يتجمّع عدد من الشبّان الفلسطينيين الملثمين مساء كل يوم في قرية ترمسعيا في الضفة الغربية مسلحين بعصي وكشّافات إنارة، ويقولون إنهم يتحسبون لهجمات قد يشنها مستوطنون يقطنون حول البلدة.
وتشهد هذه المنطقة في شمال الضفة الغربية المحتلة من إسرائيل منذ عام 1967، أعمال عنف وتوترات بانتظام.
قبل نحو عشرة أيام، قُتل إسرائيليان يقيمان في مستوطنة قريبة بالرصاص في إطلاق نار على السيارة التي كانت تقلهما لدى مرورها في قرية حوارة القريبة من ترمسعيا. على الأثر، دخل مئات المستوطنين قرية حوارة وأضرموا النار في مبان وحاويات نفايات وسيارات.
لكن شابا في ترمسعيا بدا وكأنه من منظمي الحراسة الليلية، قال لوكالة الصحافة الفرنسية «حتى قبل أحداث حوارة، كانت ترمسعيا معرّضة كل أسبوع أو أسبوعين لاعتداء من مستوطنين، سواء على المنازل أو على الشجر أو البشر. كل شيء مستهدف، لأن البلدة محاطة ببؤر استيطانية».
وأضاف الشاب الذي لفّ وجهه بكوفية فلسطينية وهو يجلس في جرافة زراعية صغيرة: «أصبحت عندنا يقظة أكثر لصدّ أي اعتداء على القرية، ونحن سنقف لهم باستمرار. لا ننوي الاعتداء على أحد، إنما نعمل للدفاع عن أهلنا وعن قريتنا وعن أنفسنا وبيتنا وأرضنا وعرضنا، وهذا هو سلاحنا: عصي وأجهزة إضاءة، ولا نملك سواها للدفاع عن أنفسنا».
تدخّل شاب آخر غطّى وجهه ورأسه بوشاح أسود «شكّلنا لجان حراسة بعد ما جرى في حوارة، وصرنا نتناوب مع بعضنا بعضا لصدّ أي هجوم محتمل».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قد وصف الوضع آنذاك، بأنه «لا يطاق»، وحذّر من أن إسرائيل «لا يمكنها أن تسمح للمواطنين بتطبيق القانون بأيديهم». وشهدت بلدة ترمسعيا (أربعة آلاف نسمة) هجمات في السابق من مستوطنين. ويحيط بها من الجهة الشرقية تجمعان استيطانيان معروفان باسم «عادي عاد» و«حامي حاي»، ومن الشمال مستوطنة «شيلو»، إضافة إلى معسكر للجيش الإسرائيلي مقام على تلة جبلة.
وقال الشاب عوض أبو سمرة للوكالة الفرنسية: «بداية العام الحالي، تعرّض بيت أخي سمير ومنزل جاره عودة جبارة لاعتداء من مستوطنين. حرقوا القرميد والسيارة. وسيطرنا حينها على النار والحريق». وتابع: «شباب القرية يسهرون تطوعا للصباح والوضع تحت السيطرة».
ويتحرّك الشبان على شكل مجموعات، إما سيرا على الأقدام أو بواسطة آليات زراعية صغيرة، ويضعون برنامجا للسهر طوال الليل على تلة مرتفعة يمكن من خلالها مراقبة تحركات المستوطنين في الجهة المقابلة. ويمدّهم أهالي القرية بالماء والمشروبات الساخنة خصوصا في أثناء الليل البارد.
يقول عبد الكريم الزغلول القادم من ولاية أوهايو الأميركية في زيارة، والذي كان يقدّم الشاي للمجموعة التي تقوم بالحراسة: «نعم، نحن نشعر بالخوف وكذلك القرى المجاورة؛ خصوصاً بعد ما جرى في حوارة». وأضاف: «ما جرى في حوارة (...) نعيشه كلّ يوم، أنا فلسطيني أميركي لكن هنا لا حقوق لي بصفتي أميركيا، ولا أحد يهتم بما نتعرض له يوميا».
وشهدت المنطقة في الماضي مواجهات عديدة بين فلسطينيين ومستوطنين. ونفّذ فلسطيني من بلدة ترمسعيا يحمل الجنسية الأميركية، ويدعى منتصر شلبي، هجوما في شهر مايو (أيار) عام 2021 على حاجز زعترة حيث قتل مستوطنا وأصاب اثنين آخرين بجروح.
وألقي القبض عليه بعد أسبوعين من المطاردة، وحكمت المحكمة الإسرائيلية عليه بالسجن المؤبد لمرتين، وبدفع غرامة مالية إضافة إلى تفجير منزله وسط البلدة في شهر أغسطس (آب) من العام ذاته.
ويقطن في الضفة الغربية نحو 2.9 مليون فلسطيني، ونحو 475 ألف إسرائيلي في مستوطنات وافقت عليها الدولة وتعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
فلسطينيون يحرسون ليالي الضفة
على خلفية توترات مع مستوطنين
فلسطينيون يحرسون ليالي الضفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة