مؤشرات سلبية تعترض «ملف الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا

جوزيه غونزاليس (الجمعية الفرنسية)
جوزيه غونزاليس (الجمعية الفرنسية)
TT

مؤشرات سلبية تعترض «ملف الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا

جوزيه غونزاليس (الجمعية الفرنسية)
جوزيه غونزاليس (الجمعية الفرنسية)

بينما أظهرت الجزائر وباريس في الأشهر الأخيرة إرادة واضحة لطي «أوجاع الذاكرة»، سعياً لتطبيع العلاقات بشكل كامل، أعطى تعيين برلماني من اليمين المتطرف، اشتهر بـ«الحنين إلى الاستعمار»، نائباً لرئيس «مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - الجزائرية»، مؤشرات سلبية في الجزائر حول العمل الجاري في اتجاه «ترميم» العلاقات. وتلقى سياسيون جزائريون مقر بون من الحكومة وقطاع من الإعلام بقلق بالغ اختيار جوسيه غونزاليس، النائب عن حزب «التجمع الوطني» (الجبهة الوطنية سابقاً)، رمز اليمين المتطرف في فرنسا، نائباً لرئيس «مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية - الجزائرية» بـ«الجمعية الوطنية»، بسبب مواقفه المعروفة من «قضية جرائم الاستعمار»، وتمسك الجزائريين بمطلب «اعتذار فرنسا عن المجازر التي ارتكبتها في الجزائر»، خلال فترة الاحتلال التي دامت قرناً و32 سنة (1830 - 1962).
وأعلن غونزاليس (80 سنة) بنفسه عبر حسابه بـ«تويتر» الأسبوع الماضي عن منصبه الجديد، قائلاً: «أعلن لكم وأنا غاية في السعادة عن تعييني، من طرف مكتب الجمعية الوطنية نائباً لرئيس مجموعة الصداقة الفرنسية – الجزائرية، وهذا التعيين يرمز إلى اهتمامي الخاص بالعلاقات الفرنسية - الجزائرية».
وأكد برلماني من حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الجزائري، رفض نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن اختيار غونزاليس لهذا المنصب يعد «بمثابة استفزاز للجزائر ولو من الناحية الرمزية، ونحن ننتظر لنرى إن كان له هامش مناورة للتشويش على عمل المجموعة البرلمانية بخصوص التقريب بين البلدين، خصوصاً بعد الورشة التي تم فتحها منذ مدة قصيرة، وتخص لملمة جراح الماضي».
ولدى زيارة الرئيس ماكرون الجزائر في أغسطس (آب) الماضي، تم الإعلان عن «اتفاق على إطلاق أعمال للصلح بين الذاكرتين».
ولم يكن غونزاليس معروفاً لدى عامة الجزائريين قبل مايو (أيار) الماضي. فخلال رئاسته افتتاح البرلمان الجديد المنبثق عن آخر انتخابات تشريعية، كأكبر منتخب سناً، صرح بأنه «يحن لتلك الفترة التي كانت فيها الجزائر تحت لواء الدولة الفرنسية». وقال بحكم أنه ولد بمدينة وهران الجزائرية: «تركتُ هناك جزءاً من فرنسا، كما تركت العديد من الأصدقاء». وفي تقديره فإن «الكثير من الجزائريين يتمنون عودة الاستعمار الفرنسي». ومثل هذه المواقف تزعج الحكومة الفرنسية أولاً، كونها تسعى لتلطيف الأجواء مع الجزائريين، الذين يتعاملون بحساسية كبيرة مع كل ما له صلة بمرحلة الاستعمار، وما تكبدوه من آلام خلال قرن ونيف من الاحتلال.
وعلى هامش افتتاح البرلمان الجديد، أنكر غونزاليس في رده على سؤال صحافي أن تكون فترة استعمار الجزائر «شهدت مجازر»، ودعا إلى «مراجعة التاريخ» بخصوص هذه المسألة. كما رفض التعليق حول ما إذا كانت «منظمة الجيش السري» الفرنسية قد ارتكبت مجازر بحق الجزائريين أم لا. وقد نشأ هذا التنظيم دفاعاً عن «الجزائر الفرنسية»، وكرد فعل عنيف على استفتاء تقرير المصير 3 يوليو (تموز) 1962 الذي أفرز أغلبية ساحقة مؤيدة لإنهاء الاحتلال. كما قال في تصريحات عُدت «مستفزة» للجزائر: «إذا أخذتك معي إلى الجزائر، إلى الجبل تحديداً، فإن العديد من الجزائريين الذين لم يعرفوا فرنسا أبداً، سيقولون لك متى ستعود فرنسا؟».
وكان يلمح إلى أن صعوبة العيش في المناطق الجبلية والريفية الفقيرة تجعل سكانها يشعرون بالحنين إلى الماضي الاستعماري، وفق تفكيره.
ومطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت الرئاسة الجزائرية عن إطلاق «لجنة» تتكون من خمسة باحثين في التاريخ، مهمتهم الاشتغال على ورقة تثبت أن فرنسا اقترفت جرائم في الجزائر، تستدعي الاعتذار عنها ودفع تعويضات. وكانت الرئاسة الفرنسية قد نشرت مطلع 2021 تقريراً عن «الذاكرة المشتركة مع الجزائر»، أعده المؤرخ الكبير الذي ولد بالجزائر، بنجامين ستورا، يقترح على الحكومة أعمالاً رمزية لطي ما يعرف بـ«أوجاع الذاكرة».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن بكين اتفقت مع القاهرة على ضرورة أن يشجع البلدان على السلام والمفاوضات لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وأدلى وانغ بهذه التصريحات خلال اجتماع مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في بكين، اليوم (الجمعة)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي خلال إحاطة مشتركة في دار ضيافة الدولة دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

وقال وانغ إن البلدين يشعران بقلق بالغ إزاء الوضع الحالي في سوريا، ودعا إلى احترام سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها.

وسيطر مقاتلو المعارضة السورية على العاصمة دمشق دون مقاومة يوم الأحد بعد أن فر الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، مما أنهى حكم عائلته الاستبدادي الذي استمر عقوداً. وقال عبد العاطي إنه ناقش مع وانغ أهمية وجود «عملية سياسية شاملة في سوريا، وأن يتم إدارة مرحلة انتقالية لا تقصى أحداً، وتعكس التنوع الطائفي والديني والعرقي داخل سوريا». كما قال وانغ إن البلدين يرحبان باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، ويأملان في تنفيذه بشكل فعال.