واشنطن ترحب بقرار بغداد تمليك أراضي الإيزيديين في سنجار

بعد 47 عاماً من الحرمان بسبب «سياسات إقصائية»

السوداني مستقبلاً السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي في 20 نوفمبر 2022 (وكالة الأنباء العراقية)
السوداني مستقبلاً السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي في 20 نوفمبر 2022 (وكالة الأنباء العراقية)
TT

واشنطن ترحب بقرار بغداد تمليك أراضي الإيزيديين في سنجار

السوداني مستقبلاً السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي في 20 نوفمبر 2022 (وكالة الأنباء العراقية)
السوداني مستقبلاً السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي في 20 نوفمبر 2022 (وكالة الأنباء العراقية)

رحبت السفيرة الأميركية لدى العراق آلينا رومانوسكي، أمس السبت، بالبيان المشترك لرئيس الوزراء محمد السوداني والأمم المتحدة، المتعلق بقرار حكومة بغداد تمليك السكان الإيزيديين، في قضاء سنجار ومناطق أخرى، المنازل التي يشغلونها منذ عقود من دون أن يتمكنوا من امتلاكها من الناحية القانونية.
ويسكن قضاء سنجار، التابع لمحافظة نينوى، أكبر تجمع للمواطنين الإيزيديين في العراق، وقد سيطر عليه تنظيم «داعش» الإرهابي عام 2014، وقام بقتل وسبي المئات من رجالهم ونسائهم.
وقالت رومانسكي، في تغريدة عبر «تويتر»: «نرحبُ بالبيان المشترك لرئيس الوزراء محمد السوداني والأمم المتحدة الخاص بقرار مجلس الوزراء (العراقي) حول إعادة منازل وأراضي الإيزيديين وممتلكاتهم. تفتخرُ الولايات المتحدة بالدور الذي لعبته في تمويل برنامج (هابيتات) منذ 2018، الذي سيسهم في مساعدة الآلاف من الإيزيديين في العودة إلى مناطقهم».
وطبقاً للبيان المشترك بين السوداني والأمم المتحدة، الصادر أول من أمس، فقد وافق مجلس الوزراء العراقي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على «مرسوم تقديم حل شامل ودائم للإيزيديين في سنجار، ويمنح المرسوم ملكية الأراضي السكنية والمنازل في 11 مجمعاً سكنياً، لشاغليها».
وشمل المرسوم «مجمعات خانصور (التأميم)، ودوﮔري (حطين)، وبورك (اليرموك)، وﮔوهبل (الأندلس)، وزورافا (العروبة) ودهولا (القادسية)، في ناحية الشمال / قضاء سنجار. ومجمعي تل قصب (البعث) وتل بنات (الوليد)، في ناحية القيروان / قضاء سنجار. ومجمعات تل عزير (القحطانية) وسيبا شيخدري (الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) ناحية القحطانية / قضاء البعاج / محافظة نينوى».
وقال البيان المشترك إن قرار التمليك جاء: «بسبب السياسات التمييزية، فلم يكن مسموحاً لنحو ربع مليون مواطن عراقي إيزيدي في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، بتملك منازلهم وأراضيهم السكنية منذ عام 1975».
ونقل البيان عن رئيس الوزراء قوله: «يأتي قرار الحكومة العراقية تمليك العراقيين الإيزيديين منازلهم في سنجار، التي حرموا من تملكها منذ أكثر من 47 عاماً؛ بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي انتهجها النظام الديكتاتوري السابق، وفي سياق سعي الحكومة العراقية، الواضح والصريح، لرعاية حقوق المكوّنات العراقية، وخصوصاً المكوّن الإيزيدي الكريم في سنجار وسهل نينوى».
وأشار إلى أن القرار «كان من ضمن المتبنيّات الراسخة للدولة العراقية، وتم العمل على دراسته وتقديمه، بالتشارك مع موئل الأمم المتحدة (هابيتات)».
ونقل البيان كذلك، عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، جينين هينيس بلاسخارت، ترحيبها بما وصفتها بـ«الخطوة الحاسمة التي اتخذها مجلس الوزراء العراقي».
وأضافت أن «المرسوم يشكل اعترافاً رسمياً بملكية أراضيهم ومنازلهم، وينهي عقوداً من التمييز، ونأمل أن يخفف من معاناة الإيزيديين ويشجع عودتهم إلى سنجار/ نينوى».
وأشادت المديرة التنفيذية لموئل الأمم المتحدة، ميمونة محمد شريف، بالقرار، وقالت إنه «إنجاز عظيم للعراق، الذي يبذل جهوداً كبيرة لحماية واحترام حقوق الإنسان فيما يتعلق بالسكن اللائق».
وأكدت أن «هذه الخطوة، من قبل الحكومة العراقية، هي خطوة واعدة ومشجعة؛ لأنها تعزز الوصول إلى حقوق الأراضي للسكان المهمشين في العراق، وتخلق زخماً كبيراً للسكان في بلدات سنجار؛ للحصول على حقوق ملكية الأرض، ولأول مرة منذ نحو 47 عاماً».
وطبقاً للبيان، فإن موئل الأمم المتحدة يتعامل منذ عام 2018، مع حقوق الأراضي والممتلكات للأقلية الإيزيدية في سنجار من خلال تسجيل أكثر من 14.500 ألف طلب تمليك، وإصدار شهادات إشغال الأراضي لإثبات حقوق الإشغال للإيزيديين، باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، بهدف دعم قضايا التمليك لهم.
النائب الإيزيدي السابق صائب خدر، قال: «قرار التمليك أفضل ما حصل للإيزيديين خلال العقدين الأخيرين، وهو بحق إنجاز يحسب لحكومة السوداني والأمم المتحدة».
وذكر خدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «سلطات نظام البعث السابق قامت بترحيل الإيزيديين من تخوم جبل سنجار عام 1975، بذرائع أمنية، وأرغمتهم على العيش على سفح الجبل وأطرافه في تجمعات ومخيمات شبه عشوائية، من دون أن يكون لهم حق امتلاك المنازل التي سكنوها... أكثر من نحو 90 في المائة من منازل الإيزيديين في سنجار ومدن قريبة أخرى غير مملوكه لسكانها، والقرار يحل هذه المعضلة الممتدة منذ عقود طويلة».
وحول أعداد الإيزيديين النازحين إلى إقليم كردستان من قضاء سنجار، قال خدر: «إن أكثر من نصف عددهم لم يعودوا إلى منازلهم، لكن قرار التمليك يمكن أن يسهم في عودة كثيرين منهم».
كان مجلس النواب العراقي، صوت في مارس (آذار) 2021 على قانون «الناجيات الإيزيديات»، واعتبر خلاله الجرائم التي ارتكبها تنظيم «داعش» ضد النساء والفتيات من الأقليات الإيزيدية والتركمان والمسيحية والشبك، من خلال عمليات الاختطاف والاستعباد الجنسي والزواج القسري والحمل والإجهاض، إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وأقرّ القانون تعويضات للناجيات، فضلاً عن تدابير لإعادة تأهيلهن وإعادة دمجهن في المجتمع.


