المرة الماضية؛ ما أدى إلى مقتل امرأة إسرائيلية، لكن بقيت الجهة التي استهدفت المقر في المرة الماضية مجهولة، كون الحزب لم يعلن آنذاك بقصف صفد.

اغتيال مهندس بالدفاع الجوي

وإزاء هذه التطورات، اغتالت مسيرات إسرائيلية مهندساً لبنانياً، صباح الثلاثاء، في منطقة عدلون الواقعة في قضاء، وهي المرة الأولى التي تلاحق فيها قيادياً لـ«حزب الله» إلى هذه المنطقة، حيث جرى استهداف سيارتين بصاروخين حين كان يسير على أوتوستراد عدلون، حسبما قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، ما أدى إلى احتراق السيارة، وسط تحليق متواصل لطائرات الاستطلاع.

وقال مصدران أمنيان مقربان من «حزب الله» لـ«رويترز» إن عزقول مهندس في وحدات الدفاع الجوي التابعة للجماعة، وإنه كان نشطاً في عملياتها الميدانية. وذكرت مصادر أن إسرائيل تهاجم مقاتلي «حزب الله» من خلال مراقبة منازلهم من كثب عبر طائرات استطلاع مسيرة.

مسعفون يتفقدون بقايا سيارة تعرضت لاستهداف إسرائيلي في عدلون بجنوب لبنان (متداول)

ونعى الحزب، ظهر الثلاثاء، حسين عزقول وهو من سكان بلدة عدلون، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن عزقول هو «مسؤول مركزي بالقوة الجوية لدى (حزب الله) في جنوب لبنان». وقال الجيش الإسرائيلي إن مقتل عزقول قد يؤثر بشكل كبير في الوحدة الجوية لـ«حزب الله»، لكن الحزب قلل في السابق من شأن مثل هذه التعليقات.

رد قياسي

وأشار «حزب الله» إلى أن عزقول تعرض لعملية اغتيال إسرائيلية. وذهب في الرد إلى مستوى قياسي، حيث أعلن عن «هجوم جوي مركب بمسيرات إشغالية ‏وأخرى انقضاضية استهدفت مقر قيادة لواء (غولاني)، ومقر وحدة (إيغوز 621) في ثكنة شراغا شمال ‏مدينة عكا المحتلة، وأصابت أهدافها بدقة»، وفق ما جاء في بيانه.

وقصف عكا، يحدث للمرة الأولى منذ بدء الحرب، وتبعد نحو 18 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية مع لبنان. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بدويّ صفارات الإنذار في خليج حيفا، قبل أن يعلن الجيش عن «اعتراض ناجح لهدف جوي مشبوه في منطقة نهاريا».

وبثت وسائل إعلام إسرائيلية مقاطع فيديو تظهر اعتراض القبة الحديدية أهدافاً جوية فوق البحر، وانفجارات في منطقة واقعة قبالة بحر عكا، حيث يتصاعد الدخان من موقع الانفجار. وأفادت بأن الهجوم «هو الأول من نوعه الذي يصل إلى هذا العمق».

تحديث قواعد الاشتباك

وتشير تلك التطورات إلى تحديث بقواعد الاشتباك والردود بين الطرفين، وفق ما يرى محللون محايدون، ومصادر ميدانية في الجنوب تواكب التطورات العسكرية. ففي وقت سابق، كان الجيش الإسرائيلي يردّ على إسقاط المسيرات، بقصف بعلبك في شرق لبنان، على مسافة 100 كيلومتر عن الحدود، كما كان «حزب الله» يرد على الاغتيالات، بقصف أهداف ومواقع عسكرية مقابلة للحدود، أو بإطلاق صواريخ «الكاتيوشا» باتجاه كريات شمونة. لكن الردود منذ الأحد، أظهرت تغيراً في المسار، حيث «دخلت قواعد جديدة»، تتمثل في «ملاحقة إسرائيل لقيادات في الحزب»، في مقابل «قصف بالمسيّرات الانقضاضية لأهداف عميقة في الداخل الإسرائيلي».

آثار غارة جوية في بليدا بجنوب لبنان (مواقع تواصل)

وأعادت تلك التطورات تصعيد الجبهة، حيث أفادت وسائل إعلام لبنانية بغارات جوية إسرائيلية استهدفت منازل في مركبا وعيتا الشعب وبليدا والناقورة، إلى جانب قصف مدفعي طال عدة قرى في القطاعين الشرقي والغربي، بينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بدوي صفارات الإنذار في مرغليوت، وإعلان الحزب عن استهداف تجمع ‏لجنود إسرائيليين في محيط موقع العاصي وفي حرش راميم، وفي تلة الكرنتينا، فضلاً عن قصف موقع الرادار في مزارع شبعا، وموقع ‏رويسات العلم في تلال كفرشوبا.


