خامنئي يرفض اتهام غير الملتزمات بالحجاب الكامل بـ«معاداة الثورة»

قال إن توظيف النساء في مراكز صنع القرار يشكل هاجساً له

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
TT

خامنئي يرفض اتهام غير الملتزمات بالحجاب الكامل بـ«معاداة الثورة»

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس

بعد نحو 4 أشهر من اندلاع احتجاجات «المرأة... الحياة... الحرية» إثر وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى الشرطة بدعوى «سوء الحجاب»، أنهى المرشد الإيراني، علي خامنئي، صمته عن الجدل الدائر حول الحجاب؛ إذ دعا أمام حشد من النساء إلى مناقشة سبل تولي المرأة مناصب في مراكز صنع القرار، رافضاً توجيه اتهامات بـ«معادة الثورة والدين» للنساء اللاتي لا يرتدين الحجاب الكامل.
وقال خامنئي؛ من دون أن يتطرق إلى مطالب المحتجات بإنهاء قوانين «الحجاب الإلزامي»، إن «من لديهن حجاب غير كامل بناتنا». وأضاف: «الحجاب ضرورة لا يمكن تشويهها، لكن لا ينبغي أن تتسبب في اتهام من لا تلتزم بالحجاب الكامل، باللادينية، ومعادة الثورة». وأضاف: «ضعف الحجاب ليس بالشيء الصحيح؛ لكنه لا يجعل ذلك الشخص خارج دائرة الدين والثورة».
وأشار خامنئي ضمناً إلى المطالب الداخلية بشأن تولي المرأة مناصب رفيعة، وقال: «مقترح توظيف النساء المتعلمات من ذوات العلم والخبرة والحكمة في مختلف مستويات صنع واتخاذ القرار قضية مهمة، تدور في خاطري منذ فترة طويلة... إن شاء الله سنجد حلاً».
ويعدّ تعيين المرأة في مناصب رفيعة من القضايا الأساسية التي تشغل الأوساط الحكومية الإيرانية؛ بعد كل انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة جديدة. ولم تتمكن المرأة من تولي مناصب وزراء؛ باستثناء وزيرة في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.
ورغم التزاماته المتكررة؛ فإن الرئيس السابق، المعتدل نسبياً حسن روحاني، لم يفِ بوعوده في ضم النساء إلى تشكيلته الوزارية، واكتفى بتعيين مساعدات ونائبات له للشؤون القانونية والمرأة والبيئة. وعلى غرار روحاني؛ كلف المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، امرأة بتولي منصب نائبته لشؤون الأسرة.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن خامنئي ألقى خطابه أمام «مئات النساء الأكاديميات والناشطات في المجالات الثقافية والاجتماعية والعلمية».
ووصف خامنئي مواقف الدول الغربية في مجال حقوق المرأة، بـ«النفاق»، وقال إن بلاده في موضع «الهجوم والمتطلَّب» منها، متهماً الدول الغربية بتوجيه «ضربات أساسية» و«خائنة» للمرأة، وفق ما أورد موقعه الرسمي. واتهم الغرب بتقديم رواتب أقل للمرأة، مقارنة بالرجال. وقال: «الوقاحة الغربية تظهر هنا؛ يعدّون أنفسهم حاملي لواء حقوق المرأة رغم كل الضربات التي وجهوها لكرامة المرأة؛ هذه هي الوقاحة المطلقة».
وقال في السياق نفسه: «النظام الرأسمالي في الغرب نظام ذكوري... الرجال أكثر سطوة وقوة... الإدارة الاقتصادية والتجارية... وما شابه ذلك، بيد الرجال. لذلك؛ في النظام الرأسمالي، الرجال لهم الأولوية على النساء؛ لأن تفضيل رأس المال على الإنسان أكثر صحة في حالة الرجال».
وهذه المرة الأولى التي يعلق فيها خامنئي على قضية الحجاب بحد ذاته بعد اندلاع الاحتجاجات. وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان خامنئي قد علق لأول مرة على اشتعال فتيل الأزمة، ودعم حينها قوات الأمن، واتهم أطرافاً غربية بإثارة الاحتجاجات. وقال حين وفاة أميني: «فطرت قلبي بشدة».
واندلعت أحدث موجة من الاحتجاجات الشعبية في إيران ضد المؤسسة الحاكمة منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً) في أثناء احتجاز «شرطة الأخلاق» لها بدعوى «سوء الحجاب».
وعبر المحتجون عن غضبهم من القوانين التي تلزم النساء بارتداء الحجاب؛ وذلك خلال المظاهرات التي رددوا فيها شعارات: «الموت لخامنئي» و«الموت للديكتاتور» وأخرى تطالب برحيل النظام، وظهرت إيرانيات علناً في بطولات دولية خارج بلدهن من دون حجاب.
وجاء خطاب خامنئي في وقت دعت فيه أجهزة إيرانية إلى تشديد قوانين الحجاب رداً على المظاهرات المناهضة للنظام. وقالت «وكالة الحرس الثوري»، الأسبوع الماضي، إن الشرطة تستأنف خطة إرسال رسائل تحذيرية للنساء اللاتي لا يلتزمن بقوانين الحجاب في سياراتهن الخاصة. وتكتفي الرسالة الجديدة بالقول: «رُصد عدم وضع الحجاب في سيارتكن. من الضروري احترام القواعد الاجتماعية والحرص على عدم تكرار هذا الأمر».
وكان المدعي العام الإيراني قد أعلن، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلغاء «شرطة الأخلاق»، لكن معارضين شككوا في الإعلان؛ في ظلّ استمرار تطبيق «قانون الحجاب الإلزامي». وفي نهاية الشهر الماضي، قال سعيد رضا عاملي، أمين «اللجنة العليا للثورة الثقافية»، إن الشرطة «لم تكن تريد أن تكون عنيفة في الأحداث الأخيرة، لذلك تعرضت للعنف». ونفى ضمناً الإشارات بشأن نهاية «شرطة الأخلاق»، وقال إن اللجنة «لم يكن لديها قرار بشأن (دورية الإرشاد)».
وامتدت الاحتجاجات إلى 161 مدينة و144 جامعة في 31 محافظة إيرانية، وفق «وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا)»، وأطلقت السلطات حملة قمع عنيفة لإخماد الاحتجاجات، مستخدمة الذخائر الحية. وتقدمت النساء صفوف المحتجين ولوّحن بالحجاب وأحرقنه.
وشارك طلبة الجامعات بكثافة في الاحتجاجات. وعمدت الطالبات إلى خلع حجابهن وإطلاق هتافات معادية للنظام. وانضم محامون إلى التحرّك، ورفعوا شعار المتظاهرين: «المرأة... الحياة... الحرية» في طهران. وتبعهم تجار وعمّال ومعلّمون. وفي الأسبوع الأول من الاحتجاجات، قيدت السلطات شبكة الإنترنت منذ ذلك الحين، وحجبت العديد من شبكات التواصل التي لم تحجبها من قبل مثل «إنستغرام» و«واتساب» الأكثر استخداماً في إيران.
ووصل عدد القتلى في صفوف المحتجين إلى 516 شخصاً؛ بمن فيهم 70 قاصراً، وقضى 68 عنصراً من قوات الأمن خلال المناوشات مع المحتجين.
وأفادت «لجنة متابعة أوضاع المعتقلين»، عبر حسابها على «تويتر»، أمس، بأن 16 شخصاً قتلوا أثناء الاعتقال؛ بناء على أحدث تحقيق لها.
وقالت «اللجنة» إن الأشخاص «قتلوا بسبب التعذيب، وكذلك حرمانهم من تلقي العلاج الفعال بعد إصابتهم بالرصاص». ونشرت «اللجنة» صور وأسماء القتلى. والاثنين الماضي، ذكرت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية أنها رصدت 10 حالات وفاة تحت التعذيب من بين 127 شخصاً قتلوا في الاحتجاجات.
ولم تعلن السلطات الإحصائية الرسمية لعدد القتلى والمعتقلين، لكن قيادياً في «الحرس الثوري» قال إن 300 شخص قتلوا في أنحاء البلاد، وتشمل الإحصائية عناصر الأمن. وتشير تقديرات وكالة «هرانا»؛ التي تتابع انتهاكات حقوق الإنسان من كثب، إلى اعتقال 19250 شخصاً.
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا، بالإضافة إلى كندا وأستراليا، عقوبات اقتصادية، استهدفت «شرطة الأخلاق» وقادة في «الحرس الثوري» وذراعه ميليشيا «الباسيج» التي شاركت بصورة فعالة في مطاردة المحتجين.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، صوت «مجلس حقوق الإنسان» بالأمم المتحدة لمصلحة فتح تحقيق مستقل في القمع الدموي للاحتجاجات. وقالت إيران إنها لن تتعاون مع لجنة التحقيق التي وصفتها بأنها «لجنة سياسية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات، وداعياً البرلمان إلى تجنّب إدخال تعديلات قد تؤدي إلى عجز مالي جديد وتغذية التضخم.

