مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة 100 قضية في 19 لجنة فرعية

المنسق العام تعهد الإعلان عن جدول الجلسات خلال أيام

ضياء رشوان في إحدى جلسات «الحوار الوطني» (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
ضياء رشوان في إحدى جلسات «الحوار الوطني» (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
TT

مصر: «الحوار الوطني» لمناقشة 100 قضية في 19 لجنة فرعية

ضياء رشوان في إحدى جلسات «الحوار الوطني» (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)
ضياء رشوان في إحدى جلسات «الحوار الوطني» (الصفحة الرسمية للحوار الوطني على فيسبوك)

وسط ترقب الأوساط السياسية والحزبية المصرية لانطلاق المناقشات الفعلية لـ«الحوار الوطني»، تعهد الكاتب الصحافي ضياء رشوان، المنسق العام لـ«الحوار الوطني»، الإعلان عن موعد بدء الجلسات «خلال أيام»، مشيراً إلى أنه «ستتم مناقشة نحو 100 قضية في 19 لجنة فرعية من لجان (الحوار الوطني)».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 26 أبريل (نيسان) الماضي، إلى إجراء «حوار وطني» حول مختلف القضايا السياسية، بهدف التوصل إلى «أولويات العمل الوطني»، مشدداً على ضرورة أن «يضم جميع الفصائل السياسية باستثناء فصيل واحد»، في إشارة إلى تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً». وعقب تشكيل مجلس أمناء، وتعيين منسق عام، انطلقت جلسات «الحوار الوطني» في يوليو (تموز) الماضي، بهدف استعادة «لحمة تحالف 30 يونيو (حزيران)»، وهو تحالف من قوى مدنية تشكل عام 2013 للإطاحة بحكم تنظيم «الإخوان».
وقال رشوان، والذي يشغل أيضاً منصب نقيب الصحافيين المصريين، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات مساء (الجمعة)، إن «مجلس الأمناء اتفق خلال الأشهر الماضية على تحديد 3 محاور رئيسية للحوار، وهي السياسي والاقتصادي والمجتمعي، تضمنت 5 لجان فرعية في المحور الأول، و8 في المحور الثاني، و6 في الثالث»، مشيراً إلى أن «عدد القضايا التي ستناقش في (الحوار الوطني)، قد يصل إلى نحو 100 قضية، موزعة على 19 لجنة فرعية، تشكل أولويات العمل الوطني».
وجدد المنسق العام لـ«الحوار الوطني» التأكيد أن مخرجات المناقشات «سترسل إلى البرلمان لمناقشتها وصياغة التشريعات اللازمة لتنفيذها». ولفت إلى أن «بعض المقترحات التنفيذية من مخرجات (الحوار الوطني)، سيتم رفعها إلى رئيس الجمهورية، تمهيداً لتحويلها إلى قرارات تنفيذية».
وعلى مدار 8 أشهر منذ إطلاق دعوة «الحوار الوطني»، عقد مجلس الأمناء عدة جلسات وصفت بـ«الإجرائية» لتحديد محاور الحوار، ولجانه، وآليات عمله، دون أن يعلن موعد بدء المناقشات الفعلية، ما تسبب في انتقادات من قوى سياسية وحزبية لما وصف بأنه «بطء» في مجريات العمل في «الحوار الوطني».
وتعليقاً على هذه الانتقادات، قال رشوان إن «البعض كان يرغب في بدء المناقشات الفعلية قبل نهاية عام 2022». وأضاف أن «الفترة الماضية ركزت على الإعداد الجيد، لتكون المناقشات جادة وواضحة المعالم والمواعيد»، مؤكداً أنه «لم تتم إضاعة الوقت، وستكون نتائج الحوار بناءً على مناقشات جادة». ونفى أن تكون هناك «إملاءات أو نتائج معدة مسبقاً».
وحسب تصريحات مصادر مقربة من مجلس الأمناء، فإن «الإعداد لـ(الحوار الوطني) شارف على الانتهاء». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم الاتفاق على أسماء المشاركين في المناقشات الفعلية، في معظم اللجان، وتجري حالياً مناقشة أسماء المشاركين في لجنة حقوق الإنسان».
بدوره، قال رشوان إنه «سيتم خلال أيام الإعلان بشكل واضح ونهائي عن انتهاء كل مراحل الإعداد لـ(الحوار الوطني)، مع إعلان أسماء مواعيد الجلسات وأماكن انعقادها». وأشار إلى أن «متوسط عدد المشاركين في النقاش داخل اللجنة الواحدة، يبلغ نحو 30 شخصاً، ما يعني مشاركة 3 آلاف شخص في المناقشات الفعلية».
وشدد المنسق العام لـ«الحوار الوطني» على «علانية الجلسات»، وقال إن «جميع المناقشات ستعقد تحت نظر الإعلام المصري والدولي، وسيكون هناك تواجد إعلامي وسياسي لكافة أطياف المجتمع، لا سيما المعارضة».
وتزامنت الدعوة لـ«الحوار الوطني»، مع إعادة تفعيل لجنة «العفو الرئاسي»، التي أسهمت حتى الآن في الإفراج عن «أكثر من ألف سجين»، حسب التصريحات الرسمية، ما اعتبر «دعماً» لمجريات «الحوار الوطني». ورهنت «الحركة المدنية المصرية» مشاركتها في «الحوار الوطني» بالإفراج عن مزيد من السجناء، فيما وعدت لجنة «العفو الرئاسي» بمزيد من الإفراجات. وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم إقرار قائمة المشاركين في الحوار التي أرسلتها الحركة المدنية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».


الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
TT

الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)

أعاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون طرح ملف «الأموال المنهوبة» إلى الواجهة، مؤكداً أن «معركة استرجاع ممتلكات الشعب لا تزال مستمرة»، وتمر حسبه عبر مسارين: داخلي حقق نتائج ملموسة، وخارجي ينتظر «ساعة الحقيقة». ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، أطلقت السلطات حملة في الداخل والخارج، تستهدف وجهاء في النظام محل شبهة اختلاس أو تحويل أموال عامة.

وفي خطوة تهدف إلى جرد حسابات واحدة من أعقد القضايا الاقتصادية في تاريخ الجزائر، تناول الرئيس تبون في تصريحات حديثة «قضية المال المسروق»، لمناسبة حضوره «معرض الإنتاج الوطني» الذي تجري فعالياته بالعاصمة منذ الخميس الماضي، وذلك بحضور الوزير الأول سيفي غريب، وكثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين.

رجال أعمال جزائريون في السجن بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأكد الرئيس تبون أنه «تم اختلاس مبالغ ضخمة من قبل أوليغارشيين»، في إشارة ضمناً، إلى رجال أعمال كانوا نافذين في اتخاذ القرار السياسي خلال فترة حكم بوتفليقة (1999 - 2019)، لافتاً إلى أنهم «أخفوا الأموال في الجزر العذراء»، في إشارة إلى البلدان التي يفترض أنها تحتضن شركات وهمية، منشأها أموال عامة جزائرية من عائدات «الفساد»، أو ما يسمى في الإعلام «الملاذات الضريبية».

وجهاء من النظام السابق

وحسب الرئيس تبون، فإن «البلاد عاشت كارثة حقيقية، حيث تعرضت الأموال للسرقة، فضلاً عن تفشي ظاهرة تضخيم الفواتير، واليوم يجب استرجاع أموال الدولة». ويقصد تبون بـ«الكارثة» فترة حكم الرئيس السابق، التي تميّزت، وفق تقدير الفريق المسيّر للبلاد حالياً، بممارسات فساد مالي وأخلاقي غير مسبوقة. ويُطلق على رجال تلك المرحلة وصف «العصابة»، علماً بأن تبون تولّى خلالها مسؤوليات وزارية بارزة، ويؤكد أنه كان شخصياً أحد «ضحايا العصابة»، بعد عزله من رئاسة الوزراء سنة 2017، عقب ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب، مُرجعاً ذلك إلى كونه «شكّل مصدر تهديد لمصالح الأوليغارشية». وقال تبون بهذا الخصوص، في «معرض الإنتاج الوطني»: «بالنسبة للأموال المخفية في الجزر العذراء أو في أي مكان آخر، سيأتي يومها... وفي كل الحالات، بالنسبة للأشياء الظاهرة، سيسمح ذلك للخزينة العامة باسترجاع جزء من آلاف المليارات من الدينارات». يقصد بـ«الأشياء الظاهرة»، الشركات والأموال التي تم حجزها ومصادرتها، بقرارات قضائية، والتي توجد في الجزائر وتعود في الأصل إلى رجال أعمال أدانتهم المحاكم بأحكام ثقيلة بالسجن بين عامي 2020 و2021. وتم ضم هذه الأملاك إلى «الشركات القابضة» المملوكة للدولة.

وأشاد تبون بـ«النفس الجديد الذي نشهده اليوم فيما يخص جهود استرجاع الأموال المنهوبة، بعد التراخي الذي لوحظ في هذا الجانب»، مشدداً على «ضرورة أن يُعطى لقيصر ما هو لقيصر».

وتحدث عن سيفي قائلاً: «منذ أن كان وزيراً للصناعة، هو من استرجع غالبية الشركات»، في إشارة إلى ضم 37 مؤسسة للصناعات الغذائية إلى مجمع عمومي مختص في هذا النشاط، وهي حالياً تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، حسب تصريحات سابقة للوزير الأول. وكانت هذه المؤسسات ملكاً لرجال أعمال متهمين بالفساد. وأوضح المسؤولون للرئيس، في «معرض الإنتاج الوطني»، أن جميع الوظائف في هذه المؤسسات تم الحفاظ عليها، كما تم إجراء توظيفات جديدة، وكذلك تطوير وتحديث هذه المؤسسات. والهدف من ذلك هو تنويع منتجات المجمع الحكومي للصناعة الغذائية، ودعم السوق المحلية بالمنتجات والسلع، والتوجه نحو التصدير. ويعمل في هذا المجمَع حالياً 2234 شخصاً، حسب المسؤولين أنفسهم.

أرقام مجهولة

ولا تُعرف حتى الساعة قيمة «المال المسروق» الموجود في الخارج. أما في الداخل فقد صرّح تبون عام 2023 بأن قيمة الأملاك والأموال التي صادرها القضاء، بعد محاكمات في إطار «الفساد»، تصل إلى 22 مليار دولار. وكتبت الصحافة يومها أن جهاز الأمن اكتشف أموالاً طائلة مخزنة في شقة بالعاصمة، ملك لمسؤول عسكري كبير هارب من القضاء يعيش حالياً في الخارج.

الجنرال غالي بلقصير قائد الدرك سابقاً صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأطلق القضاء الجزائري منذ عام 2021 مذكرات اعتقال دولية بحق عدة مسؤولين مدنيين وعسكريين، بعد إدانتهم غيابياً بتهم فساد، أبرزهم وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، ووزير الطاقة شكيب خليل، وقائد سلاح الدرك الجنرال غالي بلقصير، وكلهم يقيمون في بلدان مصنفة «ملاذات ضريبية».

رئيس مجموعة «سوناطراك» سابقاً عبد المؤمن ولد قدور (إعلام حكومي)

تعاون دولي متباين

وتتعاون الدول بشكل مختلف مع مذكرات الاعتقال الجزائرية. ففي أغسطس (آب) 2021 تسلمت الجزائر من دولة الإمارات، رئيس شركة «سوناطراك» للمحروقات سابقاً عبد المؤمن ولد قدور، إثر الحكم عليه قضائياً بتهمة «تضخيم فواتير» في صفقة شراء مصفاة نفطية من إيطاليا.

وسبق للرئيس الجزائري أن صرّح، لوسائل إعلام أجنبية، بأن فرنسا «لا تتعاون بالقدر المطلوب» مع الجزائر فيما يخص طلبات التحفظ على أرصدة مالية وممتلكات عقارية تعود لمسؤولين ونافذين، كانوا جزءاً من منظومة الحكم في فترات سابقة.

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)

ويُعدّ الوزير عبد السلام بوشوارب (2015 - 2017) أبرز هذه الحالات، إذ رفض القضاء الفرنسي، في مارس (آذار) الماضي، طلب تسليمه إلى الجزائر، عاداً أن حكومتها «لم تقدم ضمانات حول تنظيم محاكمة عادلة له». وبخلاف باريس، أظهرت سويسرا استعداداً للتعاون مع الجزائر في هذا المجال. فبعد تسليمها عام 2023 وديعة بقيمة 1.7 مليون يورو تعود لبوشوارب، تعهد وزير العدل والشرطة السويسري خلال زيارته الجزائر في يوليو (تموز) الماضي، بأن برن «ستقدّم كل الدعم للجزائر في مساعيها الرامية إلى استرجاع الأموال التي تعود ملكيتها إلى الشعب الجزائري».