صورة إردوغان وقادة أحزاب سُنية تفجر جدلاً في العراق

الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
TT

صورة إردوغان وقادة أحزاب سُنية تفجر جدلاً في العراق

الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)

أثار لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع قادة وأعضاء الكتل السياسية السنية، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، جدلاً واسعاً بين مؤيد رأى أنها امتداد للقاءات شيعية مماثلة مع الزعماء الإيرانيين، ومعارض يعتقد أنها تكشف حجم تأثير العامل الإقليمي في موازين السياسة العراقية في العقدين الأخيرين.

وانعكس هذا التباين في المواقف من لقاء إردوغان على شكل نقاشات ومنشورات ساخنة حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مثلما عبَّرت عنها تصريحات بعض السياسيين والمراقبين من هذا الطرف أو ذاك.

وعلى هامش زيارته الأخيرة، ظهر إردوغان في صورة بثها إعلام حزبي، وهو يستقبل في بغداد قادة قوى سنية في جلسة نالت كثيراً من النقاش والجدل، بشأن دور تركي محتمل في الخلافات السُّنية حول منصب رئيس البرلمان.

وقال قيادي سُني لـ«الشرق الأوسط»، إن الجلسة لم تناقش أي ملف سياسي، وإنها «مجرد اجتماع ودي للترحيب بالرئيس التركي»؛ لكن معلقين مقربين من التحالف الشيعي الحاكم انتقدوا الجلسة، وقالوا إنها «تعكس حالة الوصاية على القرار السني».

ويلاحظ أن معظم القيادات السنية وحتى تلك المتخاصمة فيما بينها والمتنافسة على منصب رئاسة البرلمان المعطل، كانت حاضرة في الاجتماع، بمن فيهم رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف «عزم» خميس الخنجر، ومثنى السامرائي، ووزير المالية الأسبق رافع العيساوي.

إخراج «غير لائق»

ورأى مصدر سياسي سني أن طريقة إخراج اللقاء الذي جمع إردوغان بالقيادات السنية من قبل السفارة التركية، كانت «غير لائقة بالمرة».

وأضاف السياسي الذي فضَّل عدم الإشارة إلى هويته، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي سياسي قبل دعوة الرئيس (إردوغان) ووجد نفسه في ذلك الموقف، فلن يقوى على فعل أي شيء، ولن يقوم بإثارة أي مشكلة خلال زيارة وصفها الجميع بالتاريخية».

وتابع بأن «شكل اللقاء كان غير مناسب ومكرر، بمعنى أنه يشبه لقاءً مماثلاً جمع الزعامات السنية مع إردوغان في أنقرة قبل سنوات. لقد عمدوا إلى أن يجلسوهم بالطريقة نفسها».

ورأى المصدر أن قيام الجانب التركي بحشد الزعماء والقادة السنة بهذه الطريقة «دون أن يحدث أي حوار، كان هدفه التقاط صورة اللقاء وحسب، ودلالتها هي إرسال رسالة بشأن العائدية السنية لتركيا، ولا نتفق مع ذلك».

وخلص إلى القول: «لقد وُجهت دعوة وتمت تلبيتها؛ لكن طريقة إخراجها من قبل السفارة والرئاسة التركية كانت غير لائقة أبداً. إن رص جميع الوجوه السنية بهذه الصورة مع إردوغان أعطى انطباعاً واضحاً بنوع التبعية، وطريقة إصدار الأوامر للقوى السنية».

رئيس الوزراء العراقي مستقبلاً إردوغان في بغداد (أ.ف.ب)

من جانبه، قال القيادي في تحالف «العزم» حيدر الملا، تعليقاً على اجتماع إردوغان بالقوى السنية، إن «الاجتماعات الجانبية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان تمت بالتنسيق مع الجانب الحكومي العراقي، ومكتب السوداني هو من قام بكل الإجراءات اللوجيستية للاجتماعات كافة».

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن «الاجتماع مع القيادات السياسية السنية ناقش تأخير حسم انتخاب رئيس البرلمان العراقي، ومناقشة تشكيل ما تبقى من الحكومات المحلية»، في إشارة إلى حالة الشغور التي يعانيها البرلمان الاتحادي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد إقالة رئيسه محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية، وحالة التنافس على المنصب داخل القوى السنية التي حالت دون التوصل إلى صيغة اتفاق على اختيار مرشح جديد للمنصب.

ويبدو أن إردوغان ناقش مع القوى السنية -طبقاً لكلام الملا- حالة التعثر التي تعاني منها محافظة كركوك التي تتوفر فيها أقلية تركمانية، غالباً ما كانت محل اهتمام أنقرة.

ولم تتوصل المكونات الرئيسية في كركوك (الكرد، والعرب، والتركمان) إلى اختيار منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة حتى الآن، رغم مرور نحو 4 أشهر على إجراء الانتخاب المحلية في المحافظات العراقية.

ورأى الملا أن «القيادة التركية لديها علاقات استراتيجية مع القيادات السياسية العراقية كافة، ضمن الفاعل السياسي الشيعي والسني والكردي والتركماني، وهناك اهتمام بملف دعم الحكومة العراقية من قبل الأطراف السياسية السنية؛ وخصوصاً ملفات العراق الخارجية مع تركيا».

