لماذا يصعب تعديل روايات جين أوستن؟

قد يلعب المعجبون دوراً

مسلسل «الكبرياء والتحامل» الذي عرضته «بي بي سي» في عام 1995
مسلسل «الكبرياء والتحامل» الذي عرضته «بي بي سي» في عام 1995
TT

لماذا يصعب تعديل روايات جين أوستن؟

مسلسل «الكبرياء والتحامل» الذي عرضته «بي بي سي» في عام 1995
مسلسل «الكبرياء والتحامل» الذي عرضته «بي بي سي» في عام 1995

قلة من المؤلفين (باستثناء شكسبير لأنه حالة خاصة) أعيدَ تصور أعمالهم بشكل متكرر، أو بشكل متحرر، مثلما حدث لروايات جين أوستن. فعلى خشبة المسرح وعلى شاشة التلفزيون وفي الكتب، أعيدت صياغة رواياتها في شكل أعمال مهرجانية وخيالية، وظهرت في أفلام «بوليوود» الهندية، وفي عروض مسرحية.
لكن لماذا جاء فيلم «Persuasion (إقناع)» للمخرجة البريطانية كاري كرينكل؛ والمفترض أنه مستوحى من رواية جين أوستن، والذي يُبث الآن على قناة «Netfelix»، بعيداً كل البعد من الرواية الأصلية وحاز تقييماً ضعيفاً وأثار حالة من السخط بين الجماهير؟ ما الذي دفع بالناقدة الفنية بمجلة «Slate»، دانا ستيفنز، على سبيل المثال، إلى وصف الفيلم بأنه «ليس فقط أسوأ فيلم مستوحى من روايات جين أوستن فحسب؛ بل أحد أسوأ الأفلام في الذاكرة الحديثة»؟
تكمن الإجابة في توقعات جمهور جين أوستن، وهو جمهور متحمس متعصب، وآراؤه في أعمالها لا تتزحزح. المشكلة ليست في عمل المخرجة كرينكل ومدى الحرية الذي يصحب المشاهدين إليه؛ بل في نوع هذه الحريات.
رواية «Persuasion» أقل نسخ روايات أوستن الست الكبرى لمعاناً. يعود تاريخ نشرها إلى عام 1818. وهي أكثر هدوءاً وعمقاً من باقي رواياتها الأكثر إرضاء للجمهور، رغم أن العديد من جمهورها يعدّون «الكبرياء والتحامل» روايتهم المفضلة. بطلة الرواية، «آن إليوت»، البالغة من العمر 27 عاماً، تقضي كثيراً من وقتها في التفكير والندم، ويبدو أنها تتصالح مع لعب دور داعم في حياة الآخرين بدلاً من أن تكون بطلة قصتها.
لكن في اللحظة التي جرى فيها إطلاق المقطع الدعائي لفيلم «Persuasion»، انتفض الأصوليون الداعمون لأوستن للتعبير عن حالة سخط جماعي. ها هي بطلة العمل «آن»، التي لم تعد متحفظة تكتكم معاناة داخلها، لكنها انغمست في رثاء حالها وفي التحدث مباشرة إلى الكاميرا على غرار ما شاهدناه في حلقات مسلسل «Fleabag» لتلقي بملاحظات حادة حول أقاربها.
في مرحلة ما، عندما تحدثت عن «الكابتن وينتورث»؛ الرجل الذي ما زالت تحبه بعد أن رفضته بحماقة قبل سنوات، قالت في مفارقة عجيبة: «الآن نحن أسوأ من أننا أحباء سابقون؛ نحن أصدقاء».
أكد عرض الفيلم سبب غضب جماهير أوستن؛ إذ يبدو أن الشعور السائد هو أنه رغم أن تناول فترات زمنية تتسم بوجود بطلات مشاكسات، وعاطفيات، أمر لا بأس به في مسلسلات مثل «بريدجرتون» و«ديكنسون»، وهما سلسلتان عرضتا على الشاشة حديثاً، فإن هذا النموذج ليس مناسباً لجين أوستن وزمن أعمالها الأدبية؛ ففي مجلة «Harper’s Bazaar»، قالت الناقدة الفنية تيشيلس سانشيز إن الشخصيات بدت «كأنها لا يمكن التعرف على أصولها»، مضيفة: «هل يمكن أن نتخيل بطلة العمل (آن إليوت) تتلفظ بملاحظات ساخرة وتدلي بملاحظاتها الواثقة لجمهور أمامها؟ هل نريدها أن تفعل ذلك؟ عندما نفقد جمال المضمون والسرد الفرعي؛ فلن يبقى لنا الكثير لنكسبه».

