زلزال لشبونة يشعل معركة فلسفية كبرى بين فولتير وروسو

أسقط المدينة على عروشها وأوقع 100 ألف ضحية على الأقل

صورة متداولة لرسمة تجسد زلزال لشبونة عام 1755
صورة متداولة لرسمة تجسد زلزال لشبونة عام 1755
TT

زلزال لشبونة يشعل معركة فلسفية كبرى بين فولتير وروسو

صورة متداولة لرسمة تجسد زلزال لشبونة عام 1755
صورة متداولة لرسمة تجسد زلزال لشبونة عام 1755

في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1755، ضرب زلزال هائل مدينة لشبونة البرتغالية أدى إلى إسقاط المدينة خائرة على عروشها، وإيقاع مائة ألف ضحية على الأقل. لقد هز هذا الزلزال كل العقول المثقفة في أوروبا آنذاك. لقد صدمهم، أذهلهم، دوخهم. ولكن نظراً لعدم وجود وسائل تواصل سريع في ذلك الزمان فإن فولتير، المقيم في جنيف، لم يسمع به إلا يوم 24 نوفمبر؛ أي بعد أكثر من 20 يوماً على حصوله. لم يكن هناك تليفون ولا راديو ولا تلفزيون ولا إنترنت، وإلا لسمع به على الفور في اللحظة التي حصل فيها. وهنا يكمن الفرق الأساسي بين عصر فولتير في القرن الثامن عشر، وعصرنا نحن في القرن الحادي والعشرين. كم نحن محظوظون! كم نحن سعداء! نحن أباطرة دون أن ندري! كل واحد منا فرعون صغير يتربع على عرشه ويتفلسف على البشرية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. ومع ذلك فإننا نتشاكى ونتباكى. هل كان فولتير يستطيع أن يتخيل حجم التقدم الهائل الذي سيحصل بعد موته، وهو الذي فعل كل شيء من أجل هذا التقدم؟ نعم إلى حد ما. كان يقول دائماً: نحن نزرع والأجيال المقبلة تحصد. نحن لن نرى بأم أعيننا ثمرات جهودنا وتعبنا وعرق جبيننا. نحن سنموت في ظل الظلامية الدينية والخرافات والشعوذات ولن نرى أول خيوط الفجر. ولكن ما هم! المهم أن ينتصر التنوير، وأن تستمتع به الأجيال المقبلة. التقدم سوف يحصل حتماً، وسوف يشع بأنواره على كل أوروبا، وربما على البشرية بأسرها. وهذا ما حصل بالفعل بعد موته وموت جيله التنويري العظيم كله.