بدوره، قال الكاتب والصحافي فلاح المشعل، إن صورة إردوغان مع ما وصفه بـ«المحفل السني» لا تساعد في إنجاح زيارة الرئيس التركي.

وعدَّ المشعل في تغريدة عبر منصة «إكس» أن من الإيجابي أن يتم «توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم المتعلقة بملفات الماء والأمن والقناة الجافة وغيرها» مع الجانب التركي؛ لكن «اللقاء بالمحفل السياسي السني ثم المحفل الكردي، دون اللقاء بالمحفل الشيعي، قد يجعل من اتفاقات إردوغان مع السوداني موضع شك في التطبيق؛ خصوصاً ما يتعارض مع مصالح إيران السياسية والاقتصادية».


الأردن: التحقيق المستقل يفند اتهامات إسرائيل الخاطئة بحق «الأونروا»

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (رويترز)
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (رويترز)
TT

الأردن: التحقيق المستقل يفند اتهامات إسرائيل الخاطئة بحق «الأونروا»

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (رويترز)
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (رويترز)

قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اليوم (الثلاثاء)، إن التحقيق المستقل إزاء حياد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة يفند تماما «اتهامات إسرائيل الخاطئة» ويؤكد حياد الوكالة ومهنيتها، وفق ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضاف الصفدي عبر منصة «إكس»: «يجب دعم الدور النبيل الذي تقوم به الأونروا. ويجب حماية الوكالة من المؤامرة الإسرائيلية ضدها».

وزعمت إسرائيل في يناير (كانون الثاني) أن 12 من موظفي «الأونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما دفع عدة دول من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وتقدم «الأونروا» خدمات تعليمية وصحية ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


حادثة «كالسو» الغامضة: صواريخ انفجرت في موقع لصناعة الذخائر

مسلحون من «الحشد الشعبي» العراقي يستنفرون بعد هجوم سابق استهدف مقرهم في بغداد (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «الحشد الشعبي» العراقي يستنفرون بعد هجوم سابق استهدف مقرهم في بغداد (أرشيفية - رويترز)
TT

حادثة «كالسو» الغامضة: صواريخ انفجرت في موقع لصناعة الذخائر

مسلحون من «الحشد الشعبي» العراقي يستنفرون بعد هجوم سابق استهدف مقرهم في بغداد (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «الحشد الشعبي» العراقي يستنفرون بعد هجوم سابق استهدف مقرهم في بغداد (أرشيفية - رويترز)

قالت لجنة تحقيق عراقية إن قاعدة «كالسو» التي قُصفت السبت الماضي لم تُستهدف بطيران حربي أو مسيّر، لكنها أقرت ضمناً بأن الموقع انفجر بهجوم صاروخي، وأشارت إلى أنه كان يضم 3 مواد تستخدم في صناعة المتفجرات.

وبعد 3 أيام من استهداف المعسكر في محافظة بابل (جنوب)، أنهت لجنة عسكرية تحقيقها في الهجوم الذي أسفر عن مقتل أحد أفراد «الحشد الشعبي» وإصابة 8 آخرين.

وقال تقرير لقيادة العمليات العسكرية، الثلاثاء، إن لجنة التحقيق عثرت على «بقايا صواريخ متناثرة لخمسة صواريخ تبعد 150 متراً عن مكان الحادث. حجم الحفرة (التي أحدثها الانفجار) يؤكد حدوث انفجار ضخم جداً لأسلحة ومواد شديدة الانفجار كانت موجودة في المكان».

لقطة فيديو تُظهر الأضرار التي خلَّفتها انفجارات غامضة في معسكر بمحافظة بابل العراقية (أ.ف.ب)

تقرير الدفاع الجوي

وذكر تقرير اللجنة أن التقارير الصادرة عن قيادة الدفاع الجوي أكدت عدم وجود حركة لطائرات مقاتلة أو مُسيّرة في أجواء محافظة بابل قبل وقت الانفجار وأثنائه وبعده.

وعادة ما تتبنى الولايات المتحدة هجمات كانت تنفذها ضد الفصائل المسلحة الموالية لإيران، أو مواقع تابعة لـ«الحشد الشعبي»، لكنها لم تفعل هذه المرة.

وكان سياسيون عراقيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن أن العمليات التي لا تتبانها واشنطن تشير إلى أن إسرائيل هي من نفذتها.

وتزامن استهداف «كالسو» مع تقارير صحافية أشارت إلى أن إسرائيل وجّهت صاروخين نحو القاعدة الجوية في أصفهان، التي تم فيها وضع بطاريات صواريخ «إس 300» الروسية للدفاع عن المنشأة النووية القريبة في نطنز، وفقاً لرونين بيرغمان، المراسل الخاص للشؤون الأمنية في صحيفتي «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية و«نيويورك تايمز» الأميركية.

