لبنان يدخل «عهد الفراغ»... ودعوات للإسراع بانتخاب رئيس

TT

لبنان يدخل «عهد الفراغ»... ودعوات للإسراع بانتخاب رئيس

تكثفت الدعوات المطالبة بالإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية مع دخول لبنان يوم أمس الفراغ الرئاسي بانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في حين دعا الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الفرنسية لبنان إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة في أقصى سرعة مشدداً على أهمية «إنجاز الإصلاحات الرئيسية التي طال انتظارها دون مزيد من التأخير».
ورأت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في بيان صادر عن الممثل الأعلى للاتحاد جوزيب بوريل أن الفراغ السياسي «يحدث في وقت يواجه فيه لبنان وضعاً اجتماعياً واقتصادياً متدهوراً. ومن شأن التقلبات المؤسسية المصحوبة بعدم الاستقرار الاقتصادي أن تشكل مخاطر جسيمة على لبنان وشعبه». ودعا البيان مرة أخرى «القيادات اللبنانية إلى تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة»، وذكر أنه في «شهر يونيو (حزيران) الماضي، جدد الاتحاد الأوروبي إطار عقوبات يسمح بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية»، مؤكداً أنه «وبهدف تسهيل صرف التمويل الدولي الإضافي وكبح الاتجاه المتدهور للاقتصاد اللبناني، يجب التوصل إلى اتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي. ويجب إنجاز الإصلاحات الرئيسية التي طال انتظارها دون مزيد من التأخير». وجدد الاتحاد الأوروبي التزامه «مواصلة مساعدة لبنان وشعبه للمضي قدماً نحو التعافي والاستقرار اللذين يستحقهما. في الوقت نفسه، يحض الاتحاد الأوروبي القيادات اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة».
من جهتها، حثت وزارة الخارجية الفرنسية النواب اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تأخر. ووزعت السفارة الفرنسية في لبنان ما غردته وزارة الخارجية الفرنسية عبر حسابها على «تويتر» حول لبنان حيث دعت «جميع الفاعلين اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم والارتقاء، من أجل لبنان والشعب اللبناني. وهي تدعو النواب اللبنانيين ومن دون تأخر إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وفي لبنان حيث يستمر الانقسام العمودي بين الفرقاء اللبنانيين حيال الانتخابات الرئاسية، دعا عدد من النواب إلى الإسراع بانتخاب رئيس رافضين محاولات إشعال التجاذبات الطائفية عبر افتعال السجال في موضوع صلاحيات الحكومة.
وفي خطوة لافتة، اجتمع 27 نائباً معارضاً ينتمون إلى كتل مختلفة، في مقر حزب «الكتائب» للبحث في «الاستحقاق الرئاسي الداهم ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ومناقشتها يوم الخميس المقبل». وجاء في البيان: «نظراً لخطورة المرحلة التي تمر فيها البلاد وبعدما سئم اللبنانيون من التلاعب بالاستحقاقات والمؤسسات، يرى المجتمعون أن من الضروري وقف النزيف الحاصل عبر تحويل الاستحقاق الرئاسي إلى فرصة لوضع لبنان على سكة التعافي وإيقاف مسلسل الهروب إلى الأمام لا سيما بعد السياسات الخاطئة والتراكمات المدمرة والانهيار الكامل على مختلف الصعد». وأعرب المجتمعون «عن رفضهم القاطع لمحاولات إشعال التجاذبات الطائفية عبر افتعال السجال في موضوع صلاحيات الحكومة خلال فترة الشغور الرئاسي لأن هذا الموضوع محسوم في الدستور اللبناني»، مشددين على «أن الأولوية التي أكد عليها الدستور هي الشروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية». وأضاف البيان: «بناء على ما تقدم، يؤكد المجتمعون أن على المجلس الالتئام اليوم قبل الغد، لانتخاب رئيس الجمهورية لأن هذا وحده من شأنه أن يعيد الانتظام لعمل المؤسسات، ويدعون رئيس مجلس النواب إلى تكثيف الجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن».
من جهته، لفت النائب عبد الرحمن البزري إلى أن هناك اتصالات لتقويم الوضع الدستوري الناتج عن الشغور في الرئاسة. وقال: «نحن أمام مرحلتين، عرض رسالة رئيس الجمهورية على مجلس النواب الخميس المقبل، والبحث فيما بعد في آلية حوار نيابي». وأكد في حديث إذاعي إلى أن «هناك اتصالات تجرى قبل جلسة الخميس لتقويم الوضع الدستوري الناتج عن الشغور في سدة الرئاسة». وعن السيناريوهات المرتقبة في جلسة الخميس، لفت إلى أن «عرض خلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على المجلس النيابي يعد سابقة»، معتبراً أن «المجلس النيابي سيتعامل مع الملف بكثير من الحكمة والتوازن، مع الأخذ في الاعتبار مصلحة المواطن التي تقتضي تسيير الشؤون التنفيذية».
بدوره كتب النائب في «اللقاء الديمقراطي» راجي السعد عبر حسابه على «تويتر»: قائلاً «نص المادة 74 من الدستور: «إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو لسبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، لذلك على مجلسنا أن يبادر فوراً إلى الاجتماع لانتخاب رئيس جديد وأي تأخير يشكل انتهاكاً فاضحاً لأحكام الدستور».
وفيما تتجه الأنظار في المرحلة المقبلة إلى ما سيقوم به «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، قال النائب في «التيار» سيمون أبي رميا في حديث تلفزيوني: «إن الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس لا سيما بعد أن طويت صفحة تأليف الحكومة»، معتبراً «أن الحكومة الحالية لا يمكنها ممارسة صلاحيات الرئاسة الأولى مجتمعة كونها حكومة تصريف أعمال»، لافتاً إلى أن «مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة الذي وقعه الرئيس ميشال عون أتى في هذا السياق». وعن إدارة «التيار» لمرحلة ما بعد عهد ميشال عون، قال أبي رميا: «نحن مدعوون اليوم كتيار وطني إلى جلسات حوارية داخلية لتقييم كل المرحلة السابقة والتأسيس لاستمرارية هذا النهج السيادي».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».