سفراء أوروبيون يستمزجون الآراء حول التوافق على مرشح ثالث

لأن تعطيل جلسات الانتخاب ينذر بشغور رئاسي مديد

TT

سفراء أوروبيون يستمزجون الآراء حول التوافق على مرشح ثالث

يبدي المجتمع الدولي قلقه حيال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، ما يُنذر بأن يكون الشغور الرئاسي مديداً، خصوصاً أن جلسة الانتخاب الخامسة التي تُعقد الخميس المقبل بدعوة من رئيس البرلمان لن تحمل مفاجأة يمكن التعويل عليها لاختصار المسافة التي ما زالت تعيق إيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا، وستنتهي كسابقاتها من الجلسات «المحكومة» حتى إشعار آخر بتعطيل انتخابه، لأن ميزان القوى بداخل المجلس النيابي لا يسمح لهذا الفريق أو ذاك بالتفرّد بحسم المعركة لصالحه.
واستباقاً لجلسة الخميس، فإن معظم سفراء الدول المعنية بإنجاز الاستحقاق الرئاسي باتوا على يقين بأن الجلسة ستدور في حلقة مفرغة، وأن هناك ضرورة للبحث عن مخرج يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية شرط أن يحظى بموافقة الكتل النيابية الكبرى ذات التأثير المباشر لإخراج انتخابه من المراوحة التي تأخذ البلد إلى مزيد من التدحرج نحو الانهيار الكارثي.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» بأن سفراء عدد من الدول الأوروبية باتوا على قناعة بأنه لا خروج من المراوحة القاتلة إلا بمبادرة الكتل النيابية الفاعلة للتوافق على مرشح ثالث للرئاسة يتموضع انتخابياً بين مرشح أكثرية القوى المعارضة، النائب ميشال معوض، والمرشح الذي يتوافق عليه محور الممانعة والمقصود به رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وأكدت المصادر الدبلوماسية أن سفير دولة أوروبية فاعلة في لبنان بادر إلى استمزاج رأي «حزب الله» حيال ضرورة التوافق على مرشح ثالث، لكن الأخير فضّل التريُّث ريثما يواصل نصر الله مساعيه لإقناع باسيل بدعم ترشّح فرنجية الذي يحتفظ لنفسه بإعلان موقفه النهائي في الوقت المناسب، وقالت إن ما يميّز الحزب عن حلفائه في خوضه للمعركة الرئاسية يكمن في أنه يتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي من زاوية إقليمية، وأن موافقته على انتخاب مرشح توافقي تبقى خاضعة لما يدور في المنطقة، وبالتالي لا يبيع موقفه لجهة محلية من دون حصوله على أثمان سياسية تتيح لحليفه إيران توظيفها في تحسين شروطه في ملف المفاوضات النووية التي ما زالت عالقة في ضوء تجميد البحث فيها بسبب الخلاف بين طهران وواشنطن.
ولفتت إلى أن اقتراح التوافق على مرشح ثالث من دون الدخول في الأسماء لا يزال في طور التشاور. ورأت أنه لا أساس من الصحة لما يتردد حول الإعداد لطبخة رئاسية على نار هادئة تقضي بإجراء مقايضة تقوم على التسليم برئاسة الجمهورية لمرشح ينتمي إلى محور الممانعة، والمقصود به فرنجية، في مقابل المجيء برئيس حكومة يحظى بتأييد الأكثريات في المعارضة، في إشارة إلى سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام. وتتعامل مصادر سياسية محلية مع ما يتردد حول الإعداد لمثل هذه المقايضة على أنها محاولة مكشوفة يقف خلفها أكثر من شخصية محسوبة على محور الممانعة يراد منها اختبار النيات، رغم أنه ليس هناك من يتبنّاها، إضافة إلى أنه لا علم لسلام بها.
وأكدت المصادر نفسها أن انتخاب الرئيس يجب أن يشكل محطة للانتقال بلبنان إلى مرحلة سياسية جديدة، وقالت إن الصراع على الرئاسة يتجاوز الأشخاص إلى البرنامج السياسي والمهمات الملقاة على عاتقه امتداداً إلى رئيس الحكومة العتيد والبيان الوزاري لحكومته. لذلك يبقى من السابق لأوانه الانتقال بالمعركة الرئاسية من معركة «كسر عظم» التي تتسم بها حالياً إلى البحث عن رئيس توافقي يبقى تحت سقف أن هناك ضرورة لملء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس بأي ثمن، وكأن البلد في أحسن أحواله، ولا يغرق في هذا الكم الكبير من أزماته.
لكن هناك من يراهن على عامل الوقت، الذي يمكن أن يضغط في حال استمر تعطيل جلسات الانتخاب لفتح الباب أمام البحث عن مرشح ثالث، وإلا فإن المسرحية التي يشهدها البرلمان قابلة للتمديد إلى ما شاء الله، وهذا ما يشكل إحراجاً للنواب بصرف النظر عمّن يعطل انتخاب الرئيس.
وعليه، يبدو حتى الساعة أن هناك استحالة للوصول إلى مرشح توافقي من دون استقدام رافعة دولية وإقليمية لحث النواب على انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، مع أن الظروف ليست ناضجة حتى الساعة لدخول المجتمع الدولي على خط التعطيل إفساحاً في المجال أمام تنعيم مواقف الكتل النيابية من موقع اختلافها لملاقاة بعضها بعضاً في منتصف الطريق لانتشال لبنان من قعر الانهيار لغياب المساعدات الدسمة لإنقاذه والمشروطة بدفتر من الشروط لا بد من الاستجابة لمضامينه، وإن كانت تتجاوز إنجاز الاستحقاق الرئاسي إلى الإصلاحات لإعادة تأهيل البلد وإدراجه على خريطة الاهتمام الدولي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحذّر من خطر الضربات الإسرائيلية على سوريا

المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس (الموقع الرسمي للمنظمة)
المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس (الموقع الرسمي للمنظمة)
TT

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحذّر من خطر الضربات الإسرائيلية على سوريا

المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس (الموقع الرسمي للمنظمة)
المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس (الموقع الرسمي للمنظمة)

حذّر المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس، اليوم الخميس، من أن ضرب مواقع أسلحة كيميائية في سوريا ينطوي على مخاطر تلوّث وإتلاف أدلة قيّمة، وأقر بأنه لا معلومات لدى المنظمة حول ما إذا كانت هناك مواقع متضرّرة.

وقال أرياس، في كلمة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع، من كثب، تقارير تتّصل بغارات جوية استهدفت منشآت عسكرية. لا نعلم ما إذا طالت هذه الضربات مواقع مرتبطة بأسلحة كيميائية. إنَّ غارات جوية كتلك يمكن أن تنطوي على خطر تلوث».

ويسود قلق عالمي بشأن مصير مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية منذ إطاحة المعارضة بالرئيس بشار الأسد. والاثنين، قالت إسرائيل: «هاجمنا أنظمة أسلحة استراتيجية مثل الأسلحة الكيميائية المتبقية أو الصواريخ البعيدة المدى والقذائف؛ حتى لا تقع في أيدي متشددين».

وبدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية اجتماعاً طارئاً، الخميس؛ لمناقشة الوضع في سوريا، على خلفية القلق حيال مخزون البلاد من المواد الكيميائية السامّة، بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أبلغت سوريا، يوم الاثنين الماضي، بأنها مُلزَمة بالامتثال لقواعد حماية وتدمير المواد الخطرة، مثل غاز الكلور، بعد دخول المعارضة العاصمة دمشق، مطلع الأسبوع.

وقال أرياس: «لقد جرى استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا في مناسبات متعددة، ويستحق الضحايا أن يجري تقديم الجناة الذين حددناهم إلى العدالة، ومحاسبتهم على ما فعلوه، وأن تستمر التحقيقات».

وأوضح قائلاً إن «تقاريرنا، على مدى السنوات القليلة الماضية، توصلت إلى استنتاجات واضحة جداً، ونأمل أن تسمح الظروف الجديدة في سوريا بإغلاق هذا الفصل قريباً»، مشيراً إلى عدم الإعلان عن المخزونات واستخدام الأسلحة نفسها.

كانت حكومة بشار الأسد قد نفت استخدام الأسلحة الكيميائية، لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عثرت على أدلة تشير إلى استخدام هذه الأسلحة المتكرر من جانب سوريا في الحرب الأهلية الطاحنة. وفي وقت سابق من هذا العام، توصلت المنظمة إلى أدلة على أن تنظيم «داعش» استخدم غاز الخردل ضد مدينة مارع.