لو أندرياس سالومي وفريدريك نيتشه... حب من طرف واحد بين العبقرية والجمال

الحسناء الروسية المثقفة التي أوقعت في حبائلها عصراً بكامله

نيتشه - لو سالومي
نيتشه - لو سالومي
TT

لو أندرياس سالومي وفريدريك نيتشه... حب من طرف واحد بين العبقرية والجمال

نيتشه - لو سالومي
نيتشه - لو سالومي

لم يكن للصورة الفوتوغرافية الفريدة التي تضم في عربة رثة للحيوانات كلاً من الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه وصديقه الأثير بول ري والشابة الروسية الحسناء لو أندرياس سالومي، أن ترسخ في أذهان البشر وذاكرتهم الجمعية، لو لم تعكس برمزيتها المثيرة الواقع الفعلي للعلاقة التي ربطت بين لو سالومي وبين الصديقين «اللدودين». فقد بدا الرجلان الواقفان في مقدمة العربة المعطلة، وكأنهما مكلفان بجرّها إلى الأمام بدلاً من الحيوانين المخصصين لهذه الغاية، في حين كانت الفتاة الحسناء ذات الملامح الصارمة ترفع السوط عالياً لحثهما على التقدم. والواقع، أن الفتاة المغوية ذات النزوع السادي لم تتلاعب بمصير نيتشه وري فحسب، بل تعدتهما إلى بعض أبرز عباقرة الغرب، من أمثال ريلكه وسيغموند فرويد. كما أنها كانت ترهص في الوقت ذاته بتقويض المفاهيم الذكورية المحافظة للعصر الفيكتوري.
كان نيتشه المولود في لوتزن لأبوين كهلين عام 1844، في السادسة والثلاثين من عمره حين وضعته أقداره الصعبة في مواجهة لو سالومي، الشابة القادمة من سان بطرسبورغ، والمتمتعة بقدر وافر من الذكاء والفتنة. وإذ أسهم رحيل أبيه المبكر وهو لمّا يزل في السادسة من عمره، فضلاً عن اعتلال رأسه وبصره ومعدته، في إصابته بشروخ عصبية ونفسية عميقة، فإن تلك الشروخ بالذات هي التي وفرت التربة الملائمة لنبوغه الإبداعي، كما زودته بقدرٍ من الضراوة والعصف الروحي الديونيزي، عبّر عنه في إحدى قصائده بالقول «أحياناً أحدب على بعض الأعاصير وكأنها أولادي».
لكن الاعتلالات الجسدية والعصبية التي عاشها نيتشه، لم تكن على قسوتها المصدر الوحيد لمكابداته، بل إن العنت وسوء الفهم اللذين واجههما في علاقته بالنساء، قد ضاعفا من منسوب تلك المكابدات وجعلاه فريسة نموذجية للوحشة والصقيع والتوجس من البشر. وحيث ظن بأن تفوقه الفكري يمكن «تسييله» على الصعيد العاطفي، فقد أكدت له تجاربه الفاشلة مع النساء، خطأ اعتقاده ذاك. لا، بل إن غير واحدة منهن فضلت عليه أصدقاء له، أقل شأناً منه بكثير. فحين عرّفه صديقه الموسيقار هوغو فون سينغر إلى الشابة ماتيلده ترامبداخ، أثناء إقامته في جنيف، لم يتوان نيتشه عن الكتابة لها قائلاً «حشّدي كل شجاعة قلبك، حتى لا تخافي من السؤال الذي سأطرحه عليك: هل ستكونين زوجتي؟ إنني أحبك وأشعر بأنك تنتمين لي بالفعل». غير أن أسئلة طالب الزواج لم تجد جوابا لها عند ترامبداخ، التي ما لبثت أن اقترنت بفون سينغر نفسه بعد فترة من الزمن.
لم يظفر الفيلسوف المعجب بموسيقى فاغنر وفلسفة شوبنهاور بالزوجة المطلوبة، لكن القدر كان يهيئ له فخاً آخر أكثر خطورة من سابقه بتعرفه عام 1882 إلى سالومي التي، قدمت من روسيا إلى زيوريخ، بحثاً عن علاج مناسب لمشكلات متعلقة بالتنفس. والواضح أن حاجة نيتشه إلى الإشباع العاطفي والنفسي ما لبثت أن أنسته صدمته السابقة، بحيث شعر أن الحظ الذي أشاح بوجهه عنه، قد بات حليفه هذه المرة. ولعل ثقته المستجدة بأقداره، قد وجدت ما يسندها في ثقافة الفتاة الواسعة وفي اهتمامها الشديد بأفكاره ومؤلفاته، رغم أن سالومي لحظة تعارفهما، لم تكن تتجاوز الحادية والعشرين من العمر.
«ربما سأجد كوخاً لائقاً لحارس غابة، أو بيت قسّ في الغابة نفسها، حيث يمكن أن تعيشي بضعة أيام بقربي. ذلك أني أودّ بشدة وبصراحة تامة أن نكون بمفردنا في أقرب وقت. تقبّليني بعض الشيء، فالناس يقولون إنني لم أكن مبتهجاً في حياتي وواثقاً بقدري كما أنا اليوم». هذا ما كتبه نيتشه في الرسالة الثانية التي بعث بها إلى سالومي؛ ظناً منه أنه قد عثر أخيراً على المرأة المناسبة التي تستطيع أن تنعطف بحياته إلى بر الأمان. كما أبلغها في رسائل أخرى أنه يعلق آمالاً جسيمة على أن يعيشا معاً، وأن صحته بعد لقائها قد بدأت في التحسن، بحيث بات يبدو أصغر سناً من ذي قبل.
ومع أن أخته إليزابيت ذات الشخصية المزاجية والمتسلطة، قد أظهرت عداءها السافر لسالومي، فإن نيتشه لم يكترث لموقفها السلبي من فتاة أحلامه، ولم ينتبه بالمقابل إلى حرص سالومي البالغ على توزيع اهتمامها بينه وبين بول ري، مع رجحان واضح لكفة الأخير، وكان عليه أن يظل سادراً في تهيؤاته لأشهر معدودة، قبل أن يكتشف أن القصور الوردية التي شيدتها تلك التهيؤات لم تكن سوى أوهام زائفة وبعيدة عن الواقع. ومع ظهور الحقيقة جلية أمام عينيه كتب رسالة مشتركة إلى ري وسالومي يقول فيها «لا تنزعجا من نوبات تعاظمي أو غروري الجريح، وحتى لو صادف أنني انتحرت جراء انفعال ما أو آخر، فلن يكون هناك الكثير مما تأسيان عليه».
إلا أن العاشق الجريح الذي اعترف لأحد أصدقائه بأن مشاعر سالومي إزاءه لا تتعدى الإشفاق، وبأن «الشفقة نوع من الجحيم»، ما يلبث أن يكتب لها رسالة قاسية يبادلها فيها الشفقة بمثلها قائلاً «أرجو أن ترتقي بنفسك أمامي لكي لا أضطر إلى احتقارك. أي نوع من الرسائل تكتبين؟ تلميذات المدارس الناقمات الشهوانيات هن اللواتي يكتبن بهذه الطريقة. ماذا عليّ أن أفعل بهذه التفاهة المثيرة للشفقة؟». ولعل نزوعه المطرد نحو الأخذ بشريعة القوة والاستحواذ والجبروت، كان نوعاً من رد الفعل الانتقامي على ما تعرض له من هزائم وعثرات وخيانات، في غابة الصراع على البقاء التي تسمى الأرض. ومع أن صاحب «العلم المرح» قد حاول المكابرة وإخفاء هزيمته إثر خطوبة سالومي للأستاذ الجامعي فريدريك أندرياس، إلا أنه كان في واقع الحال يعقد مع جنونه صفقة رابحة مكنته من كتابة رائعته الأشهر «هكذا تكلم زارادشت»، قبل أن يدخل في العتمة الشاملة التي أوصلته إلى موته عام 1900.
أما لو سالومي التي لم تسلم قيادها لأحد سوى مزاجها الشخصي وشغفها بالحرية، فهي لم تقدم في كتابها النقدي «نيتشه - سيرة فكرية» أي إشارة دالة على مشاعر عاطفية إزاء «المتوحد العظيم» الذي اعتبرته الناثر الأول في زمنه، دون أن تتوانى في الوقت نفسه عن إظهار ما يحكم رؤيته للعالم من تناقضات. كما أن زواجها من أندرياس لم يمنعها من الارتباط العاطفي بالشاعر الألماني ريلكه الذي كان يصغرها بأربعة عشر عاماً، ملهمة إياه بعض أجمل أشعاره، والذي خاطبها بالقول «يوماً ما بعد أن يقضي الزمان عمله، سوف تعرفين ما كنتِ تعنينه لي. كنتِ أشبه بنبع جبلي قُيض لظمآن. لم أعد أتمنى رؤية الأزهار والسماء والشمس إلا فيك، ومن خلالك». وفي وقت لاحق تمكنت سالومي من الانضمام إلى حلقة النقاش الضيقة التي أحاطت بسيغموند فرويد، لتخوض مع مؤسس علم النفس الشهير مغامرة من نوع خاص تراوحت بين الصداقة والحب والتفاعل الفكري والمعرفي، قبل أن ترحل عن هذا العالم عام 1937، تاركة وراءها الكثير من تنهدات الحسرة والأصداء المتباينة وعلامات الاستفهام.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

