مع تكرار اتهام وإدانة فنانين مصريين وعرب وأجانب، بقضايا مرتبطة بحيازة وتعاطي مواد مخدرة، يتساءل كثيرون عن أسباب تورطهم في هذه القضايا التي تسببت في إطفاء توهجهم الفني، على الرغم مما يتمتعون به من شهرة ودخل مالي كبير.
وحدد المستشار محمد حسين عبد التواب، رئيس محكمة استئناف القاهرة، عضو مجلس القضاء الأعلى، جلسة 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، لبدء محاكمة الممثلة منة شلبي، أمام محكمة جنايات شمال القاهرة، في قضية اتهامها بـ«إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي»، بعد إحالتها من قبل النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية، في ختام التحقيقات التي أجريت معها.
وقبيل توقيف الفنانة منة شلبي بأسابيع، ضجت مصر بأنباء احتجاز المطربة شيرين عبد الوهاب في إحدى مصحات علاج الإدمان، قبيل خروجها والاحتفال بعقد قرانها مجدداً على طليقها المطرب حسام حبيب.
وفي يناير 2020، حكمت محكمة جنايات القاهرة على المخرج السينمائي المصري خالد مرعي، بالحبس سنة مع الشغل، وتغريمه مبلغ 10 آلاف جنيه، لاتهامه بجلب مواد مخدرة في مطار القاهرة.
وفي عام 2013 كانت الفنانة المصرية دينا الشربيني، محط أنظار وسائل الإعلام بعد إدانتها بتعاطي المواد المخدرة، والحكم عليها بالسجن لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه، ومُنعت لفترة عقب خروجها من السجن من مزاولة مهنة التمثيل. كما تعرض الفنان أحمد عزمي للاتهامات المتعلقة بالمخدرات مرتين: الأولى في عام 2013، والثانية في عام 2014، كما قبض أيضاً على الفنانة نهى العمروسي في عام 2014 بحيازة مواد مخدرة، وبعد تحقيقات استمرت 15 يوماً تم إخلاء سبيلها بكفالة 10 آلاف جنيه. بالإضافة إلى اتهام كل من: نيفين مندور، وحاتم ذو الفقار، وماجدة الخطيب، وسناء شافع، وفاروق الفيشاوي، في قضايا متعلقة بتعاطي مواد مخدرة، حسب «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية.
ويرى الناقد الفني والكاتب المصري محمد رفعت، أن «الحياة الاجتماعية غير المستقرة لكثير من المشاهير، وعدم ارتباط بعضهم بأسر وأبناء، بجانب نمط الحياة المرتبط بالسهر، يدفع بعضهم إلى تعاطي المواد المخدرة، وخصوصاً الحشيش الذي يعتبره بعض المصريين أقل ضرراً من تدخين السجائر».
ويضيف رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «مرور بعض المشاهير بأزمات نفسية وضغوط اجتماعية ونوبات اكتئاب شديدة، يدفعهم نحو المواد المخدرة، لا سيما أنهم لا يستطيعون الخروج إلى الأماكن العامة بسهولة، والجلوس على المقاهي مثل بقية الناس».
ويوضح رفعت أن «بعض الفنانين ينخرطون في تعاطي المخدرات مثل فئات الشعب الأخرى؛ لكن لأنهم مشاهير يتم تسليط الضوء عليهم بشدة».
ويفسر الدكتور عبد الرحمن حماد، الرئيس التنفيذي لمستشفى «إيوان» للطب النفسي، والمدير السابق لوحدة الإدمان في مستشفى العباسية، بعض الأسباب التي تدفع الفنانين إلى تعاطي المواد المخدرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الوقوف أمام الجماهير على المسرح والغناء لساعات طويلة، والحاجة إلى إزالة الخوف والرهبة من الجماهير، والشعور بالاسترخاء، يدفع كثيراً منهم إلى تناول الخمور والمخدرات»، مضيفاً أنهم «يلجأون إليها أحياناً طلباً للخلود للنوم بعد الوقوف ساعات طويلة أمام الكاميرات، أو لتعزيز الانتباه لاستكمال المشاهد في ساعات متأخرة، وهو ما ينتج عنه فقدان السيطرة على شرب الخمور أو تعاطي المخدرات والدخول في دوامة الإدمان»، على حد تعبيره.
ويلفت حماد إلى «وفاة وإصابة كثير من النجوم الأميركيين بسبب تناولهم جرعات زائدة من المخدرات، على غرار ماك ميلر الذي توفي عن عمر يناهز 26 عاماً، كما تم إنقاذ النجمة العالمية ديمي لوفاتو من الموت، نتيجة تعرضها لجرعة زائدة من المخدرات، وفي عام 2016؛ أعلن الطب الشرعي الأميركي بشكل رسمي أن وفاة الممثل المشهور فيليب سايمور هوفمان جاء بسبب جرعة زائدة من المخدرات، وذلك بعد 8 أيام من العثور عليه ميتاً في منزله، وبيده إبرة مخدرة، بالإضافة إلى وفاة مغني الراب الأميركي ليل بيب بجرعة زائدة وعمره 21 سنة».
وحسب «تقرير المخدرات العالمي» لعام 2018، فقد بلغ عدد وفيات المخدرات حول العالم؛ 450 ألف شخص، منهم نحو 167 ألف شخص توفوا بسبب الجرعة الزائدة، وكانت مؤثرات الأفيونين، الهيروين والمورفين والفنتانيل والأوكسيكودون، هي المسؤولة عن نحو 76 في المائة من حالات الوفاة.
ويرى حماد أنه «عبر طريق النمذجة يتعلم الفرد كثيراً من سلوكياته؛ بالملاحظة والتقليد، سواء كان هذا السلوك مرغوباً أو غير مرغوب، والنمذجة قد تكون موجهة أو عفوية؛ حيث يقوم فرد معين بتقليد وملاحظة سلوك معين ومحاكاته، مثل ملاحظة الابن لوالده، والتلميذ لمعلمه، والمعجب بمطربه أو بمطربته، أو بنجمه المفضل، كأنه يحاكيه في لبسه، أو في قصة شعره».
ويشير حماد إلى أن «دراسات سابقة أفادت بأن ما تروجه وسائل الإعلام خلال ما تعرضه من أفلام وأغانٍ، ووسائل أخرى، يخلق صورة إيجابية عن تعاطي المخدرات، كما يثبت معتقدات إيجابية أحياناً عن هذا التعاطي».
وحسب حماد، فإن «بعض الباحثين ربطوا بين تعاطي المواد المخدرة والإبداع، قائلين إنه بسبب البحث عن إثارة ما للأفكار والانفعالات، وطلباً لراحة العقل من بعض انشغالاته المحدودة، وسعياً وراء التخفف من التوتر المستمر في الحياة، يتعاطى فنانون مواد مخدرة».
لماذا يتورط فنانون مصريون في قضايا «مخدرات»؟
تسببت في إطفاء توهج البعض... وغيَّرت مسار آخرين
لماذا يتورط فنانون مصريون في قضايا «مخدرات»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة