«إشادات» و«تهديدات» لرياضيين إيرانيين بعد رفضهم الاحتفال بالبطولات

صحيفة حكومية تطلق تهديدات بسبب شعارات مؤيدة للمحتجين في دبي

أعضاء المنتخب الإيراني أثناء التتويج بكأس القارات في دبي (إ.ب.أ)
أعضاء المنتخب الإيراني أثناء التتويج بكأس القارات في دبي (إ.ب.أ)
TT

«إشادات» و«تهديدات» لرياضيين إيرانيين بعد رفضهم الاحتفال بالبطولات

أعضاء المنتخب الإيراني أثناء التتويج بكأس القارات في دبي (إ.ب.أ)
أعضاء المنتخب الإيراني أثناء التتويج بكأس القارات في دبي (إ.ب.أ)

لقي لاعبو المنتخب الإيراني لكرة القدم الشاطئية والمنتخب الإيراني للمصارعة إشادة على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارهم أبطالاً بعد رفضهم الاحتفال خلال تتويجهم ببطولات دولية، في لفتة واضحة تضامناً مع حركة الاحتجاج المناهضة للنظام، على الرغم من خطر مواجهة المعاقبة في بلادهم.
وفاز الفريق الإيراني الأحد، في «كأس طيران الإمارات للقارات لكرة القدم الشاطئية» الذي جرى في دبي، بحصوله على هدفين مقابل هدف واحد أمام البرازيل، بفضل هدف سدّده سعيد بيرامون.
ولم يحتفل الفريق عندما مُنح الكأس لفوزه باللقب الأحد، بل وقف ثابتاً مكتوف اليدين.
وبدلاً من الاحتفال بهدفه، وقف بيرامون وقام بإيماءة واضحة بأصابعه تشبه المقص فوق رأسه لتقليد قصّ الشعر، وفقاً لكثير من مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتحوّل قصّ الشعر في داخل وخارج إيران إلى رمز للتضامن مع الاحتجاجات التي اندلعت على أثر وفاة مهسا أميني، بعد ثلاثة أيام على اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق بدعوى انتهاك قواعد اللباس الصارمة. وكان فريق كرة القدم الشاطئية يخضع في الأساس للتحقّق والمراقبة بعد عدم غنائه النشيط الوطني الإيراني قبل المباراة نصف النهائية، حسبما أظهرت الصور. وأدّت هذه الحركة إلى قطع البث المباشر عبر التلفزيون الرسمي، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبالوقت نفسه، لفت موقع «عصر إيران» الحكومي إلى عدم احتفال لاعبي المصارعة اليونانية - الرومانية في كأس العالم، التي أقيمت في باكو عاصمة أذربيجان.

بيرامون يحتقل بهدفه بإيماءة ترمز لقصّ الشعر (إ.ب.أ)

