الحكومة اليمنية تناقش تدابير تنفيذ قرار تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»

تأكيد على عدم تضرر السكان إنسانياً في مناطق سيطرة الميليشيات

رئيس الحكومة اليمنية يترأس اجتماعاً في عدن الاثنين لبحث تدابير فورية لتنفيذ قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية يترأس اجتماعاً في عدن الاثنين لبحث تدابير فورية لتنفيذ قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تناقش تدابير تنفيذ قرار تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»

رئيس الحكومة اليمنية يترأس اجتماعاً في عدن الاثنين لبحث تدابير فورية لتنفيذ قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية يترأس اجتماعاً في عدن الاثنين لبحث تدابير فورية لتنفيذ قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية (سبأ)

باشرت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن (الاثنين) نقاشاتها لاتخاذ تدابير فورية لتنفيذ قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف الميليشيات الحوثية جماعة إرهابية، مشددة على عدم تضرر السكان على الصعيد الإنساني في مناطق سيطرة الميليشيات جراء هذه التدابير.
وكان مجلس الدفاع الوطني اليمني قد أصدر قراراً بتصنيف ميليشيات الحوثي، منظمة إرهابية وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المصادق عليها من قبل اليمن، على خلفية استهداف الميليشيات لموانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.
ووجه مجلس الدفاع الوطني اليمني، الجهات ذات العلاقة باستكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، كما حذر الكيانات والأفراد الذين يقدمون الدعم والمساعدة، أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون والتعامل مع هذه الجماعة الإرهابية، وقال إنه «سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات صارمة تجاههم».
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك ترأس اجتماعاً مشتركاً، لوزارتي المالية والتخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي اليمني، لمناقشة الإجراءات التنفيذية المقترحة في الجوانب الاقتصادية والمالية لتنفيذ قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية.
وبحسب ما أوردته وكالة «سبأ» تداول الاجتماع عدداً من الأفكار والمقترحات المطلوب اتخاذها وبما يضمن عدم تأثر المواطنين وأوضاعهم الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية الإرهابية، وكلف الوزارات المعنية بالملف الاقتصادي والإنساني والبنك المركزي اليمني بالرفع بمقترحات وتقديمها إلى مجلس الوزراء للمناقشة واتخاذ ما يلزم.
وطمأنت الحكومة اليمنية، رأس المال الوطني بعدم تعرضه لأي أضرار جراء القرار، مع حرص مجلس القيادة الرئاسي على حماية القطاعين التجاري والصناعي في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية الإرهابية، واتخاذ كل ما يضمن سلاسة تدفق السلع والبضائع.
وعلى ما أفادت به الوكالة اليمنية الرسمية، وجه رئيس الحكومة باتخاذ التدابير الفورية لتنفيذ قرارات مجلس الدفاع الوطني ومجلس القيادة الرئاسي بخصوص تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية، ووضع البدائل اللازمة لتفادي انعكاسات القرار ذلك على معيشة المواطنين في مناطق سيطرة الميليشيا الإرهابية.
وقال عبد الملك إن حكومته حريصة «وبتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي على عدم تضرر المواطن العادي في مناطق سيطرة الميليشيا الإرهابية من هذا القرار».
وكانت الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط الواقعة على البحر العربي قد لقيت إدانات أممية ودولية وعربية واسعة، مع وجود دعوات يمنية للانسحاب من اتفاق «استوكهولم» ومن عناصر الهدنة المنهارة التي رفضت الميليشيات تمديدها مطلع الشهر الجاري.
الباحث اليمني والأكاديمي الدكتور فارس البيل، وصف هجمات الميليشيات الحوثية بأنها «تجسيد لسلوكها الإرهابي المتجذر» داعياً الحكومة إلى اتخاذ تدابير أكثر حزماً لوقف إرهاب الجماعة المدعومة من إيران.
وقال البيل لـ«الشرق الأوسط» إن الهجمات الحوثية «تكريس لطبيعة وجود الميليشيا، وتجديد لمهمتها الأساسية، إذ لا تقوم بهذا العمل الإرهابي وغيره لمجرد الضغط والابتزاز وحسب، بل هي هكذا بالأساس جماعة تخريب وتدمير ممنهج، منزوعة من كل القيم الإنسانية والسياسية والأخلاقية وحتى المجتمعية».
وأضاف: «ليس غريباً على الجماعة أن تدمر اقتصاد اليمن كله رغم هشاشته وهي من أفشلته منذ البداية، وليس مستبعداً أن تدمر ما استطاعت لأجل أن تخدم التوجهات الاستراتيجية الإيرانية للسيطرة والنفوذ».
ويعتقد البيل أن الميليشيات، لن تتخلى عن التدمير ولن تقترب من السلام مهما كانت التنازلات المقدمة لها من قبل الحكومة لأنها - بحسب تعبيره «تذهب دائماً في إطار مهمتها التخريبية، محلياً ومعه تهديد الأمن الإقليمي والدولي وتهديد التجارة الدولية عبر الممرات البحرية، إن لم تكن السيطرة عليها».
ويؤكد «أن أي مقايضة مع الجماعة أو تنازلات لن تؤدي إلى جذبها أو ترويضها أو تحويلها عن مهمتها» وأنه «ستفشل كل المحاولات الناعمة والأكثر نعومة لجرها لمنطقة التسوية والمشهد السياسي».
ومع أنه يرى أن موقف الحكومة بات متقدماً هذه المرة، بإعلانها الحوثيين جماعة إرهابية رغم تأخر القرار كثيراً، لكنه - برأيه - «لا يكفي، وينبغي أن تصاحبه خطوات فنية وسياسية وإدارية ومهام كبيرة لمحاصرة الميليشيا وتطويقها، والتضييق عليها».
ويشدد البيل على أن يكون قرار التصنيف «إطاراً حاسماً أمام الوسيط الدولي الذي يتكئ على تحمل الشرعية لكل ضغوطه، دون ميليشيا الحوثي، وأن يبقى هذا القرار هو الناظم في التعامل والتعاطي السياسي والدبلوماسي مع كل القنوات الدبلوماسية، والمبادرات والوساطات».
وأمام ما يصفه البيل بـ«رخاوة الوسيط الدولي» يرى أنه «يمكن الانتقال إلى الانسحاب من كل التنازلات التي قدمتها الحكومة، والمضي بإعداد واضح لمسألة الحزم السياسي والحسم العسكري».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.


