دخلت هدنة هشّة تمّ التوصّل إليها بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل حيّز التنفيذ يوم أمس الأحد (الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش)، بعد جولة عنف استمرّت ثلاثة أيّام أسفرت خلالها الضربات الإسرائيليّة في غزّة عن مقتل 44 فلسطينياً بينهم أطفال.
وقُبيل سريان الهدنة التي تمّ التوصّل إليها بوساطة مصريّة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ ضربات على مواقع للجهاد الإسلامي في غزّة «ردًا على صواريخ أطلِقت» على جنوب إسرائيل حيث دوّت صفّارات الإنذار.
فلسطينيون يتفقدون ركام منزل أصيب في غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
وأكّد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، أنّ الهدنة تدخل حيّز التنفيذ عند الساعة 23:30 بالتوقيت المحلّي. وقال إنّ إسرائيل «تشكر لمصر الجهود التي بذلتها»، مشدّداً على أنّه «في حال خُرق وقف إطلاق النار، تحتفظ إسرائيل بحقّها في الرّدّ بقوّة».
وفي غزّة، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي تقيّدها بالتوقيت المعلن لبدء سريان الهدنة، لكنّها أكّدت في بيان حقّها في «الردّ على أيّ عدوان صهيوني».
وأكدت الحركة أن اتّفاق الهدنة يتضمن «التزام مصر العمل على الإفراج عن الأسيرَين (باسم) السعدي و(خليل) عواودة».
والأحد قتِل 17 فلسطينياً، بينهم تسعة أطفال، في ضربات إسرائيليّة استهدفت خصوصاً جباليا ومدينة غزّة ورفح، وفق وزارة الصحّة في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ أكثر من 15 عاماً.
منذ الجمعة، نفّذت إسرائيل ضربات جوّية وبالمدفعيّة الثقيلة استهدفت بشكل أساسي مواقع في غزّة لحركة الجهاد الإسلامي التي ردّت بإطلاق مئات الصواريخ.
وأعلنت وزارة الصحّة في غزّة مساء الأحد ارتفاع حصيلة القتلى إلى 44، بينهم 15 طفلاً، وأكثر من 360 جريحاً في القطاع.
وحتّى مساء أمس، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي وابلاً من الصواريخ باتّجاه مدن في إسرائيل والقدس، ودوّت صفّارات الإنذار في مدن عدّة، بينها تلّ أبيب وعسقلان، للتحذير من الصواريخ، فهرع السكّان إلى الملاجئ.
ومنذ الجمعة وحتّى الأحد، أوقعت الصواريخ التي أُطلِقت من غزّة ثلاثة جرحى في إسرائيل. وبحسب الجيش الإسرائيلي، أطلِق من القطاع مئات الصواريخ وجرى اعتراض غالبيّتها.
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من قطاع غزة قبل سريان الهدنة (أ.ب)
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ لديه أدلّةً «دامغة» على أنّ صاروخًا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي تسبّب بمقتل عدد من الأطفال في جباليا في شمال غزّة السبت.
وقال مدير مستشفى الشفاء في غزّة، محمد أبو سلميّة، في وقت سابق الأحد، إنّ الجرحى «يصلون كلّ دقيقة إلى المرفق الصحّي، والوضع سيّئ للغاية»، محذّراً من نقص خطِر في الأدوية والوقود الضروري لتشغيل مولّدات الكهرباء.
والسبت، توقّفت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزّة عن العمل، إثر نفاد الوقود، بعد أربعة أيّام على إغلاق إسرائيل معبراً مع الجَيب الفلسطيني.
صواريخ أُطلقت من قطاع غزة بعد الغارات الإسرائيلية (ا.ب)
كان الجيش الإسرائيلي بدأ الجمعة قصف الجيب المحاصر في «ضربة استباقيّة» ضدّ حركة الجهاد الإسلامي التي اتّهمها بالتخطيط لهجوم وشيك.
وقتل الجيش الإسرائيلي قياديّين من الحركة في القطاع المحاصر، بينهم تيسير الجعبري في مدينة غزّة، وخالد منصور في رفح جنوبيّ القطاع.
وأكّدت الحركة التي تُصنّفها إسرائيل والولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبّي «منظّمة إرهابيّة»، مقتل القياديّين.
ووصف لبيد الضربة التي قُتِل فيها منصور بـ«الإنجاز الرائع».
فلسطينيون يحرقون الإطارات أثناء قيامهم بإغلاق الشارع الرئيسي بالقرب (ا.ف.ب)
برّرت السلطات الإسرائيليّة ضربتها بالتخوّف من ردّ انتقامي للحركة على اعتقال القياديّ البارز في حركة الجهاد الإسلامي باسم السعدي في الضفّة الغربيّة المحتلّة في الأوّل من أغسطس (آب)، فيما عواودة معتقل منذ ديسمبر (كانون الأوّل) 2021.
في اليومين الأخيرين، اعتقلت القوّات الإسرائيليّة 40 عنصراً في الحركة في الضفّة الغربيّة.
وهذه المواجهة هي الأعنف منذ حرب مايو (أيّار) 2021 التي استمرّت 11 يوماً ودمّرت القطاع الساحلي الفقير، وأوقعت 260 قتيلاً في الجانب الفلسطيني بينهم مقاتلون، و14 قتيلًا في الجانب الإسرائيلي بينهم جندي، وفق السلطات المحلّية.