حلول لإنقاذ فنجان القهوة من «قبضة المناخ»

منها اللجوء لبدائل نباتية تتكيف مع الاحترار

حبات غير ناضجة من ثمرة «ليبريكا» (الفريق البحثي)
حبات غير ناضجة من ثمرة «ليبريكا» (الفريق البحثي)
TT
20

حلول لإنقاذ فنجان القهوة من «قبضة المناخ»

حبات غير ناضجة من ثمرة «ليبريكا» (الفريق البحثي)
حبات غير ناضجة من ثمرة «ليبريكا» (الفريق البحثي)

الزراعة من بين أكثر القطاعات تأثراً بتغير المناخ، وفي دراسة جديدة نشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر بلانت»، نظر باحثون من الحدائق النباتية الملكية بالمملكة المتحدة وجامعة ماكيريري بأوغندا، في تأثير تغير المناخ بالفعل على زراعات البن. وأشاروا إلى أنه في بعض الأماكن التي تنمو فيها نباتات حبوب البن، تتغير درجات الحرارة ويصبح هطول الأمطار أقل استقراراً، وهذا بدوره يعرض إنتاج حبوب البن للخطر.
ووجد الباحثون أنه من شبه المؤكد أنه سيتعين على مزارعي البن إجراء تعديلات على الطريقة التي يزرعون بها حبوبهم. واقترح الباحثون أن هناك ثلاثة خيارات رئيسية، حيث يمكنهم الانتقال إلى مناطق أكثر ملاءمة، أو تغيير طريقة رعاية نباتاتهم أو التحول إلى أنواع مختلفة من نباتات حبوب البن، ويقترح الباحثون أن الخيار الثالث هو الأكثر قابلية للتطبيق.
وفي الوقت الحالي، يشرب معظم البشر القهوة المصنوعة، إما من حبوب البن العربية (أرابيكا) أو البن روبوستا (نوع من القهوة مصنوعة من حبوب نبات الكوفي كانيفورا)، وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، انخفضت الغلة لكليهما، لأن الجفاف أدى إلى محدودية الإنتاج في العديد من المناطق، وللحفاظ على تدفق القهوة.
وهنا يشير الباحثون إلى أن مزارعي البن يفكرون في التحول إلى نباتات حبوب البن ليبريكا (موطنها الأصلي في وسط وغرب أفريقيا وتحديداً ليبيريا، ومن هنا جاء اسمها). وأوضحوا أنه تم اختبار الصنف في عدد من المواقع، ووجدوا أنه أكثر قدرة على تحمل الظروف الجوية المتغيرة، كما لاحظوا أن الحبوب تبقى على النباتات بعد النضج، ما يجعل الحصاد أسهل.
ويعترف الباحثون بأن التبديل له عيوبه، فعلى سبيل المثال، تحتوي الحبوب على قشرة أكثر صلابة، ما يجعل معالجتها أكثر صعوبة، يمكن أيضاً أن تبدأ في التخمر إذا لم يتم حصادها بمجرد أن تنضج، ما يفسد طعم القهوة.
لكن الباحثين خلصوا إلى أن التبديل يستحق ذلك لأنه في السنوات القادمة، قد يجد المزارعون أنه من المستحيل زراعة ما يكفي من حبوب «أرابيكا» لتناسب الطلب.
عن مدى تقبل المستهلك لمشروب حبوب ليبريكا. يقول آرون ديفيس، كبير الباحثين في مجال الموارد النباتية بالحدائق النباتية الملكية (حدائق كيو) بالمملكة المتحدة، الباحث الرئيسي بالدراسة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقييمات المعاصرة تشير إلى احتواء (ليبريكا) على مستويات عالية من الحلاوة الطبيعية (سمة إيجابية لجودة القهوة)، ومذاق فم غني وجريء، ونكهة منخفضة الحموضة بها مذاق الشوكولاتة، والكاكايا وغيرها من الفواكه الاستوائية وغير الاستوائية».
ويشير إلى أنه «يوجد نوع ينتمي أيضاً إلى عائلة ليبريكا، وهو نبات (إكسيلسا)، والذي ينتج قهوة ذات نكهة لطيفة، وحموضة منخفضة إلى متوسطة ومرارة منخفضة، وتشمل ملاحظات التذوق الخاصة به، وجود نكهة حبيبات الكاكاو وزبد الفول السوداني والفواكه المجففة وسكر ديميرارا وشراب القيقب (سائل سمري يتراكم في قلب أشجار القيقب)؛ وفي بعض المناطق مثل جنوب السودان، توجد نكهة توت العليق والتين والخوخ وشوكولاتة بالحليب».
ويضيف ديفيس أن «الاختلاف في ملف النكهة بين (ليبريكا) و(أرابيكا) و(روبوستا)، والاختلافات بين (ليبريكا) و(إكسيلسا)، يوسعان بشكل كبير من تجربة نكهة القهوة كمشروب، والتي يمكن اعتبارها إيجابية أو سلبية، ولكن بشكل عام، تتميز (إكسيلسا) بمظهر فنجان أقرب بكثير إلى (أرابيكا)، مقارنة بـ(إكسيلسا) مقابل (روبوستا)، وقد تحتاج إلى ذواق محترف للتمييز بين (إكسيلسا) و(أرابيكا)». وتتم زراعة (ليبريكا) بشكل رئيسي في ماليزيا والفلبين وإندونيسيا ومختلف دول غرب ووسط أفريقيا، بينما يتم استزراع (إكسيلسا) في أوغندا وجنوب السودان.


مقالات ذات صلة

عادات صباحية بسيطة تجعل يومك مليئاً بالنشاط

صحتك بمجرد فتح أعينكم صباحاً تعرّضوا للضوء فوراً فأشعة الشمس تُنشّط الدماغ وتحسّن جودة النوم ليلاً (رويترز)

عادات صباحية بسيطة تجعل يومك مليئاً بالنشاط

إذا كنت تُعاني من الاستيقاظ مُتعباً ومنهكاً، فإن تغيير روتينك الصباحي بخطوات بسيطة قد يغيّر يومك جذرياً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد حبوب البن قبل قطفها (رويترز)

أسعار البن تتراجع والكاكاو يرتفع

انخفضت العقود الآجلة لقهوة أرابيكا، الأربعاء، ماحيةً جزءاً من مكاسب الجلسة السابقة، فيما ارتفع سعر الكاكاو وسط مخاوف من احتمال ضعف المحصول ​​في ساحل العاج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قصر تناول القهوة على الصباح قد يقلل من خطر وفاة الأشخاص (إ.ب.أ)

شرب القهوة في الصباح يقلل من خطر الوفاة

أظهرت دراسة جديدة أن قصر تناول القهوة على الصباح قد يؤدي إلى فوائد صحية كبيرة على الصحة، ويقلل من خطر وفاة الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق القهوة «ملهاة» (غيتي)

إزالة آلات القهوة من مكاتب بلدية إيطالية... «لحفظ الوقت»

رغم أنّ القهوة من المشروبات المحببة في إيطاليا، فإنّ عمدة بلدة صغيرة في قلب مدينة البندقية حظر جميع آلات المشروبات الساخنة في مكاتب البلدية.

«الشرق الأوسط» (روما)
صحتك الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين تحافظ على صحة الدماغ (رويترز)

12 نوعاً من الأطعمة المعززة للدماغ يوصى بتناولها بعد سن الخمسين

يوصي خبراء التغذية والأطباء بإدراج هذه الأطعمة الـ12 المدعومة بأبحاث علمية في النظام الغذائي للأشخاص فوق سن الخمسين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر: تباين بشأن «نجاح» منظومة تطوير الأهرامات

شكاوى من منظومة التطوير الجديدة بمنطقة الأهرامات (الشرق الأوسط)
شكاوى من منظومة التطوير الجديدة بمنطقة الأهرامات (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر: تباين بشأن «نجاح» منظومة تطوير الأهرامات

شكاوى من منظومة التطوير الجديدة بمنطقة الأهرامات (الشرق الأوسط)
شكاوى من منظومة التطوير الجديدة بمنطقة الأهرامات (الشرق الأوسط)

بينما تؤكد وزارة السياحة والآثار المصرية وجود سلاسة ويُسر في عمليات زيارة الأهرامات ضمن التشغيل التجريبي لمشروع تطويرها، فإنّ مرشدين سياحيين تحدثوا عن «معاناة كبيرة» يعيشها السائحون خلال تنقلهم بين محطات الزيارة داخل المنطقة.

