بعد إعلان نيكي هايلي، ترشحها أول منافسة جمهورية جدية للرئيس السابق دونالد ترمب، اتجهت الأنظار نحو رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، المنافس الوحيد الذي يزاحمه حتى الآن، على رأس قائمة استطلاعات التفضيل، لمعرفة رده على «الإهانات» التي صعّد ترمب من إطلاقها ضده.
ديسانتيس الذي لا يزال يتجنب الدخول في صراع مع «رئيسه» السابق، زعيم الحزب، والذي يحظى بولاء نحو ثلث قاعدة الجمهوريين على الأقل، قد يصل في نهاية المطاف إلى صراع لا بد منه، إذا ما قرر الإعلان عن ترشحه لسباق 2024 الرئاسي. هو يرفض حتى الساعة التأكيد على أنه سيكون مرشحاً، لكنه لا ينفك يدلي بمواقف ويعلن عن أنشطة سياسية، تشير كلها إلى أن عينيه على البيت الأبيض.
وبدلاً من الرد على هجمات ترمب، اتجه ديسانتيس إلى الترويج لمواقفه وآيديولوجيته اليمينية، كما حصل الأسبوع الماضي حين نظم طاولة حوار مستديرة، ممثلاً دور مقدم برامج تلفزيوني حواري، لانتقاد ما يوصف بأنه «العدو المفضل» لدى العديد من الجمهوريين وخصوصاً ترمب، «وسائل الإعلام الإخبارية الرئيسية»، داعياً المحكمة الأميركية العليا إلى إبطال قانون يحمي الصحافيين من دعاوى التشهير.
وحين كان في رحلة الأسبوع الماضي إلى وسط ولاية فلوريدا، موطنهما معاً، والمرشحة لأن تكون حلبة سباق سياسي حامية بين الرجلين، للترويج لمقترحه بخفض ضريبي بقيمة ملياري دولار الأسبوع الماضي، توقع الجميع أن يرد ديسانتيس على هجمات ترمب المتتالية. فقد دعاه في إحدى المقابلات بـ«رون دي سانكتيمونيوس»، ولمح على موقعه «تروث سوشال»، إلى أن ديسانتيس تصرف بشكل غير لائق مع فتيات المدارس الثانوية عندما كان مدرساً في أوائل العشرينات من عمره.
وعندما سئل ديسانتيس عن رد فعله، وبدلاً من مهاجمة ترمب، قال: «أقضي وقتي في تقديم ما وعدت به شعب فلوريدا وقتال جو بايدن... هكذا أقضي وقتي. أنا لا أقضي وقتي في محاولة تشويه سمعة الجمهوريين الآخرين».
هي ليست المرة الأولى التي يتهرب فيها ديسانتيس من الرد على ترمب. لكنها في المقابل تظهر تمسكه بالالتزام بنصائح العديد من قادة الجمهوريين، الذين يرون أن أي مبارزة مع الرئيس السابق، الذي ليس لديه حدود أو خطوط حمراء، ستكون خاسرة، لا بل قد تهشم حظوظه مع الناخبين. كما تظهر أن الجمهوريين يحاولون تأخير قدر الإمكان ما قد يكون صداماً عدائياً كبيراً قد يؤدي إلى الانقسام ويجبر ناخبي الحزب على الانحياز إلى أحد الرجلين.
لكن بعدما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقدمه على ترمب، يواجه ديسانتيس سؤالاً ملحاً، عن المدة التي سيبقى محافظاً فيها على هدوئه في مواجهة حملة «التحقير»، و«الألقاب الوقحة» التي ينظمها ضده. كما عليه أن يقرر مدى قوة الرد وكيفية تفادي السخرية وتشويه صورته السياسية، خصوصاً أن ترمب لم يتوقف عن التشكيك بالعديد من مواقفه من القيود على جائحة كورونا والإجهاض ودور الحكومة. وفيما يسعى ديسانتيس إلى تقديم نفسه على أنه وريث سياسي جديد ومحسّن للمحافظين، أصغر سناً وأكثر ذكاء واستراتيجية وأكثر تركيزاً على السياسات وأكثر انضباطاً، يحظى أيضاً بقبول العديد من المحافظين الذين وضعوا آمالهم في ترشحه، ويفضلون الابتعاد عن مشكلات ترمب القضائية والتحقيقات الجنائية، وتمسكه بالسلطة.
لكن ورغم نجاح ديسانتيس في تصوير نفسه للمحافظين بأنه محارب سياسي ثقافي، فإن إحجامه وتردده في الرد حتى الآن على الهجمات التي تستهدفه من أقرب السياسيين إليه، قد تثير التساؤلات حول أدائه إذا أصبح رئيساً. يقول تومي فيتور، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي الذي عمل مع السيناتور باراك أوباما في سباقه التمهيدي ضد هيلاري كلينتون عام 2008: «إنه وضع صعب حقاً بالنسبة إلى ديسانتيس. إذا كان يُنظر إليك على أنك ضعيف ومرتعد رداً على هجمات ترمب، فسيتم اعتبار ذلك بمثابة مقياس لكيفية رؤيتك كمرشح جمهوري وكيف ستكون رئيساً».
وأعرب بعض المانحين الجمهوريين الأثرياء عن قلقهم بشكل خاص بشأن أداء ديسانتيس، عندما يُجبر على التعامل مباشرة مع خصم مستعد للقتال ولا تعنيه القواعد التقليدية للياقة مثل ترمب. وقال ليام دونوفان، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يخرج أي جمهوري من تبادل الهجمات مع ترمب قوياً، لذا فإن الاتجاه الطبيعي هو صد هجماته وتجنب المواجهة». وأضاف: «من السهل القيام بذلك، وربما حتى من الحكمة عندما تقتصر انتقاداته على موقعه (تروث سوشال). لكن السؤال هو ماذا يحدث عندما يجد ديسانتيس نفسه على منصة مناظرة مع ترمب، وأمام الجمهوريين، حيث يريد الناخبون معرفة ما إذا كانوا يحصلون على ما وعدوا به؟».
وبدأت جهود ترمب لتقويض ديسانتيس منذ أنهى ا
لأخير حملته الناجحة لإعادة انتخابه حاكماً لفلوريدا، وأطلق عليه ألقاباً عدة، ما أثار حفيظة العديد من الجمهوريين الذين لم يعارضوا هجمات ترمب على الديمقراطيين، لكنهم عبروا عن غضبهم وميلهم لحماية ديسانتيس منه. وكشف دفاعهم هذا عن رغبتهم في الوقوف وراء شخصية يبدو أنها قادرة على أن تكون خصماً أساسياً لترمب، بحسب استطلاعات الرأي. وهو ما يفسر عملياً الهجمات المبكرة والشرسة التي يطلقها ترمب ضده، على أمل جره إلى حلبة «إهانات» لا يمكنه الصمود فيها. ورداً على تلك الهجمات، وبدلاً من انتقاد ترمب، قال ديسانتيس للصحافيين بعد أيام من انتخابات التجديد النصفي، التي فاز فيها بشكل مدو: «اذهبوا وتفقدوا لوحة النتائج ليلة الثلاثاء الماضي».
متى ينهي ديسانتيس تهربه من مواجهة ترمب؟
استطلاعات الرأي صنفته على رأس قائمة منافسي رئيسه السابق
متى ينهي ديسانتيس تهربه من مواجهة ترمب؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة