هجوم حوارة يحرج السلطة الفلسطينية بعد قمة «خفض التصعيد»

«فتح» و«حماس» تدعوان للنفير بمواجهة المستوطنين... وإسرائيل تستعد لـ«أيام صعبة»

رجل من بلدة حوارة يتفقد سيارات أضرم فيها مستوطنون النار مساء الأحد (د.ب.أ)
رجل من بلدة حوارة يتفقد سيارات أضرم فيها مستوطنون النار مساء الأحد (د.ب.أ)
TT

هجوم حوارة يحرج السلطة الفلسطينية بعد قمة «خفض التصعيد»

رجل من بلدة حوارة يتفقد سيارات أضرم فيها مستوطنون النار مساء الأحد (د.ب.أ)
رجل من بلدة حوارة يتفقد سيارات أضرم فيها مستوطنون النار مساء الأحد (د.ب.أ)

طبع التصعيد الكبير الساعات القليلة التي أعقبت «قمة خفض التصعيد» في العقبة بالأردن؛ ما أثار تساؤلاً كبيراً حول ما إذا كان المسؤولون في قاعات الاجتماعات هم الذين يقررون في شأن الشارع، أم الشارع نفسه الذي بدا واضحاً أنه يخوض معركة أخرى منفصلة؟  
«ما كان في الأردن سيبقى في الأردن». هذا التصريح لم يخرج على لسان متظاهرين فلسطينيين غاضبين أو فصائل معارضة للقمة أو نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ضاقوا ذرعاً بالاحتلال، وإنما عبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الوزير أيضاً في المجلس الوزاري والأمني المصغر (الكابنيت). والمجلس هو الجهة التي تقرر سياسة إسرائيل والتي أرسلت وفدها إلى العقبة من أجل مفاوضة الفلسطينيين، وهي الرسالة التي التقطها المستوطنون المنفلتون من عقالهم، قبل أن يهاجموا بالنار بلدة حوارة الفلسطينية القريبة من نابلس. 
وأشعلت قطعان كبيرة ومنفلتة شعارها «الانتقام» و«الموت للعرب»، من أتباع بن غفير أو بتسليئل سموترتيش وزير المالية والوزير في وزارة الدفاع الذي تعهد أن الاستيطان لن يتوقف يوماً واحداً رداً أيضاً على تفاهمات العقبة، النار في كل مكان وصلت إليه، منازل وسيارات وأراضٍ، في مشهد غير مألوف شكّل منحى مهماً في مرحلة التصعيد الحالية. إحراق مركبات وحظائر و30 منزلاً وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس، إن المستوطنين نفذوا، نحو 300 اعتداء في بلدات حوارة وبورين وعصيرة القبلية جنوب نابلس.  
هذه الهجمات أدت إلى مقتل سامح حمد لله محمود أقطش (37 عاماً)، وإصابة أكثر من 100 آخرين بينهم 4 بجروح خطيرة، إضافة إلى استهداف 30 منزلاً في حوارة بين حرق وتكسير، وإحراق 15 مركبة ومشطب مركبات وإحراق بركس وحظيرة أغنام وثلاث مركبات، في بورين، في حين شهدت بلدة عصيرة القبيلة إحراق منزل وخزان مياه، ومشطب للمركبات، بحسب ما أكد دغلس. وكان كل ذلك يبث على الهواء مباشرة، والذي نقل أيضاً استغاثات الفلسطينيين تحت النيران. هذه الهجمات تكررت، أمس (الاثنين)، على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طالب المستوطنين بعدم «أخذ الحق باليد».  
وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أرسل 3 كتائب وأربع سرايا وقوات خاصة، إلى المنطقة، لضبط المستوطنين الذين لم يستطع ضبطهم يوم الأحد؛ لأن قواته لم تكن تكفي فخرجت الأحداث عن السيطرة، وهي مبررات لم تقنع حتى مسؤولين إسرائيليين وصفوا هجوم المستوطنين «باضطرابات دموية مدبرة»، واتهموا قوات الأمن بأنها أخفقت في استعداداتها لمنع دخول المستوطنين إلى حوارة. وقال مصدر أمني كبير في إسرائيل، إن الدعوة إلى اقتحام حوارة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سلفاً، وإنه لم تكن هناك حاجة إلى استخبارات لمعرفة تطور الأحداث. وما عزز فرضية أنها مدبرة، تصريحات أعضاء الكنيست في حزبي بن غفير وسموتريتش، ووصل بهم الأمر إلى دعوة المهاجمين «إحراق حوارة عن بكرة أبيها».  
صحيح أن الجيش لإسرائيلي أغلق المفارق الرئيسية حول نابلس يوم الاثنين، وأحكم قبضته هناك وقال، إنه سيمنع مواصلة مثل هذه الهجمات، لكن ذلك لا يعني أنه بانتهاء الهجوم على حوارة انتهت القصة. غضب فلسطيني رسمي لقد أثار الهجوم غضباً فلسطينياً رسمياً كبيراً بسبب أنه زاد من الضغط على القيادة الفلسطينية، التي انشغلت يومين في محاولة تبرير حضورها قمة العقبة بأنه «يهدف إلى وقف الجرائم الإسرائيلية»، فوجدت أن شعبها أصبح بعد ساعات قليلة تحت النيران من دون أن تملك وسيلة لإطفائها. وقالت الرئاسية الفلسطينية، إن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، تهدف إلى تدمير وإفشال الجهود الدولية المبذولة لمحاولة الخروج من الأزمة الراهنة. وحمّلت الرئاسة الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن هذا الإرهاب، «الذي يؤكد انعدام الثقة». واعتبرت الرئاسة أن ما قام به المستوطنون هو «ترجمة لمواقف بعض الوزراء في هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة». الرئاسة الملتزمة باتفاق العقبة حذرت قائلة «إننا نقف على مفترق طرق، إما أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، بإلزام الحكومة الإسرائيلية وقف اعتداءاتها ووقف جرائم المستوطنين على الفور، وإلا فإن الوضع ينذر بالدخول في دوامة من الفعل ورد الفعل، لا أحد يتنبأ بمصيره». إدانة أميركية وحتى الأميركيون الذين يقفون خلف قمة العقبة، أدانوا عنف المستوطنين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن بلاده تدين عنف المستوطنين في الضفة الغربية، الذي أسفر عن مقتل فلسطيني، وإصابة أكثر من 100 شخص آخرين، وتدمير العديد من الممتلكات. وأضاف برايس في تغريدة على «تويتر»، أن «هذه التطورات تؤكد ضرورة نزع التوتر على الفور، من خلال الأقوال والأفعال»، وأكد أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وشركائها الإقليميين لاستعادة الهدوء. شعبياً، وصل الغضب مداه عندما خرج الفلسطينيون في القرى التي هاجمها المستوطنون، في مواجهة مفتوحة معهم، في حين تظاهر آخرون في كل مكان في الضفة دعماً لحوارة المحاصرة.
وبشكل نادر اتفقت حركتا «فتح» و«حماس» على دعوة الفلسطينيين للنفير ومواجهة المستوطنين بكل الطرق الممكنة وفي كل مكان، وهي دعوات يفهم الإسرائيليون أنها ستلقى آذاناً صاغية، وستعزز إلى حد كبير التصعيد الذي يفرض نفسه على الأرض. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت «نتوقع أياماً معقدة وصعبة، ونحن مستعدون لجميع التهديدات». 
وأضاف أثناء زيارته موقع عملية قتل مستوطنين قرب حوارة «نتوقع أياماً معقدة وأكثر صعوبة، قد يكون ذلك في الضفة الغربية والقدس أو حتى على جبهة قطاع غزة. لقد أعطيت تعليماتي للجيش وللأجهزة الأمنية وقوات حرس الحدود، ليكونوا في أعلى جهوزية لمواجهة التهديدات كافة، إلى جانب تكثيف الوجود والعمليات الميدانية وتوفير الحماية على الطرقات والمحاور الرئيسية والحراسة للمستوطنات». 


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

قطر تعلن إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»

العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
TT

قطر تعلن إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»

العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

أعلنت قطر، اليوم (الأربعاء)، إعادة فتح سفارتها في سوريا «قريباً»، في أعقاب سقوط حكم الرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شنته قوات المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في بيان رسمي إن «دولة قطر ستعيد افتتاح سفارتها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة قريباً بعد إكمال الترتيبات اللازمة»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ الأنصاري أن «هذه الخطوة تأتي تعزيزاً للعلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة بين البلدين والشعبين الشقيقين. كما تعكس دعم دولة قطر الثابت للشعب السوري الشقيق، الذي يتطلع لبناء دولته على أسس العدالة والسلام والاستقرار والازدهار».

وأكد أن إعادة فتح السفارة «ستعزز التنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر للشعب السوري حالياً عبر الجسر الجوي».

يذكر أن رئيس الوزراء الجديد في «حكومة الجولاني»، محمد البشير، قد أعلن توليه مهامه رسمياً، أمس الثلاثاء، وذلك غداة غارات إسرائيلية ليلية، قدر عددها بنحو 300، استهدفت مواقع عسكرية استراتيجية سورية، مما جعل السلطة الجديدة توصف بأنها «جيش من دون مخالب». وأفاد البشير، في بيان بثه التلفزيون، بأنه كُلّف رسمياً برئاسة حكومة انتقالية في سوريا حتى 1 مارس (آذار) 2025.