الكوني يتعرض لحملة «تجريد من الهوية الليبية»

حديث سابق يفتح «النيران الصديقة» على «راوي الصحراء الكبرى»

الروائي الليبي إبراهيم الكوني (صفحة منسوبة له على «فيسبوك»)
الروائي الليبي إبراهيم الكوني (صفحة منسوبة له على «فيسبوك»)
TT

الكوني يتعرض لحملة «تجريد من الهوية الليبية»

الروائي الليبي إبراهيم الكوني (صفحة منسوبة له على «فيسبوك»)
الروائي الليبي إبراهيم الكوني (صفحة منسوبة له على «فيسبوك»)

تسبب «حديث قديم» منسوب للروائي الليبي إبراهيم الكوني، تعرض فيه لتعريف معنى «الوطن والمواطنة»، في انزعاج شديد لدى قطاعات سياسية واجتماعية وثقافية بالمجتمع، وسط تفسيرات تأويلات عديدة لما أتى على ذكره، ساهمت في فتح «نيران صديقة» عليه من كل حدب وصوب.
ورغم مرور قرابة ست سنوات على الحديث، الذي نشرته جريدة إلكترونية لبنانية، فإنه وجد من يُعيد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، لتنهال على الروائي العالمي الذي يُوصف بأنه «راوي الصحراء الكبرى» سهام الانتقاد والتجريح، الذي وصل إلى التشكيك في هويته وقوميته، وصلت إلى حد وصفه بـ«الجحود ونكران الجميل لليبيا».
ومناط الانزعاج، وفق رؤية منتقدي الكوني، اعتبار ما ذكره بأن «الوطن هو المكان الذي يحتويك، لا الذي يلفظك»، «خيانة» للوطن، وما كان يجب عليه القول بأنه «من صنع لليبيا مكاناً في العالم، وأن روايته هي روح ليبيا».
وحالة الانقسام المجتمعي، التي نكأها حديث الكوني، بين مساند ومنتقد، يراها البعض انعكاساً للأوضاع المتوترة في البلاد، متسائلين: «كيف لأديب وضع اسم بلاده على خريطة الثقافة العالمية، ويكتب أعماله باللغة العربية، وليس باللغات التسع التي يجيدها، أن يتنصل من ليبيا»؟
«الشرق الأوسط» تحاورت مع كتاب ومثقفين ليبيين عديدين، بالإضافة إلى الكاتب والروائي المصري أحمد شوقي علي، الذي التقى الكوني، عام 2016 في أمسية قاهرية، وأجرى معه المقابلة.
وأمام استغراق بعض منتقدي الكوني وتأويلهم ما تناوله، بما هو منسوب له: «أنا لا أخجل من أن أقول إن وطني هو سويسرا، وليبيا المكان غربني بسبب هويتي، بينما في ألمانيا، مثلاً، هم يدرّسون رواياتي للطلبة في الجامعات»، قال الكاتب الليبي علي جماعة علي، المقيم بأميركا، في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «لو لم تكن ليبيا في وجدان الكوني، تعني الكثير لما قال عنها ما قال بهذا التوجع وحتى الغرو».
وأضاف جماعة: «لو كان يكرهها ويتعفف عنها لما قال إنه، ورواياته، روحها وأنه صنع لها مكاناً في العالم»، متابعاً: «أنا أحكم للكوني بما كتبه ليُعّرف بليبيا في العالم، صحراؤها وأساطيرها؛ والأهم حياة أهلها المغلقة على الكثيرين في العالم».
وذهب جماعة، إلى القول: «جميل أن نلوم الكوني ونعاتبه؛ لكن بحب، كما يحب هو ليبيا ولكن على طريقته»، وانتهى قائلاً: «يبقى الكوني ورواياته جزءاً مهماً وأصيل من روح ليبيا»، «وحقاً صنعت رواياته لليبيا مكاناً ولو صغيراً في الصورة الأدبية لهذا العالم، وهو ما يستحق الثناء عليه».
واستغرب شوقي، من أن يُحدث مقالة كتبها عن الكوني، الذي التقاه في ليلة ثقافية قاهرية، هذه الحملة التي تستهدف الروائي العالمي، وقال: «أمضيت مع الكوني يومين في فعاليات ثقافية، ولم ألحظ عليه إلا حباً لليبيا»، كما دهشني طريقة تدوين اسمه في كشف الضيوف بأحد الفنادق التي كانت تحتضن الفعالية الثقافية بوسط القاهرة: «كانت أشبه بالنقوش القديمة في الكهوف، إنه رجل يعتز بهويته الليبية».
وتساءل شوقي في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «قابلت الكوني بعد عام من نشر المقالة ولم يثر الموضوع، وذلك يعكس أن الأمور عادية، ولم يتضمن الحديث معه أي مغالطة»، لكن «اللافت أن هناك من يحرص على النبش في الكتابة واستخراج بعض الفقرات لشيء ما».
ورأى شوقي أن حديث الكوني «بأنه روح ليبيا»، يعني أن روايته هي روح ليبيا، «ويمكننا القول إن كتابات نجيب محفوظ، وإبراهيم أصلان، ورضوى عاشور هي (روح مصر)، وبالتالي لا يمكن تفسير كلمة الكوني بأنه روح ليبيا خارج إطارها».
وقال الأكاديمي الليبي سعود صوة: «مهما قال المتقولون عن الكوني، فلن يزيدوا هامته إلا علواً»، و«سيبقى ابن قبيلة منغساتن وابن الطوارق النبلاء. وابن درج مدينة النقاء والصفاء».
وتساءل السفير الليبي إبراهيم موسى غرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً: «هل الكوني سويسري الهوى أم ليبي الروح؟»، مضيفاً: «كثيرون لم يقرأوا لك حرفاً وأقروا باغتيالك بشفرة القلم».
وأضاف غرادة: «إثر حملة تسونامية مفاجئة على الأديب الليبي العالمي الكوني، وجدتني أبحث عما تعنيه ليبيا الوطن في حوارات ومقابلات الكوني». مستعرضاً مقتطفات من حوارات مباشرة مع الكوني القصد منها ما يقوله الكوني بلسانه وقلمه، لا ما يقوله أو يقوله أو يفهمه أو يسوقه البعض عليه.
وتعرض الكوني مؤخراً لحادث سير، تسبب في إصابته بالعديد من الإصابات والكسور، ونقلت وكالة الأنباء الليبية مصادر مقربة منه، بتعافيه.
وقال الدكتور رضا العوكلي وزير الصحة الليبي الأسبق: «أحزنني كثيراً أن يلفظ الكوني الصحراء، التي هي كيانه وروحه وماضي وحاضر ومستقبل كتاباته، ويعلن أن ليبيا تخلت عنه في الوقت الذي احتضنته فيه سويسرا».
وأضاف: «من السهل مهاجمة واتهام الكوني بأقوى العبارات؛ ولكن وجب أن نتوقف ونسأل لماذا؟ أليس الكوني أولي بأن يكون على قمة الهرم في الثقافة والتعليم في ليبيا؟ أليس هو أكثر كفاءة وأولى من عشرات السفراء ومندوبي وممثلي البلاد في والخارج؟».
وانتهى العوكلي قائلاً: «الكوني أعلن رفضه للفوضى الهدامة التي اعترت البلاد لعقود من الزمن وأعلن الحداد».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
TT

