«كوفيد - 19» طويل الأمد يعيد برمجة الخلايا المناعية

دراسة تفسر اختفاء الفيروس بالاختبارات رغم بقاء أعراضه

متلازمة «كوفيد - 19» طويل الأمد تستمر لدى بعض الأشخاص لعدة أشهر (شاترستوك)
متلازمة «كوفيد - 19» طويل الأمد تستمر لدى بعض الأشخاص لعدة أشهر (شاترستوك)
TT

«كوفيد - 19» طويل الأمد يعيد برمجة الخلايا المناعية

متلازمة «كوفيد - 19» طويل الأمد تستمر لدى بعض الأشخاص لعدة أشهر (شاترستوك)
متلازمة «كوفيد - 19» طويل الأمد تستمر لدى بعض الأشخاص لعدة أشهر (شاترستوك)

نجح فريق بحثي ألماني في تقديم دليل جزيئي يُكتشف لأول مرة، للمساعدة على فهم «كوفيد – 19» طويل الأمد، وهي حالة تعني استمرار الأعراض بعد التعافي من عدوى الفيروس المسبِب للمرض.

وخلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلة «جورنال أوف ميديكال فيزيولوجي»، اكتشف الباحثون من جامعة هاله الألمانية، دليلاً جزيئياً، يشير إلى أن السبب لهذه الحالة المرضية المستمرة، قد يكون حدوث «إعادة برمجة» الخلايا المناعية.

وفي حالة حدوث عدوى، تشكل بعض الخلايا المناعية، التي تسمى البلاعم، خط الدفاع الأول في الاستجابة المناعية للجسم، جنباً إلى جنب مع ما يُعرف بـ«السلائف»، و«وحيدات النوى»، وهي أحد أنواع الكريات البيضاء أو خلايا الدم البيضاء، وهي خلايا مهمة في جهاز المناعة الفطري، وتلعب دوراً مهماً في تنشيط وتنظيم الاستجابة المناعية عن طريق إفراز العوامل المناعية.

ومن خلال تحليل دماء جميع المرضى المشاركين في الدراسة، الذين تم تجنيدهم من مناطق مختلفة بألمانيا، اكتشف الباحثون أن تركيز هذه العوامل المناعية الثلاثة «البلاعم» و«السلائف» و«وحيدات النوى»، لا يزال مرتفعاً حتى الآن، رغم التخلص من الفيروس، وكان يُفترض أنه قد تؤثر البقايا الفيروسية المنتشرة في الدم خلال مرحلة «كوفيد - 19» الحادة في تنظيم هذه الخلايا المناعية.

ويقول كريستوف شولثيس، المؤلف الرئيسي للدراسة، وباحث مشارك في قسم الطب الباطني بجامعة هاله: «ثبت أن إطلاق هذه العوامل المناعية غير منظم بشكل كبير في حالة (كوفيد - 19) طويل الأمد، ووجدنا حدوث إعادة البرمجة في اثنين منها».

ويضيف: «إلى جانب ذلك، تم فحص مستويات بروتين سبايك الفيروسي، الذي يستخدمه فيروس (كوفيد - 19) لإصابة الخلايا، في عينات دماء المرضى، ولوحظ وجود هذا البروتين في دمائهم. ورغم ذلك، لم تظهر قيم الدم هذه أي ارتباط بأنماط الاستجابة المناعية غير المنتظمة التي تم اكتشافها».

ويقول محمد نادي، أستاذ الفيروسات بجامعة الأزهر، إن نتائج الدراسة تحتاج إلى مزيد من المرضى من أقطار مختلفة لتأكيد نتائجها. ويضيف: «في حال تأكيد النتائج، قد يكون هذا الاكتشاف مهماً للتعامل مع واحدة من أهم المشكلات المؤرقة في جائحة (كوفيد - 19)، حيث يمكن أن يقود إلى تحديد خيارات علاجية للتعامل مع هذه المجموعة الفرعية من المرضى».

وتستمر متلازمة «كوفيد - 19» طويل الأمد لدى بعض الأشخاص لأشهر عدة، وتشير الأبحاث إلى أن شخصاً واحداً من كل 5 أشخاص في الفئة العمرية بين 18 و64 عاماً، ممن أصيبوا بالفيروس، قد يُصاب بهذه الحالة.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».