لقطة من فيلم «الإقناع} (نتفليكس)

وفي الواقع؛ تتوافق أفضل الأعمال الدرامية المستوحاة من روايات جين أوستن مع روح الأصل - الحبكة الأساسية، والطريقة التي تتفاعل بها الشخصيات بعضها مع بعض، ومع العالم الذي تعيش فيه.
في المقابل؛ نجح فيلم «Clueless» لإيمي هيكرلينج (1995)، والمأخوذ من رواية «إيما»؛ لأنه عَكَسَ فهم جين أوستين الرائع لمفهوم التفاوت الاجتماعي. قدمت الممثلة أليشيا سيلفرستون، بحرفية واحترام، الشخصية الأصلية المستبدة والطريقة المتكلفة التي تنتقص من سحرها، وأظهرت قدرة على معالجة أخطائها والتكفير عنها.
على المنوال نفسه؛ أعطت معالجة السيناريو الذي كتبته الممثلة إيما طومسون الفيلم المأخوذ من رواية «العقل والعاطفة» اتجاهاً نسوياً يصور الصعوبة التي قد تواجهها امرأة غير متزوجة ذات مستقبل مالي غير مؤكد، وفي الوقت نفسه حافظت على الخطوط العاطفية والاحتمالات الرومانسية للرواية الأصلية.
يقول المؤلفون والكتاب المسرحيون الذين تصارعوا مع أوستن إن التحدي الكامن في تعديل الروايات الأصلية يكمن في الحفاظ على حدود رؤيتها للعالم مع إبراز ما هو متاح ويمكن الحصول عليه.
وبحسب الكاتبة البريطانية جيل هورنبي، التي كتبت روايتين: «ميس أوستين» «وحديقة غودمشيرام» اللتان نشرتا حديثاً، والتي تتناول جين أوستن نفسها، فإنها (هورنبي) تتحلى بدرجة عالية من التسامح مع تناول الروايات الخيالية، مع بعض المحاذير بالطبع. وذكرت في رسالة بالبريد الإلكتروني: «وجهة نظري الغريزية هي أن أي شيء يمكن أن ينجح، ما دام تم الحفاظ على الشخصيات ويتم التعامل بجدية مع القضايا الأخلاقية الأساسية».
واستطردت أن لغة التعديل يجب أن تتناسب مع البيئة المحيطة. من أكثر الجوانب المتناقضة في فيلم «Persuasion» الطريقة التي يجري بها استخدام كلمات عامية معاصرة في دراما كلاسيكية ذات أزياء كلاسيكية. وأضافت: «لا يمكنك عبور الأمواج. إذا احتفظت بملابس تلك الفترة الزمنية، فعليك أن تحافظ على اللغة. هذا لا يعني أنه يجب أن يكون حرفياً أو بالأسلوب الأوستيني بالضبط. تتعين مراعاة واقع اليوم وكذلك المتطلبات الأدبية للرواية الأصلية. يجب أن يكون هناك حل وسط، أو ترجمة موثوقة يمكن الوصول إليها».
ولعل الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن التعديل الجديد يستغني عن التناول البطيء الطويل للرواية، مما يقوض نبرة حزن أوستن ويتلاعب بخطاها الحذرة من خلال السماح لشخوصها بالكشف عن مشاعرهم ودوافعهم في وقت مبكر جداً من الأحداث. وفي هذا السياق، كتبت الناقدة إيميلين كلاين على موقع «LitHub» تقول إنه «من خلال نسج قصة كوميدية من قصة مأساوية، فإن الفيلم يقوض هدف أوستن. أعتقد أنها أرادت منا أن نبكي؛ لا أن نضحك».
بالطبع؛ لن يرضي أي تعديل لأوستن معجبيها المتشددين. فهؤلاء اعترضوا حتى على سلسلة «الكبرياء والتحامل» التي عرضتها قناة «بي بي سي» في 6 أجزاء (1995).
قالت هاميل، التي قامت بتعديل الأعمال الكلاسيكية لمؤلفين آخرين على المسرح، رداً على إحدى مسرحياتها، إنها تلقت مرة واحدة بريداً إلكترونياً من أحد جمهور أوستن يبدأ بعبارة: «عزيزتي السيدة هاميل: كيف يمكنك ذلك؟»، مضيفة: «لم يحدث أن تلقيت اعتراضات من جماهير روائيين مثل برام ستوكر، أو هومر، أو هوثورن، لكن معجبو جين أوستن متحمسون بدرجة كبيرة».

