تجدد المواجهات بين أرمينيا وأذربيجان... يريفان تحصي قتلاها وباكو تؤكد تحقيق أهدافها

موسكو توسطت للتهدئة... وباريس عازمة على نقل الملف إلى مجلس الأمن

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مجتمعاً بكبار القادة أمس (رويترز)
رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مخاطباً البرلمان (رويترز)
الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مجتمعاً بكبار القادة أمس (رويترز) رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مخاطباً البرلمان (رويترز)
TT

تجدد المواجهات بين أرمينيا وأذربيجان... يريفان تحصي قتلاها وباكو تؤكد تحقيق أهدافها

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مجتمعاً بكبار القادة أمس (رويترز)
رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مخاطباً البرلمان (رويترز)
الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مجتمعاً بكبار القادة أمس (رويترز) رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مخاطباً البرلمان (رويترز)

قتل العشرات من الجنود الأرمن ليل الاثنين - الثلاثاء جراء مواجهات حدودية بين أرمينيا وأذربيجان، هي الأكثر دموية منذ الحرب بين الدولتين الواقعتين في القوقاز في 2020 بسبب نزاعهما على ناغورني قره باغ. وفي وقت شجبت يريفان «العدوان»، أعلنت باكو أنها «حققت كل أهدافها» على الحدود إثر المواجهات.
وفي خطابه أمام البرلمان في يريفان، قال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أمس: «حتى الساعة، لدينا 49 جندياً قُتلوا (...) وللأسف ليس هذا العدد النهائي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن باشينيان قوله أمام البرلمان الأرميني: «في هذا التصعيد، تقوض أذربيجان عملية السلام» الجارية بين يريفان وباكو بوساطة الاتحاد الأوروبي.
وخلال محادثات أجراها مع عدة قادة أجانب من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شجب باشينيان «عدوان» باكو، داعياً المجتمع الدولي إلى الرد.
وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية لاحقاً أن حدة المواجهات «تراجعت إلى حد كبير»، لكن الوضع «لا يزال شديد التوتر»، رغم وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه موسكو. وكانت أعلنت صباحاً أن «المعارك اندلعت صباح الثلاثاء في نقاط حدودية عدة، بينما تسعى قوات باكو إلى التقدم داخل الأراضي الأرمينية». وأضافت في بيان أن «القوات الأذربيجانية تواصل استخدام المدفعية وقذائف هاون وطائرات من دون طيار وبنادق من العيار الثقيل»، متهمة باكو باستهداف «بنى تحتية عسكرية ومدنية».

رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مخاطباً البرلمان (رويترز)