روسو     -     فولتير

لكن لنعد إلى موضوعنا الأساسي. ماذا فعل زعيم الأنوار الفرنسية عندما سمع بالخبر الصاعق؟ يقال إنه دخل في حالة من الهم والغم لا توصف، وراح يتخيل آلام الضحايا وصرخات المفجوعين من تحت الأنقاض. وجن جنونه! راح يطلق صرخات الغضب في كل الاتجاهات حتى وصل إلى العناية الإلهية ذاتها. أستغفر الله! لماذا كل هذا العذاب يا رب؟ لماذا كل هذه الآلام والفواجع؟ لماذا كل هذا الشر في العالم؟ لماذا لم تمنعه بما أنك قادر على كل شيء؟ ثم تراجع قليلاً واعتذر لأنه مؤمن بالله ولا يمكن أن يكفر به مهما حصل. وعندئذ أصدر «قصيدة برشلونة» التي يطرح فيها كل هذه التساؤلات الفلسفية والميتافيزيقية. وراح يصب جام غضبه على الفيلسوف الألماني الكبير لايبنتز؛ لأنه قال إن الله خلق العالم على أحسن تقويم، وإنه أفضل العوالم الممكنة، وإنه مهما حصل ويحصل لا يحق لنا أن نشتكي على الإطلاق؛ لأنه ما كان بالإمكان أفضل مما كان. وهذه هي الفلسفة التفاؤلية التي أشاعها المفكر الألماني العظيم في الأوساط المثقفة الأوروبية، بدءاً من القرن السابع عشر. انظر كتابه الشهير الصادر عام 1710 بعنوان طويل هو: «مقالات عن علم الربوبية الخاصة بالطيبة الإلهية والحرية البشرية وأصل الشر». لقد سخر فولتير من هذا الكتاب وتصوراته عن العالم في قصيدة برشلونة هذه، واعتبر أن لايبنتز شخص «مغفل»، في حين أنه يوجد شبه إجماع على أنه آخر «العمالقة والعباقرة الكونيين». فهل يعقل أن يكون فيلسوف الألمان مغفلاً أو ساذجاً إلى مثل هذا الحد؟ السؤال الفلسفي الميتافيزيقي الذي طرحه لايبنتز هو التالي: كيف يمكن أن نوفق بين شيئين متناقضين ظاهرياً؟ المقصود: كيف يمكن أن نوفق بين وجود إله طيب ومهيمن وعادل وجبار من جهة، ووجود الشر والمصائب والكوارث الطبيعية من جهة أخرى؟ جواب لايبنتز هو أن العالم كما نعرفه هو أفضل العوالم الممكنة. ولا يمكن أن يوجد عالم آخر أفضل منه، رغم كل الشرور التي قد تحصل فيه؛ وذلك لأن هذه الشرور قد تكون مقدمة ضرورية لخير أعظم يعوض عنها لاحقاً ويغطي عليها. «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم» صدق الله العظيم. ثم يقول لنا لايبنتز هذا الكلام الجوهري: الألم والقلق والمشاكل هي «ملح العالم» إذا جاز التعبير. ما معنى عالم من دون مشاكل وهموم وتحديات؟ على قدر أهل العزم تأتي العزائم! ما معنى حياة كلها سهولة وسعادة وسرور وحبور على طول الخط؟ كم هي مملة؟ لا تعرف طعم الحلو إن لم تذق طعم المر! ما أجمل لحظات السعادة عندما تجيء بعد لحظات التعاسة والقلق والهم. ما أجمل اللقاء بعد الفراق. وبالتالي فالشر والألم والقلق هي شروط إجبارية لتحقق الخير، إنها وسائل للتوصل إلى اكتمالٍ أعظم لاحقاً.
لقد سخر فولتير من أطروحة لايبنتز وتهكم بها، بل شوّهها قليلاً أو كثيراً عندما قال ما معناه: «كل شيء على ما يرام في أفضل العوالم يا جماعة! افرحوا يا ناس بزلزال لشبونة وموت الأطفال والأمهات! افرحوا بالأنقاض والحطام على مد النظر! فعلاً إنكم أغبياء يا بشر! لماذا لا تحمدون الله على كل هذه النعمة؟ إلخ». هل زادها فولتير «شوية» هنا؟ حتماً زادها. لايبنتز لم يقل ذلك. لايبنتز لم يقل بأن العالم «كامل»، وإنما قال إنه أفضل العوالم الممكنة، وإن الشر مقلّص فيه إلى أقصى حد ممكن. وإلا لكان زلزال لشبونة قد حصل كل يوم أو كل شهر. هذا هو شر العوالم الممكنة فعلاً. وبالتالي فزلزال لشبونة هو استثناء لا يتكرر، وبالفعل لم يتكرر في هذه المدينة منذ عام 1755 وحتى اليوم؛ أي منذ 267 سنة على الأقل.