اختار «مهرجان برلين السينمائي» الفيلم المصري «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي، ليكون فيلم افتتاح برنامج «أسبوع النقاد» خلال دورته الـ75 المقررة في الفترة من 13 إلى 22 فبراير (شباط) 2025.

وكان الفيلم الذي يُعدّ إنتاجاً مشتركاً بين هولندا، ومصر، وقطر، قد عُرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «كان السينمائي» ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين»، خلال دورته الـ77، كما انفرد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بعرضه الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامج «رؤى جديدة»، وحاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان «كيرالا السينمائي الدولي» بالهند، للتناغم بين عناصر الديكور والصوت والتصوير، كما جاء في حيثيات لجنة التحكيم. ويشارك الفيلم في مهرجان «روتردام السينمائي» ضمن قسم «أفضل الأفلام العالمية» في دورته التي تنطلق في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

الفيلم من بطولة منحة البطراوي، وأحمد كمال، وعمر رزيق، وفايزة شمة، وينتمي لفئة «الكوميديا السوداء»، حيث تدور أحداثه في إطار الفانتازيا الساخرة من خلال الموسيقي الطموح «عبده» العالق في مستعمرة صحراوية معزولة ويقضي وقته بين حفر القبور وتأليف الموسيقى باستخدام آلات موسيقية اخترعها من أدوات منزلية، ويخطّط عبده للهروب من المستعمرة رفقة حبيبته للتخلص من هيمنة «شوقي بيه»، بينما الحكاءة «جلالة» تروي للناس قصصاً خيالية عن البحر، والفيلم من تأليف وإخراج هالة القوصي في ثاني أفلامها الطويلة بعد «زهرة الصبار».

وأبدت المخرجة المصرية الهولندية سعادتها باختيار الفيلم في «برلين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تفاجأت باختياره لأن موزعته هي من تقدمت به، وأضافت: «لم أكن أعرف أن مهرجان (برلين) يقيم أسبوعاً للنقاد، على غرار مهرجاني (كان) و(فينيسيا)، عَلِمتُ بذلك حين اختاروا فيلمنا بوصفه فيلم افتتاح، هذا في حد ذاته شرف كبير، وقد قال لي الناقد طارق الشناوي إنها ربما المرة الوحيدة التي يتم فيها اختيار فيلم مصري لافتتاح هذا القسم».

