اتفاق موريتاني ـ جزائري لتكثيف التنسيق الأمني على الحدود

بسبب وضع إقليمي متوتر في منطقة الساحل وتصاعد التهديدات الإرهابية

جانب من اجتماع المسؤولين من الجزائر وموريتانيا في نواكشوط أول من أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع المسؤولين من الجزائر وموريتانيا في نواكشوط أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

اتفاق موريتاني ـ جزائري لتكثيف التنسيق الأمني على الحدود

جانب من اجتماع المسؤولين من الجزائر وموريتانيا في نواكشوط أول من أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع المسؤولين من الجزائر وموريتانيا في نواكشوط أول من أمس (الشرق الأوسط)

توصل مسؤولون من الجزائر وموريتانيا في ختام اجتماع عقدوه في نواكشوط، أول من أمس، إلى اتفاق على إيجاد آلية أمنية تمكن البلدين من تكثيف التنسيق الأمني على حدودهما، الممتدة على قرابة 500 كيلومتر، بمحاذاة منطقة تنشط فيها شبكات الجريمة المنظمة والتهريب والهجرة غير الشرعية، كما تقترب منها مناطق توتر في الساحل الأفريقي، حيث تتصاعد وتيرة الإرهاب.
ورغم أن البلدين لم يكشفا عن أي تفاصيل حول آلية التنسيق الأمني التي تم الاتفاق عليها، فإن مصدراً مطلعاً أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن البلدين يخططان لتكثيف وتسريع وتيرة تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أجهزتهما الأمنية، من أجل رفع مستوى الفاعلية على الحدود. وجاء في بيان صادر عن وزارة الداخلية الموريتانية أمس (الجمعة)، أن الاتفاق تم خلال أول اجتماع تعقده لجنة أمنية مشتركة بين البلدين، أول من أمس (الخميس)، في نواكشوط، وهي اللجنة التي تتبع للجنة الحدودية الثنائية الموريتانية – الجزائرية، التي عقدت اجتماعها الأول نهاية 2021 في الجزائر.
وأوضحت الوزارة أن الاجتماع شاركت فيه «جميع القطاعات العسكرية والأمنية المعنية بالمنظومة الأمنية الوطنية، مثل الجيش والدرك والحرس، والشرطة والأمن الخارجي والأمن المدني، وتسيير الأزمات والتجمع العام لأمن الطرق والجمارك»، مبرزة أن اجتماع اللجنة الأمنية أسفر عن اتفاق على «ضرورة تكثيف التنسيق الأمني بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، التي يفرضها السياق الإقليمي الراهن، والتكامل بين مختلف القطاعات المعنية لتأمين الحدود المشتركة وحمايتها، ومكافحة الجريمة المنظمة بأشكالها كافة مع تكثيف المعالم الحدودية وصيانتها».
وأشار نفس المصدر إلى أن اللجنة أصدرت محضراً تضمن توصيات، أبرزها «تأمين مشروع إنجاز الطريق البري، الرابط بين البلدين الشقيقين، عبر مدينتي تندوف الجزائرية وازويرات الموريتانية»، وهو أول طريق بري يربط البلدين، وتراهن عليه الجزائر لدخول الأسواق الأفريقية، لكن الموريتانيين يراهنون عليه لإنهاء عزلة مناطق واسعة من شمال البلاد.
كما أوصى المحضر بضرورة أن يسرع البلدان في تفعيل الخط البحري، الرابط بين مدينتي الجزائر ونواكشوط، مع أهمية التركيز على التكوين والتدريب والتعاون التقني بشكل مستمر، بهدف تطوير المهارات، وتعزيز قدرات مختلف الفاعلين في مجالات التعاون الثنائي، وفق نص البيان الصادر عن الداخلية الموريتانية.
وأضافت الداخلية الموريتانية أن التعاون مع الجزائر «شهد خلال السنوات الثلاث الأخيرة تطوراً مطرداً، شمل أغلب مجالات التعاون، واهتمامات مواطني البلدين الشقيقين»، وهو ما أكدت أنه «تجسد في اللقاءات رفيعة المستوى بين قائدي البلدين، ومخرجات اجتماعات اللجنة الكبرى الموريتانية - الجزائرية، التي انعقدت في نواكشوط يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022».
ورغم البعد الاقتصادي الذي كان حاضراً، فإن مصدراً رسمياً أكد أن الاجتماع الأمني هيمن عليه نقاش «إشكالات الأمن الحدودي»، ولذلك حاول البلدان إيجاد آليات مشتركة تمكن من «تكثيف وتعزيز التنسيق والعمل الأمني المشترك في جميع المجالات ذات الصلة بمكافحة الجريمة المنظمة بأنواعها كافة، وتداعياتها على أمن البلدين والدول المجاورة».
وقال حميميد عاديل، الأمين العام لوزارة الداخلية والمجموعات المحلية والتهيئة العمرانية الجزائرية، الذي كان يرأس وفد بلاده، إنه «أصبح من الضروري إنشاء آلية أمنية بينية، في ظل ما يشهده العالم بصفة عامة، وجوارنا الإقليمي بصفة خاصة، من اضطرابات وتوترات قد تهدد سلامة الدول والمجتمعات»، مؤكداً أن إيجاد هذه الآلية «خطوة حازمة وجادة للالتقاء معاً، وبصفة دورية، بقصد دراسة الإشكالات الأمنية الناجمة عن الوضع المقلق في الساحل الأفريقي، بسبب تنامي شبكات التهريب والاتجار بالأسلحة والمخدرات، والتنقيب غير الشرعي عن الذهب، وتلك المتعلقة بالأنشطة الإرهابية وخلايا الدعم»، على حد تعبيره.
وخلص المسؤول الجزائري إلى التأكيد على أن «الوضع الأمني الصعب، بما يحمله من تحديات تواجهها يومياً الأجهزة الأمنية في البلدين، يفرض عليها تكثيف التنسيق والتعاون، ووضع آلية للتعاون المشترك، وتبادل المعلومات بطريقة فعالة وفي الوقت المناسب».
وتمتد الحدود الموريتانية - الجزائرية لأكثر من 460 كيلومتراً، وهي منطقة غير مأهولة بالسكان، وتنشط فيها شبكات للتهريب بمختلف أنواعه، وسبق أن أعلنت موريتانيا المنطقة المحاذية للحدود مع الجزائر منطقة عسكرية مغلقة حتى يتمكن جيشها من مواجهة شبكات التهريب والإجرام. ومنذ سنة 2016، أصبحت المنطقة الحدودية بين البلدين الوجهة المفضلة للمنقبين عن الذهب، مما شكل تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية في البلدين. وفي عام 2018 أعلن البلدان فتح أول معبر حدودي بري، كما أطلقا مشروعاً لتشييد طريق معبّدة بين مدينة تندوف الجزائرية ومدينة ازويرات الموريتانية، لكن الطريق لا تزال غير مكتملة بسبب صعوبة إنجازها، خاصة المقطع الذي يقع داخل الأراضي الموريتانية، والذي يمر عبر مناطق صحراوية وعرة.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.