لكن بعد كل هذه الديباجات والتعريجات والتخريجات، ما علاقة جان جاك روسو بالموضوع؟ لماذا حشرناه هنا، بل حتى في العنوان؟ علاقته أكثر من علاقة؛ وذلك لأن فيلسوف جنيف سوف يفحم فولتير ويقدم تفسيراً آخر لكارثة لشبونة، ولوجود الشر المستطير في العالم، وسوف يكون جوابه أقرب إلى فكر لايبنتز، ولكنه سيتجاوزه أيضاً. إنه تفسير فلسفي من أعمق ما يكون. وقد عبر عن ذلك أقوى تعبير عندما أصدر رسالته الشهيرة عن «العناية الإلهية». كل شيء يحصل كما لو أن جان جاك روسو أراد أن يقول لفولتير: عيبٌ عليك! كفّ عن هذه النزعات الصبيانية! في كل مرة يحدث فيها حادث ما تتهمون الله والقدرة الإلهية وتنسون أنفسكم. المسؤولية تقع على البشر لا على الله جل جلاله يا سيد فولتير. هذه اتهامات سهلة لا تليق بمفكر كبير مثلك. أحياناً نسمع الأمهات وهن يصرخن ثكلى مفجوعات رافعات رؤوسهن نحو السماء: يا رب لماذا مات طفلي؟ لماذا أخذته؟ وهن معذورات. ونحن ننحني أمام صرخات الأمهات. والجنة تحت أقدام الأمهات. ولكن فولتير كمفكر كبير غير معذور. المفكر الكبير يرى إلى أبعد من أنفه أو يفترض ذلك. ثم يضيف روسو: العناية الإلهية التي هي كلها خير وعدل وبركة وحكمة ليست مسؤولة إطلاقاً عما حصل. البشر هم وحدهم المسؤولون. لو أنهم بنوا بيوتهم بشكل متفرق ومتباعد على مساحات واسعة محيطة بالعاصمة البرتغالية بدلاً من بنائها متكدسة بعضها فوق بعض لكانت الخسائر أقل بكثير. وثانياً لو أن أهالي لشبونة غادروا منازلهم على الفور ما إن ابتدأت جدران منازلهم تهتز، بدلاً من أن يحاولوا حمل ثيابهم وحوائجهم والبحث عن فلوسهم وذهبهم... إلخ، لخفت الخسائر كثيراً أيضاً، ولربما انعدمت في نهاية المطاف.
نلاحظ أن محاجّة روسو قيّمة، ولكن كان يصعب تحقيقها في ذلك الزمان؛ لأن العلم التكنولوجي لم يكن قد تقدم كثيراً كما في عصرنا. فمثلاً اليابان المشهورة بالزلازل ما عادت تخشاها؛ لأنها بنت البنايات بطريقة معينة تجعلها قادرة على مقاومة الهزات الأرضية بكل فاعلية. ثم علّمت الشعب كيفية التصرف لحظة حصولها. واستبطن اليابانيون ذلك في سلوكهم اليومي. ويقال إنه في عام 2011 حصل زلزال هائل في اليابان بقوة 9 ريختر، ومع ذلك لم تتأثر البلاد به، ولم تتساقط ناطحات السحاب، بل لم يتوقف 27 قطاراً فائق السرعة، وسارت الأمور وكأن شيئاً لم يكن. من يصدق ذلك؟ هنا تكمن معجزة الحداثة. وهذا ما عناه جان جاك روسو ضمنياً. ولكن منطقتنا، بما فيها تركيا وسوريا، ليست متقدمة ولا غنية كبلد كبير وجبار كاليابان. ولا تستطيع أن تضخ مئات المليارات من الدولارات في بناء المساكن المضادة للزلازل.
أخيراً، اسمحوا لي أن أتحدث عن زلزال آخر لا أحد يتحدث عنه. عنيت به الزلزال الطائفي والمذهبي الذي يخترق المنطقة منذ عقود، والذي دمرها أكثر من هذا الزلزال الأرضي الجيولوجي الأخير. فهل ستكون هذه الظروف العصيبة فرصة سانحة لمحاسبة الضمائر، وللتوقف عن الأحقاد والصغائر؟ هل يمكن أن تدفع الجميع إلى التقارب والتضامن والتآخي لمواجهة المصاب المشترك بدلاً من التباعد والكراهية، وكأننا لسنا شعباً واحداً في نهاية المطاف؟ هذا هو السؤال الذي يخطر على بالي في هذه اللحظة بالذات. ولكن أخشى ما أخشاه أن يكون الزلزال الطائفي الذي يكتسح المنطقة أقوى بكثير من زلزال الطبيعة وهيجاناتها وانفجاراتها!