وقالت وزارة السياحة والآثار في بيان لها الأحد: «استقبلت منطقة الأهرامات السبت، نحو 15 ألف زائر بنسبة زيادة بلغت 25 في المائة مقارنة بأول يوم لبدء التشغيل التجريبي، وهو ما يمثل أعلى نسبة زيادة».

وشدّدت على «تأكيد التقارير التي تلقاها الوزير من فريق عمل الوزارة الموجود في المنطقة الأثرية، بالإضافة إلى تقارير شركة (أوراسكوم بيراميدز)، أن حركة الزيارة تسير بسهولة ويسر».

وأضاف الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن «حركة الزيارة يوم السبت شهدت انسيابية وسهولة، سواء في الدخول من بوابة المنطقة الأثرية الواقعة على طريق القاهرة - الفيوم، أو من خلال التنقل بين مسارات الزيارة في المنطقة».

بيد أنّ عدداً من المُرشدين السياحيين وخبراء الآثار تحدثوا عن «معاناة حقيقية» يمر بها السائحون خلال تنقلهم داخل المنطقة، ما دعا لجنة السياحة والطيران المدني في مجلس النواب إلى عقد جلسة استماع الأحد، بشأن مستجدات أعمال التشغيل التجريبي لمشروع تطوير منطقة الهرم بمشاركة ممثلين لوزارتي السياحة والآثار، والتنمية المحلية، وغرفة شركات السياحة، والمرشدين السياحيين، وشركة «أوراسكوم».

وقالت النائبة نورا علي رئيسة اللجنة في بيان صحافي: «تستهدف اللجنة بحث جميع الرؤى المتعلقة بالمشروع، والنظر في الأمور المُثارة كافة، منذ بدء الافتتاح التجريبي، لتقريب وجهات النظر والخروج بخطة متكاملة تحقق جميع التطلعات».

الخيّالة في مواقع متعددة دون منطقة التريض (الشرق الأوسط)
الخيّالة في مواقع متعددة دون منطقة التريض (الشرق الأوسط)

ووفق الخبير الأثري فاروق شرف، فإنّ عدداً من السائحين يعانون بعض الإشكالات أثناء زيارتهم لمنطقة الأهرامات، خصوصاً عند الدخول من البوابة الجديدة، حيث يُطلب منهم مغادرة الحافلات السياحية الخاصة بهم، واستقلال مركبات كهربائية للوصول إلى داخل المنطقة إضافة إلى المحطة التبادلية.

وأضاف: «هذا النظام كان يهدف إلى تقليل الانبعاثات والحفاظ على البيئة، بيد أنه يتسبب في إهدار وقت الزيارة، واحتمالية فقدان مقتنيات شخصية بسبب الانتقال من وسيلة إلى أخرى». ولفت شرف الذي عمل مختصاً في ترميم الآثار وصيانتها بمنطقة الأهرامات سابقاً، عبر حسابه على «فيسبوك» إلى أن «التجربة بشكلها الحالي متعبة للزائر».

وقال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس «حملة الدفاع عن الحضارة المصرية» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يستمع مسؤولو مشروع التطوير إلى وجهة نظر المجتمع المحلي المرتبط بالموقع، ولا إلى الجهات التي تتعامل مع المشروع، سواء من المرشدين السياحيين، أو أصحاب الشركات السياحية أو المحليات».

وكان النقيب السابق للمرشدين السياحيين حسن النحلة، قد طالب بعقد اجتماع بين وزير السياحة والآثار والمرشدين وأصحاب الشركات للاستماع إلى وجهة نظرهم قبل التطبيق، وهو ما لم يحدث؛ وفق ريحان الذي أضاف: «عندما ظهرت الأزمة حمَّلوا الجمَّالة والخيّالة مسؤولية الفوضى، وتجاهلوا فكرة اختيار موقع مناسب لهم، وأصبح موقعهم بعيداً عن حركة السياحة مما أضر بمصالحهم».

