لا نتائج دقيقة في وفاة عرفات بعد 18 عاماً من التحقيق

رداً على تسريبات ضمن حرب الخلافة داخل «فتح»

عرفات خلال رحلته العلاجية الأخيرة من غزة الى فرنسا (أرشيفية)
عرفات خلال رحلته العلاجية الأخيرة من غزة الى فرنسا (أرشيفية)
TT

لا نتائج دقيقة في وفاة عرفات بعد 18 عاماً من التحقيق

عرفات خلال رحلته العلاجية الأخيرة من غزة الى فرنسا (أرشيفية)
عرفات خلال رحلته العلاجية الأخيرة من غزة الى فرنسا (أرشيفية)

قال اللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس لجنة التحقيق في قضية وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، إن لجنة التحقيق التي يرأسها لم تنته بعد من التحقيقات، ولم تتوصل لنتائج دقيقة وموضوعية وقاطعة في هذه المسألة.
وأكد الطيراوي، أنه لا أحد يملك معلومات صحيحة أو حصرية ولا سرية بهذا الخصوص، نافياً تسريبات تزعم وجود معلومات حول أشخاص لهم علاقة باغتيال عرفات. وبحسب القيادي، فإن اللجنة ستقدم التقرير حول نتائج التحقيق، للرئيس الفلسطيني واللجنة المركزية لحركة فتح، «بعد الوصول إلى الحقيقة الدامغة فقط». ودعا الطيراوي، الفلسطينيين إلى ضرورة توخي الحذر والدقة، واستقاء المعلومة من مصدرها، لتجنب إحداث بلبلة في الشارع الفلسطيني لما لهذه القضية من «حساسية وانعكاسات على المستوى الاجتماعي والوطني والسياسي». ووعد من جهته، بمواصلة التحقيق بشكل مهني ومسؤول لحين الوصول إلى الحقيقة التامة والأكيدة، «ليتسنى لشعبنا محاكمة المجرمين في المحاكم الفلسطينية بالشكل القانوني السليم، وإنزال العقوبة التي يستحقونها بهم، وفاءً لدماء أبو عمار».
وكان الطيراوي يرد على تسريبات محدودة لم تلقَ صدى كبيراً، حول وجود معلومات سرية ستنشر في هذا الصدد، وذلك ضمن حرب الخلافة القائمة داخل حركة فتح. وتضمنت التسريبات معلومات أيضاً أن الملف سيسحب من الطيراوي نفسه. ويحيي الفلسطينيون كل عام ذكرى عرفات الذي توفي في مستشفى فرنسي في باريس، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 بعد أن تدهورت صحته بشكل مفاجئ، وبطريقة اتهم معها الفلسطينيون، إسرائيل، بالتخلص منه. ويتهم المسؤولون الفلسطينيون، إسرائيل، باغتيال عرفات عبر دس السم له، لكن من دون أي دليل قاطع، بعد 18 عاماً على عمل اللجنة المكلفة بالتحقيق في ظروف وفاته.
وكانت السلطة قد شكلت لجنة تحقيق في ظروف وفاة عرفات، من أجل التوصل إلى كيفية دس السم له، وهي فرضية عززتها ظروف ما قبل وأثناء وبعد رحيل عرفات، وفحوص مخبرية لاحقة وجدت أثراً لمادة البولونيوم المشع على مقتنياته. وأعلن الطيراوي قبل أعوام قليلة، أنهم «قريبون من إعلان الحقيقة»، وقبل ذلك قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه يعرف قاتل عرفات لكنه لم يعطِ اسماً.
ويعد إعلان المتورطين في فرضية التآمر على عرفات، المطلب الفصائلي والشعبي الأول في كل ذكرى له. وخلال سنوات سابقة، استدعت لجنة التحقيق التي ترأسها الطيراوي، مقربين ورجال أمن كانوا يحيطون بعرفات واستجوبتهم، كما أخذت عينات من رفاته لتعزيز فرضيات حول موته مسموماً أو نفيها، لكنها لم تصل إلى نتائج أو تعلن أي شيء.
وفي عام 2012 أجرى خبراء فرنسيون وسويسريون وروس، تحاليل بالاعتماد على أغراضه الشخصية ورفاته، وقال الخبراء السويسريون إن النتائج «تدعم وتنسجم مع فرضية تسميمه بمادة البولونيوم»، لكن من دون أن يؤكدوا بشكل قاطع أن هذه المادة سببت وفاته. وبعد ذلك، طالب عباس بتشكيل لجنة تحقيق دولية في وفاة عرفات، لكن ذلك لم يحدث.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

فضح وحشية السجون السورية ولم يسكته «السجانون»... مازن حمادة «الميت المتكلم»

مازن حمادة في مقابلة أجريت معه فضح خلالها الإجرام والوحشية في السجون السورية (إكس)
مازن حمادة في مقابلة أجريت معه فضح خلالها الإجرام والوحشية في السجون السورية (إكس)
TT

فضح وحشية السجون السورية ولم يسكته «السجانون»... مازن حمادة «الميت المتكلم»

مازن حمادة في مقابلة أجريت معه فضح خلالها الإجرام والوحشية في السجون السورية (إكس)
مازن حمادة في مقابلة أجريت معه فضح خلالها الإجرام والوحشية في السجون السورية (إكس)

تداول ناشطون وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لجثة تعرضت للتعذيب بأحد السجون التابعة لنظام الرئيس السوري السابق، تعود للناشط السوري مازن حمادة، مما يؤكد قتله تحت التعذيب بعد سنوات من عودته إلى سوريا وغياب أي معلومات عنه في السنوات الأخيرة.