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
TT

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)

يشكل «ميدان الثقافة» الذي أطلقه «برنامج جدة التاريخية»، التابع لوزارة الثقافة السعودية، بوابةً تربط بين الماضي والحاضر من خلال موقعه المميز الذي عكس تصميمه ووظائفه هذه الثنائية الزمنية ليمثل معلماً حضارياً كبيراً كإحدى الوجهات الثقافية المهمة بالمدينة الساحلية جدة (غرب السعودية).

ويأتي المشروع في إطار جهود إعادة إحياء المنطقة التاريخية، وتعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات الفنية والثقافية، وبما يوفر تجارب ثقافية وفنية ثرية متنوعة، تعزز من تجربة الزوار، وتسهم في جعل المنطقة وجهةً سياحيةً عالميةً، وذلك تماشياً مع «رؤية المملكة 2030».

يعد متحف «تيم لاب» الأول من نوعه ويقام وبشكل دائم في منطقة الشرق الأوسط (واس)

ويقع «ميدان الثقافة» الذي يضم مركز الفنون المسرحية (مسرح وسينما)، ومتحف الفنون الرقمية «تيم لاب بلا حدود» (حاصل على جائزة مكة للتميز في فرع التميز الثقافي)، على ضفاف بحيرة الأربعين، ويطل على منطقة جدة التاريخية.

ويقدم مركز الفنون المسرحية فعاليات ثقافية متنوعة تشمل عروضاً مسرحيةً، ومهرجانات عالمية، ودور سينما، وجلسات تجسد أجواء «المركاز»، إلى جانب مطاعم ومقاهٍ تمثل نقاط تجمع وحوار، أما متحف «تيم لاب بلا حدود» فيُبرز الطابع الحديث للثقافة، الذي يجمع بين الفن والعلم والتكنولوجيا. وفي قلب هذا المشهد الثقافي، يبرز «بيت أمير البحر» التاريخي متوسطاً مركز الفنون المسرحية ومتحف «تيم لاب بلا حدود»، ومطلاً على «شارع حمزة شحاتة» (الشاعر السعودي الراحل)، ليعكس الثراء الثقافي المتأصل في الموقع. وقد قام البرنامج وفي إطار جهوده للحفاظ على تراث المنطقة المعماري والثقافي بترميم «البيت» وإعادة تأهيله. ويتميز «بيت أمير البحر» بتصميمه المعماري الفريد، إذ يأتي على شكل هندسي ثماني، ويتكون من دور واحد، وهو محاط بنوافذ كبيرة على شكل أقواس، وقد استُخدم في الماضي مناراً لإرشاد السفن.

مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» جعل المنطقة مقصداً للزوار من مختلف أنحاء العالم (واس)

ويجسد مشروع «ميدان الثقافة» الهندسة المعمارية التي تعكس القيم الجوهرية لجدة التاريخية، مع رؤية تجديدية دمجت بين الماضي والمستقبل في تناغم فريد، إذ مزج التصميم بين التراث المعماري الغني والنسيج الحضري المترابط، في استمرارية لهوية المنطقة وثقافتها. وفي الوقت ذاته تماشى التصميم مع فلسفة متحف «تيم لاب» التي تقوم على الانسجام بين الزائر والأعمال الفنية، وهو ما يظهر بوضوح في سطح المبنى المائل نحو المسطحات المحيطة، مما يعزز من فكرة الاندماج والانسجام.

ويشتمل «ميدان الثقافة» على مبنيين رئيسيين، بإجمالي مساحة بناء تبلغ حوالي 26 ألف متر مربع ويمتد مركز الفنون المسرحية والسينما على مساحة 16 ألف متر مربع، ويضم مقر مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ويتكون من مدخل رئيسي (الردهة)، وقاعة مسرح رئيسية بسعة 868 مقعداً، بالإضافة إلى خمس قاعات سينما بسعة 564 مقعداً، وردهة داخلية (غرفة متعددة الأغراض)، وتسع قاعات للجلسات الحوارية، و«سينماتيك»، ومطعم وثلاثة مقاهٍ.

الممثل ويل سميث يوثق زيارته للمنطقة التي تشهد إقبالاً من الزوار على مدار العام (جدة التاريخية)

فيما تبلغ مساحة متحف «تيم لاب بلا حدود» 10 آلاف متر مربع، ويضم قرابة 80 عملاً مستقلاً ومترابطاً، تُجسِد عالماً واحداً بلا حدود. ويجمع المتحف بين الفنون والتكنولوجيا والطبيعة في مساحة إبداعية مبتكرة، ويُشكل إضافة نوعية للمشهد الثقافي في المملكة.

وكان الحفاظ على الصحة العامة وتعزيز الاستدامة البيئية من الأهداف المهمة التي سعى إليها برنامج جدة التاريخية في تصميم وتنفيذ مشروع «ميدان الثقافة»، إذ تم استخدام وحدات تكييف عالية الجودة، مُجهزة بتقنية تُنقي الهواء بنسبة 100 في المائة، بالإضافة إلى تركيب مصاعد تعمل بدون لمس، وسلالم كهربائية مُزودة بتقنية تعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، وذلك للحد من انتقال الفيروسات والجراثيم المسببة للأمراض.

ديفيد فيا نجم الكرة الإسباني خلال زيارة سابقة للمنطقة (برنامج جدة التاريخية)

كما اهتم البرنامج بالحفاظ على الموارد المائية من خلال استخدام نظام يعيد تدوير مياه التكثيف الناتجة عن وحدات التبريد لتلبية احتياجات الري، وهو ما يعزز من كفاءة استهلاك الموارد ويساهم في الحفاظ على البيئة.

وجاء مشروع «ميدان الثقافة» ضمن جهود برنامج جدة التاريخية في إعادة إحياء المنطقة، والحفاظ على تراثها المادي وغير المادي، وإثراء تجربة الزوار، ويعد الميدان معلماً حضارياً وبصرياً متميزاً في جدة، بتصميمه الذي راعى الحفاظ على النسيج الحضري في المنطقة، وجمع بين استخدام الهندسة المعمارية المعاصرة في بنائه، والحفاظ على الطابع المعماري التراثي الذي يستلهم من المباني التاريخية في المنطقة، ويأتي ضمن استثمار تاريخ المنطقة وعناصرها الثقافية المميزة وتحويلها إلى روافد اقتصادية، وجعل المنطقة وجهة مميزة على خريطة السياحة العالمية.