وأضاف تقرير العمليات العراقية، أن «شدة الانفجار وحجم المواد المتناثرة من المقذوفات والصواريخ والمواد المتفجرة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بتأثير صاروخ أو صواريخ عدة محمولة جواً». وأكد التقرير أن فحص عينات التربة وبقايا الصواريخ «أثبت وجود ثلاث مواد وليس مادة واحدة تستخدم في صناعة المتفجرات والصواريخ، وجميعها مواد شديدة الانفجار وتستخدم في صناعة الذخائر الحربية».

وقال التقرير: «من خلال فحص (العينات الترابية من الحفرة وبعض القطع المعدنية لبقايا الصواريخ) داخل المختبرات ثبت وجود ثلاث مواد وليس مادة واحدة تستخدم في صناعة المتفجرات والصواريخ، وهي (تي إن تي)، نترات الأمونيا، و DIBUTYLPHTHALATE، وجميعها شديدة الانفجار وتستخدم في صناعة الذخائر الحربية».

وقد تعني نتائج التحقيق أن الهجوم الصاروخي استهدف موقعاً لصناعة المسيرات المفخخة، التي تستخدمها الفصائل في عملياتها ضد قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا.

صورة متداولة على منصات قريبة من «الحشد الشعبي» لانفجار معسكر «كالسو» في محافظة بابل بالعراق

الهدنة مستمرة

وتبدو صياغة التقرير محاولة للحفاظ على أجواء التهدئة بين الفصائل المسلحة والأميركيين، خصوصاً بعد زيارة رئسي الحكومة محمد شياع السوداني لواشنطن ولقائه بالرئيس جو بايدن.

وقالت مصادر سياسية موثوقة، إن قادة في «الإطار التنسيقي» أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم «عصائب أهل الحق» يدفعون باتجاه تثبيت التهدئة، على خلاف قادة فصائل مثل «النجباء» و«كتائب حزب الله».

وقال مصدر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نتائج التحقيق العسكري بشأن ضربة (كالسو) تعكس الرغبة الحكومية، وطرف وازن داخل (الإطار)، في تكريس الهدنة».

وما أن أقلعت طائرة السوداني من قاعدة «أندروز» الجوية في الولايات المتحدة الأميركية متجهة إلى بغداد، تواترت الأخبار بشأن ما قيل أولاً إنه ضربة لإحدى القطعات العسكرية في محافظة بابل وتحديداً في منطقة «جرف الصخر».

وكان الخبر الأول الذي وصل إلى فريق السوداني على متن الطائرة، أن الضربة تمت بصاروخ أميركي، قبل أن تظهر ردود فعل سريعة من قِبل قادة الفصائل بشأن طبيعة الرد المحتمل، بينما سرى حديث داخل الطائرة أنه في حال صح أن الصاروخ أميركي فهذا إعلان مسبق عن فشل الزيارة، وهو ما كان مستبعداً على نحو كبير حينها.

بعد نحو ساعة تقريباً وصل خبر ثان أفاد بأن الضربة إسرائيلية، وأن ما حدث كان ضمن «قواعد الاشتباك مرة بين الإيرانيين والإسرائيليين ومرة بين الفصائل والإسرائيليين»، على حد وصف سياسيين عراقيين.

ومع اتضاح الموقف بشأن طبيعة تفجير «كالسو»، فإن الصواريخ الخمسة التي أطلقت من الموصل شمالي العراق على قاعدة أميركية في الأراضي السورية بدت جزءا من اختبار القوة بين بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران وبين الحكومة العراقية.

ووصفت الحكومة في بيان رسمي «إطلاق تلك الصواريخ بأنه نتاج عمل جهات خارجة عن القانون»، في حين تضاربت مواقف أصدرتها فصائل مسلحة مثل «كتائب حزب الله» بين التبني والنفي.

مَن قصف «عين الأسد»؟

وفي سياق متصل، وطبقاً لمعهد واشنطن الأميركي، فإن فصائل عراقية على الأغلب نفذت الهجومين على قاعدتين للقوات الأميركية في عين الأسد والحسكة السورية؛ وهو ما قد يعني «إنهاءً للهدنة» وعلى طريق استئناف التصعيد بين الطرفين في العراق.

لكن التقرير الأميركي أشار إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران أظهرت «انضباطاً صارماً» حين تجنبت إعلان مسؤوليتها عن أي من الهجومين على قاعدة خراب الجير في الحسكة في سوريا أو قاعدة الأسد الجوية في العراق، وذكر أن جهوداً كانت بُذلت من أجل تجنب الانتقام الأميركي.

ولفت التقرير إلى أن الهجومين، بحسب التقارير الصحافية والمسؤولين الأميركيين، يشير إلى استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة ضد هذه القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وذلك للمرة الأولى منذ 4 فبراير (شباط) عام 2024.

ولفت التقرير إلى أن الهجمات السابقة على «خراب الجير» كانت تنسب عادة إلى حركة «النجباء»، وأن الهجوم على عين الأسد ربما يكون قد تم من نقطة معينة في العراق أو سوريا، وعادة ما ينسب إلى «كتائب حزب الله».