وقال بزشكيان، بعد أيام من إحالة مشروع الموازنة إلى البرلمان، إن حكومته اختارت «نهجاً انضباطياً صعباً» يهدف إلى كبح التضخم وضبط الإنفاق، مشيراً إلى أن الموازنة صُممت في ظروف «استثنائية وضاغطة» تختلف عن السنوات السابقة.

وعشية التوجه إلى البرلمان، قال بزشكيان في حوار نادر مع الموقع الرسمي لمكتب المرشد علي خامنئي، إن مشروع الموازنة، الذي يبدأ تطبيقه في 21 مارس (آذار)، أُعد بنمو لا يتجاوز 2 في المائة، واصفاً إياه بأنه «انكماشي»، ومشدداً على أن أي عجز مالي سينعكس سريعاً ضغوطاً إضافية على الأسعار ومعيشة المواطنين.

وأشار إلى أن الحكومة قدمت «برنامجاً من 20 بنداً» لمعالجة ملفات العملة والسلع الأساسية والتضخم، مع تنسيق بين الحكومة والبرلمان ومؤسسات أخرى لتنفيذه، لافتاً إلى أن تراجع أسعار النفط من نحو 75 دولاراً للبرميل إلى قرابة 50 دولاراً أسهم في تقليص الإيرادات، بالتوازي مع تأثير التوترات الأمنية على بعض الخدمات والإنتاج.

وأضاف أن الحكومة تعتزم تخصيص نحو 2.5 مليار دولار حتى حلول عيد النوروز لدعم الفئات المستهدفة عبر بطاقات سلع، مؤكداً أن إيرادات البنزين ستوجه لدعم معيشة المواطنين، وليس لتغطية نفقات حكومية.

موازنة في سياق أمني متوتر

تأتي هذه الموازنة في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً متصاعداً، بعدما استؤنفت سياسة «الضغوط القصوى» الأميركية، وتصاعدت المواجهة بين إيران وإسرائيل. وشنت إسرائيل في يونيو (حزيران) هجمات على منشآت داخل إيران، ما أدى إلى اندلاع مواجهة استمرت 12 يوماً، قبل أن تنضم الولايات المتحدة لاحقاً بضربات استهدفت مواقع نووية إيرانية.

بزشكيان يجري حواراً مع موقع المرشد علي خامنئي في خطوة نادرة (الرئاسة الإيرانية)

وقال بزشكيان إن «حرب الأيام الاثني عشر» شكلت اختباراً لتماسك الدولة والمجتمع، لكنها انتهت بنتيجة معاكسة لتوقعات خصوم إيران، مضيفاً أن بلاده تخوض «حرباً شاملة» متعددة الأبعاد تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل بدعم أوروبي، وتشمل ضغوطاً اقتصادية وسياسية وإعلامية وأمنية، مؤكداً أن هذه المواجهة أكثر تعقيداً من حرب الثمانينات مع العراق.

وأضاف أن الهدف من هذه الحرب هو إنهاك إيران ومنعها من الوقوف على قدميها، مشدداً على أن إفشال هذا المسار يتطلب تعزيز التماسك الداخلي وضبط الخلافات، معتبراً أن وحدة المجتمع هي السلاح الأهم في مواجهة الضغوط الخارجية.

وأكد أن القوات المسلحة الإيرانية باتت «أكثر جاهزية» من حيث القدرات والتجهيزات مقارنة بمرحلة الهجوم، محذراً من أن أي مواجهة جديدة ستقابل برد «أكثر حزماً»، مع التشديد على أن وحدة الجبهة الداخلية تبقى العامل الحاسم في الردع.

تراجع الإيرادات وضبط الإنفاق

واستهل الرئيس الإيراني دفاعه أمام البرلمان بشرح أثر العقوبات، قائلاً إن إيران واجهت خلال العام الجاري تشديداً إضافياً للعقوبات ومحاولات لفرض أعباء اقتصادية أكبر، بالتوازي مع تراجع حاد في أسعار النفط العالمية وانخفاض الإيرادات المتأتية من صادراته.

وأضاف أن هذه الضغوط ترافقت مع ما وصفه بـ«حرب كبرى فُرضت علينا مع أكثر الأنظمة شراً واستكباراً في العالم»، مضيفاً أن البلاد تجاوزت المرحلة «بتماسك الشعب وتضحيات القوات المسلحة»، وأن الحكومة اضطرت إلى إعداد الموازنة في هذا الإطار مع الحرص على تقديمها في موعدها لتفادي تعطّل الشؤون الجارية.

وفي ملف العجز والتضخم، شدد بزشكيان على أن الحكومة تعمدت خفض نفقات عدد من الأجهزة الرسمية، وإلغاء بنود وصفها بغير الضرورية، واعتماد مبدأ «الموازنة القائمة على الأداء». ووجّه رسالة مباشرة إلى النواب بعدم إضافة «إيرادات غير واقعية» أو «نفقات حتمية» أثناء مناقشة المشروع.

وحسب الأرقام الرسمية، تبلغ موارد ومصارف الموازنة العامة نحو 14.44 تريليون تومان، ما يعادل نحو 101.7 مليار دولار وفق سعر الصرف الحالي، مع الإشارة إلى أن القيمة الفعلية تتأثر بتقلبات العملة.

ورأى أن نجاح الموازنة يعتمد على تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأنها يجب أن تُدار كأداة لضبط الاقتصاد، لا كساحة للمساومات.

خفض الضرائب

واختتم بزشكيان دفاعه بسلسلة وعود، شملت: زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين ضمن حدود الإمكانات المالية، وتوسيع برامج الدعم المباشر للأسر والفئات الأضعف، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والمناطق المحرومة، فضلاً عن تقليص الفوارق بين المحافظات والمركز في الرواتب والخدمات، والتوسع في مشاريع الطاقة، ولا سيما الطاقة الشمسية، لضمان أمن الإمدادات وتقليل تكلفة الإنتاج.

وعرض الرئيس الإيراني إجراءات تتعلق بالرواتب والضرائب، موضحاً أنه رغم نمو الموازنة بنسبة 2 في المائة فقط، سعت الحكومة إلى زيادة رواتب الموظفين بنسبة 20 في المائة. وأقر بأن هذه الزيادة لا تتناسب مع التضخم، لكنه قال إن الحكومة حاولت تعويض جزء منها عبر رفع الإعفاءات الضريبية.

وأشار بزشكيان إلى إعفاء ضريبي لمن يتقاضون حتى 40 مليون تومان شهرياً، فيما يدفع من تتراوح رواتبهم بين 40 و93 مليون تومان ضريبة بنسبة 10 في المائة فقط. وأضاف أن الجزء الثالث من مواءمة رواتب المتقاعدين سيُنفذ في العام المقبل، بما يرفع متوسط زيادة رواتبهم إلى 36 في المائة.

نواب يستقبلون بزشكيان لدى وصوله إلى البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

وقال بزشكيان إن الحكومة أنفقت هذا العام نحو 6 مليارات دولار على استيراد البنزين، معتبراً أن استمرار هذا النموذج في ظل الضغوط المعيشية «غير قابل للاستدامة»، وداعياً إلى خفض الاستهلاك وترشيده وتحويل الموارد مباشرة إلى المواطنين.

وأضاف أن الحكومة خصصت نحو 600 ألف مليار تومان للمشاريع العمرانية، وتسعى إلى زيادة هذا المبلغ عبر تفعيل الأصول واستكمال المشاريع ذات الأولوية، إلى جانب تخصيص موارد إضافية لمشاريع السكك الحديدية والممرات الاستراتيجية والطاقة، ولا سيما الطاقة الشمسية.

ووفق طرحه، أن نحو 8 مليارات دولار ستخصص في موازنة العام المقبل للعملة التفضيلية، في وقت لا تختلف فيه أسعار السلع في الأسواق عن أسعارها وفق سعر الصرف الحر.

وشدد بزشكيان على أن أولوية الحكومة الأولى هي معيشة المواطنين، معلناً أن الحكومة ستنفذ «حتماً» مشروع البطاقة السلعية للحفاظ على استقرار أسعار بعض السلع الأساسية، على أن تتحمل الدولة فروقات الأسعار لمنع تقلّص القدرة الشرائية. وقال إن الحكومة خصصت ما يعادل 170 ألف مليار تومان (1.2 مليار دولار) من عائدات ضريبة القيمة المضافة لدعم المعيشة، مع إعفاء سلع أساسية من هذه الضريبة، واقترح فرض 2 في المائة على استهلاك الشرائح الأعلى دخلاً لدعم الفئات الأضعف.

