غضب يمني غداة هجوم الضبة... والحكومة تتوعد بـ«خيارات مفتوحة»

إدانات عربية ودولية ودعوات محلية لاستئناف الخيار العسكري

حطام مسيرة حوثية مفخخة أسقطها الجيش اليمني في محافظة تعز (الإعلام العسكري اليمني)
حطام مسيرة حوثية مفخخة أسقطها الجيش اليمني في محافظة تعز (الإعلام العسكري اليمني)
TT

غضب يمني غداة هجوم الضبة... والحكومة تتوعد بـ«خيارات مفتوحة»

حطام مسيرة حوثية مفخخة أسقطها الجيش اليمني في محافظة تعز (الإعلام العسكري اليمني)
حطام مسيرة حوثية مفخخة أسقطها الجيش اليمني في محافظة تعز (الإعلام العسكري اليمني)

أثار هجوم الميليشيات الحوثية على ميناء ضبة النفطي في محافظة حضرموت، وميناء رضوم في محافظة شبوة المجاورة، غضباً يمنياً واسعاً على الصعيدين الشعبي والرسمي، وتنديداً عربياً ودولياً، وسط تحركات حكومية لمحاسبة الميليشيات، ودعوات لاستئناف الخيار العسكري لإرغام الجماعة الانقلابية على خيار السلام والانصياع للمساعي الأممية.
وفي وقت رأى مراقبون يمنيون في الهجمات الحوثية «رسائل إيرانية» لتهديد أسواق الطاقة وطرق التجارة، تبنت الميليشيات الهجوم في بيان عسكري، زاعمة أنها تهدف إلى منع الحكومة اليمنية من تصدير النفط في سياق سعيها لتقاسم العائدات.
ومع تأكيد وزارة النفط اليمنية أنه تسعى إلى تأمين الموانئ وعمليات التصدير، هددت الحكومة اليمنية، في بيانها، بـ«خيارات مفتوحة» للرد على الهجمات، في إشارة إلى إمكانية استئناف العمليات العسكرية التي توقفت منذ الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، إثر الهدنة التي انتهت بعد تمديدها مرتين في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) عقب رفض الميليشيات الحوثية تمديدها وتوسيعها بموجب مقترح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ.
وقالت الحكومة اليمنية، إن الميليشيات الحوثية أقدمت (الجمعة) على «ارتكاب هجوم إرهابي بالطائرات المسيّرة والصواريخ مستهدفة ميناء الضبة النفطي بحضرموت أثناء رسو سفينة لشحن النفط الخام من الميناء».
وأوضحت أن الهجوم هو الثاني من نوعه، حيث سبق واستهدفت الميليشيات بالطيران المسيّر ميناء رضوم البترولي في محافظة شبوة بهجمتين متعاقبتين في ليلتي 18 و19 أكتوبر الحالي، ووصفت ذلك بأنه «إصرار حوثي واضح على استهداف المنشآت المدنية والتجارية في انتهاك واضح للقانون الدولي، ومن وراء ذلك استهداف للبنية التحتية الاقتصادية وللشعب اليمني ومقدراته، وتهديد سافر لإمدادات الطاقة على المستوى الإقليمي والدولي».
وأعاد البيان اليمني التذكير بحرص الحكومة على تقديم كافة التسهيلات لتجديد الهدنة الأممية، والحفاظ على الوضع القائم بعيداً عن أي تصعيد عسكري، وقال إن الميليشيات «تتجاوز كافة الخطوط الحمراء بعد أن سبق وهددت دول الجوار وكل شركات النفط العاملة في المنطقة، من كل الجنسيات، باستهداف منشآتها وبناها التحتية ووسائل النقل (...) ونبذها لكافة المبادرات والعروض المقدمة لإحلال السلام، خدمة لأجندات النظام الإيراني المارق».
واتهمت الحكومة اليمنية، الميليشيات الحوثية، بأنها «تصر على تدشين مرحلة أكثر إجراماً من الحرب وأشد وقعاً على الأزمة الإنسانية في اليمن وأكثر اضطراباً في أمن الملاحة الدولية».
وأكدت الحكومة اليمنية أن «كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع هذا الهجوم الإرهابي والتصعيد العسكري الحوثي»، مطالبة «كافة الدول باتخاذ إجراءات صارمة وقوية لإدانة هذا العمل الإرهابي، والنظام الإيراني المارق الذي يقف خلفه».