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
TT

عمل فني صادم: رؤوس مشاهير التكنولوجيا على كلاب روبوتية (فيديو)

روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)
روبوتات تُشبه آندي وارهول (يساراً) وإيلون ماسك (يميناً) تُعرض في معرض «حيوانات عادية» للفنان بيبل في «آرت بازل ميامي بيتش» (أ.ب)

انتشر عمل فني من معرض «آرت بازل» يضم كلاباً آلية تحمل رؤوساً شمعية لوجوه شخصيات بارزة؛ مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، انتشاراً واسعاً، إذ يتناول تأثير رواد التكنولوجيا على الطريقة التي نرى بها العالم.

وتتجول الكلاب الروبوتية ذات اللون الجلدي، والمزوّدة برؤوس شمعية دقيقة تشبه مستوى متحف «مدام توسو» لعدد من المليارديرات والفنانين - من بينهم جيف بيزوس، وإيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وآندي وارهول، وبابلو بيكاسو - داخل حظيرة صغيرة، وتقوم بـ«إخراج» صور فوتوغرافية.

ويحمل العمل الفني عنوان «حيوانات عادية» من إنتاج استوديو «بيبِل» في تشارلستون، وقد عُرض هذا العام في «آرت بازل» خلال انطلاق الفعالية السنوية في ميامي بولاية فلوريدا.

وقال مايك وينكلمان، المعروف باسم «بيبِل»، في مقطع نُشر من بورتوريكو على «تيك توك»: «الصورة التي يلتقطونها، يعيدون تفسير الطريقة التي يرون بها العالم. لذا فهي تضم فنانين، ولديها أيضاً إيلون وزوكربيرغ». وأضاف: «وبشكل متزايد، هؤلاء التقنيون والأشخاص الذين يتحكمون في هذه الخوارزميات هم الذين يقررون ما نراه، وكيف نرى العالم».

وتتجول الكلاب الروبوتية، وتجلس، وتصطدم بعضها ببعض، وبين الحين والآخر يومض ظهرها بكلمة «poop mode» قبل أن تُخرج صورة رقمية تُترك على الأرض، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وكتب أحد مستخدمي «تيك توك»: «شكراً، لم أكن أخطط للنوم الليلة على أي حال»، وقال آخر: «هؤلاء مقلقون تقريباً مثل الأشخاص الفعليين»، وعلّق مستخدم على حساب «آرت بازل» في «إنستغرام»: «هذا عبقري ومرعب في الوقت نفسه»، فيما تساءل آخر: «هل هذا حقيقي أم ذكاء اصطناعي؟».

مشهد من معرض «حيوانات عادية» في ميامي (أ.ف.ب)

ويهدف العمل الفني، بحسب الناقد الفني إيلي شاينمان الذي تحدث لـ«فوكس نيوز»، إلى إعادة النظر في كيفية تمكّن الفنانين العاملين في البيئات الرقمية من إحياء مفاهيمهم وأفكارهم عبر الروبوتات، والنحت، والرسم، والطباعة، والأنظمة التوليدية، والأعمال الرقمية البحتة.

وقال وينكلمان لشبكة «سي إن إن»، إن الروبوتات صُممت للتوقف عن العمل بعد 3 سنوات، على أن تكون مهمتها الأساسية تسجيل الصور وتخزينها على سلسلة الكتل (البلوك تشين). وأكد معرض «آرت بازل» لـ«فوكس نيوز ديجيتال»، أن كل نسخة من روبوت «حيوانات عادية» بيعت بالفعل مقابل 100 ألف دولار.

وقال فينتشنزو دي بيليس، المدير العالمي والمدير الفني الرئيسي لمعارض «آرت بازل»، لـ«فوكس نيوز ديجيتال»: «نهدف من خلال معرض (زيرو 10) إلى منح ممارسات العصر الرقمي سياقاً تنظيمياً مدروساً، وخلق مساحة للحوار بين الجمهور الجديد والحالي، مع الإسهام في بناء بيئة مستدامة للفنانين والمعارض وهواة الجمع على حدٍ سواء».


نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
TT

نقابات هوليوود تنتفض ضد صفقة «نتفليكس - وارنر» البالغة 72 ملياراً

«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)
«زلزال اندماج» قد يُغيّر معايير المنافسة في السينما (رويترز)

دقَّت نقابات هوليوود وأصحاب دُور العرض ناقوس الخطر بشأن صفقة الاستحواذ المُقترحة من «نتفليكس» على شركة «وارنر براذرز ديسكفري» بقيمة 72 مليار دولار، مُحذّرين من أنّ الصفقة ستؤدي إلى خفض الوظائف، وتركيز السلطة، وتقليل طرح الأفلام في دُور العرض إذا اجتازت مراجعة الجهات التنظيمية.

