هل ينجح «المركزي المصري» في سد عجز الموازنة العامة؟

بعد بيع أذون خزانة بقيمة مليار دولار

البنك المركزي المصري (أرشيفية)
البنك المركزي المصري (أرشيفية)
TT

هل ينجح «المركزي المصري» في سد عجز الموازنة العامة؟

البنك المركزي المصري (أرشيفية)
البنك المركزي المصري (أرشيفية)

وسط جهود الدولة المصرية لسد عجز الموازنة العامة، اتجه البنك المركزي المصري من جديد إلى «أدوات الدين قصيرة الأجل»، وطرح نيابةً عن وزارة المالية «أذون خزانة بقيمة مليار دولار بسعر فائدة قارب الـ5 في المائة».
وكشف «المركزي المصري»، حسب بيانات منشورة على موقعه الإلكتروني (الاثنين)، أن «أذون الخزانة مقوّمة بالدولار بمدة أجل تتراوح بين 3 أشهر حتى عام (364 يوماً)». وذكر «المركزي» أنه «تلقّى نحو 26 طلباً من بنوك ومؤسسات دولية، بمتوسط فائدة 5 في المائة بقيمة 1.296 مليار دولار، قبل منها 20 طلباً بقيمة 1.066 مليار دولار بمتوسط فائدة 4.9 في المائة».
ويشير مراقبون إلى أن «الحكومة المصرية تلجأ إلى أذون الخزانة كأدوات استدانة بهدف سد الفجوة التمويلية وتعزيز الاحتياطي النقدي».
من جانبها، ترى الدكتورة يمنى الحماقي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس، أن «طرح (المركزي) لأذون خزانة، هو خطوة نحو تغذية حصيلة الدولار، بهدف تحقيق مزيد من التوازن بين العرض والطلب، ومن ثم تحقيق مزيد من الاستقرار لسعر صرف العملات الأجنبية». وتقول إن «أذون الخزانة المصرية جاذبة للاستثمار الأجنبي غير المباشر، بسبب ارتفاع سعر الفائدة مقارنةً بالبنوك المركزية في العالم؛ لكنها حل قصير الأجل».
وتشير الحماقي إلى أن ثمة عودة لـ«الأموال الساخنة» إلى سوق المال المصرية. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تأثرت مصر بعد الحرب الروسية - الأوكرانية بسبب الخروج المفاجئ لـ(الأموال الساخنة)، ومن ثم على المسؤولين التعامل بحذر شديد مع مثل هذه الحلول (المؤقتة)».
وتدفع أستاذة الاقتصاد بـ«ضرورة الاعتماد على الحلول المستدامة لتعافي الاقتصاد المصري». وتوضح أنه على «الدولة المصرية أن تسعى نحو تنوع مصادر النقد الأجنبي، صحيح لا مانع من الحلول (قصيرة الأجل) لتخطي الأزمة الراهنة، على أن يتم ذلك بالتوازي مع الحلول (طويلة الأجل) التي بالفعل قطعت مصر فيها شوطاً لا بأس به».
في يناير (كانون الثاني) الماضي، أقرت الحكومة المصرية ضوابط من شأنها ترشيد إنفاق الجهات الداخلة في الموازنة العامة، بهدف «سد الفجوة»، كما أقرت «تأجيل تنفيذ أي مشروعات جديدة، لم يتم البدء في تنفيذها، ولها مكون دولاري، لسد عجز الموازنة العامة للدولة، وتقليل الفجوة التمويلية، لا سيما بعد تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار».
واتجهت الحكومة المصرية إلى تحرير تدريجي لسعر صرف العملة الأجنبية، انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تبعه انخفاض في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار. ووصل التراجع إلى ذروته في يناير الماضي، بعدما تخطى الدولار حاجز الـ32 جنيهاً، ليستقر عند حاجز الـ30 جنيهاً لاحقاً.
ووصف الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي، مسلك جذب الاستثمار الأجنبي بطرح أذون خزانة أو سندات بأسعار فائدة منافسة، بأنه «ربما يقدم حلولاً آنيّة محدودة الأثر». ويقول: «هذا النهج يشير إلى قدرة مصر على الاقتراض بالعملة الأجنبية، ما يعكس عودتها لسوق التمويل الدولية. أعده (هذا الاقتراض) حلحلة للأزمة الراهنة، لتوفير سيولة من العملة الأجنبية، لكنه ليس حلاً يجلب آفاقاً جديدة». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة مصر لسوق التمويل الدولية جاءت بالتبعية بعد الالتزام بتوصيات صندوق النقد الدولي، وعلى رأسها الالتزام بسعر صرف مرن».
ويرى العمدة أن «أذون الخزانة ربما تحقق زيادة في المعروض من العملة الأجنبية، ومن ثم خفض قيمة الدولار نسبياً وفقاً للسيولة». ويقول: «أتوقع أن تتجه الحكومة إلى الحلول (طويلة الأجل) لدعم وضع الاقتصاد المصري، وأهمها ترشيد الإنفاق وتنمية الموارد على حساب الحلول الوقتية».
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن (الأحد) الماضي عن ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بنحو 222 مليون دولار، ليبلغ نحو 34.224 مليار دولار بنهاية يناير الماضي، مقابل 34.002 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».