تركيا تحذّر من «عملية استغلال» وراء التظاهرات ضدها شمال سوريا

تقارير تتحدث عن تشكيل لجان مشتركة مع النظام لتسريع التطبيع

عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذّر من «عملية استغلال» وراء التظاهرات ضدها شمال سوريا

عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)

بينما تجددت الاحتجاجات في مناطق سيطرة المعارضة السورية في شمال غربي سوريا احتجاجاً على التقارب بين تركيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، حذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من محاولات دفع المواطنين في شمال سوريا إلى تنظيم احتجاجات والقيام بـ«استفزاز» وأكد في الوقت ذاته أن هدف تركيا هو مكافحة الإرهاب وأنه أكد ذلك خلال الاجتماع مع نظيريه الروسي والسوري في موسكو يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
في الوقت ذاته، كشفت تقارير صحافية تركية عن تشكيل الحكومة التركية والنظام السوري لجاناً من مسؤولين عسكريين واستخباريين، لحل المشكلات العالقة بهدف تسريع عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق.
وقال أكار، في تصريحات أمس (الجمعة)، إنه تم خلال الاجتماع الثلاثي في موسكو التأكيد أن هدف تركيا الوحيد في سوريا هو مكافحة الإرهاب، وأنها تدعم وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وأنها ليست على استعداد لاستقبال نازحين جدد. وأضاف: «قلنا إنه لا يمكننا قبول المزيد من اللاجئين من سوريا، وإن موجة جديدة من الهجرة غير مقبولة لدينا، لذلك مع فعالياتنا في شمال وشمال غربي سوريا نسعى جاهدين لإبقاء إخواننا وأخواتنا السوريين في أراضيهم». وحذّر من محاولات «استغلال المواطنين في شمال سوريا كأداة للاستفزاز»، مشدداً، مرة أخرى، على أن هدف تركيا الرئيسي هو «مكافحة الإرهاب»، ولن تسمح بوجود إرهابيين قرب حدودها. وتابع أكار في رسالة طمأنة للمعارضة: «أكدنا ضرورة حل الأزمة السورية بطريقة شاملة وبمشاركة الجميع في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2254. كما أن لدينا إخوة وأخوات سوريين نجتمع معهم في سوريا وتركيا، قلنا إننا لن نقول (نعم) لأي قرار يكون ضدهم وينتهك حقوقهم، ويجب على الجميع أن يعرفوا ويتصرفوا وفقاً لذلك».
وشهدت مناطق نفوذ «هيئة تحرير الشام» والفصائل الموالية لتركيا، أمس، مظاهرات واحتجاجات غاضبة جديدة تنديداً بالتقارب بين أنقرة ودمشق ورفضاً لمطالبة أنقرة للمعارضة بالمصالحة مع النظام.

جانب من الاحتجاجات في مدينة إدلب أمس رفضاً للتقارب بين أنقرة ودمشق (أ.ف.ب)

وحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، خرجت مظاهرات في جسر الشغور غرب إدلب، ضمّت القرى المجاورة وأبناء مخيمات النازحين. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإسقاط النظام، مؤكدين أنْ «لا تصالح» مع النظام. كما خرجت مظاهرات من كل من تفتناز وأطمة ومخيمات الكرامة وكللي ومواقع أخرى بريف إدلب، بالإضافة للأتارب والسحارة بريف حلب الغربي، وكذلك في قباسين وأعزاز والراعي ومدينة الباب وصوران بريفي حلب الشمالي والشرقي، فضلاً عن مظاهرات في تل أبيض بريف الرقة الشمالي، ضمن مناطق سيطرة فصائل ما يُعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا. وعبّر المتظاهرون عن رفضهم التصالح مع النظام، والتقارب التركي معه، ودعوا لإسقاطه. وكان نشطاء سوريون قد أطلقوا دعوات، (الخميس)، عبر مواقع التواصل الاجتماعي للخروج في مظاهرات حاشدة في مناطق عدة في شمال سوريا تحت شعار «لن نصالح»، رفضاً للمصالحة والتطبيع مع النظام وتنديداً بالتقارب بين تركيا والنظام على خلفية اجتماع موسكو.
- قلق من التقارب
وأثار الاجتماع الذي استضافته موسكو نهاية الشهر الماضي وجمع وزراء الدفاع السوري والتركي والروسي وقادة الاستخبارات في الدول الثلاث قلقاً لدى قوى المعارضة السورية السياسية والمسلحة. وقال زعيم «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، في فيديو تم بثه الاثنين الماضي، إن المحادثات بين سوريا وروسيا وتركيا تمثل «انحرافاً خطيراً». كما أصدرت «حركة أحرار الشام» بياناً (الأربعاء)، ذكرت فيه أنه على الرغم من تفهمها لوضع حليفها التركي فإنها لا تستطيع مجرد التفكير في المصالحة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
بدورها سعت تركيا إلى طمأنة المعارضة، وقال وزير الدفاع خلوصي أكار إن تركيا لن تتخذ أي خطوة قد تسبِّب مشكلات «للإخوة السوريين» في تركيا أو داخل سوريا. وأضاف أنه «يجب ألا يتخذوا (المعارضة) أي مواقف مختلفة نتيجة أي استفزاز أو أنباء كاذبة». وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن تركيا لم تخذل المعارضة من قبل، ولن تخذلهم في المستقبل.
وعقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في أنقرة (الثلاثاء)، اجتماعاً عاجلاً مع رئيس «الائتلاف الوطني السوري» سالم المسلط، ورئيس «هيئة التفاوض» بدر جاموس، ورئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن مصطفى، بناءً على طلب «الائتلاف»، للنظر في التطورات الأخيرة والتقارب التركي مع النظام. وقال جاويش أوغلو إنه «تمت مناقشة آخر التطورات حول سوريا... أكدنا دعمنا للمعارضة والشعب السوريين، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254». أما المسلط فقال إن «تركيا حليف قوي لقوى الثورة والمعارضة السورية، وداعم كبير لتطلعات السوريين في تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية»، وعبّر عن أمله أن تبقى تركيا كذلك، وأن تكون خطواتها للتقارب مع النظام تصب في صالح هذه التطلعات عبر تطبيق الحل السياسي الذي أقرته القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري، ومنها بيان جنيف والقراران 2118 و2254.
وقال عبد الرحمن مصطفى، بدوره، إن الوزير التركي أكد استمرار دعم تركيا لمؤسسات المعارضة السورية والسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأن المحادثات التي أجرتها تركيا مع المسؤولين السوريين في موسكو ركزت بشكل أساسي على القتال ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في شمال شرقي البلاد.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول تركي كبير، لم تحدده بالاسم، أن بلاده اطّلعت على ردود فعل فصائل المعارضة على اجتماع موسكو «لكن تركيا هي التي تحدد سياساتها». وتناول اجتماع موسكو، حسبما أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأزمة السورية وقضية اللاجئين والجهود المشتركة لمكافحة جميع الجماعات الإرهابية في سوريا.
- لجان لتسريع التطبيع
