إضرابات بريطانيا تُطيح فرحة الأعياد

تعنت الحكومة والنقابات العمالية يعرقل حياة المواطنين ويهدد سلامتهم

جانب من إضرابات السكك الحديد في بريطانيا (الشرق الأوسط)
جانب من إضرابات السكك الحديد في بريطانيا (الشرق الأوسط)
TT

إضرابات بريطانيا تُطيح فرحة الأعياد

جانب من إضرابات السكك الحديد في بريطانيا (الشرق الأوسط)
جانب من إضرابات السكك الحديد في بريطانيا (الشرق الأوسط)

تلوّح الحكومة البريطانية باتخاذ قوانين صارمة في ظل موجة الإضرابات التي تشمل أهم القطاعات العمالية وأبرزها في البلاد. وذلك بعد تقاعسها عن معالجة تلبية مطالب العمال التي تتمحور حول الأجور في ظل غلاء معيشة يرزح تحت وطأته المواطن البريطاني، خصوصاً مع اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة.
وتعهد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإصدار قوانين جديدة تهدف إلى تقويض الإضرابات، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الحقوق الديمقراطية في بريطانيا.
من جانبه، قال وزير الصحة ستيف باركلي إن الحكومة لا تستطيع تحمل نسبة زيادة الأجور 19 في المائة التي يطالب بها الممرضون.
ويُشار إلى أن الحياة في بريطانيا لم تعد كما كانت منذ عقود، فقد أجبر التضخم الاقتصادي العمال على اتخاذ إجراءات تعرقل بل تعطل مفاصل الحياة اليومية للإنسان، حتى شملت الإضرابات كلاً من موظفي السكك الحديد وعمال البريد وسائقي حافلات لندن وموظفي «يوروستار» وموظفي الجوازات في المطارات والممرضين، ومطالب الجميع تتوحد حول زيادة أجورهم لمواكبة موجة الغلاء التي باتت تهز البلاد.

إضراب سيارات الإسعاف (رويترز)

ويخطط قطاع التمريض للإضراب عن العمل في الشهر المقبل، حيث ترفض النقابات والحكومة التراجع عن مواقفها في خلاف بشأن الأجور.
وتهدد الخطوة ببدء عام فوضوي لهيئة «خدمات الصحة الوطنية البريطانية»، بعد أن ألغى موظفو الإسعاف إضراباً مقرراً الأسبوع المقبل، لكنهم أعلنوا عن المزيد من الإضرابات، في أوائل العام المقبل، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أمس (الجمعة).
وذكرت الكلية الملكية للتمريض، أمس، أن الأعضاء سيضربون عن العمل يومي 18 و19 يناير (كانون الثاني) المقبل، في أعقاب يومين من الإضراب التاريخي في ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وهذه المرة الأولى، التي تُنظّم فيها إضرابات بهذا الحجم الواسع، منذ تأسيس النقابة قبل أكثر من قرن.
وتمسك سوناك مجدداً، أمس، بأن الحكومة لن تزيد الأجور بأكثر من المستوى الذي أوصت به هيئة مراجعة الأجور التابعة للحكومة.
وعلى ما يبدو فإن العمال يستغلون فترة الأعياد للضغط على الحكومة من خلال عرقلة حياة الناس وأبسط احتياجاتهم، وأبرزها إضرابات السكك الحديد، التي تنطلق مساء عيد الميلاد وحتى الساعات المبكرة من صباح 27 ديسمبر، ويليه إضراب من 3 إلى 7 يناير، وهذه الإضرابات تؤثر بدورها على موظفي الأمن في «يوروستار»، التي قررت إلغاء عشرات الرحلات من لندن. وتمتد إضرابات المواصلات لتشمل سائقي الحافلات في جنوب لندن وغربها في ديسمبر ويناير.

