«مقبرة مزيفة» تجدد الجدل حول تجارة الآثار في مصر

النيابة العامة أمرت بإعدامها

صورة للمقبرة المزيفة (فيسبوك)
صورة للمقبرة المزيفة (فيسبوك)
TT

«مقبرة مزيفة» تجدد الجدل حول تجارة الآثار في مصر

صورة للمقبرة المزيفة (فيسبوك)
صورة للمقبرة المزيفة (فيسبوك)

أعادت واقعة تزوير مقبرة أثرية في مصر قضية تجارة الآثار إلى الواجهة، حيث نفذت السلطات المصرية المختصة قرار النيابة العامة بمحافظة بني سويف (جنوب مصر)، بإعدام «مقبرة فرعونية مزيفة» عثرت عليها أجهزة الأمن ببني سويف داخل منطقة الحيبة بمركز الفشن، وقد أقامها عدد من المتهمين بغرض النصب على تُجار الآثار، فيما تكثّف أجهزة الأمن جهودها للقبض عليهم بعد قيامهم بالهرب.
وعاين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، المقبرة «المزورة»، وهي عبارة عن غرفة أسفل جبل تؤدي إليها ثلاثة سراديب مزيفة، وظهر وزيري في فيديو له من داخل المقبرة، تداولته صفحات التواصل الاجتماعي بشكل واسع، يقول فيه: «نصيحة لكل الطماعين ما تقعوش فريسة في أيدي النصابين».
وقال وزيري في مقطع الفيديو إن «التابوت الموجود داخل المقبرة مصنوع من خامة (الفايبر)، وعاين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار عددا من محتويات المقبرة، وقال: «الأشخاص ادعوا وجود سبائك ذهبية، لكنني أؤكد أن جميعها من الجبس، وكذلك التماثيل من الجبس، وكل الموجود عبارة عن تزوير ونصب، ولا توجد أي قطعة أثرية، حتى النقوش كلها رسومات حديثة منذ سنة أو أقل، وكلها لا تمت للواقع بشيء».

وكشفت لجنة الآثار التي تم تشكيلها برئاسة الدكتور عمر زكي، مدير آثار بني سويف، عن أن المقبرة مزيفة بالكامل، وجميع التماثيل بداخلها من الجبس، وسبائك الذهب مقلدة، وجميع محتويات تلك المقبرة ليست أثرية على الإطلاق، وتم شراؤها من منطقة خان الخليلي، وأكد أن النقوش والرسومات التي وُجدت على جدرانها لا تمت للحضارة المصرية بأي صلة.
وتعد منطقة الحيبة من المناطق الأثرية البارزة في مصر، وتضم جبانات أثرية للعديد من الأسر الفرعونية المتعاقبة.
وبحسب الدكتورة رحاب إبراهيم الصعيدي، الأستاذ المساعد بكلية الآثار جامعة القاهرة، فإن «النصب في مجال الآثار بات يستفيد بشكل كبير من التكنولوجيا المستخدمة في هذا المجال، بما في ذلك تقنيات الذكاء الصناعي والغرافيك والخامات»، على حد تعبيرها.
وتضيف الصعيدي لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «يستطيع خبراء الآثار كشف تزوير القطع الأثرية من خلال المعاينة البصرية وخبرتهم في التدريب الحسي على الخامات والكُتل وحجم كثافة القطع الأثرية، فأحياناً يكون استخدام خامات غير مطابقة للفترة الزمنية أو العصر التاريخي كفيلاً بكشف تزوير القطعة الأثرية».
وتشير إلى أنه «بجانب المعاينة المباشرة من جانب المتخصصين، هناك وسائل تكنولوجية يتم الاستعانة بها لكشف التزوير، على رأسها أجهزة التصوير والميكروسكوبات الدقيقة، والتحليلات الكيميائية، وهذا يحتاج لفريق عمل من الخبراء والفنيين».
وتؤكد الصعيدي أن «مجال التزوير وتجارة الآثار لم ولن ينتهي، رغم الجهود الأمنية الواسعة في هذا المجال، لأنه يظل من وسائل الثراء السريع».

وأثار الكشف عن المقبرة المزيفة كثيرا من التعليقات الساخرة على «السوشيال ميديا» في مصر، حيث اعتبر البعض أن هذه القصة الغريبة والطريفة، تصلح لأن تكون قصة فيلم سينمائي كوميدي، معتبرين أنهم كسروا صندوق الأفكار النمطية، بعد التفكير في النصب على سارقي الآثار والباحثين عن الثراء السريع، وتم تداول صور المقبرة المزيفة ومحتوياتها على نطاق واسع في مصر.
ويدعو حمدي الشامي، وكيل وزارة السياحة والآثار السابق، إلى تغليظ العقوبات في مجال النصب وتجارة الآثار بصورة أكبر في محاولة لردع القائمين على تلك العمليات، سعياً وراء الربح الكبير الذي تحققه تجارة الآثار، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».
وتمكن قطاع شرطة السياحة والآثار بوزارة الداخلية المصرية قبل يومين من ضبط «ثلاثة أشخاص، مقيمين بمحافظة الجيزة لقيامهم بالترويج للوحة أثرية من النحاس عليها عبارات ونقوش زخرفية إسلامية لبيعها مقابل مبلغ مالي، وذلك حال وجودهم بدائرة قسم شرطة مصر الجديدة بالقاهرة، وضبط بحوزتهم (لوحة مستطيلة الشكل من النحاس والقصدير مزخرفة عليها نقوش وكتابات إسلامية باللغة العربية القديمة)»، وبحسب بيان لوزارة الداخلية المصرية، فإنه بعرض اللوحة على الجهات المختصة أفادت بأنها ترجع للقرن السابع الهجري وذات قيمة تاريخية نادرة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.