ليبيون يطالبون النائب العام بالتحقيق في جرائم «القتل خارج القانون»

ناشدوا السلطات منحه الدعم اللازم لفتح مزيد من «الملفات الشائكة»

الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

ليبيون يطالبون النائب العام بالتحقيق في جرائم «القتل خارج القانون»

الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

(تقرير إخباري)
دعا الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، عبد المنعم الحر، وعدد من الحقوقيين الليبيين إلى ضرورة «تقديم الدعم المالي والتقني لمكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، حتى يتمكن من فتح مزيد من الملفات الشائكة، وفي مقدمتها ملف ضحايا القتل خارج نطاق القانون، وملف انتهاكات أمراء الحرب ممن يملكون النفوذ والمال والسلاح».
وقال إنه «بات من السهل ملاحقة أنصار النظام السابق، باعتبارهم الحلقة الأضعف، لكن ماذا عن الأمراء من قيادات الميليشيات المسلحة الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية عبر تجارتهم المحرمة بالبشر والسلاح والمخدرات؟ وماذا أيضاً عن ملاحقة من قدموا الدعم لتنظيم (داعش) خلال فترة سيطرته على بعض المدن الليبية، سواء كانوا شخصيات سياسية، وقوى عسكرية ورجال دين وإعلام؟».
وجاءت هذه الدعوات بفضل اكتساب النائب العام، منذ تعينه قدراً واضحاً من المصداقية لدى الأوساط العامة؛ بسبب نأيه عن الصراعات والاصطفاف السياسي، وفتح القضايا المتعلقة بالمحافظة على الأموال الليبية، والأوضاع المعيشية للمواطنين.
وهو ما بدا جلياً بعد صدور تقرير ديوان المحاسبة الليبي هذا العام، والذي تضمن الكشف عن مخالفات في ملف البعثات الليبية بالخارج، ترجمته النيابة العامة لقرارات متلاحقة بالتحقيق، وسجن عدد كبير من المسؤولين الحاليين والسابقين في تلك البعثات.
في هذا السياق، سلط الضوء على إشادة أغلب المنظمات الحقوقية بقرار المستشار الصور، المتعلق بقضايا «المقابر الجماعية» في ترهونة (جنوب شرقي طرابلس).
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار يؤكد وقوع تلك الجرائم بين عامي 2013 و2020، وهو ما يعني عدم توجيه الاتهام والمسؤولية لميليشيا (الكانيات) وحدهم، بل لكل القوى العسكرية والسياسية، التي شاركت بدعم تلك الميليشيا بشكل مباشر أو غير مباشر، أو مهدت البيئة لارتكاب تلك الجرائم».
مشيراً إلى التعامل الإيجابي لمكتب النائب العام مع المنظمات الحقوقية، واستجابته لكثير من مطالب الأخيرة، بفتح بعض السجون أمام الزيارات، والتحقيق في قضايا مقتل مدنيين خلال الصراعات المسلحة، والاهتمام بمحاكمة عناصر(داعش)، ومتابعة تسلم وتسليم ذويهم من دول الجوار، والإفراج عن المهاجرين غير الشرعيين في سجون وزارة العدل والمساهمة في ترحيلهم.
من جهته، رأى عضو مجلس النواب الليبي، صالح إفحيمة، أن النائب العام «ترك بصمة إيجابية واضحة في المؤسسة القضائية، بفضل عدم انحيازه لأي جهة أو تيار سياسي، على الرغم من كونه ليس استثناء من التعرض للتوازنات التي تحكم المشهد العام، والتي تجعله في مرمى ضغوط عدة».
لافتاً إلى «وجود دور واضح من النيابة العامة في التصدي لجرائم الفساد، ونهب المال العام».
لكنه اعترض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على ما وصفه «بعدم التوضيح الكافي لنتائج بعض التحقيقات المتعلقة بوجود شبهات فساد في وزارات التعليم والصحة والثقافة بحكومة (الوحدة الوطنية)، والتي جرى خلال نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي استدعاء شاغليها للتحقيق معهم، بل والدفع بهم للسجون على خلفية ما وُجه إليهم من اتهامات تدرجت بين الفساد والإهمال. لكن تم الإفراج عن هؤلاء الوزراء ومساعديهم، وعاد بعضهم لممارسة مسؤولياته الرسمية، دون وجود توضيح كافٍ لما حدث..على الرغم من أن هذه قضايا مهمة وتتعلق بنهب أموال الليبيين، ولا بد من كشف ملابساتها، ولا تقل أهمية عما كشفه النائب العام بشأن الأرقام الوطنية، والبطاقات الانتخابية المزورة، التي ترتبط بقضية سياسية وهي الانتخابات».
من جانبه، رأى عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، أن «الاستحسان الذي يحصده المستشار الصور، لا يعود لخبرته القضائية، بل لجهوده في فرض القانون، ومكافحة تفشي الجريمة والحد من الاعتداء على المال العام والخاص، إلى جانب قضايا أخرى تمس حياة المواطن اليومية».
مبرزاً أن ما يقوم به «بات عاملاً محفزاً لباقي الأجهزة الرقابية والضبطية على القيام بمهامها».
ومن بين هذه الجهود التي لاقت استحسان الشارع الليبي، تفاعل النائب العام مع مخاوف المواطنين قبل شهرين، إثر الحديث عن احتواء الدقيق والخبز على مادة مسرطنة، حيث وجه بإرسال عينات من المخابز لفحصها في معامل بألمانيا للتأكد من صلاحيتها، كما أحال عدداً من الموظفين والمدرسين إلى التحقيق الإداري، على خلفية تسرب أسئلة امتحان للثانوية العامة بإحدى اللجان.
أما الناشط الحقوقي، طارق لملوم، فدعا النائب العام للتحرك العاجل بالتحقيق «في قضايا القتل خارج نطاق القانون»، واصفاً إياها بـ«الجريمة الأبرز في السنوات الأخيرة».
وقال لملوم، الذي يترأس منظمة «بلادي لحقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن تلك الجريمة حصدت كثيراً من أرواح الليبيين والمهاجرين وطالبي اللجوء، ويجب تحديد هوية الجناة بها، وخصوصاً أن بعض هؤلاء يعملون مع الأسف إما مع السلطات المحلية أو موالٍ لها».


