هل تصبح «الأكلات الشعبية» العنصر الثامن لمصر بـ«التراث اللامادي»؟

بعد تسجيل الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة على قائمة «اليونيسكو»

«الكشري» ينتظر الإدراج على قائمة التراث المصري (إعداد الشيف هالة فهمي)
«الكشري» ينتظر الإدراج على قائمة التراث المصري (إعداد الشيف هالة فهمي)
TT

هل تصبح «الأكلات الشعبية» العنصر الثامن لمصر بـ«التراث اللامادي»؟

«الكشري» ينتظر الإدراج على قائمة التراث المصري (إعداد الشيف هالة فهمي)
«الكشري» ينتظر الإدراج على قائمة التراث المصري (إعداد الشيف هالة فهمي)

جدد نجاح مصر في تسجيل الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة على قائمة «اليونيسكو» للتراث اللامادي أخيراً، المطالبات بتوثيق عديد من العناصر المميزة الأخرى، وإدراجها على قائمة التراث الإنساني العالمي. وكان من أكثرها إلحاحاً: «الأكلات الشعبية»؛ حيث نادى كثير من خبراء التراث والغذاء والإعلاميين المصريين، خلال الساعات الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي، بأهمية البدء في تحقيق ذلك، لافتين إلى أنها خطوة تأخرت كثيراً باعتبار أن المطبخ المصري من أعرق مطابخ العالم، وأن عدم توثيقه بشكل دولي ورسمي حتى الآن، قد يؤدي إلى ادعاء بعض البلدان الأخرى نسب عدد من الأكلات المصرية المعروفة لها؛ حسب المتابعين.
ولا يقتصر التأريخ للأكلات الشعبية المتوارثة على التوثيق للبعد الغذائي، إنما يتجاوز ذلك للتوثيق أيضاً للأبعاد السياسية والدينية والجغرافية والاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال العصور المختلفة، والتي كانت وثيقة الصلة بهذه الأكلات، حسب الدكتور مجدي السيد، الرئيس الأسبق لشعبة الصناعات الغذائية والتغذية بالمركز القومي للبحوث، وعضو اللجنة الوطنية للتغذية، الذي أضاف قائلاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصر لديها عديد من الأطعمة التراثية التي تستحق أن تدخل قائمة التراث العالمي غير المادي في (اليونيسكو)، وهو ما ينبغي أن تلعب عليه بقوة اللجنة الوطنية المعنية بتسجيل التراث اللامادي خلال الفترة المقبلة». وأضاف: «لقد آن الأوان لتحقيق ذلك؛ بل لقد تأخرنا كثيراً، على الرغم من أصالة وعراقة المطبخ المصري»؛ لافتاً: «لقد سبقتنا في تحقيق ذلك دول عديدة، نجحت في أن تدرج أكلاتها المعروفة على القائمة، ومنها: البيتزا الإيطالية، واللافاش الأرميني، والدولما الأذربيجانية، فضلاً عن إدراج المنظمة أخيراً لطبق الكسكس لدول المغرب العربي».
وشدد خبير التغذية أحمد علاء، على أن هناك قائمة طويلة من الوجبات المصرية التي يمكن أن نتقدم بملفات حولها، لإضافتها على قوائم التراث اللامادي في منظمة «اليونيسكو»، ومنها: «الكشري، والفول، والطعمية، والمسقعة، والملوخية، والجبن الدمياطي، والبط بالمرتي، ورقاق أممة، والمشبك، والفطير، والكلاويز، والتمرية، والجبن القديمة، والبصارة»، فضلاً عن أنواع متعددة من الخبز، مثل: «البتاو، والشمسي»، إضافة إلى «عشرات الأكلات الريفية، وتلك المنتشرة في المناطق النائية، مثل: سيوة والعريش والنوبة، ومنها: المكمورة، والشيكال، والمعدوس، واللصيمة، والعصيدة».
واعتبر علاء أن «إعداد ملفات حول الأطعمة التراثية قضية عاجلة وغير صعبة»؛ مشيراً إلى أن هناك جهوداً مصرية رسمية وغير رسمية قد بذلت بالفعل في هذا المجال؛ لكنها لا تزال متناثرة، ولم يتم الاستفادة منها أو توظيفها في الاعتراف دولياً بنسبها إلى مصر حتى الآن، من خلال وضعها على قائمة التراث الإنساني العالمي.
وأوضح: «كانت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية قد أصدرت بالتعاون مع المركز القومي للبحوث موسوعة (الأغذية المصرية الشعبية) باللغة الإنجليزية للتوثيق للغذاء المصري، وتعريف العالم به، وركزت على مخاطر اندثار بعض الأكلات».
ويدعو كثير من الطهاة المصريين في برامجهم التلفزيونية وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى توثيق الأكلات الشعبية الأشهر، ومنهم الشيف هالة فهمي التي تحرص عند طهي «الكشري» على تأكيد أنه مصري خالص، وأن على العالم الاعتراف بذلك رسمياً قبل أن تسرقه دول أخرى، وكذلك تقول الشيف مي أمين عند طهي أطباق مختلفة من «الفول، والبصارة».
ويُعَد خبير التراث أسامة غزالي من أكثر المهتمين بإدراج الطعام على قائمة التراث العالمي، وهو صاحب دعوة متجددة إلى مشروع توثيقي للمطبخ المصري، وجمع خلال رحلاته المستمرة إلى مختلف أنحاء مصر ما تحصَّل عليه من أسماء الأكلات والمشروبات التقليدية لكل محافظة في الجمهورية، وقدَّم خريطة وثَّق عليها نحو 100 أكلة، مؤكداً أنه يمتلك معلومات وافرة عنها، ويرى أن «جميعها على القدر نفسه من الأهمية؛ لأنها تمثل جزءاً عزيزاً من الإرث الشعبي».
ويقول غزالي لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز مصر بثراء غذائي ثقافي ضخم، يمتد إلى الحضارة القديمة، ولطالما ارتبط بمختلف أوجه الحياة، في الاحتفالات والطقوس والممارسات الاجتماعية والأعياد، وحتى فيما يتعلق بالموت». وتابع: «يتصدر الخبز قائمة الطعام المصري التراثي، فقد عرفت مصر عشرات الأنواع منه، لذلك أعتبره تعبيراً ثقافياً بيئياً، وليس مجرد ممارسة اجتماعية اقتصادية».
وبينما يركز البعض على أكلات شعبية شهيرة، مثل «الكشري، والطعمية، والفول»، فإن مصر بها كنوز من الأكلات والمشروبات الأخرى التي وُلد بعضها من رحم الظروف البيئية الخاصة بكل منطقة على أرض المحروسة، وتستحق جميعها التوثيق، كما أن هناك أكلات لا تزال مناطق من مصر تتمسك بها وبطرق طهيها كما عرفها أهلها من حقب زمنية بعيدة، مثل منطقة جنوب البحر الأحمر التي ما زالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها في الطعام، مستخدمين أدوات من البيئة الطبيعية للتجهيز والإعداد، ومن أهمها «الأكلات من لحوم الضأن، والعصيدة، والأوتم، والجبنة، والجابوري أو القابوري».
يُذكر أن مصر نجحت خلال السنوات القليلة الماضية في أن تسجل بقوائم «اليونيسكو» للتراث غير المادي 7 عناصر، هي: «السيرة الهلالية، والتحطيب، والممارسات المرتبطة بالنخلة، وفنون الخط العربي، والنسيج اليدوي في صعيد مصر، والأراجوز، وأخيراً الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة التي تم تسجيلها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.