إجراءات تأديبية
أدى عدم احتفال لاعبي منتخب المصارعة منتخب الكرة الشاطئية، بالإضافة إلى إيماءة قص شعر بيرامون على الفور، إلى انتشار سلسلة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي التي أشادت باللاعب لشجاعته.
ونشر أسطورة المنتخب الإيراني لكرة القدم، علي دائي على حسابه في «إنستغرام» صور المنتخب الإيراني لكرة القدم الشاطئية والمصارعة الیونانیة - الرومانية، وكتب: «شكراً لكم وتحياتي للأبطال الوطنيين في بلادي». وتناقل كثير من المواقع الإيرانية الداخلية الإيرانية صورة من حساب دائي على قنواتها في شبكة «تليغرام».
وأشاد قائد المنتخب السابق ونجم بايرن ميونيخ السابق علي كريمي بعدم الاحتفال، والذي كان من المؤيّدين المتحمّسين للاحتجاجات: «منتخب وطني إيراني بشرف»، ناشراً فيديو لإيماءة بيرامون. وكتب اللاعب الإيراني العالمي السابق مهرداد بولادي على «تويتر»: «هذه اللعبة وهذا الفوز قد يُنسى، ولكن الإيماءة لا يمكن نسيانها. أهم من البطولة كان الشرف الذي أظهرته».
في المقابل، هدد الاتحاد الإيراني لكرة القدم بأنه سيعاقب كل أولئك الذين يُعتقد أنهم فشلوا في إبقاء السياسة خارج الملعب، وذلك من دون تسمية بيرامون.
وقال في بيان: «بناءً على تنظيمات الجمهورية الإسلامية في إيران والفيفا بشأن تجنّب السلوك السياسي في الرياضة، يجب على أولئك الذين لم يتبعوا الأخلاق المهنية والرياضية أن يُعامَلوا وفقاً للقواعد»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية عن البيان.
في هذه الأثناء، هنّأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فريق كرة القدم الشاطئية، على اعتبار أنه عكس «نموذجاً لإيران رائعة وقوية على الساحة الدولية»، وذلك من دون الإشارة إلى الجدل المثار بشأن إيماءة بيرامون.
من جهتها، انتقدت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة الإيرانية، الشرطة الإماراتية، مشيرة إلى أنها لم تتخذ «أي إجراء» ضدّ المتفرّجين الذين أطلقوا شعارات «مناهضة للجمهورية الإسلامية» بعد المباراة.
وتستقبل دبي عدداً كبيراً من الإيرانيين. وفي سبتمبر (أيلول)، رحّبت إيران بعودة سفير الإمارات بعد خفض مستوى العلاقات بين البلدين لمدة ست سنوات.
وفي تهديد صريح، قالت الصحيفة: «إذا لم تتصرّف هذه الدولة (الإمارات) بشكل مناسب، فسيتعيّن عليها قبول عواقب هذا العمل المعادي لإيران».
فسحة للاحتجاج
تحوّلت الرياضة إلى فسحة حساسة للتعبير عن الاحتجاج في إطار الاحتجاجات المنددة بالنظام التي تعصف بإيران، خصوصاً قبل مشاركة إيران في كأس العالم لكرة القدم هذا العام بقطر.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفض فريق نادي «استقلال» الإيراني أيضاً الاحتفال بعد فوزه بكأس السوبر الإيراني، بينما قال لاعبه سياوش يزداني في مقابلة بعد المباراة، إنّه يهدي الفوز إلى «النساء وأولئك الذين فقدوا أحباءهم».
والأسبوع الماضي، أثارت لاعبة فريق سباهان أصفهان الكروي، فاطمة عادلي، جدلاً واسعاً، بعدما قامت بإيماءة تضامنية مع المحتجات.
وبعد تسجيل هدف لفريقها، وضعت عادلي يدها اليسرى على فمها وغطت عيونها بيدها اليمنى، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات.
وخلال الشهرين الماضيين، سلط كثير من وسائل الإعلام الرياضية الضوء على «الحزن» الذي طغى على لاعبي الأندية في الدوري الممتاز لكرة القدم، الذين خاضوا المباريات خلال فترة الاحتجاجات من دون حضور الجماهير. ولم يحتفل أغلب اللاعبين بالأهداف التي سجلوها.
وكانت بطلة التسلّق إلناز ركابي قد أثارت ضجّة كبيرة الشهر الماضي، عندما تسلّقت من دون حجاب - وهو أمرٌ إلزامي لجميع الإيرانيات حتى أثناء التنافس في الخارج - في مسابقة بكوريا الجنوبية.
ولدى عودتها إلى إيران، اعتذرت ركابي، وقالت إن «الحجاب سقط عن طريق الخطأ». ولكنّ ناشطين جادلوا بأنّ خطوتها كانت متعمّدة، وأنها خضعت لضغوط السلطات للتعبير عن أسفها. ومزقت ركابي الصورة التي حاول تقديمها الإعلام الحكومي عندما أعربت عن تأييدها للاحتجاجات عبر حسابها على شبكة «إنستغرام».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.