«الجرف القاري»... قضية قديمة تعود إلى واجهة العلاقات التونسية ـ الليبية

حقل البوري النفطي الليبي (أرشيفية من رويترز)
حقل البوري النفطي الليبي (أرشيفية من رويترز)
TT

«الجرف القاري»... قضية قديمة تعود إلى واجهة العلاقات التونسية ـ الليبية

حقل البوري النفطي الليبي (أرشيفية من رويترز)
حقل البوري النفطي الليبي (أرشيفية من رويترز)

في حين لا يزال مجلس النواب الليبي يدرس الرد على ما أثاره الرئيس التونسي قيس سعيّد بشأن «قضية الجرف القاري»، ومطالبته بـ«مقاسمة» إنتاج حقل «البوري» النفطي، الواقع في البحر المتوسط بين البلدين، عبّر سياسيون ليبيون عن استغرابهم وغضبهم من إعادة فتح القضية «التي جرت تسويتها دولياً لصالح بلدهم»، على عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، قبل قرابة 4 عقود من الآن.
وسبق للرئيس سعيّد القول، في تصريحات، الجمعة، إن بلاده «لم تحصل من حقل البوري النفطي إلا على الفُتات»، متحدثاً عن أنه «كانت هناك نية لتقاسم الحقل في فترة الرئيسين القذافي والحبيب بورقيبة».
ويعود الخلاف على حقل «البوري» النفطي بين ليبيا وتونس إلى ما قبل عام 1982، لكن الطرفين ارتضيا آنذاك، وفقاً لوزارة النفط الليبية، الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية، التي قضت لصالح ليبيا فيما عُرف حينها بـ«قضية الجرف القاري».
وبشكل مفاجئ أعاد الرئيس التونسي فتح القضية مجدداً، خلال زيارته مقرّ «المؤسّسة التونسية للأنشطة البترولية»، وقال إن بلاده سبق لها رفض مقترح تقاسم الحقل الذي طرحته ليبيا في عام 1974، «وفي عام 1977 جاءت ليبيا بشركة أميركية كانت على وشك الإفلاس، ووضعت منصة لاستخراج البترول». ولفت إلى «توسط محمود رياض، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية بين البلدين، واتفاقهما على عرض القضية على محكمة العدل الدولية، التي لم تلتفت إلى مسألة الجرف القاري».
وقال عضو بمجلس النواب الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس لا يزال يدرس الرد على ما أثاره الرئيس التونسي، وأن المتحدث باسمه بصدد الإعلان عن موقف البرلمان «الرافض لأي محاولة لفتح قضايا حول المياه الإقليمية سبق وحكم فيها دولياً لصالح البلاد».
ووسط ردود فعل ليبية غاضبة، قال محمد عون، وزير النفط والغاز، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إن «قضية حقل البوري مع دولة تونس فصل فيها القضاء الدولي منذ ثمانينيات القرن الماضي لصالح ليبيا».
وأشار عون، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إلى أن البلدين «كانا قد اتفقا على استحداث شركة ليبية - تونسية لتطوير الآبار المشتركة في منطقة برحية، لكن هذه المنطقة بعيدة كل البعد عن حقل البوري، وبحر السلام، وحقل الجرف، التي تقع جميعها داخل خط التقسيم الذي حكمت به محكمة العدل الدولية بين تونس وليبيا».
وكان رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسي العريبي، قد قال، لـ«وكالة الأنباء الليبية» الرسمية، إنه لا يمكن «القبول أو السماح بالمساس بثروات ليبيا، التي هي مِلك للشعب، تحت أيّ ظروف أو أي مبررات».
ورفض إبراهيم صهد، عضو «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، ما سمّاه «بأي تطاول على السيادة الليبية وحقوقها»، وقال إن تونس «سبق ورفضت عرضاً من القذافي، حينما كان يسعى للوحدة معها، يقضى بمناصفة الجرف، أو الاستغلال المشترك؛ لاعتقادها أن التحكيم الدولي سيكون في صالحها».
ونوّه بأن وزارة الخارجية الليبية حينها كلّفت فريقاً قانونياً من خبراء ليبيين وأجانب، وقضت المحكمة لصالح ليبيا، متابعاً «هذا الحكم موثَّق في المحكمة الدولية وفي الأمم المتحدة، ولا مجال لإنكاره أو محاولة نقضه».
وحقل «البوري» تديره شركة «مليتة» للنفط والغاز التابعة لمؤسسة النفط الليبية، بالمشاركة مع شركة «إيني» الإيطالية، وينتج 30 ألف برميل نفط يومياً. وتقول مؤسسة النفط إن احتياطاته من النفط الخام تصل إلى قرابة 72 مليون برميل، و3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
TT

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي قوله، السبت، إنه أحبط سلسلة هجمات إرهابية مزمعة لمسلحين في جمهورية داغستان جنوب البلاد. ويُشتبه أن هذه الهجمات كانت ستستهدف قوات من الشرطة وكنيسة أرثوذكسية، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين في روسيا. وقال الجهاز بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، إنه اعتقل 3 مواطنين روس في مدينة كاسبيسك، هم أعضاء في منظمة إرهابية دولية، إلا أنه لم يذكر اسمها. مضيفاً أن المحققين صادروا عبوات ناسفة بدائية الصنع وأسلحة أخرى. مضيفاً في بيان له أنه «أحبط بالتعاون مع وزارة الداخلية الروسية، سلسلة جرائم إرهابية في أراضي جمهورية داغستان».

وتابع البيان موضحاً: «نتيجة للأنشطة التي تم تنفيذها في مدينة كاسبيسك، تم اكتشاف واحتجاز 3 من السكان المحليين، وهم مواطنون روس من أتباع منظمة إرهابية دولية محظورة في أراضي روسيا، كانت لديهم نية لارتكاب أعمال تخريبية وإرهابية، ضد وكالات إنفاذ القانون، وكذلك كنيسة أرثوذكسية في مدينة كاسبيسك».

وحسب البيان ذاته، فقد تم العثور في أماكن إقامة المعتقلين في كاسبيسك على عبوات ناسفة وأسلحة، وتعليمات خاصة بتنفيذ عمليات قتالية في المناطق الحضرية والحرجية. مشيراً إلى أن المعتقلين «أدلوا باعترافات»، ورفعت هيئات التحقيق التابعة لهيئة الأمن الفيدرالية دعوى جنائية، وتحقق فيها بموجب مواد «التحضير لعمل إرهابي»، و«تنظيم جماعة إرهابية والمشاركة فيها»، و«إنتاج المتفجرات بصورة غير قانونية» من القانون الجنائي لروسيا.

يشار إلى أن السلطات الأمنية أجرت عملية أمنية في كاسبييسك، الجمعة.

واندلع عنف الإسلاميين المتشددين من جديد في الأشهر القليلة الماضية في شمال القوقاز الذي مزقته حروب وحملات تمرد من الشيشان في تسعينات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الحالية. وقُتل 22 شخصاً الشهر الماضي في هجمات متزامنة على كنائس ومعابد يهودية، ونقاط تفتيش تابعة للشرطة في مدينتين. وأدى هجوم عنيف، أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه، إلى مقتل 145 شخصاً في مارس (آذار) الماضي في قاعة حفلات على مشارف موسكو. واعتقلت روسيا المسلحين المشتبه بهم، وعدداً ممن تعتقد أنهم شركاء لهم، وأغلبهم من مواطني طاجيكستان، وينتظرون المحاكمة حالياً.

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تعرضت مدينتا ديربنت ومحج قلعة في داغستان لاعتداء إرهابي استهدف كنيستين أرثوذوكسيتين، وكنيساً يهودياً ومركزاً لشرطة المرور، ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وأعلنت قوات الأمن في داغستان القضاء على 6 مسلحين، 4 منهم في محج قلعة و2 في دربنت.