القمة العربية في مواجهة أزمات المنطقة... حلول دائمة أم مؤقتة؟

القادة العرب خلال مشاركتهم في قمة تونس 2019 (رئاسة الجمهورية المصرية)
القادة العرب خلال مشاركتهم في قمة تونس 2019 (رئاسة الجمهورية المصرية)
TT

القمة العربية في مواجهة أزمات المنطقة... حلول دائمة أم مؤقتة؟

القادة العرب خلال مشاركتهم في قمة تونس 2019 (رئاسة الجمهورية المصرية)
القادة العرب خلال مشاركتهم في قمة تونس 2019 (رئاسة الجمهورية المصرية)

في الوقت الذي تواصل فيه الجزائر توجيه الدعوات للقادة العرب للمشاركة في الدروة الاعتيادية الـ31 لاجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، والمقرر عقدها في الأول والثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تثير الأزمات التي تعيشها المنطقة تساؤلات حول ما إذا كانت «قمة الجزائر» قادرة على وضع حلول، ولو مؤقتة لهذه الأزمات، في ظل تأكيدات من جانب المسؤولين العرب على أن «دولهم تواجه تحديات كبرى»، وأن القمة التي تحمل شعار «لم الشمل» تعقد في «ظروف صعبة».
وحتى الآن وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، دعوة رسميّة إلى 16 قائدا عربيا للمشاركة في القمة المقبلة، حيث تمت دعوة ملوك وحكام كل من المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، الأردن، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، وقطر، ورؤساء تونس، مصر، فلسطين، موريتانيا، العراق، جيبوتي، السودان، لبنان، وليبيا. بحسب صحيفة الشروق الجزائرية.
ويواصل المسؤولون الجزائريون توجيه دعوات القمة وسط إصرار جزائري على إنجاحها، وأكدت صحيفة «لكسبريسيون» الجزائرية، في افتتاحيتها الثلاثاء تحت عنوان «قمة التحول»، أن «الشكوك في انعقاد القمة في موعدها قد تبددت». مشيرة إلى أن «القمة ستشهد تمثيلا كبيرا، حيث أكد غالبية الرؤساء حضورهم». وقالت إنه «باختيار تاريخ الأول من نوفمبر الرمزي (ثورة التحرير الجزائرية)، راهنت الجزائر بجرأة ونجحت في هذا الرهان».
وعلى مدار الأسابيع الماضية كانت القمة العربية مثار جدل، بسبب وجود بعض القضايا الخلافية، التي كان ينظر لها باعتبارها عقبات أمام انعقاد القمة في موعدها وعلى رأسها سوريا، لكن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، حسم الجدل الدائر، وقال في تصريحات صحافية مؤخرا إنه «تم الاتفاق بشكل نهائي، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، على عقد القمة بالجزائر، في الأول والثاني من نوفمبر المقبل»، لافتا إلى «أهمية انعقاد القمة، خاصة وأنها تأتي بعد غياب 3 سنوات». مشيرا إلى أن «هناك موضوعاً كان يحلق في الأفق طوال الوقت، وهو مسألة عودة سوريا لشغل مقعدها، ولكن الجانب الجزائري قال إن دمشق تستبعد نفسها من شغل المقعد في هذه الدورة».
وتم تأجيل القمة أكثر من مرة جراء تداعيات جائحة كوفيد-19، وكانت آخر دورة في تونس عام 2019.
وتأتي القمة العربية في ظروف توصف بأنها «صعبة»، الأمر الذي دفع أمين عام الجامعة العربية للتأكيد على «ضرورة نجاحها، لا سيما في ضوء وجود العديد من المشكلات العربية. فسوريا ليس فيها ملامح حل. والعراق أجرى انتخابات ولم تؤد إلى تشكيل حكومة. وهناك مشكلة ليبيا. حيث كان هناك اقتتال داخل طرابلس».
وتسعى الجزائر لتكون القضية الفلسطينية في قلب مناقشات القمة المقبلة، ووصف السفير الفلسطيني لدى الجزائر، فايز أبو عيطة، «قمة الجزائر» بأنها «استثنائية» لكونها تسعى إلى إضافة «مخرجات جادة وحقيقية تعيد التوازن إلى المنطقة العربية»، وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية مساء الاثنين، «نعول كفلسطينيين كثيرا على نتائج هذه القمة، ونشيد عاليا بالدبلوماسية الجزائرية ومساندتها للقضية الفلسطينية».
وعلى عكس السياسيين لا يعلق الخبراء آمالا كبيرة على قمة الجزائر، ويقول سعيد عكاشة، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، لـ«الشرق الأوسط» إن «التجارب السابقة للقمم العربية يصعب معها توقع تقديم حلول لمشاكل المنطقة سواء دائمة أو مؤقتة».
ويفسر عكاشة رأيه بأن «الوضع الراهن بالمنطقة العربية يأتي وسط تغيير كثير من الدول العربية لرؤيتها للأمن القومي، ليصبح مرتكزا على أمن كل دولة على حدة، مع إمكانية التعامل مع الدول الأخرى في إطار المصالح المشتركة».
ولفت إلى أن «القمة العربية تعقد في وقت تواجه فيه الدول العربية مصادر تهديد مختلفة، فلم يعد الأمر قاصرا على العدو الواحد، بل أصبحت هناك تهديدات متعددة تتعلق بالإرهاب، والأزمات الداخلية، والأوضاع الاقتصادية، وغيرها، الأمر الذي تنتفي معه دافعية العمل العربي المشترك».
أما الصحافي والمحلل السياسي الجزائري، نور الدين ختال، فقد أكد «صعوبة أن تنجح قمة الجزائر في حل مشاكل العرب في الظروف الحالية، لسببين: أولهما تشعب هذه المشاكل من الوضع في العراق شرقا وصولا إلى المغرب غربا، وثانيهما لتنامي قوة أعداء العروبة بعدد من الدول العربية وهذا التيار الفكري يعمل على عرقلة كل الجهود العربية - العربية».
ومع ذلك يؤكد ختال في الوقت نفسه أن «لقاء القادة العرب في الجزائر، سيكون فرصة لإذابة الجليد المتراكم خلال السنوات الماضية»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «بالفعل إن رأب الصدع وحل الخلافات العربية - العربية أمر صعب، لكنه ممكن والجميع شاهد كيف حل الخلاف بين السعودية - الإمارات - البحرين - مصر من جانب، وقطر من جانب آخر». مستشهدا بزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا إلى قطر بعد سنوات من الخلاف والمقاطعة.
ومؤخرا أشارت تقارير إعلامية إلى أن «ملك المغرب سيحضر القمة»، فيما بدا أنه إشارة إيجابية في ظل قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر منذ نهاية العام الماضي، الأمر الذي أثار كثيرا من التساؤلات حول حجم تمثيل المغرب في القمة.
ويقول ختال إن «حضور ملك المغرب محمد السادس، مرهون بمدى نجاح المغرب في تليين موقف الجزائر»، مشيرا إلى أن «السلطات الجزائرية تنفي وجود أي وساطة لحل الأزمة مع المغرب، لا خليجية ولا أوروبية ولا أفريقية، لأن أسبابها في قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ما زالت قائمة». موضحا «أبرز أسباب الخلاف ومن بينها ما ترى الجزائر أنه تآمر إسرائيلي عليها عبر المغرب، والتحقيق القضائي بجريمة اختراقه لعدد من هواتف المسؤولين الجزائريين عن طريق استخدام برنامج (بيغاسوس الإسرائيلي)، وآخر هذه الملفات التي تحول دون تقارب جزائري - مغربي هو إعلان المغرب تأييده لحركة (الماك) الانفصالية المصنفة إرهابية في الجزائر، الأمر الذي تطالب الجزائر بتوضيح له منذ عام».