التعرف على هوية 14 مصرياً من ضحايا «مركب كريت»

مهاجرون غير شرعيين داخل زورق في البحر المتوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون غير شرعيين داخل زورق في البحر المتوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

التعرف على هوية 14 مصرياً من ضحايا «مركب كريت»

مهاجرون غير شرعيين داخل زورق في البحر المتوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون غير شرعيين داخل زورق في البحر المتوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)

سلط حادث غرق مركب هجرة غير شرعية قرب سواحل اليونان الضوء على الإجراءات المصرية لمكافحة الظاهرة، بعد أن أعلنت القاهرة، الثلاثاء، مصرع 14 مصرياً، لقوا حتفهم في غرق مركب هجرة غير شرعية، أمام سواحل اليونان.

وقالت وزارة الخارجية المصرية وشؤون المصريين بالخارج، في بيان، إنها تتابع حادث غرق مركب هجرة غير شرعية «توجه من إحدى الدول المجاورة إلى اليونان»، في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، كان على متنه 34 من المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات مختلفة، بينهم 14 مواطناً مصرياً لقوا حتفهم.

واستبقت السفارة المصرية في اليونان بيان الخارجية بإعلانها، صباح الثلاثاء، التعرف على هوية 14 مصرياً من ضحايا المركب، بعد استكمال إجراءات التحقق اللازمة، مشيرة إلى أن الضحايا ينتمون إلى عدد من المحافظات المصرية.

وشددت السفارة على استمرار جهودها بالتنسيق مع الجهات المعنية في اليونان، لمتابعة تطورات الحادث، وضمان اتخاذ جميع الإجراءات الإنسانية والقانونية اللازمة.

وفي إشارة للقلق المصري من استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية من خارج الحدود، قالت رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في مصر، السفيرة نائلة جبر، لـ«الشرق الأوسط»، إن غرق 14 مواطناً مصرياً قبالة اليونان هو «خسارة فادحة» مشددة على أن الدولة المصرية لا تدخر جهداً لحماية مواطنيها، نافية بشكل قاطع خروج أي مركب للهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ عام 2016.

بينما حذرت السفارة المصرية لدى اليونان من «أن الهجرة غير الشرعية أصبحت تمثل تهديداً خطيراً على حياة المواطنين، حيث ينتهى الأمر إلى غرق المراكب التي تحملهم وفقدان أرواحهم».

السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في مصر (صفحة اللجنة)

وشددت جبر على أن اللجنة أطلقت العديد من التحذيرات الموجهة للمواطنين، بخصوص عمليات التهريب التي تستهدف المصريين، لافتة إلى أن مصر تمتلك الإطار القانوني الأقوى في المنطقة لمواجهة جريمة الهجرة غير الشرعية.

