تجربة التحول الديمقراطي عربياً... تونس ومصر نموذجاً

تجربة التحول الديمقراطي عربياً... تونس ومصر نموذجاً
TT

تجربة التحول الديمقراطي عربياً... تونس ومصر نموذجاً

تجربة التحول الديمقراطي عربياً... تونس ومصر نموذجاً

يستعرض الباحث اللبناني الدكتور زيدان محمد القعقور، في كتابه «الشرعية والتحول الديمقراطي في الوطن العربي – تونس ومصر نموذجاً» الكثير من الأسئلة التي طُرحت حول «الربيع العربي»، والتي تجلَّت على نحو خاص في تونس ومصر.
الكتاب صدر حديثاً عن «دار سؤال للنشر والتوزيع» ببيروت، ويضم 528 صفحة ويقع في ثلاثة فصول يناقش خلالها الاحتجاجات والانتفاضات التي شهدها العالم العربي، معتبراً أنها أبرزت طلباً شعبياً واسعاً وتوقاً إلى الديمقراطية والحريات.
يقول القعقور في بحثه عن الشرعية: «لم يأتِ نظام سياسي عبر التاريخ إلا وحاول جاهداً، وبمختلف الأساليب أن يحقق لنفسه درجة عالية من الشرعية، وهذا هو المسلك الطبيعي لاستمرار الدولة وقناعة وقبول الفرد بالسلطة وطاعته ودعمه لها وتنفيذ مطالبها المحقة والمقنعة من دون خوف أو رهبة أو تدخل غير قانوني أو غير طبيعي»، معتبراً أن الأنظمة السياسية العربية، وإن كانت لا تزال تعتمد على مصادر تقليدية للشرعية في الأغلب، إلا أنها تحاول، حسب ظروفها وإمكاناتها الذاتية، تعزيز المصادر للشرعية بمصادر أخرى أكثر ملاءمة لأوضاعها في الوقت الراهن. لكن هذا التعزيز، أو هذا البناء للشرعية، لا يأتي بمحض الإرادة الخالصة للسلطات العربية، وإنما هناك تحديات تواجهها وهي في واقع الحال تحديات داخلية أكثر من أي شيء آخر.
ويرجح الباحث «ألا تكون في مستقبلنا العربي القريب للديمقراطية أي مشاركة فاعلة في العمل السياسي، وستصادف هذه التجربة عدة عراقيل ومعوقات». ويتطرق إلى العلاقة بين الحكم والإسلام، داعياً إلى «العمل على إنشاء علاقة بين مبادئ الديمقراطية الحديثة، كأجهزة وأدوات ومعاصرة، وبين الشورى، وبالتالي إقامة علاقة تؤسس للشورى فتنقلها من مبدأ وقيمة سياسية أخلاقية إلى مؤسسة سياسية»، لافتاً إلى أن «هذه العلاقة ستتوفر على مرجعية أصلية، وهي الشورى، تهيئ لنا آلية معاصرة للممارسة السياسية».
وبالنسبة إلى تجربة النموذجين (تونس ومصر) اللذين اعتمدهما في بحثه، يقول: «نجحت تونس استثنائياً في انتقالها إلى الديمقراطية، وهي في طور تدعيمها من خلال التحاور والتوافق السياسي والتجانس المجتمعي، لكن ما زال يعترض نظامها السياسي ومجتمعها المدني تحديات عدة، كاحتمالات زعزعة الاستقرار وحدوث أعمال عنف، والقوى المرتبطة بالنظام القديم المعارضة للتحول الديمقراطي. وتبدو تونس في أشد الحاجة إلى مواصلة الحوار وتعميقه بل تحويله إلى تقليد ثابت دون إقصاء أي طرف من الأطراف حتى يكون جامعاً ومؤدياً إلى التوافق الواسع».
أما بالنسبة إلى تجربة فمصر فيرى أن قوى الثورة لم تستفد من تجارب التحول الديمقراطي التي حصلت حول العالم، وبالتالي لم تكن لديها رؤى بديلة لإدارة مصر بعد الثورة، وعجزت قوى التغيير عن الوصول إلى حالة من التوافق».
ويخلص المؤلف إلى القول إن «التغيير الحقيقي تقوده نخبة مستقلة، ويجب أن تواكبه إعادة صياغة العلاقة المدنية – العسكرية بما يتفق وأسس النظام الديمقراطي».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.