أوروبا توسع نطاق العقوبات على طهران بسبب قمع الاحتجاجات

بوريل: لا يمكن تصنيف «الحرس الثوري» كياناً إرهابياً إلا بحكم قضائي

بوريل ونظيرته البلجيكية حجّة لحبيب على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (د.ب.أ)
بوريل ونظيرته البلجيكية حجّة لحبيب على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (د.ب.أ)
TT

أوروبا توسع نطاق العقوبات على طهران بسبب قمع الاحتجاجات

بوريل ونظيرته البلجيكية حجّة لحبيب على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (د.ب.أ)
بوريل ونظيرته البلجيكية حجّة لحبيب على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (د.ب.أ)

وسّع الاتحاد الأوروبي الاثنين نطاق العقوبات على إيران بسبب قمعها «الوحشي» للاحتجاجات المناهضة للنظام، فيما أغلق مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الباب أمام إمكانية إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية «دون قرار قضائي» في مؤشر على استمرار الجدال بين الدول الأعضاء في الكتلة الأوروبية.
وتدهورت العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطهران بسبب الجمود الذي أصاب جهود إحياء المحادثات النووية، وتدخلها في الحرب الأوكرانية المتمثل بتزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ، وتفاقم التدهور بعدما اعتقلت السلطات في طهران عدداً من المواطنين الأوروبيين. وزاد التكتل كذلك من انتقاداته لقمع طهران العنيف والمستمر للاحتجاجات داخل البلاد وتضمنت تنفيذ أحكام بالإعدام.
وأعلنت السويد التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن وزراء خارجية دول التكتل أقروا «حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف من يقودون القمع» خلال اجتماع الاثنين في بروكسل.
وقال توبياس بيلستورم وزير خارجية السويد وفقاً لتغريدة على تويتر من بعثة البلاد الدبلوماسية لدى الاتحاد الأوروبي: «يدين الاتحاد الأوروبي بقوة الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة من جانب السلطات الإيرانية في مواجهة المتظاهرين السلميين».
بدوره، قال وزير الخارجية النمساوي أليكسندر شانلينبرج إنه سوف يتم استهداف 37 فرداً ومنظمة إيرانية الآن في الحزمة الرابعة من العقوبات بالاتحاد الأوروبي منذ بدأت المظاهرات في سبتمبر (أيلول). وأفادت رويترز الأسبوع الماضي عن دبلوماسيين أوروبيين أن الإجراءات تتضمن حظر السفر إلى أوروبا وتجميد الأصول.
وبالفعل، أقر وزراء خارجية التكتل 37 فرداً وكياناً إيرانياً متورطاً في حملة قمع الاحتجاجات التي عصفت بانحاء إيران منذ 4 أشهر.
وبين الأشخاص والكيانات الذين تشملهم العقوبات الجديدة، 4 قياديين في «الحرس الثوري» و12 وحدة عسكرية فيه، وتشمل العقوبات مرتضى نيل فروشان، نائب قائد غرفة عمليات «الحرس الثوري»، ومسلم معين رئيس المركز السيبراني التابع لميليشيا «الباسيج»، ومحمد كرمي قائد قاعدة «القدس» المسؤولة عن أمن محافظتي بلوشستان وكرمان في جنوب شرقي البلاد .
وضمت القائمة أربعة نواب على رأسهم عضو لجنة الأمن القومي محمد إسماعيل كوثري وهو جنرال في «الحرس الثوري»، وثلاثة نواب متشددين هم مصطفى ميرسليم محمد، وتقي نقد علي، وموسى غضنفر آبادي.
كذلك، فرضت عقوبات على وزير الرياضة والشباب سيد حميد سجادي بسبب «الضغوط التي مارسها على الرياضيين»، وعلى مديرين في الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين.
وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي ثلاث حزم من العقوبات شملت تجميد أصول وحظر إصدار تأشيرات، على أكثر من 146 فرداً و12 منظمة، بما في ذلك أعضاء في «الحرس الثوري» الإيراني، على انتهاكات حقوق الإنسان وقمع المتظاهرين منذ بدء الاحتجاجات العام الماضي.
أما فرنسا فقد أدانت، «سياسة رهائن الدولة» التي تمارسها السلطات الإيرانية باحتجاز العديد من المواطنين الأوروبيين. وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا: «حان الوقت لكي نفكّر كأوروبيين في الردّ» على هذا الوضع.
وأيدتها نظيرتها البلجيكية حجّة لحبيب قائلة: «عدد المواطنين الأوروبيين المحتجزين يتزايد، وهذا الوضع غير مقبول على الإطلاق»، مضيفة أنه «من الضروري أن ترسل الدول الـ27 معاً رسالة واضحة وحازمة إلى السلطات الإيرانية».
- تباين بشأن «الحرس الثوري»
ودعا البرلمان الأوروبي الخميس الماضي الاتحاد إلى القيام بالمزيد وإدراج «الحرس الثوري» على قائمة الكيانات الإرهابية، واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران، التي دخلت شهرها الرابع، وعن تزويد روسيا بطائرات مسيرة تستخدمها في أوكرانيا.
وكررت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مطالبة الاتحاد الأوروبي بوضع «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب. وقالت قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «ما زلنا نرى في إيران نظاماً وحشياً ضد شعبه. إن النظام الإيراني والحرس الثوري يرهبان شعبهما يوما بعد يوم».
وقالت بيربوك إن برلين ترحب بجهود يبذلها قادة الاتحاد الأوروبي لإدراج «الحرس» الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية.
لكن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال إنه لا يمكن للتكتل إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في الاتحاد يفيد بذلك.
وقال للصحافيين على هامش الاجتماع في بروكسل: «هذا الأمر لا يمكن أن يصدر به قرار دون محكمة، قرار من المحكمة أولاً. لا يمكنك أن تقول أنا أعتبرك إرهابياً لأنك لا تعجبني». وأضاف أنه ينبغي لمحكمة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي أن تصدر إدانة قانونية ملموسة قبل أن يمكن للتكتل نفسه التحرك في هذا الشأن.
ويتباين موقف بوريل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي أعلنت عن تأييدها لإدارج «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، مشيرة إلى أنه طلب العديد من الوزراء في الكتلة الأوروبية.
ويمكن الطعن على وضع «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي في أنظمة المحاكم الأوروبية.
- تفاقم التوترات
دخلت العلاقات بين طهران والعواصم الأوروبية مرحلة مختلفة إثر حملة القمع الدموية التي شنتها السلطات الإيرانية لإخماد احتجاجات إثر وفاة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل الشرطة بدعوى «سوء الحجاب».
وفي الأشهر الماضية، اتهم المسؤولون الإيرانيون الدول الغربية بشن «حرب هجينة» على مستويات مختلفة، منها السياسي والاقتصادي والإعلامي والنفسي، وألقوا باللوم على «تدخل» أطراف عدة بينها دول أوروبية في تأجيج أحداث احتجاجات عامة تطالب بإطاحة النظام.
في هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن «بعض الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، اختارت مسار الاستفزاز بهدف إثارة عدم الاستقرار» في إيران، على حد التعبير الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وحاولت وسائل الإعلام الحكومية تسليط الضوء على وصف قرار البرلمان الأوروبي بـ«غير الملزم» للتقليل من تأثيره. ومع ذلك أعاد وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، انتقاداته للخطوة الأوروبية. وفي البداية ألقى باللوم على الاحتجاجات التي وصفها بـ«أعمال الشغب»، و«المحرضين على أعمال الشغب» في إثارة إدراج «الحرس الثوري» على القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية. وأضاف: «لقد حذرنا بوريل والمسؤولين الأوروبيين عبر سفرائنا أن إدراج الحرس الثوري (...) سيقابله رد قوي ومؤثر ومتماثل من إيران» وفق ما أوردت وكالات رسمية.
وكان لافتاً أن عبداللهيان حاول مرة أخرى التذكير بما يقوم به فريقه الدبلوماسي، وسط الانتقادات التي تطول إدارة المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بشأن ضعف سياستها الخارجية، وأشار عبداللهيان بقوله إلى «مجموعة من الجهود الدبلوماسية أدت إلى أن نرى في المجال الأوروبي تعبيراً عن المشاعر الحادة والمتسرعة على أقل مستوى».
وأصر عبداللهيان على نفي أي تدخل في الحرب الأوكرانية، وأشار إلى مواقفه السابقة في هذا الصدد، قائلاً: «لقد أعلنا مواقفنا صراحة عدة مرات، لا توجد ذريعة للدول الغربية حول دعم إيران من أحد طرفي الحرب». ووصف اتهام طهران بـ«ذريعة وتصريحات لا أساس لها». وقال: «إيران وروسيا لديهما تعاون متنوع في المجال الدفاعي»، وتابع: «نحن نعارض الحرب في أوكرانيا»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.
وقال عبداللهيان إن إيران «ترى الحوار السياسي المخرج الوحيد للأزمات الإقليمية، وأزمة أوكرانيا، نحن لا نناصر أياً من طرفي الحرب في أوكرانيا». وكرر أقوالاً سابقة: «إيران تدافع عن سلامة أراضي جميع الدول بما في ذلك أوكرانيا، نحن لا نعترف بانفصال القرم ولا المناطق الجديدة، ونواصل جهودنا لوقف الحرب والهدنة وتمركز الأطراف على الحوار».
وعشية الإعلان عن الحزمة الجديدة من العقوبات الأوروبية، هدد كبار المسؤولين الإيرانيين باتخاذ إجراءات مضادة إذا مضى الأوروبيون قدماً في وضع «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية.
وقال مسؤولون ونواب في البرلمان إن تصنيف «الحرس» سيقابله تصنيف الجيوش الأوروبية على قائمة الإرهاب. ورداً على احتمال انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتجميد التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال عبداللهيان، إن أي احتمال وارد.
كما هدد نواب في البرلمان وقادة في «الحرس الثوري» بعرقلة حركة السفن التجارية والعسكرية الأوروبية في مضيق هرمز.
وقال نائب رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان النائب محمد حسن أصفري إن إغلاق مضيق هرمز على جدول أعمال البرلمان، مشدداً على أن تقييد حركة السفن الأوروبية من الخيارات المطروحة على الطاولة، لكن المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان النائب نظام الدين موسوي قال إن الخطوة المتماثلة والمتناسبة للإجراءات الأوروبية «لا تشير إلى إغلاق مضيق هرمز».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