وقال بزشكيان إن الموازنة «ليست أرقاماً فقط»، بل أداة لضبط الاقتصاد وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية، داعياً البرلمان إلى إقرارها في الوقت المناسب لضمان انتظام الشؤون المالية للبلاد.


الجيش الإسرائيلي يحذر من «فشل استراتيجي» في مواجهة الهجمات الفلسطينية

صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يحذر من «فشل استراتيجي» في مواجهة الهجمات الفلسطينية

صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
صبية فلسطينيون ينظرون إلى كهف قُتل فيه 3 شبان على يد القوات الإسرائيلية قرب مدينة جنين بالضفة الغربية أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

في حين تشدد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبضتها على الضفة الغربية المحتلة، وتمارس أبشع عمليات القمع ضد الفلسطينيين، تعلو تحذيرات داخلية بأن هذه سياسة «فاشلة استراتيجياً»، وبدلاً من أن تُهدئ الأوضاع وتوقف العمليات العنيفة تتسبب في تصعيد التوتر والكراهية والأحقاد، وتبني جيلاً جديداً من الذين يفجرون غضبهم بمزيد من الهجمات.

ويشكو قادة عسكريون وأمنيون، عبر تسريبات للصحافة، من أن سياسة الحكومة التي تتمثل في سد الآفاق السياسية وخنق الاقتصاد وإغلاق البلدات الفلسطينية والتنكيل بالمواطنين واعتداءات المستوطنين، كلها تنذر بموجة عمليات عنف شبيهة بالعملية المزدوجة التي وقعت يوم الجمعة الماضي بين مدينتي بيسان والعفولة، وأسفرت عن مقتل رجل وامرأة إسرائيليين، وإصابة المنفذ من قباطية جنوب جنين.

وينقل موقع «والا» العبري، عن أمنيين إسرائيليين أن «الثمن الباهظ الذي خلفته العملية، يدفع الأجهزة الأمنية إلى انتهاج سياسة القبضة الحديدية تجاه الضفة الغربية، وأن تعزيز وتكثيف القوات في خط التماس، يشير إلى أن «الأمر لن يمر بهدوء؛ فقوات الجيش تعمل في قباطية ومواقع أخرى».

ما الأسباب الضاغطة؟

في تقدير المسؤولين الإسرائيليين، فإن الهجوم الذي وقع الجمعة يعيد إلى الواجهة التساؤل حول السياسات الحكومية الإسرائيلية، المتعلقة بتقليص حاد في إدخال العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والضغط الاقتصادي الشديد المفروض على السلطة الفلسطينية على خلفية ارتفاع البطالة، بالإضافة إلى عجز الأجهزة الأمنية (الجيش و«الشاباك» وحرس الحدود والشرطة) على جانبي خط التماس، بكل ما يتعلق باعتقال العمال الفلسطينيين، ومعالجة الظاهرة المتفاقمة، خصوصاً في محيط القدس.

عمال فلسطينيون ينتظرون الانتقال من الجانب الفلسطيني من معبر إيريز شمال غزة إلى الجانب الإسرائيلي في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويأتي ذلك بفعل قرارات حكومة نتنياهو بتقليص العمال الفلسطينيين الداخلين إلى إسرائيل بشكل جذري (طرد أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني من العمل في إسرائيل)، واستقدام عمال أجانب من الخارج.

كما تقطع إسرائيل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية (رغم أنها أموال للسلطة تجبيها إسرائيل مقابل عمولة سمينة) التي تنهك السلطة وتضعفها وتجعلها عاجزة عن دفع الرواتب لمئات ألوف الموظفين، وتوسيع الاستيطان بشكل غير مسبوق، ومصادرة الأراضي، وهدم مخيمات اللاجئين، والقمع والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين بشكل عام.

ويتضح أن الجيش الإسرائيلي يعرف أن الفلسطينيين يتسللون إلى إسرائيل عبر ثغرات في الجدار العازل، ويُقدر أن عدد الفلسطينيين الموجودين في إسرائيل من دون تصاريح تجاوز 50 ألفاً.

ويغض الجيش الإسرائيلي، على ما يبدو، الطرف عن بعض المتسللين، لأنه يعرف أن هذا العمل يسد رمق بضعة ألوف من العائلات ويخفف من انفجار الغضب، فضلاً عن أن هناك حدود طويلة بين إسرائيل والضفة تزيد على 600 كيلومتر.