وعلى الجانب الآخر، أفاد مكتب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في بيان أن أذربيجان «حققت كل أهدافها» على الحدود مع أرمينيا بعد المواجهات غير المسبوقة منذ الحرب في خريف 2020، وقال إن «الاستفزازات التي قامت بها القوات الأرمينية على الحدود بين البلدين تم صدها، كل الأهداف تحققت»، مشيراً إلى أن «مسؤولية التصعيد تقع بالكامل على القادة السياسيين الأرمن». وأعلنت أذربيجان لاحقاً مقتل 50 من جنودها في المواجهات.
ويعكس القتال الجديد الذي اندلع ليل الاثنين – الثلاثاء، مدى تقلب الوضع، بينما يُهدد أيضاً بعرقلة عملية السلام التي تتوسط فيها أوروبا.
كما يأتي هذا الاندلاع في وقت تنشغل فيه روسيا، الحَكَم التقليدي في المنطقة، بهجومها العسكري في أوكرانيا.
وتعتبر روسيا القوة الرئيسية في القوقاز وحليفاً لأرمينيا من خلال منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا والتي اجتمعت أمس لبحث الوضع.
وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إنهاء القتال. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين: «لا يمكن إغفال دور روسيا الاتحادية ودور بوتين شخصياً». وأضاف «من الطبيعي أن يبذل الرئيس قصارى جهده للمساعدة في تهدئة التوترات على الحدود».
وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في وقت سابق أمس أن موسكو تفاوضت على وقفٍ لإطلاق النار. وقالت في بيان: «نتوقع احترام الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بعد وساطة روسية لوقف إطلاق النار ابتداءً من الساعة التاسعة بتوقيت موسكو (06:00 ت غ)»، معربة عن «قلقها البالغ بشأن التدهور الحاد في الوضع».
كما أعلن رئيس اللجنة الدولية لمجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين أن أذربيجان وأرمينيا توصلتا إلى هدنة، بفضل جهود روسيا.
ورغم أن الاشتباكات بين البلدين تقع بانتظام منذ نهاية حرب 2020 على طول حدودهما المشتركة، إلا أن مواجهات الثلاثاء تشكل تصعيداً.
ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن المسؤولية عن هذه التطورات. وتتهم أذربيجان أرمينيا بارتكاب «أعمال عدائية واسعة النطاق»، مشيرة إلى أن قذائف الهاون تسببت بـ«خسائر» في صفوفها. أما أرمينيا فاتهمت أذربيجان ببدء الأعمال العدائية عبر «قصف مكثف» لمواقعها في اتجاه مدن عدة مثل غوريس وسوتك.
وأعربت الولايات المتحدة خلال الليل عن «قلقها البالغ»، داعية إلى وقف فوري للقتال بين باكو ويريفان. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: «لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع».
فيما دعت تركيا أرمينيا إلى «التوقف عن استفزازاتها ضد أذربيجان والتركيز على مفاوضات السلام».
كذلك، كشفت باريس عن عزمها على نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي الذي تترأسه فرنسا للشهر الحالي دون الكشف عن تاريخ محدد.
وقالت مصادر الإليزيه إن اتصالاً هاتفياً حصل بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا باشينيان، وإن الأول دعا الطرفين إلى «الاحترام الصارم لوقف إطلاق النار» المبرم بين البلدين منذ الحرب السابقة بينهما، وحض الطرف الأذربيجاني على «احترام سلامة الأراضي الأرمينية».
كذلك أفادت مصادر الإليزيه باستعداد الرئيس ماكرون للتواصل مع رئيس جمهورية أذربيجان، إضافة إلى استعداده للتوسط بين الطرفين المتقاتلين من أجل «إيجاد حلول» لخلافاتهما «حصراً عبر المفاوضات». وأبدت باريس الاستعداد للمساهمة النشطة في هذه الجهود «بالتعاون مع الشركاء والأطراف المعنية».
ورغم أن باريس تطرح نفسها وسيطاً بين الطرفين المتقاتلين، فإنها تعد داعمة لأرمينيا. وتعيش في فرنسا جالية أرمينية كثيرة العدد وذات تأثير على سياسة فرنسا إن إزاء تركيا أو إزاء أذربيجان.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف الأعمال العدائية بين أرمينيا وأذربيجان. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان «من الضروري أن تتوقف الأعمال العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات»، مضيفا أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يجري اتصالات مع قادة البلدين «وسأجتمع اليوم مع وزيري خارجية» الدولتين.
ودعت إيران جارتيها أرمينيا وأذربيجان إلى «ضبط النفس». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني إن «وزارة الخارجية (الإيرانية)، مع إبداء قلقها إزاء تصاعد التوترات والنزاعات الحدودية بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا، تدعو إلى ضبط النفس وحل الخلافات بين البلدين سلميا وفق القانون الدولي». وجدد في بيان رفض الجمهورية الإسلامية «أي تعديل للحدود» بين أذربيجان وأرمينيا، مشدداً على ضرورة «احترام وحدة أراضي البلدين».
ولا تزال العلاقات المعقدة تاريخياً بين يريفان وباكو تتوتر بسبب النزاع على ناغورني قره باغ، وهي منطقة تقطنها غالبية أرمينية، انفصلت عن أذربيجان بدعم من أرمينيا.
وبعد حرب أولى أسفرت عن 30 ألف قتيل مطلع التسعينات، تواجهت أرمينيا وأذربيجان في خريف العام 2020 حول ناغورني قره باغ. وأسفرت الحرب الأخيرة عن مقتل نحو 6500 شخص وانتهت بهدنة تم التوصل إليها بوساطة روسية.
وتنازلت يريفان عن أراضٍ كبيرة لأذربيجان، كجزء من الاتفاق مع أذربيجان الذي تضمن أيضاً نشر قوات حفظ سلام في ناغورني قره باغ.
ونُظر إلى هذه النتيجة على أنها إذلال في أرمينيا، حيث يطالب عدد من أحزاب المعارضة باستقالة باشينيان منذ ذلك الحين، متهمين إياه بتقديم الكثير من التنازلات لباكو.