ووفق «رويترز»، من شأن الصفقة أن تضع العلامات التجارية التابعة لشركة البثّ العملاقة «إتش بي أو» تحت مظلّة «نتفليكس»، وأن تسلّم أيضاً السيطرة على استوديو «وارنر براذرز» التاريخي إلى منصة البثّ التي قلبت بالفعل هوليوود رأساً على عقب، عبر تسريع التحوّل من مشاهدة الأفلام في دُور السينما إلى مشاهدتها عبر المنصة.

وقد تؤدّي الصفقة إلى سيطرة «نتفليكس»، المُنتِجة لأعمال شهيرة مثل «سترينجر ثينغز» و«سكويد غيم»، على أبرز أعمال «وارنر براذرز»؛ مثل «باتمان» و«كازابلانكا».

وقالت نقابة الكتّاب الأميركيين في بيان: «يجب منع هذا الاندماج. قيام أكبر شركة بثّ في العالم بابتلاع أحد أكبر منافسيها، هو ما صُمّمت قوانين مكافحة الاحتكار لمنعه».

وتُواجه الصفقة مراجعات لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد عبَّر سياسيون أميركيون بالفعل عن شكوكهم.

الصفقة تواجه أصعب امتحان تنظيمي (د.ب.أ)

وتُمثّل النقابة الكتّاب في مجالات الأفلام السينمائية والتلفزيون والقنوات الخاصة والأخبار الإذاعية والبودكاست ووسائل الإعلام عبر الإنترنت. وأشارت إلى مخاوف تتعلَّق بخفض الوظائف وتخفيض الأجور وارتفاع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين، وتدهور ظروف العاملين في مجال الترفيه.

وقالت «نتفليكس» إنها تتوقع خفض التكاليف السنوية بما يتراوح بين مليارَي دولار و3 مليارات دولار على الأقل، بحلول السنة الثالثة بعد إتمام الصفقة.

وحذّرت كذلك «سينما يونايتد»، وهي منظمة تجارية تُمثّل 30 ألف شاشة عرض سينمائي في الولايات المتحدة و26 ألف شاشة حول العالم، من أنّ الصفقة قد تقضي على 25 في المائة من أعمال دور العرض محلّياً.

وتُصدر «نتفليكس» بعض الأفلام في دور العرض قبل إتاحتها للمشتركين على المنصة، وقالت الشركة إنها ستحافظ على طرح أفلام «وارنر براذرز» في دُور السينما، وتدعم محترفي الإبداع في هوليوود. ووصف رئيس منظمة «سينما يونايتد» مايكل أوليري، الاندماج بأنه «تهديد لم يسبق له مثيل»، مُتسائلاً عمّا إذا كانت «نتفليكس» ستحافظ على مستوى التوزيع الحالي.

وقالت نقابة المخرجين الأميركيين إنّ لديها مخاوف كبيرة ستناقشها مع «نتفليكس». وأضافت: «سنجتمع مع (نتفليكس) لتوضيح مخاوفنا وفَهْم رؤيتهم لمستقبل الشركة بشكل أفضل. وفي الوقت الذي نقوم فيه بهذه العناية الواجبة، لن نصدر مزيداً من التعليقات».


8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
TT

8 علامات تشير إلى أن وظيفتك تضر بصحتك العقلية

الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)
الإرهاق يحدث عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل (بكسلز)

يُعبر كثير من الموظفين عن عدم رضاهم عن ظروف العمل في معظم الأحيان، فهناك دائماً جوانب في المكتب تُشعرك بالإرهاق. ولكن في بعض الأحيان، قد تكون وظيفتك ليست مُرهقة فحسب؛ بل سامة بالفعل وتستنزف طاقتك.

قد تكون الوظائف سامة لأسباب عديدة، ومُملة بشكل لا يُطاق. قد يكون الزبائن هم من يجعلونها سامة؛ مثل رواد المطاعم المُتطلبين، أو ربما يكون السبب المدير أو الزملاء غير المتعاونين، وفقاً لموقع «ويب ميد».

من المهم هنا التمييز بين الوظيفة السامة والإرهاق. يحدث الإرهاق عندما لا نُعيد شحن طاقتنا بشكل كافٍ من ضغوط العمل، ونُنهك تدريجياً. مع قسط كافٍ من الراحة، وربما منظور مختلف لعملنا، يمكننا التعافي من الإرهاق. ولكن إذا كانت الوظيفة بالفعل سامة، فلن تكفي أي راحة أو وقت فراغ بعد عودتك.