وحذرت من أنه «في حال لم يتم العمل بشكل قوي وصارم لإدانة وتلافي تكرار هذا السلوك والفعل الإرهابي، فسيؤدي ذلك إلى آثار سلبية على عملية السلام في اليمن، وعلى إمدادات واستقرار سوق الطاقة العالمي».
وزارة النفط والمعادن اليمنية أعلنت في بيان تفصيلي عدم حدوث أي أضرار مادية أو بشرية جراء الهجمات الحوثية، مشيرة إلى أن الميليشيات الحوثية أرسلت تهديدات إرهابية بالإيميل لمالك السفينة التي تحمل العلم اليوناني ما دفع إلى عدم دخول السفينة إلى ميناء الضبة.
وأكد البيان استمرار عمل كافة شركات النفط، وأن هناك تواصلاً مع الشركات الناقلة لتأمين عملية تصدير النفط الخام، ومع بقية مؤسسات الدولة لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لتأمين عملية التصدير.
- حراك دبلوماسي
وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، قاد بعد الهجمات الحوثية تحركاً على المستوى الدبلوماسي، حيث أجرى اتصالات مكثفة مع المبعوثين الأممي والأميركي وأمين عام مجلس التعاون الخليجي وسفراء أوروبيين في سياق سعيه لإيجاد ضغوط على الميليشيات وبيان موقف الحكومة.
وقال الوزير اليمني، «إن الحوثيين تجاوزوا الخطوط الحمراء»، مشدداً على ضرورة اتخاذ مواقف حازمة ضد هذا العمل الإرهابي، متهماً الميليشيات بأنها «تسعى إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية، وهو ما يجعل كل الخيارات مفتوحة أمام الحكومة للتعامل مع هذا التطور الخطير».
ونقلت المصادر الرسمية، أن بن مبارك ناقش مع المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، «تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية على كل من ميناءي رضوم والضبة النفطيين»، ووصف ذلك بأنه «يقوض كافة الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن، بما فيها مساعي تمديد وتوسيع الهدنة».
وحسب ما أوردته وكالة «سبأ»، أكد بن مبارك أن الميليشيات الحوثية تعزز من خلال هذه الهجمات القناعة بأنها لن تكون يوماً شريكاً في السلام، وإنما مجرد جماعة إرهابية تهدد السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة والعالم.
وطالب الوزير اليمني، الأمم المتحدة، باتخاذ موقف صارم وقوي ضد التهديدات الإرهابية الحوثية ومعاقبة مرتكبيها، وإيقاف ما يهدد الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
في اتصال هاتفي آخر مع المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، قال بن مبارك، إن الهجمات الإرهابية الحوثية «تقوض كافة الجهود الدولية المبذولة لإحلال السلام في اليمن أو تلك المتعلقة بمفاوضات تمديد الهدنة»، محذراً من التداعيات الكارثية على ضمان سلامة إمدادات ونقل الطاقة.
ودعا وزير الخارجية اليمني، الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، إلى «اتخاذ موقف صارم وقوي ضد التهديدات الإرهابية الحوثية وتحميل مرتكبيها المسؤولية، والعمل بما يضمن منع تكرار هذه الهجمات الإرهابية، أو اتساع نطاقها، بما قد يحمله ذلك من تهديد للأمن والسلم الدولي».
- تنديد محلي واسع
الهجمات الحوثية، وهي الأولى من نوعها التي تستهدف موانئ تصدير النفط على بحر العرب، لقيت تنديداً واسعاً على المستوى اليمني، حيث وصفتها هيئة رئاسة البرلمان اليمني بأنها «عمل إرهابي بامتياز».
وحمّل بيان هيئة رئاسة البرلمان اليمني «الميليشيات وداعميها في قلب النظام الإيراني المسؤولية (...) لجعل اليمن داخل دوامة الصراع والفوضى والحرب من أجل خدمة بقائها في اغتصاب السلطة وخدمة المصالح التوسعية للنظام الإيراني في الجزيرة العربية».