مقالات ذات صلة

واشنطن تواصل وساطتها بين أذربيجان وأرمينيا

العالم واشنطن تواصل وساطتها بين أذربيجان وأرمينيا

واشنطن تواصل وساطتها بين أذربيجان وأرمينيا

واصلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وساطتها سعياً إلى تسوية على إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، في خطوة ردت عليها موسكو بالتأكيد على أنه «لا بديل» عن وساطتها في هذه القضية.

علي بردى (واشنطن)
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم أرمينيا تدعو روسيا إلى مواصلة السيطرة على طريق حيوي في ناغورني قره باغ

أرمينيا تدعو روسيا إلى مواصلة السيطرة على طريق حيوي في ناغورني قره باغ

دعا رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان اليوم (الخميس) روسيا، الوسيط في النزاع مع أذربيجان، إلى الحفاظ على سيطرتها على طريق حيوي في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، حيث أقامت باكو مؤخراً نقطة تفتيش، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. منذ وقف إطلاق النار في العام 2020، نشرت روسيا في ناغورني قره باغ كتيبة من قوات حفظ السلام لتضمن حركة المرور في ممر لاتشين، وهو الشريان الوحيد الذي يربط أرمينيا بهذه المنطقة الانفصالية ذات الغالبية الأرمينية. لكن أقامت أذربيجان الأحد الماضي نقطة تفتيش على مدخل الممر، وهو أمر غير مسبوق. وقبل ذلك، اتهمت أرمينيا باكو بقطع هذا الطريق الحيوي منذ نحو ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم أرمينيا تشكو أذربيجان لمحكمة العدل الدولية

أرمينيا تشكو أذربيجان لمحكمة العدل الدولية

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، اليوم الأربعاء، أن أرمينيا قدمت شكوى لمحكمة العدل الدولية بشأن إقامة أذربيجان نقطة تفتيش عند بداية ممر لاتشين. وهذا الممر هو الطريق الوحيد الذي يربط بين أرمينيا وإقليم ناغورني قرة باغ، وهو إقليم معترف به دوليا كجزء من أذربيجان إلا أن غالبية سكانه من الأرمن. ودارت حرب خاطفة بين أرمينيا وأذربيجان، وهما جمهوريتان سوفياتيتان سابقتان تقعان في منطقة القوقاز، خريف عام 2020 للسيطرة على ناغورني قره باغ. وأدى هذا النزاع إلى هزيمة عسكرية لأرمينيا واتفاق لوقف إطلاق النار برعاية روسيا التي نشرت قوات لحفظ السلام.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم اتهامات متبادلة بين أذربيجان وأرمينيا ترفع التوتر في جنوب القوقاز

اتهامات متبادلة بين أذربيجان وأرمينيا ترفع التوتر في جنوب القوقاز

أعربت موسكو عن «قلق بالغ» بعد تعرض اتفاق وقف النار بين أرمينيا وأذربيجان إلى هزة قوية.

رائد جبر (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.