وفي إشارة لمواجهة الدولة المصرية الهجرة غير الشرعية عبر سبل مختلفة، أكدت جبر أن «القانون يحدد جريمة تهريب المهاجرين، ويضع عقوبات رادعة على المهربين، وقد تم تغليظ هذه العقوبة مرة أخرى في عام 2020، وهناك استراتيجية وطنية أقرتها الدولة وتنفذ حالياً، والخطوة الأخيرة منها تغطي الفترة من 2024 - 2026».

ووفق آخر تعديلات على قانون «مكافحة الهجرة غير الشرعية» في مصر فإنه «يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.40 جنيه في البنوك المصرية)، ولا تزيد على 500 ألف جنيه، وتصل العقوبات في بعض الحالات إلى السجن المشدد 5 سنوات، وبغرامة لا تزيد على مليون جنيه.

وأشارت جبر إلى أن الاستراتيجية ترتكز على محورين أساسيين، هما التوعية وتوفير الحلول البديلة، مضيفة: «نقوم بتنفيذ حملات توعية مكثفة، تشمل المدارس في المحافظات الأكثر تصديراً للهجرة غير الشرعية، بالتركيز على 3 عناصر محورية تشمل: ما هي الهجرة غير الشرعية؟ ما هي المخاطر؟ وما هي الحلول البديلة؟».

ولفتت إلى وجود صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر، لمساعدة الضحايا، وتقديم كل الدعم لهم، فضلاً عن تأهيلهم نفسياً واجتماعياً وإعادة دمجهم داخل المجتمع، بالإضافة إلى تمكينهم اقتصادياً حتى يستطيعوا بدء حياة جديدة آمنة ومستقرة.

وفي أعقاب الحادث الأخير، أعادت «الخارجية المصرية»، مناشداتها للمصريين، عبر بيانها، بعدم الانجرار وراء عصابات الهجرة غير الشرعية حفاظاً على أرواح المواطنين، وكذلك اتباع الطرق القانونية المتعلقة بالدخول إلى الدول الأجنبية من خلال تأشيرات دخول قانونية تجنباً لتكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.

وأكدت الوزارة، في بيانها الصادر، الثلاثاء، أنه فور ورود معلومات عن غرق المركب، كلف وزير الخارجية وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، السفارة المصرية لدى اليونان بسرعة التواصل على أعلى مستوى مع السلطات اليونانية؛ لتقديم المساعدة الممكنة لمن تم إنقاذهم من المركب، وكذلك سرعة شحن جثامين المتوفين الذين تم انتشال جثثهم وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية.

غرق مركب قرب سواحل اليونان يسلط الضوء على إجراءات مكافحة الهجرة غير الشرعية في مصر (رويترز)

وكان سفير مصر لدى اليونان، عمر عامر، أوضح في بيان، مساء الاثنين، أن السفارة تتابع مع السلطات اليونانية، تداعيات حادث غرق المركب جنوب جزيرة كريت، والذي أسفر عن وفاة وفقدان 27 من المصريين من الشباب وصغار السن، بالإضافة إلى 5 من الجنسيات الأخرى، مبيناً أنه «تم تحديد هوية 14 مواطناً مصرياً، وتجري إعادة الجثامين إلى مصر على نفقة الدولة المصرية، فى حين لا يزال هناك 13 في عداد المفقودين».

وبينما أوضحت السفارة المصرية لدى اليونان أن الضحايا يتوزعون بين محافظتي الشرقية والمنيا؛ أشار أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية، حمدي عرفة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «محافظات الشرقية والمنوفية وكفر الشيخ والغربية والجيزة، تتصدر ملف الهجرة غير الشرعية في مصر».

ووفق تقديرات عرفة، فإنه «يوجد ما يقرب من 14850 حالة سنوياً تحاول الهجرة غير الشرعية عبر الدول العربية، وكل مركب صيد مستخدم فيها يستقله ما بين 200 إلى 500 فرد، ولا توجد أي درجة من الأمان، لافتاً إلى أن متوسط السعر المدفوع للهجرة للفرد يتراوح ما بين 2600 دولار إلى 4 آلاف دولار».

وحول الحادث الأخير، قال إن الحكومة المصرية نجحت بالفعل في الحفاظ على الحدود المصرية في البحر المتوسط وتأمينها، لكن ما يحدث حالياً هو أن الخروج يتم عبر الدول المجاورة، ومنها ينطلق المهاجرون إلى أوروبا، مؤكداً أن مكافحة الهجرة غير الشرعية لا تقتصر على تأمين الحدود فقط وإقرار قوانين صارمة لمنعها، بل تعتمد بشكل أساسي على تحريك عجلة التنمية المحلية، وخلق فرص عمل للشباب، معتبراً أن الجانب الاقتصادي الداخلي هو التحدي الأكبر.