تأجيل الانتخابات المحلية يفاقم أزمات اللبنانيين ويزيد تداعي المؤسسات

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أعلن رفضه إجراء الانتخابات البلدية (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أعلن رفضه إجراء الانتخابات البلدية (د.ب.أ)
TT

تأجيل الانتخابات المحلية يفاقم أزمات اللبنانيين ويزيد تداعي المؤسسات

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أعلن رفضه إجراء الانتخابات البلدية (د.ب.أ)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أعلن رفضه إجراء الانتخابات البلدية (د.ب.أ)

يضاعف التأجيل الثالث للانتخابات المحلية، المخاوف من أن يفاقم أزمات اللبنانيين، بالنظر إلى الشغور القائم في 164 بلدية من نحو ألف بلدية قائمة، يتولى تسيير أمورها القائمقام أو المحافظ، إضافة إلى عشرات البلديات المشلولة نتيجة خلافات بين أعضائها، وسط توقعات بازدياد البلديات المستقيلة في حال تأجيل الانتخابات.

وعشية جلسة تشريعية يتوقع أن تنتهي بتمديد ولاية المجالس المحلية، رفع القيمون على عدد من البلدات والقرى، خصوصاً تلك التي حُلت مجالسها في السنوات الماضية، الصوت نظراً للتداعيات الكبيرة لتأجيل جديد للاستحقاق على المواطنين وشؤونهم اليومية في ظل التداعي المستمر والمتواصل لمؤسسات الدولة.

ويصف معنيون بالملف المبررات التي تقدمها السلطة السياسية للتمديد بـ«الواهية»، في حين يطرح بعضهم، في حال تعذر إجراء الانتخابات في كل لبنان، إجراءها حيث البلديات منحلة وبحاجة ماسة لمجالس جديدة.

وكانت السلطة السياسية اللبنانية قد لجأت لتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية مرتين، الأولى في عام 2022 بحجّة تزامنها مع الانتخابات النيابيّة واستحالة إجرائهما معاً، والثانية في عام 2023 بذريعة الصعوبات المالية.

«الثنائي الشيعي»: لا انتخابات قبل توقف الحرب

وأخيراً، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل صريح عن رفضه إجراء الانتخابات البلدية التي يفترض أن تحصل الشهر المقبل من دون إجرائها في الجنوب، مؤكداً أن جبهة الجنوب لا يمكن فصلها عن جبهة غزة. وقد دُعيت الهيئة العامة للمجلس لجلسة لإقرار اقتراح قانون التمديد الخميس المقبل.

وبالرغم من قيام وزارة الداخلية بكل ما يتوجب عليها إجرائياً وتقنياً، وتحديدها مواعيد لإجراء الانتخابات، إضافة إلى نقل مبلغ ألف مليار ليرة من احتياطي الموازنة لحساب «الداخلية» لضمان إجراء الاستحقاق، فإن قوى السلطة، وعلى رأسها «الثنائي الشيعي» المتمثل بحركة «أمل» و«حزب الله»، يبدو حاسماً في رفضه إجراء الانتخابات ما دامت الحرب قائمة في الجنوب.

3 قوانين يجب إقرارها

ويعد الناشط السياسي المحامي ربيع الشاعر، أن «هذه الطبقة السياسية لا تريد تفعيل العمل البلدي لأسباب بنيوية، وبالتحديد لأن البلديات أداة لخلق نخب جديدة تنافس النخب التقليدية على السلطة. وبالتالي، ما دام القانون الحالي يحيل مهام البلديات المنحلة إلى القائمقام أو المحافظ، فبذلك يكونون قد أمنوا مركزية القرار ووضعوا أيديهم على البلديات وأموالها بشكل مباشر أو غير مباشر»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى عوامل أخرى تجعل قوى السلطة غير متحمسة للانتخابات، أبرزها ضعفها على الأرض، والخشية من انقسام بين مناصريها. ويضيف الشاعر: «حتى لو افترضنا أن هناك ظروفاً تحتم التمديد، وأنا لا أؤيد المبررات التي تساق راهناً، فالأحرى أن يتم تخصيص الجلسة التي خصصت للتمديد لبحث وإقرار 3 قوانين أساسية جداً لتقليص التداعيات السلبية لتأجيل الانتخابات، وهي: قانون اللامركزية الموسعة الذي تستمر المماطلة ببحثه منذ 8 سنوات، إضافة لقانونين مرتبطين بقيمة الرسوم وتفعيلها، وتطوير إجراءات التحصيل»، مشيراً إلى أن «الموازنة الحالية لحظت تعديل القيمة التأجيرية، وهذا جيد وسيؤدي لتحسين المخصصات البلدية، ولكن الأمر غير كافٍ».

وكانت «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» (لادي) قد وصفت الأسباب التي سيقت لتمديد أول وثانٍ للمجالس البلدية والاختيارية بـ«الواهية»، عادّة أن إرجاء الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي لا يخدم الجنوبيين بأي شكل من الأشكال، بل يحرمهم وسكان لبنان جميعاً من المشاركة الفاعلة في تشكيل تلك المجالس، ترشيحاً واقتراعاً.