المخرجة هالة القوصي في مهرجان «البحر الأحمر» (الشرق الأوسط)

وتلفت هالة إلى أن «أسبوع النقاد يُعد جهة مستقلة في جميع المهرجانات الكبرى عن إدارة المهرجان نفسه، ويقام تحت إدارة نقاد، وهو في مهرجان (برلين) لديه طبيعة نقدية وله بعد مفاهيمي من خلال عقد مناقشات بين الأفلام».

وترى هالة أن «أول عرض للفيلم يحدّد جزءاً من مسيرته، وأن التلقي الأول للفيلم في مهرجان (كان) الذي يُعد أكبر تظاهرة سينمائية في العالم، ويحضره عدد من نقاد العالم والمنتجين ومبرمجين من مختلف المهرجانات يتيح للفيلم تسويقاً أكبر وحضوراً أوسع بمختلف المهرجانات».

وعُرض فيلم «شرق 12» في كلٍ من السعودية والبرازيل وأستراليا والهند، حيث شاهده جمهور واسع، وهو ما تراه هالة القوصي غاية السينما؛ كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات، في حين يرى الناس في بلاد مختلفة صدى لتجربتها الشخصية بالفيلم، موضحة: «لذلك نصنع السينما، لأنه كلما شاهد الفيلم جمهور مختلف وتفاعل معه، هذا يجعلنا أكثر حماساً لصناعة الأفلام».

بوستر اختيار الفيلم في مهرجان «برلين» (الشرق الأوسط)

وعن صدى عرض الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» مؤخراً، تقول المخرجة المصرية: «كان من المهم بالنسبة لي عرضه في مهرجان (البحر الأحمر) لأتعرف على ردود فعل عربية على الفيلم، وقد سعدت بها كثيراً، وقد سألني كثيرون، كيف سيستقبل الجمهور العربي الفيلم؟ فقلت، إن أفق الجمهور أوسع مما نتخيل، ولديه قدرة على تذوّق أشكالٍ مختلفة من الفنون، وهذا هو رهاني دائماً، إذ إنني لا أؤمن بمقولة (الجمهور عايز كده)، التي يردّدها بعض صناع الأفلام، لأن هذا الجمهور سيزهد بعد فترة فيها، وفي النهاية فإن العمل الصادق سيلاقي حتماً جمهوره».

لا تستعين هالة بنجوم في أفلامها، وتبرر ذلك قائلة: «لأن وجود أي نجم بأفلامي سيفوق أجره ميزانية الفيلم كلّه، فنحن نعمل بميزانية قليلة مع طموحٍ فني كبيرٍ، ونقتصد في كل النفقات التي لا تضيف قيمة للفيلم، نعمل في ظروف صعبة ليس لدينا كرافانات ولا مساعدين للنجوم، ونحرص على تكثيف فترات العمل وضغط النفقات في كل شيء، وهو ما لا يناسب النجوم».

ووفق الناقد خالد محمود، فإن «مهرجان (برلين) دائماً ما يمنح فرصاً للتجارب السينمائية الجريئة والمختلفة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، والأفلام خارج سياق السينما التجارية، التي تجد متنفساً لها في مهرجان (برلين)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم (شرق 12) يُعدّ أحد الأفلام المستقلة التي تهتم بها المهرجانات الكبرى وتُسلط عليها الضوء في برامجها، وقد حقّق حضوراً لافتاً في مهرجانات كبرى بدءاً من عرضه الأول في (كان)، ومن ثمّ في (البحر الأحمر)، ولا شك أن اختياره في أسبوع النقاد بـ(برلين) يمثل إضافة مهمة له».