بعد أيام من تولي محيي الدين الزايط، مهام القائم بأعمال مرشد «الإخوان» بشكل «مؤقت»، عقب رحيل إبراهيم منير، الذي كان يقود «جبهة لندن»، إحدى الجبهات الثلاث المتصارعة على قيادة التنظيم، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، أثيرت تساؤلات حول طريقة حسم منصب القائم بأعمال المرشد الجديد، وأهمها: هل سيكون بالتوافق داخل «مجموعة لندن» أم بصراع؟ ومن هم أبرز المرشحين المحتملين بـ«جبهة لندن»؟ وما هي طبيعة محاولات «جبهة إسطنبول» بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم؟
ورجح باحثون في الحركات الإسلامية «حدوث أزمة داخل (مجموعة لندن)، خاصة أن الشخصيات المحتملة لخلافة منير ليست بـ(القوة التنظيمية) التي كان يملكها منير، وفي المقابل تسعى (جبهة إسطنبول) لاستغلال ذلك من أجل الانفراد بالسلطة، والسيطرة على مصادر التمويل داخل التنظيم».
وتعمقت خلافات «إخوان الخارج» خلال الأشهر الماضية، خاصة بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول»، وذلك منذ إعلان منير حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن مكتب إرشاد «الإخوان»، وكذا تشكيل «مجلس شورى لندن»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول» من مناصبهم. ويتنافس على قيادة التنظيم مع «جبهة لندن» «جبهة إسطنبول»، و«تيار التغيير» أو «تيار الكماليين»، الذي أسسه في السابق محمد كمال، مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» وقُتل في عام 2016.
ووفق مراقبين، فإن «سرعة إعلان جبهة لندن عن تعيين الزايط لتولي مهام منير لا تعني اتفاق الجميع عليه، ولا تعني اختياره نائباً للمرشد، بل تعني أنه فقط مكلف بإدارة التنظيم بشكل مؤقت، ومنع الجبهة من الانشقاق».
وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الأمن الإقليمي، محمد فوزي، إن «رحيل منير يمثل حدثاً تتجاوز أهميته حدود وفاة أحد الأعمدة التاريخية لتنظيم (الإخوان)، وذلك في ضوء التداعيات المحتملة لوفاته على مستقبل الأزمة البنيوية العميقة، التي يعيشها التنظيم، على اعتبار أن منير كان أحد المحاور الرئيسة للأزمة، التي طفت على السطح عقب توليه مهام القائم بأعمال المرشد، في أعقاب القبض على محمود عزت بالقاهرة في أغسطس (آب) 2020».
وأضاف فوزي موضحاً أنه «لوحظ أن جبهة لندن سارعت بتسمية الزايط بديلاً لمنير، وهو أمر يُمكن تفهمه في إطار سعي الجبهة لإظهار التماسك التنظيمي، وتحجيم أي ارتدادات سلبية ونكبات داخلية، قد تترتب على وفاة منير، خاصة مع دخول الجبهة على خط الدعوة لمظاهرات 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بمصر»، مستدركاً بأن قيادة الزايط للتنظيم «ستكون مؤقتة على الأرجح، خصوصاً في ظل حالته الصحية التي تحول دون قدرته على الاستمرار في القيادة، ووجود العديد من الأسماء التي تعد أكثر قدرة من الزايط على مستوى إدارة الجبهة، وبالتحديد محمد البحيري، وحلمي الجزار، لكن البحيري يواجه إشكالية تتمثل في علاقته بأجيال الشباب داخل الإخوان، وهي العلاقة التي تفتقد للثقة، ويغلب عليها الفتور، فضلاً عن أن الجزار يواجه بعض الإشكالات، ومنها أنه ليس عضواً في مجلس شورى التنظيم، وبالتالي فإن توليه قيادة التنظيم سوف يتعارض مع اللوائح الداخلية المنظمة لعمل التنظيم، خصوصاً المادتين 4 و5 اللتين تحددان من سيخلف القائم بأعمال المرشد حال غيابه عن المشهد».
من جهته، يرى الباحث في الحركات الإسلامية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «التنافس على منصب القائم بأعمال المرشد حالياً محصور في ثلاثة أشخاص هم: محمود الإبياري، ومحمد البحيري، ومحمد جمال حشمت، والثلاثة على خلاف كبير مع المكتب الإداري الخاص بمحمود حسين، لذلك فإن التنافس على أشده، وربما تأخذ جبهة لندن قسطاً من الوقت لاختيار القائم بأعمال المرشد الجديد، وقد تطول مهلة الشهر إلى أكثر من ذلك، حتى يلملموا شتات أفكارهم لمحاولة أن يظهر مكتب منير بأكبر قدر ممكن من التوافق على شخصية تحمل الجبهة إلى القيادة».
وهنا يرجح المراقبون أنه «من المحتمل أن يستمر الزايط في عمله نائباً لمنير، وهذا يعني مزيداً من الخلافات بين جبهة لندن وجبهة إسطنبول، بل ربما يتسبب في تفجر خلافات بين قيادات جبهة لندن ذاتها، نظراً لرفض البعض له».
وأضاف فوزي لـ«الشرق الأوسط» أن «وفاة منير تعزز من الأزمة البنيوية التي يعاني منها الإخوان، والشخصيات المرشحة لخلافة منير ليست بالقوة التنظيمية، التي كان يملكها منير، وفي المقابل تسعى جبهة إسطنبول لاستغلال ما يحدث داخل مجموعة لندن من أجل الانفراد بالسلطة والسيطرة على مصادر التمويل، وزمام الأمور داخل التنظيم، وكذلك الحال بالنسبة لتيار التغيير، الذي سيسعى لتوظيف وفاة منير من أجل زيادة وزنه النوعي داخل التنظيم».
وبحسب عبد المنعم، فإنه «لن يتم حسم الصراع بين الثلاثة المحتملين داخل مجموعة لندن، لوجود صراع داخلي في (جبهة لندن) على اختيار القيادة، بالإضافة إلى الصراع الموجود مع مكتب محمود حسين، في حين يرى شباب التنظيم أنه انتهى زمن القيادات التقليدية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لذلك لن يتم حسم الصراع بين القيادات بسهولة، وسيأخذ وقتاً حتى تظهر الشخصية التي تسيطر على أموال التنظيم، وتستطيع التواصل مع القيادات التقليدية، وتسيطر على مفاتيح الشخصيات التي ستدير التنظيم، وهو من الصعب أن يطبق في هذا الوقت، نظراً للتحدي الذي يمر به التنظيم الآن».
في حين يطرح مراقبون أنه «من المحتمل وفق تجارب سابقة أن تقوم جبهة لندن باختيار شخص غير مشهور، يتسم بالهدوء، ولا يملك أحد الطعن في تاريخه، لخلافة منير بشكل رسمي».
منصب القائم بأعمال «مرشد الإخوان» هل يُحسم بتوافق أم بصراع ؟
منصب القائم بأعمال «مرشد الإخوان» هل يُحسم بتوافق أم بصراع ؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة