رقم قياسي في عدد المعتقلين بلا تهمة في سجون إسرائيل

723 معتقلاً إدارياً بينهم امرأتان و12 طفلاً

وقفة وسط رام الله دعماً للمعتقل الإداري خليل عواودة في 11 أغسطس (وفا)
وقفة وسط رام الله دعماً للمعتقل الإداري خليل عواودة في 11 أغسطس (وفا)
TT

رقم قياسي في عدد المعتقلين بلا تهمة في سجون إسرائيل

وقفة وسط رام الله دعماً للمعتقل الإداري خليل عواودة في 11 أغسطس (وفا)
وقفة وسط رام الله دعماً للمعتقل الإداري خليل عواودة في 11 أغسطس (وفا)

كشفت مصلحة السجون الإسرائيلية، أنها تضم في سجونها رقماً قياسياً فيما يعرف بـ«المعتقلين الإداريين»، الذين يقبعون في الأسر من دون تهمة ولا محاكمة، يبلغ 723 معتقلاً. ويتضح من تقريرها أن هذا العدد الأعلى منذ عام 2008، إذ بلغ عددهم 803 معتقلين، وكانوا في حينها يشكلون نسبة 8 في المائة من مجموع الأسرى 10 آلاف أسير، فيما يشكلون اليوم 15 في المائة من مجموع الأسرى وهو 5 آلاف أسير تقريباً.
ونشرت مصلحة السجون هذا التقرير بموجب طلب «حركة حرية المعلومات» الإسرائيلية، ويتضح منه أن بين المعتقلين الإداريين امرأتين و12 فتى قاصراً، وهم جميعاً فلسطينيون ويوجد بينهم 11 معتقلاً ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية من فلسطينيي 48 أو مقدسيين، والباقون من الضفة الغربية، ولا يوجد بين المعتقلين الإداريين أي يهودي.
يقول المحامي بشير أحمد كامل الخيري (80 عاماً)، الذي يعد الأكبر سناً بين المعتقلين الإداريين وأُطلق سراحه فقط في الشهر الماضي: «حتى أنسجم مع نفسي، وكمحامٍ ورجل قانون، أرى أن تحويلي للاعتقال الإداري بغض النظر عن مدته، إجراء يتنافى وأبسط حقوق الإنسان في الدفاع عن النفس والاطلاع على ما يُنسب لي، وذلك مخالف للشرعية الدولية التي أتاحت فرص اللجوء لقوانين الطوارئ التي تسري فقط في حالات الضرورة القصوى».
وقصة خيري معبرة للغاية حول حقيقة الاعتقال الإداري، فهو من مواليد مدينة الرملة عام 1942، تم تهجيره وعائلته عام 1948، فترعرع في رام الله التي يعيش فيها اليوم، بعد احتلال 1967 حضر إلى الرملة وتعرف على بيته، فوجد فيه عائلة أشكنازي لنداو اليهودية. وحسب الزوجة داليا، نشأت بين العائلتين علاقة ودية على الفور، ورغم الخلافات السياسية الكبيرة بينهما تحول البيت إلى مقر للنشاطات الودية اليهودية العربية. اعتُقل بشير الخيري لأربع مرات قبل اعتقاله الأخير، وأُبعد لمدة 5 سنوات، وقضى ما يزيد على 17 عاماً في السجون الإسرائيلية، ومُنع من السفر لفترات طويلة. اعتُقل للمرة الأولى بعد سنة من الاحتلال، أي عام 1968، وكان يبلغ من العمر 26 عاماً، أمضى في هذا الاعتقال 15 عاماً قبل أن يتحرر في صفقة لتبادل الأسرى عام 1984.
تم اعتقال الخيري مجدداً في الانتفاضة الأولى عام 1988، وخلال الاعتقال تم إبعاده إلى لبنان وعاد إلى أرض الوطن عام 1993، وجاء اعتقال الخيري الثالث في الانتفاضة الثانية عام 2003؛ حيث قبع رهن الاعتقال الإداري لمدة سنتين متتاليتين. أما اعتقاله الرابع فكان في 2011 وهو يقارب الـ70 عاماً، وتم التحقيق معه في مركز تحقيق المسكوبية لأيام مُنع خلالها من لقاء محاميه. واعتُقل بشير الخيري للمرة الخامسة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بعد اقتحام قوة من 15 جندياً منزله في منتصف الليل. وتوجهوا به إلى معسكر بيت إيل، حيث قبع لما يقارب الساعتين، ليُنقل إلى سجن عوفر حيث خضع للفحص الطبي ثم مباشرة نُقل للتحقيق. حقق معه ضابط المخابرات حول عدد من الفيديوهات تُظهره مشاركاً في نشاطات ومناسبات عامة مع آخرين بعضهم متوفون. وخلال التحقيق هدده الضابط بتحويله للاعتقال الإداري في حال لم يعترف.
مثل الخيري أمام محكمة عوفر العسكرية التي مددت اعتقاله حتى تقديم لائحة اتهام بحقه تضمنت بنوداً تتعلق بمشاركته في اجتماعات لجمعية «غير قانونية». وقررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة مالية بقيمة 5000 شيقل (الدولار يساوي 3.2 شيقل) وكفالة طرف ثالث بقيمة 15000 شيقل، لضمان مثوله أمام المحكمة حال تم استدعاؤه. قدّمت النيابة العسكرية استئنافاً طلبت فيه إيقاف قرار الإفراج لإمكانية إصدار أمر اعتقال إداري بحقه على قرار الإفراج واستجابت المحكمة جزئياً. وفي ديسمبر (كانون الأول)، أصدر القائد العسكري أمر اعتقال إداري بحق بشير لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد، ليُعلن بشير الخيري بعدها مقاطعته لمحاكم الاعتقال الإداري بدرجاتها. وبانتهاء المدة في أبريل (نيسان) الماضي، جُدد الاعتقال الإداري بحقه 6 أشهر.
واستخدمت إسرائيل الاعتقال الإداري بحق الخيري كورقة للضغط عليه بهدف الاعتراف بلائحة الاتهامات الموجهة ضده، مقابل إصدار حكم ينتهي في اللحظة نفسها، لكنه رفض العرض بشكل مطلق. وفي التاسع من الشهر الماضي، أُفرج عنه. وتُظهر حالة المعتقل بشير الخيري كيف تستخدم سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري بشكلٍ تعسفي، حيث تقوم بإصدار الأمر عندما تفشل في إبقائه في السجن بعد تقديم لائحة الاتهام والإفراج عنه بكفالة، أي أنها تستخدم سياسة الاعتقال الإداري كإجراء عقابي وليس كتدبير احترازي للحيلولة دون الإفراج عن المعتقل. وهذه سياسة منهجية تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في كثير من قضايا المعتقلين بكفالة.
يذكر أنه ارتفع عدد المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية منذ شهر مارس (آذار) الماضي، إثر عدة عمليات مسلحة، واعتقل 52 فلسطينياً خلال أقل من شهر وخلال الهجوم الأخير على غزة، وحملة الاعتقالات في الضفة الغربية التي استهدفت ناشطي حركة الجهاد الإسلامي. وتزج السلطات الإسرائيلية بالمعتقلين الإداريين في سجونها لفترات تتراوح بين أشهر وسنوات، من دون تقديم لوائح اتهام ضدهم، وتعتبر أنها «اعتقالات وقائية». ولا يسمح لمحامي المعتقلين بالاطلاع على أدلة ضد موكليهم، باستثناء وثيقة تتضمن عدة أسطر حول الشبهات ضدهم. ويصدّق قضاة على أوامر الاعتقال الإداري الصادرة عن قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال، بزعم وجود مواد مخابراتية سرية عن المعتقل لا يسمح لمحاميه بالاطلاع عليها، كما لا يسمح لهم بحضور جلسات المحاكم في الغالبية العظمى من الحالات.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.