عراقجي: مستعدون لمفاوضات نووية جدّية مع واشنطن

صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)
صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)
TT

عراقجي: مستعدون لمفاوضات نووية جدّية مع واشنطن

صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)
صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة مع وكالة الأنباء اليابانية «كيودو»، إن طهران «لم تقتنع بعد» بأن واشنطن مستعدة لمفاوضات «جدية وحقيقية»، لكنه، استدرك: «إذا غيروا نهجهم وأصبحوا مستعدين لمفاوضات عادية ومتبادلة، فنحن أيضاً مستعدون».

وخلال هذه المقابلة، طلب عراقجی من اليابان؛ نظراً إلى تجاربها السابقة في التعامل مع الحوادث النووية، أن تقدم معرفتها وخبرتها لطهران؛ حتى تتمكن من تأمين المنشآت النووية التي تضررت من الهجمات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

وقال عراقجي إن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية «هو أكبر انتهاك للقوانين الدولية»، مضيفاً أن «المنشآت النووية الإيرانية تعرضت للقصف والتدمير والتلف الشديد»، وأن هذه الهجمات «ربما تكون أكبر انتهاك للقوانين الدولية» ضد منشأة نووية تحت ضمانات ورقابة «الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

الحوار العادل والمتوازن

وأكد، في إشارة إلى المفاوضات النووية المتوقفة بين إيران وأميركا، أن طهران لا تزال منفتحة على الدبلوماسية، ولكن فقط في ظل ظروف تكون فيها نتيجتها «عادلة ومتوازنة». وأضاف: «هذا الأمر يعتمد على أميركا».