وإذا كنت تشعر حقاً بعدم السعادة في العمل، فابحث عن العلامات التالية التي تشير إلى أن وظيفتك سامة لصحتك النفسية والعقلية:

1. اختفاء المشاعر الإيجابية في العمل

تشعر بكثير من الفرح والراحة بعيداً عن العمل، لكن هذه المشاعر تختفي بمجرد دخولك مكان العمل. بدلاً من ذلك، تشعر دائماً بعدم الارتياح، أو التوتر، أو مجرد إرهاق عاطفي. ربما ينصحك زملاؤك بالتفاؤل، لكنك لا تستطيع سوى إجبار نفسك على الابتسام.

2. يستغرق الأمر عطلة نهاية الأسبوع بأكملها للتعافي

تتدهور صحتك النفسية طوال الأسبوع. بحلول يوم الثلاثاء، تكون مرهقاً، ولا تتخيل كيف ستصمد حتى يوم الجمعة. عندما تأتي عطلة نهاية الأسبوع أخيراً، بالكاد تتطلع إليها لأنك منهك للغاية. عندما تبدأ بالتعافي أخيراً، يحين وقت العودة إلى العمل.

3. تشعر بالتوتر والانزعاج ليلة الأحد

في ليالي الجمعة والسبت، يمكنك إبعاد العمل عن ذهنك، ولكن بحلول يوم الأحد، لن تتمكن من إنكار قدومه. من الصعب عليك التفاعل مع من حولك، ولا تستمتع بآخر يوم في عطلة نهاية الأسبوع، كما تترقب صباح الاثنين.

4. تحلم بالتقاعد - الذي قد يكون على بُعد عقود

لا يتوقف الأمر على عطلة نهاية الأسبوع - بل تحلم بإجازة دائمة من العمل. قد تبدأ حتى بالتخطيط لتقاعدك، أو التفكير في طرق للثراء حتى لا تضطر للعمل.

5. نوعية نومك تكون أسوأ بكثير في أيام العمل

العمل الضار يمكن أن يُفسد نومك تماماً. يشعر بعض الناس بالآثار في أيام عملهم (عادةً من الاثنين إلى الجمعة)، بينما قد يلاحظها آخرون تحسباً للعمل (من الأحد إلى الخميس).

6. تشعر بالمرض الجسدي

أظهرت دراسات لا حصر لها آثار التوتر المزمن على جهاز المناعة. إذا كنتَ مُسَمَّماً ببيئة عملٍ سيئة، فستشعر بآثارها ليس فقط على عقلك وروحك؛ بل على جسدك أيضاً. يبدو الأمر كأنك تُصاب بكل فيروسٍ منتشر، وتستغرق وقتاً أطول للتعافي من المعتاد.

7. تأخذ كثيراً من الإجازات الشخصية

حتى عندما لا تكون مريضاً جسدياً، قد تختار البقاء في المنزل قدر الإمكان. في بعض الأيام، تستيقظ وتبدو فكرة الذهاب إلى العمل مستحيلة. ربما تصل إلى حد ارتداء ملابسك وتناول الفطور، لكن فكرة القيادة إلى العمل تُشعرك بالغثيان.

8. لا تحب الشخص الذي أنت عليه في العمل

ربما يكون أبرز دليل على أن وظيفتك سامة أنها تُغيرك بطرق لا تُحبها. قد تجد نفسك منعزلاً، ومُركزاً على نفسك، ومتشائماً. وقد يمتد هذا إلى وقتك في المنزل مع عائلتك، وهو الجزء الأكثر إزعاجاً لك.

إذا كانت بعض هذه الأعراض تُؤثر عليك، ففكّر ملياً في مستقبلك بهذا المنصب. هل هناك طريقة لتغيير الوظيفة لتقليل تأثيرها عليك؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير وظيفة أخرى؟ ناقش هذه الأفكار مع شخص تحبه وتثق به، وانتبه لمن تتواصل معه، خصوصاً من له مصلحة في قرارك. على سبيل المثال، زميل العمل الذي لا يريدك أن تترك الوظيفة، من المرجح أن يُعطيك تقييماً متحيزاً.