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

تونس: دعوات لإيجاد «حلول جذرية» لمشكلة انقطاع الماء

بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
TT

تونس: دعوات لإيجاد «حلول جذرية» لمشكلة انقطاع الماء

بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)
بسبب قلة التساقطات يعاني الكثير من الأسر التونسية من انقطاعات متكررة في المياه (رويترز)

دعا «المرصد التونسي للمياه»، في بلاغ، اليوم الثلاثاء، إلى «ضرورة إيجاد حلول طارئة وجذرية لمشكلة انقطاع الماء»، مؤكّداً «وجوب الدعم الفوري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع المياه هذه الصيف». كما دعا المرصد، بحسب جريدة «الجمهورية» وصحف أخرى محلية، إلى «اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير المياه من طرف الشركات الفلاحية المستنزفة للموارد المائية». وعبّر في بلاغه عن «استنكاره للانقطاع المتكرر للمياه على أغلب جهات الجمهورية في درجات حرارة قياسية»، معرباً عن «استيائه من الخطاب الرسمي للسلطة الذي يكرس سياسة الهروب إلى الأمام، معولاً على مخاطبة العواطف بدل العقول، ومستعملاً نموذج التهمة الكيدية والتلفيقية، وعدم اعترافه بعجز السلطة السياسية في تدبير أزمة ندرة الموارد المائية، ومجابهة التحولات المناخية».

صورة تبين حجم الجفاف الذي ضرب نابلس (إ.ب.أ)

وكشف المرصد عن أنّ «تطبيق واتش واتر (watchwater.tn) للمرصد التونسي للمياه سجّل 68 تبليغاً لانقطاع المياه في عدد من المناطق المختلفة من الجمهورية التونسية، تصدرتها ولاية المنستير بـ15 تبليغاً، تليها صفاقس بـ12 وسوسة بـ11 تبليغاً، ثم ولاية قفصة بأكثر من 10 تبليغات، كما شهدت ولاية صفاقس تحركاً احتجاجيّاً تمثّل في غلق الطريق.

وأضاف المرصد أنه «تم رصد أكثر من 50 انقطاعاً آخر عن طريق شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثرت هذه الانقطاعات على عيش المواطنين»، مشيراً إلى أن «هذه الاضطرابات تتزامن مع توزيع المياه وسط خطاب رسمي للسلطة السياسية ينفي ندرة المياه والنقص الحاد والملحوظ في الموارد المائية، ويتبنى نظرية المؤامرة، مستعملاً نموذج التهم التلفيقية للهروب من المسؤولية»، مستنكراً «نسبة امتلاء السدود التي بلغت 27.2 في المائة، وهو ما يفسر الوضعية الحرجة لمواردنا المائية».

وجاء هذا الانتقاد الحاد رداً على تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الاثنين، خلال زيارته إلى ولاية جندوبة، واطلاعه على وضعية الموارد المائية بالجهة.

وقال خلال لقاء جمعه ببعض المسؤولين وعدد من المواطنين، واستماعه إلى مشاغلهم بخصوص اضطراب التزود بالمياه في الجهة، إنه «من غير الطبيعي أن يشتكي مواطنون من العطش في الوقت الذي تحيط بهم السدود»، متهماً «أطرافاً بالوقوف وراء ذلك، لا سيما في مثل هذه الفترات بالذات». ورأى سعيّد أن انقطاع الماء والتعلل بعدم توفره «لا معنى لهما في ظل وجود سدود مائية تخزن كميات محترمة من المياه العذبة»، وتعهد بالتدخل لمعالجة المشكلة.