الدخول إلى منطقة الأهرامات بعد التفتيش عبر البوابات الإلكترونية (الشرق الأوسط)
الدخول إلى منطقة الأهرامات بعد التفتيش عبر البوابات الإلكترونية (الشرق الأوسط)

وبعد تصاعد حدة الانتقادات ونشر المرشدين السياحيين مقاطع فيديو تُظهر زحام السائحين داخل حافلات المنطقة الأثرية، وعدت وزارة السياحة والآثار بإيجاد الحلول الملائمة للأزمة، وأفادت في بيانها بأنها «تعكف حالياً على إيجاد الحلول الملائمة لما رُصِد من دروس مستفادة أثناء التشغيل التجريبي، مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التي أرسلها مرشدون سياحيون وعاملون في المنطقة، لتلافيها خلال الفترة المقبلة، والبناء على الإيجابيات، وذلك بالتعاون مع جميع الوزارات والجهات المعنية، بما يعمل على تحسين التجربة السياحية في المنطقة، الذي يُعد الهدف الأساس من المشروع».

ويوصي شرف بالسماح بـ«مرور الحافلات السياحية المعتمدة وفقاً لمعايير بيئية محددة حتى نقطة قريبة ومناسبة من المواقع داخل المنطقة، ودراسة ما هو أفضل في بدء الزيارة لترسيخ انطباع حضاري جيد، وتوفير خيار النقل الكهربائي بوصفه خدمة إضافية اختيارية وليس إجبارية، وتنظيم الدخول وفقاً لمواقيت محددة لتجنُّب التكدس، كما تفعل معظم الدول».

ويُشدد شرف على أن «حماية الأثر لا بدّ أن تسير بالتوازي مع تحسين تجربة السائح، وإن كانت هناك نسبة من عوادم السيارات، فإنها في ظل التنظيم والرقابة، لا تمثل ضرراً يُذكر على البيئة الأثرية المفتوحة، في مقابل الراحة، والانطباع الإيجابي، وضمان أمن السائح ومتعلقاته».

وأثار الارتباك الذي شهدته منطقة أهرامات الجيزة في أول أيام تشغيل منظومة التطوير الجديدة بشكل تجريبي، جدلاً واسعاً، وانتقادات واتهامات في مصر.

الجِمال أمام هرم منقرع (الشرق الأوسط)
الجِمال أمام هرم منقرع (الشرق الأوسط)

وتم تداول صور ومقاطع فيديو على نطاق واسع عبر «السوشيال ميديا» تُظهر زحام السائحين داخل الحافلات الجديدة الخاصة في منطقة الأهرامات، بالإضافة إلى قطع الخيّالة والجمّالة لطريق سير الحافلات؛ اعتراضاً على المنظومة الجديدة التي تقضي بإبعادهم عن خط سير الحافلات، وهو ما عدّه نجيب ساويرس رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة «أوراسكوم بيراميدز للخدمات الترفيهية»، الشركة المشغلة لمنظومة التطوير الجديدة، «تجربة سيئة للغاية».

واتهمت شركته «أوراسكوم» عبر بيان لها الجهات المعنية بـ«التراجع عما تم الاتفاق عليه في مخطط التطوير».

وهدف مخطط التطوير تحويل المنطقة الأثرية التي تنتظر افتتاح المتحف المصري الكبير في يوليو (تموز) المقبل، إلى منطقة صديقة للبيئة، بتوفير حافلات كهربائية لنقل السائحين من البوابة الجديدة على طريق الفيوم إلى محطات الزيارة المختلفة بالمجان، وتخصيص منطقة لأصحاب الخيول والجمال «منطقة التريض»، وذلك بعد الشكوى المتكررة من سوء معاملتهم للسائحين والزوار المحليين.

ويُعدّ أصحاب الدواب منطقة التريض المخصصة لهم داخل المنطقة الأثرية بمنزلة «منفى»، وأكد بعضهم لـ«الشرق الأوسط» أنهم «لن يلتزموا بالبقاء فيها».