الخارجية الأميركية: السعودية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي

بنايم لـ«الشرق الأوسط»: الإيرانيون خسروا فرصة العودة السريعة للاتفاق النووي.. والخيار العسكري الملاذ الأخير

أكد مسؤول أميركي أن لدى بلاده تاريخاً لا مثيل له في العمل مع السعوديين لتحقيق الازدهار الاقتصادي (أ.ف.ب)
أكد مسؤول أميركي أن لدى بلاده تاريخاً لا مثيل له في العمل مع السعوديين لتحقيق الازدهار الاقتصادي (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الأميركية: السعودية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي

أكد مسؤول أميركي أن لدى بلاده تاريخاً لا مثيل له في العمل مع السعوديين لتحقيق الازدهار الاقتصادي (أ.ف.ب)
أكد مسؤول أميركي أن لدى بلاده تاريخاً لا مثيل له في العمل مع السعوديين لتحقيق الازدهار الاقتصادي (أ.ف.ب)

يعتقد دانيال بنايم، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، أن الإيرانيين خسروا فرصة العودة سريعاً لتنفيذ كامل الاتفاق النووي في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن أداروا ظهورهم للاتفاق الذي كان معروضاً عليهم بموافقة الكل.
ويرى بنايم، في ردّه على سؤال «الشرق الأوسط» عن المخاوف القائمة بشأن مصير الاتفاق النووي مع إيران والخيارات المتاحة، أن «التزام الرئيس جو بايدن بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي هو أمر باق بوضوح».
وأضاف نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، الذي كان يتحدث لمجموعة محدودة من الصحافيين في منزل السفير الأميركي بالرياض: «الإيرانيون خسروا فرصة العودة سريعاً لتنفيذ كامل خطة العمل الشاملة المشتركة في سبتمبر عندما أداروا ظهورهم للاتفاق الذي كان معروضاً عليهم، والذي حظي بموافقة الجميع، وحيث إن هذه الخطة لم تعد على جدول أعمالنا لشهور مضت، إلا أنه يبقى لدينا الآن التزام الرئيس بايدن بعدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي».
ورغم أن دول الخليج والولايات المتحدة تفضّل الخيار الدبلوماسي المدعوم بالشراكة والتعاون الأمني القوي، وفقاً لدانيال بنايم، فإن «الرئيس بايدن كان واضحاً عندما أكد أن جميع الخيارات لا تزال مطروحة، وأن الخيار العسكري سيظل الخيار الأخير».
المسؤول الأميركي قلّل، في ردّه على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، من أهمية فرضية فقدان الولايات المتحدة دورها التاريخي في المنطقة لحساب الصين، مؤكداً أن بلاده ملتزمة «بضمان أمن الشرق الأوسط بطريقة لا تستطيع أي دولة أخرى أن تنتهجها».
وكشف بنايم، الذي بدا عليه الإرهاق بعد ساعات طويلة من المناقشات قضاها ضمن وفد أميركي مع الشركاء في دول الخليج، «أن السعودية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وأن هنالك رغبة أميركية بالمشاركة في تحديث الاقتصاد والمنافسة عبر تقديم رؤية مقنعة».

الدور الإيراني
وأكد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى «أن إيران تقوم بتوفير الأسلحة والتدريب والمُعدات مثل طائرات الدرونز وكثير من الدعم لميليشيا الحوثي في اليمن»، مبيناً أن النقل غير القانوني للمساعدات القاتلة من إيران تصرُّف غير مسؤول وخطير ويؤدي إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط».
وتعهّد بأن «تستمر الولايات المتحدة بالتعاون مع شركائها في ردع ومنع دخول هذه المواد القاتلة، للمنطقة»، مستدلاً بالإجراءات الأخيرة؛ ومنها ضبط كميات من الأسلحة والمتفجرات عدة مرات، خلال الشهور القليلة الماضية. وتابع: «نحن ملتزمون بالتعاون الوثيق مع دول الخليج، ولضمان أن باستطاعتها الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء».

العلاقات مع السعودية
وأوضح بنايم أن السعودية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى «أن ذلك يتضح من خلال تعاونها مع لبنان والسودان ومصر والعراق وأفغانستان، إلى جانب جهودها لتحويل وقف إطلاق النار في اليمن إلى مسار أكثر ديمومة».
وأضاف، بينما يراجع ملفاً مليئاً بالأوراق أمامه: «لدى الولايات المتحدة تاريخ لا مثيل له في العمل مع الشعب السعودي لتحقيق الازدهار الاقتصادي وتحديث الاقتصاد، ونعتزم المنافسة وتقديم رؤية مقنعة. وكما سمعت من الشركات الأميركية، فهي حريصة على لعب هذا الدور، ونحن كذلك حريصون على هذا».
ولفت نائب مساعد وزير الخارجية إلى أن هناك «أكثر من 18 ألف طالب سعودي يدرسون في الولايات المتحدة، سيشكلون جزءاً من الخطط الطموحة لمستقبل المملكة وجزءاً من بناء مستقبل هذا البلد».
وقال إن «فترة انتظار الحصول على تأشيرة الدخول قد قلّت كثيراً، وهذا أنسب وقت للتقديم والحصول عليها (...) نشجع الشباب السعودي الموهوب على المجيء للولايات المتحدة وخوض هذه التجربة».

المنافسة مع الصين
وأجاب بنايم على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة بدأت تخسر دورها التاريخي في المنطقة لحساب الدخول التدريجي للصين، بقوله: «لا» (قالها ضاحكاً)، واستطرد قائلاً إن «كل دولة لها علاقاتها التاريخية مع الصين، نحن في الولايات المتحدة لدينا علاقات مع الصين تتضمن تجارة واسعة النطاق، ونحترم سيادة جميع الدول، ونتوقع أنهم سيتخذون قرارات تخدم مصالحهم، وكل دولة يمكنها الحديث من منطلق سيادتها عن علاقاتها الثنائية، والتي لا نشكل نحن جزءاً منها».
إلا أن المسؤول الأميركي أشار إلى أن التعامل بمسؤولية مع التنافس الأميركي الصيني في هذه المنطقة «يتطلب أن نكون واضحين حول مَن نكون، وما الذي لا نطلب من شركائنا القيام به»، مقتبساً كلمات وزير الخارجية أنطوني بلينكن: «لا يتعلق الأمر بإجبار الدول على الاختيار، بل يتعلق بمنحها خياراً والتأكد من أن لديها خياراً حقيقياً».
وأضاف: «عندما أفكر في مسألة تنافس القوى في هذه المنطقة، أجد أن هناك قضايا عدة، ولكن ما يمثل أولوية بالنسبة لي هو ضمان أن شراكات الولايات المتحدة مع دول الخليج شراكات قوية ومقنعة ومحدثة، ويمكنها مواجهة تحديات المستقبل، كما أنها مناسبة للغرض في القرن الحادي والعشرين ومستدامة وقادرة على التعامل مع التحديات المستقبلية وانتهاز الفرص الجديدة».
وألمح بنايم إلى أن العلاقات مع الخليج «تتجاوز الحديث عن الدفاع ومكافحة الإرهاب، إلى العمل معاً في مجالات التكنولوجيا، وحماية البيئة، والسياحة». وتابع: «من المهم أن يكون لدى الولايات المتحدة قيمة فريدة من نوعها عند الحديث عن هذه المنطقة، فنحن ملتزمون بضمان أمن الشرق الأوسط بطريقة لا تستطيع أي دولة أخرى أن تنتهجها، كما أن لنا ميزتنا النسبية في بناء تحالفات مثل تحالف محاربة داعش».


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».