وعثر على جثة «أيقونة الثورة السورية»، كما يصفه البعض، بين عشرات الجثث التي قتلت حديثاً والتي وُجدت في مستشفى حرستا العسكري بريف دمشق الاثنين، ويعتقد أنها تعود لمعتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة والملقب بـ«المسلخ البشري».

مازن حمادة أمام مبنى صحيفة «واشنطن بوست»... (إكس)

وعلى «فيسبوك»، أعلنت جود، ابنة شقيق مازن حمادة، أنه عثر على جثة الناشط السوري البارز بأحد مستشفيات دمشق.

وكتبت جود أن جثمان مازن ملقى في مشفى حرستا منذ أسبوع، وعلقت: «لو كان بإمكانك أن تتحمل هذا الأسبوع فقط يا حبيبي... وداعاً مازن... وداعاً أيها الصادق... وداعاً أيها النبيل».

فمن هو مازن حمادة؟

عندما اجتاح الربيع العربي سوريا عام 2011، كان مازن، المنحدر من محافظة دير الزور شرق سوريا، والذي كان حينها في الـ33 من عمره، يعمل فنياً في مجال النفط بالقرب من مسقط رأسه شرق محافظة دير الزور.

كان السوريون حينها قد استلهموا فكرة إسقاط الرئيس من تونس ومصر، وهكذا نزل الشعب إلى الشوارع في مختلف أنحاء البلاد للمطالبة بخلع بشار الأسد الذي حكمت أسرته سوريا لأكثر من 4 عقود حينها.

وكان حمادة وجهاً معروفاً للاحتجاجات السورية خلال الربيع العربي آنذاك. واشتهر بمعارضته الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته وجيشه.

وفي المقابلات التي أجريت معه فيما بعد كان يصف الأيام الأولى للاحتجاجات، وقال في الفيلم الوثائقي: «المختفون قسرياً في سوريا» الذي صدر في عام 2016: «عندما ترى المظاهرات، يطير قلبك من الفرح. أقسم ألا أحد كان يصدق حدوث ذلك».

لفتت نشاطات مازن في سوريا بصفته متظاهراً وصحافياً يتحدث إلى المحطات الإخبارية الأجنبية، انتباه الحكومة السورية إليه. واعتُقل مازن، كما سجن الآلاف من الأشخاص الذين شاركوا في المظاهرات.

الاعتقال والعذابات

اعتقل مازن مرتين، ولكن لفترات قصيرة في مدينته دير الزور، قبل انتقاله إلى دمشق في عام 2012، حيث اعتقل هناك مجدداً، ونقل إلى مقر المخابرات الجوية المخيف في حي المزة، وهناك بدأ الكابوس الذي عاشه.

بعد الإفراج عنه عام 2014 اختار مازن حمادة أن يغادر البلاد إلى أوروبا؛ حيث حصل على اللجوء في هولندا.

ومنذ ذاك الحين نشط مازن حمادة في أوروبا لتعرية أساليب وطرق التعذيب داخل السجون السورية.

بوجه شاحب وسواد يغرق مقلتيه وجسد نحيل ودمعة لا تفارق خده، ظهر مازن حمادة في مقابلات تلفزيونية يحكي قصصاً مرعبة عما تعرض له من ترهيب وتعذيب داخل السجون السورية.

حكى مازن في المقابلات كيف كسر الحراس أضلاعه عندما قفزوا فوق جسده، وكيف أحرقوا جلده بأعقاب السجائر، وكيف كان جسمه يهتز بفعل الصعقات الكهربائية... وكيف اغتُصب.

انهمرت الدموع من عينيه وهو يقول في الفيلم الوثائقي: «المختفون قسرياً في سوريا»: «لن أرتاح حتى أراهم إلى المحكمة، حتى ولو دفعت حياتي ثمناً لذلك. سألاحقهم وأحاكمهم، مهما كلفني ذلك».

في إحدى المقابلات، ولدى سؤاله: «ما شعورك تجاه الذين عذبوك؟» انهمرت دموعه وأجاب: «لا بد من أن آخذ حقي وأحاكمهم».

وبعد تقديم شهادته الشهيرة، أطلق ناشطون عليه لقب «الميت المتكلم» لأنه نجا من الموت الذي يهدد أي معتقل في سجون الأسد، وكذلك لتعابير وجهه الجامدة والحزينة والآثار النفسية التي خلفها فيه التعذيب في السجون السورية.

العودة اللغز

عام 2020، عاد مازن حمادة إلى سوريا، ليُعتقل من مطار دمشق، واختفى أثره منذ ذلك الحين قبل أن تظهر جثته داخل غرفة التبريد في مستشفى حرستا بريف دمشق.

وتبقى قصة قرار عودة حمادة إلى سوريا مجدداً بعد ما تعرض له من تعذيب في السجون السورية لغزاً، فمازن قرر بشكل مفاجئ عام 2020 العودة من هولندا إلى سوريا، عقب «محاولات إقناع عدة مورست عليه من قبل دمشق، بينما كان في حالة نفسية سيئة»، وفق ما أكدت ابنة أخيه جود حمادة في مقابلة تلفزيونية الثلاثاء.

من تشييع مازن حمادة في سوريا (إكس)

أحيا سقوط الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي الآمال في العثور عليه، بينما كانت الفصائل المسلحة تخلع أبواب السجون وتطلق سراح مئات المعتقلين. إلا إنه عثر على حمادة جثة هامدة في أحد مستشفيات العاصمة. ورغم قتله لإسكاته، فإن «السجانين» فشلوا مجدداً، فرسمت الكدمات وآثار التعذيب التي ظهرت على جسده صورة التعذيب الذي تعرض له.