وقال البيان، «إن عدم الجدية من المجتمع الدولي بترك الحوثي يسرح ويمرح ويعبث كيف يشاء جعله يمارس الإرهاب والقتل والتدمير ونهب الإغاثة الإنسانية والإيغال في ظلم المواطنين، والعبث بهم، وإغلاق جميع منافذ الحرية والحقوق والممارسة السياسية».
إلى ذلك، صدرت بيانات تنديد مماثلة عن مجلس الشورى اليمني وهيئة التشاور والمصالحة، ومن جهات حزبية وشخصيات يمنية، وأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي. وقال عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، في تغريدة على «تويتر»، إن «باب الحوار لن يبقى مفتوحاً إلى ما لا نهاية».
وأضاف أن الحوثي الذي وصفه بـ«المجرم» يسعى «لعرقلة صرف المرتبات في المناطق المحررة، باستهدافه مصادر تمويلها، بعد أن أوقفها في صنعاء بنهبه للخزينة وإيرادات الدولة». وأكد أن «اليمنيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه البلطجة والإرهاب الذي يجري تحت سمع وبصر العالم»، وفق تعبيره.
في السياق نفسه، طالب مئات الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي باستئناف عملية التحرير، وصولاً إلى استعادة صنعاء، باعتبار ذلك هو الحل الأمثل لقطع الإرهاب الحوثي، كما طالبوا بالانسحاب من كل الاتفاقات مع الميليشيات، بما في ذلك «استوكهولم» والعودة إلى تحرير موانئ الحديدة.
- إدانات عربية ودولية
على وقع الهجمات الحوثية، حملت مصر في بيان صادر عن وزارة خارجيتها ميليشيا الحوثي مسؤولية التصعيد، وعرقلة جهود تجديد الهدنة، مؤكدة على ضرورة تخلي الجماعة عن مواقفها المتعنتة، وتجاوبها بشكل فوري مع المساعي الدولية والإقليمية لتجديد الهدنة، على النحو الذي يمهد الطريق إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق نار وإفساح المجال أمام جهود التسوية السياسية، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني.
كما حذر البيان المصري من مغبة استغلال أي طرف للظروف الدولية الراهنة لتأجيج الصراع في اليمن، وتهديد أمن واستقرار المنطقة وطرق الملاحة، أو محاولة الاستحواذ على المقدرات الاقتصادية للشعب اليمني، وشدد على دعم مصر الراسخ لوحدة اليمن وسيادته على أراضيه وتضامنها الكامل معه في مواجهة كافة التهديدات.
من جهتها، دانت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن الهجمات الحوثية بشدة، وقالت إنه «ولحسن الحظ، لم تزهق أرواح، وتمكنت السفينة من المغادرة بأمان، ولكن التهديد الصارخ للتجارة البحرية الدولية غير مقبول».
ووصف البيان الأوروبي الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية بأنه «انتهاك للمبادئ الأساسية لقانون البحار، حيث تعرض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في المنطقة للخطر، وتعيق الوصول إلى الموانئ اليمنية وتحرم اليمنيين من القدرة على تحمل تكاليف السلع الأساسية، ويمكن أن تؤثر على تدفق السلع الأساسية إلى اليمن».
وقالت، «إن السبيل للمضي قدماً هو الحد من التوترات، وخفض التصعيد، ومضاعفة الجهود لإنهاء الصراع في اليمن من خلال تسوية تفاوضية... هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان استفادة جميع اليمنيين من موارد البلاد والتمتع بمستقبل أكثر ازدهاراً. سنواصل دعم الجهود التي يقودها المبعوث الخاص للأمم المتحدة غروندبرغ لتجديد الهدنة والتوصل إلى تسوية سياسية للصراع في اليمن».


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.