البلديات... بالأرقام

وبحسب الباحث في الشركة «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، يبلغ عدد البلديات حالياً 1064، 34 منها مستحدثة بعد عام 2016، لافتاً إلى وجود 164 بلدية يتولاها القائمقام أو المحافظ، إضافة لعشرات البلديات المشلولة نتيجة خلافات بين أعضائها وعدم توافر الإمكانات. ويبلغ عدد بلديات الجنوب اللبناني 271.

ويرجح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي التمديد الثالث إلى أن «يستقيل حكماً أعضاء جدد، فيرتفع بذلك عدد البلديات المنحلة لأنها غير قادرة على مواجهة الكثير من المشاكل التي تواجهها»، مشدداً على وجوب السعي لإجراء الانتخابات «مهما كانت الاعتبارات؛ لأن هناك مهام كثيرة ملقاة على عاتق البلديات لا تقوم بها، كضمان الأمن، وحل أزمة النفايات، وتوفير الخدمات الأساسية، وتحسين الطرقات الداخلية، كما ضبط النزوح السوري».

ويضيف شمس الدين: «البلدية بنهاية المطاف هي حكومة محلية، والشلل البلدي أمر خطير جداً».

الانتخابات للبلديات المنحلة حصراً

وتعد بلدية عرسال الحدودية (شرق لبنان) أبرز البلديات المنحلة، باعتبار أنها تؤوي آلاف النازحين السوريين منذ عام 2011، ما يفاقم المشكلات والاحتياجات فيها.

وتوضح ريما كرنبي، نائبة رئيس بلدية عرسال، التي تقدمت باستقالتها إلى جانب النصف زائداً واحداً من الأعضاء، بسبب ما تقول إنه أداء رئيس البلدية «السيئ»، أن «محافظ بعلبك الهرمل هو الذي يحل محل المجلس البلدي راهناً، ويساعده كاتب البلدية. لكن، وباعتبار أن هناك عدداً كبيراً من البلديات المنحلة التي يتولى مهامها المحافظ، فالبلدة تحتاج لا شك لمن يتابع مشاكلها الصغيرة والكبيرة عن كثب، لذلك قد يكون من المناسب في حال تأجيل الانتخابات مرة جديدة أن تتولى مجموعة من الأشخاص مساعدة كاتب البلدية، بما يشبه الإدارة المحلية التي تضم مجموعة من المخاتير والناشطين». وتشدد كرنبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا مبرر على الإطلاق للتمديد اليوم، والموضوع هو في السياسة ولا علاقة له بأي شأن آخر»، مقترحة على وزارة الداخلية «في حال ظلت القوى السياسية على موقفها، إجراء انتخابات استثنائية للبلديات المنحلة حصراً».

وفي إطار سعيها لتنظيم الوجود السوري في لبنان، أصدرت وزارة الداخلية في سبتمبر (أيلول) الماضي، مجموعة تعاميم لتنظيم الوجود السوري في القرى والبلدات والمدن، وكلفت المحافظات والبلديات بإحصاء النازحين السوريين الموجودين ضمن نطاقها، والتشدد في موضوع مواقع إقامتهم وعمالتهم، ورفع تقارير دورية كل 15 يوماً بالإجراءات التي قامت بها على صعيد قمع المخالفات وإزالة التعديات. وبالتالي، فإن تمديداً جديداً للمجالس البلدية في ظل وجود عدد كبير من البلديات المنحلة، سيؤثر تلقائياً على ملف النزوح، بحيث أن جمع «الداتا» بشكل مناسب قد لا يكون ممكناً، وكذلك اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين من النازحين السوريين.


الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي بالمقابر الجماعية في مستشفيات غزة

مسعفون فلسطينيون يحملون جثث القتلى التي تم اكتشافها بالقرب من مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة في 17 أبريل 2024 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة هناك (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يحملون جثث القتلى التي تم اكتشافها بالقرب من مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة في 17 أبريل 2024 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة هناك (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي بالمقابر الجماعية في مستشفيات غزة

مسعفون فلسطينيون يحملون جثث القتلى التي تم اكتشافها بالقرب من مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة في 17 أبريل 2024 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة هناك (أ.ف.ب)
مسعفون فلسطينيون يحملون جثث القتلى التي تم اكتشافها بالقرب من مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة في 17 أبريل 2024 بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة هناك (أ.ف.ب)

دعا مكتب حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إلى إجراء تحقيق دولي في المقابر الجماعية المكتشَفة في «مجمع الشفاء» و«مجمع ناصر». وقال إن تدمير أكبر مجمعين طبيَّين في قطاع غزة «مرعب»، بحسب ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وشدد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان، على الحاجة إلى «تحقيقات مستقلة وفعالة وشفافة في هذه الوفيات، وفي المناخ السائد من الإفلات من العقاب».

وكان المكتب الإعلامي في غزة قد أعلن العثور على مقبرة جماعية لفلسطينيين دفنهم الجيش الإسرائيلي في باحة «مجمع الشفاء» الطبي، غرب مدينة غزة، خلال عمليته العسكرية بالمستشفى. وعثر على 10 جثث لفلسطينيين أعدمهم الجيش الإسرائيلي ودفنهم في الباحة الأمامية للمستشفى خلال عملياته العسكرية بالمستشفى التي استمرّت على مدار أسبوعين نهاية مارس (آذار) الماضي.


200 يوم حرب... انهيار منظومة الحياة في غزة و25 مليار دولار تكلفة الإعمار

صبي يساعد بائعاً في ترتيب بضائعه خلال وقوفه أمام أنقاض مبنى منهار في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي يساعد بائعاً في ترتيب بضائعه خلال وقوفه أمام أنقاض مبنى منهار في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

200 يوم حرب... انهيار منظومة الحياة في غزة و25 مليار دولار تكلفة الإعمار

صبي يساعد بائعاً في ترتيب بضائعه خلال وقوفه أمام أنقاض مبنى منهار في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي يساعد بائعاً في ترتيب بضائعه خلال وقوفه أمام أنقاض مبنى منهار في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مع مرور 200 يوم على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ألقت تبعات الحرب أوزارها الثقيلة على المستويات كافة، ومن أبرزها الجانب الاقتصادي بما أحدثته من صدمات اقتصادية دفعت بمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى دائرة الفقر المدقع.

فالوضع الاقتصادي بالقطاع كان يعاني بالفعل قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويُجمع الآن المسؤولون والخبراء الاقتصاديون على أن الأمر بات في غاية الصعوبة، وسيحتاج إلى سنوات طوال ليعود لمستوى يقترب مما كان عليه قبل الحرب، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

ويشير المسؤولون والخبراء إلى حجم الدمار في الاقتصاد، وفي البنية التحتية التي ستحتاج مليارات الدولارات من أجل إعادة إعمارها، وإلى مدى تعميق الحرب لأزمة البطالة في قطاع غزة، التي كانت تُعدّ الأعلى على مستوى العالم قبل الحرب.

ويقول مدير دائرة السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، رشاد يوسف، إن الخسائر الاقتصادية في غزة بسبب الحرب تندرج لشقين، الأول خسائر الناتج المحلي الإجمالي، والثاني يتعلق بالبنية التحتية؛ نتيجة تدمير المباني والمنشآت والطرق.

وتابع قائلاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «حسب آخر التقارير قُدرت خسائر الناتج الاقتصادي المحلي في الضفة الغربية وقطاع غزة مع نهاية الشهر السادس للحرب بنحو 3.2 مليار دولار، منها 1.5 مليار دولار في قطاع غزة؛ نتيجة تعطل الطاقة الإنتاجية للمنشآت الاقتصادية في غزة».

وأضاف أن الأضرار المادية في البنية التحتية والمباني، حسب تقرير البنك الدولي، تقدر بنحو 18.5 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب، وهناك توقعات بأن يتجاوز الرقم 25 مليار دولار بعد 6 أشهر من الحرب المتواصلة.

وأردف قائلاً: «إن الخسائر في المباني السكنية، التي تضرر 75 في المائة منها، تصل إلى نحو 13 مليون دولار، كما تصل قيمة خسائر المنشآت الاقتصادية التي تهدمت إلى 1.6 مليار دولار».

* جميع القطاعات تضررت

يؤكد المسؤول الفلسطيني أن جميع القطاعات في غزة تضررت، سواء التجاري منها أو الصناعي أو الخدمي.

ويقول: «عندما نتحدث عن إعادة إعمار البنية التحتية هناك، ستتراوح التكلفة ما بين 20 و25 مليار دولار. ومع مرور الوقت واستمرار الحرب سيزداد المبلغ الذي تتطلبه هذه العملية».

وأشار إلى أن عدد المنشآت الصناعية التي تضررت بلغ 2559 منشأة، منها نحو 1612 منشأة دُمّرت بالكامل، و547 دُمّرت جزئياً.

واستطرد قائلاً: «إن نحو 23 ألف منشأة بالقطاع التجاري دُمّرت، منها 8600 بشكل كامل». وقال: «ربما هو القطاع الأكثر تضرراً كون قطاع غزة يعتمد على هذا النوع من النشاط الاقتصادي».

وتابع: «القطاع السياحي من القطاعات المتضررة رغم أن عدد المنشآت السياحية ليس كبيراً في القطاع، إذ يضم 87 منشأة، تضرر منها 14 فندقاً ونحو 73 منشأة أخرى ما بين مقاهٍ وشاليهات».

وواصل حديثه قائلاً: «المنطقة الصناعية شمال غزة كانت تضم منشآت حيوية و72 مصنعاً يعمل بها آلاف العمال من القطاع. وبعد الحرب وتدمير المنطقة بشكل شبه كامل تضرر نحو من 55 مصنعاً، كما تم تدمير البنية التحتية من طرق وكهرباء، وهي من أهم المناطق الاقتصادية الحيوية في القطاع التي تم تدميرها».