مقالات ذات صلة

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

العالم العربي الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

تتواصل التحضيرات للقمة العربية الـ32 والمقرر انعقادها بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو (أيار) المقبل، ورأى مراقبون ومسؤولون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن «ملفات مرتقبة تفرض نفسها على أجندة القمة، استجابة لمتغيرات إقليمية ودولية ضاغطة على الساحة العربية، في مقدمتها القضية الفلسطينية، وبلورة موقف شامل إزاء تزايد حدة الاستقطاب الدولي بعد عام على اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية»، فضلاً عن ملفات الأمن الغذائي. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أكد في تصريحات صحافية خلال زيارته للبنان منتصف الشهر الحالي، أن مؤتمر القمة العربية سيعقد في شهر مايو المقبل في المملكة العربية

العالم العربي المندلاوي مستقبلاً جبالي في بغداد أمس (واع)

بغداد تحتضن أعمال المؤتمر الـ34 للاتحاد البرلماني العربي

تنطلق في العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في دورته الرابعة والثلاثين، وينتظر أن تشارك فيه معظم البرلمانات العربية. ويتوقع المراقبون والمهتمون بالشأن السياسي العراقي أن تساهم استضافة بغداد لأعمال المؤتمر، بعد غياب استمر لأكثر من ثلاثة عقود، في تعزيز دور العراق عربيا وإقليميا، و«تعزيز التعاون البرلماني العربي باعتباره مرتكزاً جوهرياً في التضامن العربي» كما تنص على ذلك ديباجة الأهداف التي تأسس الاتحاد بموجبها عام 1974.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)

السيسي وشي يناقشان التحديات الإقليمية والعالمية على هامش «قمة الرياض»

على هامش مشاركته في فعاليات «القمة العربية - الصينية» بالرياض، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، جلستَي مباحثات مع قادة الصين والعراق، تناولت المستجدات على الساحة الإقليمية والعالمية، والتحديات التي تواجه الشرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون الثنائي. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة المصرية، في بيان صحافي، إن «الرئيس المصري، اجتمع (الخميس)، مع نظيره الصيني شي جينبينغ، لتبادل الرؤى إزاء تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة». وأضاف راضي أن الرئيس الصيني «ثمّن الدور المصري الرائد في صون السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، سواء

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مؤتمر صحافي مشترك للأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية الجزائري في ختام القمة أمس (أ.ب)

«إعلان الجزائر»: تأكيد الثوابت ورفض التدخلات

أعاد البيان الختامي للقمة العربية، التي عقدت في الجزائر، التأكيد على ثوابت مركزية القضية الفلسطينية والعمل العربي المشترك ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. وأكد «إعلان الجزائر» تبني ودعم سعي دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، كما شدد على التمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وتبنتها قمة بيروت عام 2002 «بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية». وأعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان،

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي القمة العربية اختتمت أعمالها في الجزائر أمس (رويترز)

اختتام قمة الجزائر... والرياض تستضيف النسخة المقبلة

اختتم القادة والزعماء العرب أعمال القمة العربية الـ31 بجلسة ختامية تحدث فيها عدد من الزعماء العرب، عن قضاياهم الوطنية والقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك، فيما أعلن أن المملكة العربية السعودية سوف تستضيف القمة التالية. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول المتحدثين في الجلسة الختامية للقمة، وطالب السيسي بـ«ضرورة تعزيز وحدة الصف العربي لمنع التدخلات الخارجية ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية». وأوضح أن عدم الاستقرار في دول المشرق وفلسطين تمتد آثاره لدول المغرب العربي، مؤكدا أن مصر ترغب في الدعم العربي للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا في أسرع وقت.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.


بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
TT

بعد 9 أشهر... الحوثيون يعترفون بمقتل قادة طيرانهم المسيّر

مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)
مركبات عسكرية تحمل نعوشاً وصوراً لكبار قادة الحوثيين العسكريين الذين قُتلوا في غارة جوية أميركية (إ.ب.أ)

بعد 9 أشهر من الإنكار والتكتم، أقرّت الجماعة الحوثية بخسارة إحدى أهم وحداتها القتالية، مع تشييع قائد سلاح الطيران المسيّر اللواء زكريا حجر وعدد من أبرز معاونيه، الذين يرجح أنهم قُتلوا في غارة أميركية استهدفتهم داخل أحد المنازل بحي الجراف شرق صنعاء خلال شهر رمضان الماضي.

الاعتراف الحوثي المتأخر أعاد فتح ملف الخسائر العسكرية الثقيلة التي مُني بها جناح الجماعة العسكري، وكشف جانباً من حجم الضربات التي طالت بنيته القيادية والتقنية خلال الأشهر الماضية.

وجاء هذا الإقرار من قبل الجماعة المتحالفة مع إيران بعد أشهر من إقرار مماثل بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد الغماري، عبر مراسم تشييع نُظمت في صنعاء.

وشملت مراسم تشييع حجر، التي أقيمت الخميس، كلاً من مدير العمليات في وحدة الطيران المسيّر اللواء محمد الحيفي، واللواء عبد الله حجر، والعميد أحمد حجر، والعميد حسين الهاشمي. ويُعد هؤلاء من أبرز القادة في وحدة الطيران المسيّر التي أُنشئت بإشراف وتدريب مباشر من الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني، وشكّلت خلال السنوات الماضية أحد أهم أذرع الحوثيين في تنفيذ الهجمات العابرة للحدود.

الحوثيون تعمّدوا التكتم على خبر مقتل حجر 9 أشهر (إعلام محلي)

وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تُعد ثاني أكبر خسارة تعترف بها الجماعة بعد مقتل الغماري، فإن اللافت في مراسم التشييع كان الغياب شبه الكامل للقيادات العسكرية البارزة. إذ غاب وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي، الذي تُرجّح مصادر إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للحكومة غير المعترف بها في نهاية أغسطس (آب) الماضي، ومنذ ذلك الحين اختفى عن الأنظار.