صورة من قمر «ماكسار» تُظهر «مجمع فوردو» بعد أن شنَّت الولايات المتحدة ضربات على المنشأة النووية تحت الأرض بالقرب من مدينة قم في إيران (رويترز)

وأوضح أن طهران تشكك في نتائج الحوار بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015، ودعمها الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران. وأضاف: «إذا غيروا نهجهم وأصبحوا مستعدين لمفاوضات عادية ومتبادلة، فنحن أيضاً مستعدون. لكن التفاوض يختلف عن الإملاء. نحن لم نقتنع بعد بأنهم مستعدون لمفاوضات حقيقية وجدية».

وقال عراقجي إن «الخلاف الرئيسي لا يزال يتمثل في رفض واشنطن الاعتراف بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية»؛ بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، بموجب «معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)» وهي معاهدة ترفض إسرائيل الانضمام إليها.

وأضاف أن طهران مستعدة لقبول قيود على «مستويات التخصيب» وأنواع أجهزة الطرد المركزي، مؤكداً أن المفاوضات «يمكن أن تتقدم بسرعة إذا تبنت أميركا نهجاً متبادلاً، وقبلت بالبرنامج النووي السلمي الإيراني، وألغت العقوبات».

أعضاء «لجنة الأمن القومي» البرلمانية يتفقدون «مفاعل طهران للأبحاث النووية» (أرشيفية - الطاقة الذرية الإيرانية)

وأشار إلى تجربة اليابان في إدارة تداعيات الأزمات النووية، قائلاً: «ليس لديّ أي شك في أن اليابان لديها معرفة قيمة بشأن تعزيز أمان المنشآت النووية، ويمكن مشاركة هذه المعرفة مع إيران». وأشار إلى تجارب اليابان في مجال الإجراءات البيئية والطبية والفنية بعد القصف النووي وحادث محطة فوكوشيما النووية.

وأكد عراقجي أن أي تعاون محتمل بين إيران واليابان سيكون متعلقاً فقط بـ«الأمان الفني» وليس بالتفتيش؛ لأن التفتيش يقع بالكامل ضمن مسؤولية «الوكالة الدولية». وأضاف: «في الجانب الفني لهذه التحديات الأمنية، سيكون التعاون مع اليابان مفيداً للغاية».

ووفقاً له، فإن إيران تواجه الآن مزيجاً معقداً من التهديدات الأمنية وبشأن الأمان لم تشهده من قبل، بما في ذلك التدمير الهيكلي واحتمال تسرب المواد المشعة بعد هجمات يونيو (حزيران) 2025.

صور جنرالات وعلماء نوويين إيرانيين قُتلوا خلال غارات إسرائيلية معلقةً بشارع في طهران ووراءها دخان يتصاعد من موقع استُهدف يوم 15 يونيو (أ.ف.ب)

وقال عراقجي: «لا توجد سابقة لقصف منشأة نووية سلمية»، وذلك «أظهر أن هناك فجوة كبيرة في إجراءات (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) بشأن كيفية تفتيش وتقييم مثل هذه المنشآت».

وأوضح أن «إيران و(الوكالة) توصلتا في وقت سابق من هذا العام خلال (مفاوضات القاهرة) إلى إطار تعاون لوضع آلية عملية للتفتيش و(تثبيت) المنشآت المتضررة من الهجمات العسكرية. ومع ذلك، فقد أُضعف هذا الاتفاق عندما أقدمت الولايات المتحدة و3 دول أوروبية أعضاء في الاتفاق النووي على إعادة عقوبات مجلس الأمن السابقة».


اتفاق «عراقي - تركي» على ضرورة خفض التوترات في المنطقة

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مصافحة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مصافحة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)
TT

اتفاق «عراقي - تركي» على ضرورة خفض التوترات في المنطقة

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مصافحة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مصافحة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)

قالت وزارة الخارجية العراقية، الأحد، إن الوزير فؤاد حسين بحث مع نظيره التركي هاكان فيدان ملف إيران، وضرورة خفض التوترات في المنطقة، والدفع نحو حلول سياسية قائمة على الحوار والتفاهم، وذلك خلال لقائهما على هامش منتدى الدوحة.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يلتقي نظيره التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)

وأضافت الوزارة، في بيان، أن الجانبين ناقشا كذلك التطورات الإقليمية والدولية، ولا سيما الأوضاع في سوريا، وأكدا أهمية دعم جهود تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتشجيع الاستثمار والمبادرات التنموية، «بما يُسهم في تخفيف معاناة الشعب السوري».

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يلتقي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على هامش منتدى الدوحة (الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية العراقية بـ«فيسبوك»)

وأشارت «الخارجية العراقية» إلى أن الاجتماع تطرق أيضاً إلى العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا، وسُبل تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يخدم مصالح البلدين، ويُعزز الاستقرار الإقليمي، وفق البيان.


50 إيرانياً سيعودون من الولايات المتحدة بعد تشديد سياسة الهجرة الأميركية

البيت الأبيض وضع ملصقات لأشخاص وُصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين تم القبض عليهم (أرشيفية - رويترز)
البيت الأبيض وضع ملصقات لأشخاص وُصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين تم القبض عليهم (أرشيفية - رويترز)
TT

50 إيرانياً سيعودون من الولايات المتحدة بعد تشديد سياسة الهجرة الأميركية

البيت الأبيض وضع ملصقات لأشخاص وُصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين تم القبض عليهم (أرشيفية - رويترز)
البيت الأبيض وضع ملصقات لأشخاص وُصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين تم القبض عليهم (أرشيفية - رويترز)

أعلنت إيران أن نحو 50 من رعاياها سيعودون من الولايات المتحدة، بعدما قررت واشنطن إعادة التحقق من تصاريح الإقامة الممنوحة لرعايا 19 دولة «تُعد مثيرة للقلق»، بينها إيران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي: «في الأيام المقبلة، سيعود ما بين 50 و55 مواطناً إيرانياً إلى البلاد».

من جانبها، أفادت قناة «سي إن إن» الأميركية بأنه من المنتظر وصول هذه المجموعة إلى إيران في وقت لاحق الأحد، بعد توقف في الكويت.

وأشار بقائي، خلال مؤتمر صحافي أسبوعي في طهران، إلى أن «هذه ثاني مجموعة تتم إعادتها إلى إيران في الأشهر الأخيرة»؛ حيث إنه في سبتمبر (أيلول) الماضي، أُجبر 120 إيرانياً على مغادرة الولايات المتحدة والعودة إلى بلدهم.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يأتي الإعلان الأحد بعد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء الماضي تعليق جميع طلبات الهجرة من 19 دولة «ذات مخاطر عالية»، بعد أيام قليلة من عملية إطلاق نار في واشنطن نفّذها مواطن أفغاني.

وإيران واحدة من الدول الـ19 المشمولة بالقرار. وقبل ذلك، أصدر ترمب، في يونيو (حزيران) قراراً بمنع دخول رعايا 12 دولة، من بينها إيران أيضاً، إلى الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد: «فيما يتعلّق بالإيرانيين، يبدو من الواضح بالنسبة إلينا أنّ هذه الضغوط مدفوعة باعتبارات سياسية». ورفض «ادعاءات السلطات الأميركية بأنّ هؤلاء الأفراد (الذين يتم ترحيلهم) انتهكوا قوانين الهجرة».

وكانت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» قد نقلت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن مسؤول الشؤون القنصلية في الوزارة، تأكيده أنّ «خدمات الهجرة الأميركية قررت طرد نحو 400 إيراني موجودين حالياً في الولايات المتحدة، معظمهم دخلوا بشكل غير قانوني»، مع الإشارة إلى أنه في بداية العام الحالي قامت الولايات المتحدة بترحيل لاجئين إيرانيين، من بينهم العديد من المسيحيين، إلى كوستاريكا وبنما.

ومنذ عام 1980، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة إبان عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران خلال «الثورة الإسلامية» التي أطاحت بحكم الشاه حليف واشنطن.