الخسائر... وكيفية التعافي

وعن خطة إعادة الاقتصاد في غزة لما كان عليه قبل السابع من أكتوبر، قال مدير دائرة السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية: «نظراً للدمار الهائل، فإنه حتى في حال توقفت الحرب فإن الخطة الحكومية التي سيتم العمل عليها ستبدأ بـ3 سنوات إغاثية من إنعاش للاقتصاد، وإدخال المساعدات، وإعادة بناء المنشآت التي تضررت بشكل جزئي لتعود للعمل. ولاحقاً، أي بعد 5 سنوات، سيتم البدء بمرحلة التعافي، والعمل على إعادة إعمار المنشآت التي دُمّرت بشكل كامل، والبنية التحتية».

وأضاف: «وفقاً للتقديرات، وحتى نعود لما قبل 7 أكتوبر فيما يتعلق بالقطاع الاقتصادي، فإننا نحتاج ما بين 7 و10 سنوات في حال توفرت الأموال وكل المقومات والتسهيلات اللازمة، من فتح معابر، ودخول البضائع والمستلزمات بشكل انسيابي، وكذلك أن تكون هناك حركة سهلة للبضائع من الضفة الغربية لغزة».

وتحدث الوكيل المساعد لشؤون التعاون الدولي والناطق الرسمي باسم وزارة العمل، رامي مهداوي، عن الوضع في قطاع غزة قائلاً: «إنه كان في غاية الصعوبة قبل الحرب، حيث كانت نسبة البطالة هي الأعلى على الصعيد العالمي».

وأوضح في حديثه إلى «وكالة أنباء العالم العربي»: «نسب البطالة ارتفعت بشكل كبير في قطاع غزة، حيث كانت تصل في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الحرب إلى 24 في المائة، ووصلت بعد الحرب إلى 46 في المائة، وربما ترتفع لنسب كبرى في ظل الواقع الصعب».

وأردف: «500 ألف وظيفة في الضفة الغربية وقطاع غزة تمت خسارتها بعد 7 أكتوبر، و190 ألف عامل من الضفة كانوا يتوجهون للعمل بالداخل وتوقفوا عن العمل؛ مما تسبب في خسارة شهرية تقدر بنحو 1.25 مليار شيقل (نحو 265 مليون دولار)، إضافة إلى ما بين 15 و20 ألف عامل من قطاع غزة كانوا يتوجهون للعمل بالداخل وتوقفوا عن العمل منذ أشهر؛ ما تسبب في خسائر تقدر بالمليارات».

وقال إن هذا، إضافة إلى تدمير البنية الاقتصادية في القطاع، سيجعل الواقع الاقتصادي أكثر صعوبة.

العودة الاقتصادية تحتاج لسنوات

الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، يرى أن حجم الدمار الهائل في قطاع غزة قضى على ما يمكن تسميته «اقتصاداً في غزة». وقال: «يمكن القول إن القطاع الاقتصادي تعطّل بشكل تام، ونسبة التعطل بالأنشطة تكاد تتجاوز 90 في المائة، وما تبقى من اقتصاد يتمثل ببعض الأنشطة التجارية الخفيفة؛ من مواد غذائية، وسلع، وبعض الاقتصاد المنزلي».

وأضاف متحدثاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «لم يعد هناك بنيان واضح المعالم لنقول إن هناك ما يُسمى اقتصاداً في غزة، حيث تم تدمير القاعدة الإنتاجية والمرافق العامة المساندة والبنية التحتية، حتى المؤسسات التعليمية والصحية التي ربما كانت تسهم في الاقتصاد المحلي تعطّلت بشكل شبه تام».

وقال إن ما بين 90 و95 في المائة من الأنشطة الاقتصادية توقفت «وإذا تم اجتياح رفح، فهذا يعني أنه لم يعد هناك ما يسمى اقتصاداً».

وأشار إلى أن الخسائر بالناتج المحلي تُقدر بما بين 2.5 مليار و3 مليارات دولار، وتكلفة تدمير البنية التحتية تُقدر بنحو 18 مليار دولار حتى نهاية مايو (أيار)، مضيفاً: «وفقاً لحجم الدمار، فقد تصل تكاليف إعادة الإعمار إلى 25 مليار دولار».

ويرى عبد الكريم أن عودة القطاع الاقتصادي يجب أن تسبقها مرحلتان، مرحلة الإغاثة وإعادة توطين النازحين بأماكن سكنهم وإعادة الإعمار ولو جزئياً للمنازل والمساكن ليعود السكان لمنازلهم وتبدأ حركة اقتصادية، ثم فتح المعابر ودخول السلع ومواد البناء لتعود الحركة الاقتصادية.

وتابع: «القطاع الاقتصادي في غزة يحتاج لما بين 5 و7 سنوات وربما أكثر ليتحرك بمستوى عادي».