«شراع وبحر»... زيارة لعالم صناعة السفن الفرعونية

معرض في مكتبة الإسكندرية يُسلط الضوء على أبرز ملامحها

صناعة السفن شهدت ازدهاراً في مصر القديمة
صناعة السفن شهدت ازدهاراً في مصر القديمة
TT

«شراع وبحر»... زيارة لعالم صناعة السفن الفرعونية

صناعة السفن شهدت ازدهاراً في مصر القديمة
صناعة السفن شهدت ازدهاراً في مصر القديمة

على مدى ثلاثين يوماً، يستقبل معرض «السفن في مصر القديمة... شراع وبحر» المقام بالمتحف البحري بمكتبة الإسكندرية، زواره من الباحثين والمهتمين بالحضارة الفرعونية، ليحكي قصة المصريين القدماء مع الأمواج والسفر.
يضم المعرض الذي ينظمه متحف الآثار في المكتبة، 13 نموذجاً للمراكب التي شاع استخدامها في العصور الفرعونية، استنسخها أستاذ العمارة الدكتور عصام صفي الدين، لتحاكي المراكب الأثرية، قبل 37 عاماً، وتم تخصيص موقع متميز لها ضمن معروضات المتحف البحري في منطقة ستانلي، بالإسكندرية، وأقيم لها أكثر من معرض في الداخل والخارج.
ويعطي المعرض بحسب ما قاله الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»، فكرة كاملة عن اهتمامات المصريين بالبحر واستخدامه في التنقل بزمن الفراعنة، وذلك منذ الأسرة الأولى حتى الأسرة الثلاثين، ويضم مراكب للتنزه وأخرى حربية وسفناً مدنية، وجنائزية، وتجارية تختص بنقل البضائع والمسلات والتماثيل، بجانب مراكب الشمس الملكية، وكانت تصنع جميعاً من خشب البلوط والأرز الذي جلبه الفراعنة من لبنان، لتكون قوية وقادرة على تحمل أعباء السفر لمسافات طويلة، فضلاً عن تحمل الحمولات الثقيلة، وقد تنوعت في الشكل والحجم والطول والأشرعة، حسب الغرض منها.

وأشار عبد البصير إلى أن أول رحلة قام بها المصريون القدماء إلى لبنان كانت في عهد الملك سنفرو، حين أرسل 40 مركباً، عادت محملة بالأخشاب لتسد حاجة مصر في صناعة المراكب ذات المميزات الخاصة.
وذكر عبد البصير أن المراكب الفرعونية قامت برحلات شهيرة جداً، مثل رحلة بلاد بونت لجلب البخور والبهارات من الجنوب الأفريقي، وقطعت مساحة في جنوب البحر الأحمر. وهناك رحلات للبحرية المصرية، منها رحلة القائد «نيخاو الثاني»، والذي دار بمراكبه حول أفريقيا قبل فاسكو داغاما؛ موضحاً أن «إدراك الفراعنة لأهمية التنقل عبر المياه جعلهم يربطون بين البحرين الأحمر والمتوسط في عهد الملك سنوسرت الثالث، كما تجلى اهتمامهم بالبحرية وسلاحها، في امتلاكهم لأسطولين من السفن، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، وذلك بهدف مراقبة الحدود الساحلية المصرية، ودخول البضائع وخروجها، وتحصيل الجمارك، فضلاً عن حماية الشواطئ، وخوض المعارك».
ووفق الدكتورة نبيلة عبد الفتاح، مديرة المتحف البحري في الإسكندرية، تحكي المعروضات قصة المصريين القدماء مع المسطحات المائية، فقد كان لديهم اهتمام شديد بما يحيط بهم من شواطئ، فراحوا يستخدمونها في التنقل من مكان لآخر، فضلاً عن الأغراض التجارية والحربية والبحرية والكشفية، ولأجل تحقيق كل هذا قاموا بدراسة البحر وطبيعته، ليستفيدوا من ذلك في بناء السفن التي تناسب كل مهمة، وقد صنعوا مراكبهم في البداية من سيقان البردي، ودعموها بأحبال من الكتان، لسد الثغرات التي يمكن أن يتسرب منها الماء، وقد صمموا نهايات السفن على شكل مدبب ومستطيل، حتى تكون قادرة على اختراق الموج والأحراج والمناطق الوعرة التي يمكن أن تصادفهم في رحلاتهم.
وجاءت المرحلة الثانية من صناعة المراكب الفرعونية باستخدام الأخشاب، وكانت -حسب عبد الفتاح- عبر تحوير صحن السفينة باستخدام القدُّوم والبلطة، وبنائها بالألواح الخشبية، وعند اكتمالها تماماً يتم ربطها بأحبال مصنوعة من وبر النخيل، والكتان والبردي. بعد ذلك بدأ التفكير في استخدام الأشرعة ذات الأشكال المختلفة لتواجه قوة الموج وسرعة الرياح.

وأضافت مديرة المتحف البحري أن «صناعة المراكب تطورت كثيراً في عصر الأسرات، واتجه صناعها إلى فكرة تعشيق الألواح فيما بينها في تقنية جديدة قاموا باكتشافها لزيادة صلابة المراكب»؛ مشيرة إلى أن «الصناع لم يتوقفوا عند هذا الحد؛ بل سعوا إلى أن تكون السفن ذات أشكال وألوان مبهجة وجميلة وجذابة، سواء كانت أحجامها صغيرة لا تزيد عن 7 أمتار، أو ضخمة تصل إلى 44 متراً، وقد نفذوها لتتناسب مع مهمات الرحلة والغرض منها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.