في السياق ذاته، كشفت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، في تقرير حول ما دار في اجتماع موسكو الثلاثي، إن أنقرة اتفقت مع النظام على تشكيل لجان لتسريع عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق تتألف من مسؤولين عسكريين واستخباريين. وذكرت الصحيفة، في تقرير (الجمعة)، أن عملية التطبيع مع النظام السوري تتسارع بعد اجتماع موسكو الذي سيؤدي إلى عقد اجتماع بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا خلال الفترة المقبلة، قائلة إن «ماراثون التطبيع» بدأ رفع سقف معاييره على المستوى السياسي عبر تشكيل تلك اللجان لحل المشكلات العالقة بين أنقرة ودمشق وتسريع عملية التطبيع.
وأضافت أن ممثلي اللجان سيحضرون الاجتماعات التركية المقبلة مع النظام السوري، بهدف التقدم بخطى سريعة في حل المشكلات بين البلدين، إلا أنه لم يتم بعد توضيح موعد اجتماع الطرفين. وتدفع روسيا باتجاه إعادة العلاقات بين تركيا ونظام بشار الأسد، وتوسطت في اتصالات بدأت أولاً على مستوى أجهزة المخابرات، وتطورت إلى لقاء وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من تركيا وسوريا وروسيا في موسكو في 28 ديسمبر الماضي، ومن المتوقع أن يعقبه لقاء مماثل لوزراء الخارجية في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، لم يتحدد مكانه بعد، حسبما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
- تأكيدات إردوغان
وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان (الخميس)، احتمالات لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد في إطار «جهود من أجل السلام». وقال إردوغان إنه من المقرر عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وسوريا، للمرة الأولى، من أجل المزيد من تعزيز التواصل بعد اجتماع وزراء دفاع الدول الثلاث في موسكو. وأضاف: «وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا سيلتقون بعد فترة قصيرة، وإذا كانت نتائج محادثاتهم إيجابية، سنعقد محادثات على مستوى الرؤساء في الفترة القادمة... قد نجتمع كقادة تركيا وروسيا وسوريا أيضاً لمناقشة السلام والاستقرار في سوريا، اعتماداً على التطورات... هدفنا هو إحلال السلام والاستقرار في المنطقة».
وتابع: «اليوم (الخميس) أجريت محادثات هاتفية مهمة مع الرئيس (فلاديمير) بوتين... بحثنا تطورات الملفّ السوري، ومسار علاقاتنا مع سوريا... في الفترة الأخيرة أجرى رؤساء الاستخبارات محادثات مهمة، ثم وزراء الدفاع، وسيلتقي وزراء الخارجية التركي والسوري والروسي بعد فترة قصيرة، وإذا كانت النتائج من هذه المحادثات إيجابية، سنعقد محادثات على مستوى الرؤساء بالفترة القادمة».
- عملية للاستخبارات
من ناحية أخرى، قُتل القيادي في تنظيم «الحزب الشيوعي الماركسي - اللينيني» زكي غوربوز، المطلوب في تركيا، في عملية للمخابرات التركية في شمال سوريا. ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر أمنية أن غوربوز، واسمه الحركي «أحمد شوريش»، يعد المخطِّط والمحرِّض لتنفيذ هجوم على حافلة تابعة لسجن «بورصة» بتاريخ 20 أبريل (نيسان) الماضي، وهجوم صاروخي ضد القوات التركية على الحدود السورية في 16 أغسطس (آب) الماضي.
وقالت المصادر إن الاستخبارات التركية تمكنت من القضاء على غوربوز في عملية بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، مشيرةً إلى أنه نشط في صفوف الجناح المسلح التابع لتنظيم الحزب الشيوعي الماركسي - اللينيني، قبل أن يتولى ما يُعرف بـ«مسؤول تركيا» عام 2008. وهو غادر تركيا في 2012 بطريقة غير شرعية، على أمل الوصول إلى إيطاليا، إلا أنه تم القبض عليه في اليونان في فبراير (شباط) 2013. ورفضت أثينا إعادته، وأطلقت سراحه بعد شهرين من توقيفه فتوجه منها إلى العراق، ثم انتقل إلى سوريا، لينشط ضمن التنظيم مجدداً، ويصبح مسؤول التنظيم في سوريا اعتباراً من 2019.
ونفّذت الاستخبارات التركية الكثير من العمليات في شمال سوريا، خلال العام 2022، قتلت خلالها عناصر قيادية في قوات «قسد». وتركزت غالبية الضربات في الحسكة وعين العرب (كوباني).


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.