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)
عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

رحب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، توم فليتشر، اليوم (الثلاثاء)، بإعلان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أمس، السماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد.

وقال فليتشر عبر حسابه على منصة «إكس»، إن زيادة الرحلات الجوية الإنسانية ومراكز الإغاثة «سيسمح لنا بالوصول إلى مزيد من السودانيين لتقديم الدعم لهم».

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، اليوم، إنه التقى مع فليتشر وأبلغه بأن المجلس لديه «معلومات مؤكدة» عن استخدام قوات «الدعم السريع» لمعبر أدري الحدودي مع تشاد لأغراض عسكرية.

وأضاف عقار عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه طالب فليتشر خلال اللقاء «بتعزيز إيصال المساعدات إلى دارفور، لا سيما أننا بحاجة لمزيد من الدعم في غرب السودان».

وأشار إلى أنه طلب من المسؤول الأممي أيضاً بأن يبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، «بعدم وجود مجاعة في السودان كما يزعم البعض»، واصفاً إياها بأنها «دعاية سياسية».

كما بعث المسؤول السوداني برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مفادها «أنهم إذا أرادوا التعاون وبناء الثقة والعمل المشترك مع حكومة السودان، فعليهم أن يكونوا أكثر دقة في تناول القضايا التي ترتبط بالأوضاع الإنسانية» في البلاد.

وأعلن مجلس السيادة السوداني، أمس، أن البرهان وجه بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام مطار مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، ومطار مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، ومطار مدينة الدمازين في إقليم النيل الأزرق «مراكز إنسانية لتشوين مواد الإغاثة».

كما سمح رئيس المجلس بتحرك موظفي وكالات الأمم المتحدة مع القوافل التي تنطلق من تلك المناطق، والإشراف على توزيع المساعدات والعودة إلى نقطة الانطلاق فور الانتهاء.