مقالات ذات صلة

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

كشف مصدر مسؤول في وزارة المالية بإقليم كردستان العراق، أن «الإقليم تكبد خسارة تقدر بنحو 850 مليون دولار» بعد مرور شهر واحد على إيقاف صادرات نفطه، وسط مخاوف رسمية من تعرضه «للإفلاس». وقال المصدر الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار الإيقاف الذي كسبته الحكومة الاتحادية نتيجة دعوى قضائية أمام محكمة التحكيم الدولية، انعكس سلبا على أوضاع الإقليم الاقتصادية رغم اتفاق الإقليم مع بغداد على استئناف تصدير النفط».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

فيما نفت تركيا مسؤوليتها عن هجوم ورد أنه كان بـ«مسيّرة» استهدف مطار السليمانية بإقليم كردستان العراق، أول من أمس، من دون وقوع ضحايا، وجهت السلطات والفعاليات السياسية في العراق أصبع الاتهام إلى أنقرة. وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في بيان، «نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول للقوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية».

المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.

المشرق العربي الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

يبدو أن الانقسام الحاد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي» المتواصل منذ سنوات طويلة، يظهر وبقوة إلى العلن مع كل حادث أو قضية تقع في إقليم كردستان، بغض النظر عن شكلها وطبيعتها، وهذا ما أحدثه بالضبط الهجوم الذي استهدف مطار السليمانية، معقل حزب الاتحاد الوطني، مساء الجمعة.

فاضل النشمي (بغداد)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».