وتسعى الحكومة إلى ممارسة ضغوط لمزيد من منع وصول العمال، وتُحمل الجيش مسؤولية التسلل وتتهمه بالإخفاق، الذي قد يفجر هجمات على بلدات إسرائيلية حدودية شبيهةً بهجوم 7 أكتوبر.

شركاء في التنفيذ بشراسة

وفي تصريحات للقناة «12» يسعى اللواء (احتياط)، إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إلى تفسير التناقض بين مطالبات بعض الأمنيين بالتخفيف لطريقة التعامل مع الفلسطينيين وشراكته في تنفيذها بشراسة، ويقول: «الجيش قابع في مأزق: صدمة السابع من أكتوبر وشعوره بالذنب يدفعانه إلى التعاون بخضوع مع سياسة الحكومة، فيهاجم كل هدف وكل إرهابي متغطرس يجوب جنوب لبنان أو قرب الخط الأصفر في قطاع غزة وكل فتى يحمل حجراً في الضفة الغربية، كما لو كان تهديداً استراتيجياً، فيرد بسياسة هجمات غير منضبطة، تزيد الطين بلة».

لقطة من فيديو تُظهر الفلسطينيين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله يرفعان أيديهما أمام الجنود الإسرائيليين قبل قتلهما في جنين بالضفة الغربية في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

وفي موقف يتداوله الجنرالات، أضاف زيف: «مع تفشي رؤية نتنياهو لدحر القضية الفلسطينية، تعود سياسة (حماس بوصفها ذُخراً) وتفضيل إسرائيل عدم السعي لحل في غزة، بل إبقاء خيارات الحرب أولوية تدريجياً».

يذكر أن أجهزة الأمن الإسرائيلية المُحرجة من عملية بيسان، التي أظهرتها عاجزة، ترد عليها بعقوبات جماعية شرسة يعتبرها الفلسطينيون «إرهاب دولة».

ويعتقد كثير من الفلسطينيين أن إسرائيل بهذه الطريقة لا تُحقق أي أمن، بل على العكس تبني جيلاً جديداً من الشباب الكاره الراغب في الانتقام، وتعزز قوة «التنظيمات الفلسطينية المسلحة» ورغبتها في تنفيذ عمليات، وتدفعها إلى «التفنن» في ابتداع «أساليب مقاومة» مفاجئة للاحتلال، وفي هذا ترتد السياسة الإسرائيلية إلى نحرها، وتتحول إلى خطأ استراتيجي فاحش يحقق عكس ما يرمي إليه.


تقارير: إطلاق 3 أقمار اصطناعية إيرانية من روسيا

انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)
انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)
TT

تقارير: إطلاق 3 أقمار اصطناعية إيرانية من روسيا

انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)
انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن ثلاثة أقمار اصطناعية ​إيرانية انطلقت إلى الفضاء على متن صواريخ «سويوز» الروسية، الأحد، في إطار توسيع البلدين الخاضعين لعقوبات أميركية لتعاونهما في مجال الفضاء.

واعتمدت إيران بشكل متزايد ‌على حليفتها ‌روسيا لإطلاق ‌الأقمار الاصطناعية على ​مدى ‌السنوات القليلة الماضية، ومن المقرر أن تساهم الأقمار الثلاثة الأحدث في المراقبة التي تفيد مجالات الزراعة والموارد الطبيعية والبيئة.

وقال كاظم جلالي، سفير إيران لدى روسيا، للتلفزيون الرسمي: «صمم وأنتج ‌علماء إيرانيون هذه الأقمار الاصطناعية... رغم كل العقوبات والتهديدات» في إشارة إلى الإجراءات الغربية المتعلقة ببرنامج طهران النووي.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «نعمل مع روسيا في مجالات مختلفة. بعضها واضح ​وبعضها لا نرغب في توضيحه».

وذكرت وكالة «إرنا» للأنباء أن الأقمار الاصطناعية الثلاثة، وهي «بايا» و«ظفر 2» و«كوثر الثاني»، مخصصة لمدار منخفض حول الأرض.

وعززت إيران وروسيا علاقاتهما منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 2022، حيث اتهمت دول غربية إيران بتزويد روسيا بصواريخ وطائرات مسيّرة، لكن طهران تنفي ذلك.