إضراب قوات الحدود (ب.أ)

ولا تزال مطارات بريطانيا تكافح منذ الجائحة والإغلاقات التي شهدتها من طوابير انتظار طويلة، لنقص موظفي الجوازات، بعد أن أضرب نحو 1000 من أفراد قوة الحدود، أمس، ومن المقرر أن يستمر الإضراب حتى يوم الاثنين المقبل. في المقابل، أعلنت الحكومة عن استبدال العسكريين بالموظفين المضربين، بدل الرضوخ وتنفيذ مطالب العمال. مع العلم أن نحو ربع مليون مسافر وصلوا إلى المطارات الستة المشمولة بالإضراب الذي يسبق عطلة الميلاد التي تصادف نهاية الأسبوع الحالي.
ووفق صحيفة الغارديان، فقد اتهمت «نقابة عمال السكك الحديد والنقل البحري والبري» البريطانية، الوزراء بالتهرب من إجراء مزيد من المحادثات لتجنب إضرابات جديدة من المقرر أن تبدأ عشية أعياد الميلاد.
وتلفت الصحيفة إلى أن الركاب الذين يأملون في السفر بالقطار، اليوم (السبت)، سيواجهون مزيداً من التعطيل والإلغاءات مع انتهاء غالبية الخدمات بحلول الساعة الثالثة مساءً، فيما ستتعطل بعض المسارات عن العمل نهائياً.
وأفاد بيان للنقابة بأن الوزراء «مختفون» وقد «تخلوا عن مسؤوليتهم» برفض أي من المحادثات الإضافية المتوقعة منذ أن التقى مسؤولو النقابة وقطاع الصناعة، وزير السكك الحديد هو ميريمان الأسبوع الماضي.

إضراب البريد في بريطانيا (إ.ب.أ)

وحسب ميك لينش، الأمين العام للنقابة، فإنها على استعداد لإجراء محادثات لحل النزاع. بيد أن «حملتنا مستمرة في العام المقبل إذا لزم الأمر إلى أن تمنح الحكومة قطاع السكك الحديد تفويضاً للتوصل إلى تسوية تفاوضية بشأن الأمن الوظيفي والأجور وشروط العمل».
وقالت النقابة إنها سوّت صفقات الأجور مع أرباب عمل آخرين بما في ذلك شركات مثل «سكوتريل»، و«تراتسبوت فور ويلز» و«يوروستار»، و«ميرسيريل» مع زيادات في الأجور تراوحت بين 6 و10 في المائة.
وأوضحت النقابة أنها لا تستهدف السفر في عيد الميلاد خلال الإضراب، فلا رحلات قطارات ركاب عادة خلال عطلات البنوك أو أثناء أعياد الميلاد، ما يمنع بعض خدمات احتفالات «بوكسينغ داي» في 26 ديسمبر في المناطق البعيدة.
ومع ذلك، فقد أفاد مسؤولو السكك الحديد بأن عدم توقيع الموظفين على المناوبات بعد الساعة السادسة مساءً، عشية عيد الميلاد يعني أنه لا يمكن التأكد من مكان حدوث الاضطراب، وأن جميع القطارات لا بد أن تكون في محطاتها النهائية قبل بدء الإجراء.
ومن المقرر أن تغادر آخر قطارات لندن إلى إدنبره ونيوكاسل الساعة 11 صباحاً، فيما سيتعين على المسافرين في الاتجاه الآخر من اسكوتلندا إلى لندن المغادرة بحلول الساعة 8 صباحاً. ولا رحلات مباشرة بين لندن ونوتنغهام أو شيفيلد، بينما ستغادر القطارات الأخيرة في الاتجاهين بين مانشستر وليفربول في نحو الساعة 2 مساء.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع

فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع

فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

تحدثت تقديرات إسرائيلية جديدة عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» في أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، بموازاة محادثات شهدتها القاهرة، وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة منذ الأسبوع الماضي لحسم الاتفاق، واتهامات نقلها إعلام أميركي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ«تعمد» إفشال الصفقة المرتقبة.

وسط هذه الأجواء، أعلن نتنياهو، أمس، أنه تم إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (حماس) بشأن الرهائن المحتجزين في غزة، لكنه لا يعرف متى ستظهر نتائج ذلك. وتحدث خلال كلمة ألقاها في الكنيست عن «إنجازات عظيمة» عسكرياً على جبهات عدة دفعت بـ«حماس» وقادتها إلى تخفيف مطالبها السابقة.

وسارع أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام» للرد بمنشور على «تلغرام»، قال فيه إن مصير الرهائن «مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي لمئات الأمتار في بعض المناطق التي تتعرض للعدوان».