كما غاب رئيس هيئة الأركان الجديد يوسف المدني، إلى جانب معظم القادة العسكريين، واقتصر الحضور على مفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الحكومة غير المعترف بها محمد مفتاح، في مؤشر فسّره مراقبون بحجم الإرباك الذي تعانيه القيادة العسكرية للجماعة.

ضربات موجعة

يرى مراقبون عسكريون أن الهجمات الأميركية التي استهدفت مخابئ القادة الحوثيين ومخازن أسلحتهم ومراكز القيادة والسيطرة، قبل التوصل إلى هدنة بين الطرفين، كادت أن تُخرج القوة الصاروخية وسلاح الطيران المسيّر عن الخدمة. فقد خسر الحوثيون خلال تلك الضربات أبرز كوادرهم المتخصصة، من قائد الوحدة ومسؤول العمليات والدراسات، إلى المسؤولين التقنيين والمشرفين على ورش تركيب وتجهيز الطائرات المسيّرة، إضافة إلى مختصين بعمليات الإطلاق والتوجيه.

غياب القادة العسكريين لجماعة الحوثي عن مراسم التشييع (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، وصفت منصة «ديفانس أونلاين» المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية زكريا حجر (39 عاماً) بأنه خبير محوري في منظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر لدى الحوثيين، وأحد الفنيين الذين عملوا إلى جانب خبراء ومستشارين من «الحرس الثوري» و«فيلق القدس»، إضافة إلى جنسيات عربية، على تطوير القدرات القتالية للجماعة.

وأشارت المنصة إلى أن حجر يرتبط بعلاقة مصاهرة مع عائلة عبد الملك الحوثي، وأن عدداً من إخوته وأفراد أسرته يشغلون مواقع مهمة داخل هياكل الجماعة.

وحسب المعلومات، جرى تعيين حجر عقب اجتياح صنعاء ضمن هياكل وزارة الدفاع التابعة للجماعة، ومنح رتبة عسكرية رفيعة، قبل أن يتولى الإشراف على برنامج الطيران المسيّر ضمن منظومة «القوة النوعية» المرتبطة بالمجلس الجهادي للحوثيين. وتؤكد مصادر متطابقة أن هذه الوحدة لعبت دوراً رئيسياً في الهجمات التي استهدفت العمق اليمني ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية.

اعترافات متأخرة

تشير منصة «ديفانس أونلاين» إلى أن حجر يُعد من العناصر المطلوبين للقضاء اليمني، وقد ورد اسمه ضمن قائمة قيادات خضعت للمحاكمة أمام القضاء العسكري في مأرب منذ مطلع 2022، بتهم تتعلق بالتمرد والقتل والإرهاب.

كما أدرجه التحالف الداعم للشرعية ضمن قوائم الإرهاب في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى جانب أربعة آخرين، لارتباطهم المباشر بعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتهريب الأسلحة الإيرانية، والمشاركة في الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

ويؤكد الصحافي المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن وحدة الطيران المسيّر تلقت «ضربات قاتلة» جراء الغارات الأميركية التي نُفذت خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح أن حجر قُتل في غارة استهدفت منزلاً بحي الجراف، ومعه اثنان من أبرز مساعديه، أثناء تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان، إلا أن الجماعة فرضت تعتيماً مشدداً على هوية المستهدفين.

ناشطون حوثيون كشفوا عن مقتل ثمانية من أشقاء حجر خلال تجنيدهم مع الجماعة (إكس)

وفي نعي آخر، أقرت قيادات حوثية بأن حجر قُتل قبل مصرع محمد الغماري، الذي يُرجّح أنه لقي حتفه في غارة استهدفت منزلاً بحي حدة جنوب صنعاء، كان الحوثيون قد استولوا عليه وحولوه إلى مركز للعمليات العسكرية، رغم ترويج شائعات آنذاك عن نجاته ومغادرته المكان قبل دقائق من الضربة.

وتجمع مصادر حكومية ومراقبون على أن هذه الخسائر القيادية والتقنية كانت عاملاً رئيسياً وراء عرض الحوثيين هدنة مع الجانب الأميركي، التزموا بموجبها بوقف استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل وقف الضربات الأميركية التي استهدفت قيادات مهمة في جناحهم العسكري، ودمرت مخازن سرية للأسلحة ومراكز للقيادة والسيطرة في صنعاء وصعدة والحديدة.

ويذهب هؤلاء إلى أن الاعتراف المتأخر بمقتل قادة الطيران المسيّر يعكس حجم الضرر الذي أصاب أحد أهم أذرع الجماعة، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الصفوف تحت ضغط الخسائر.